الحرف اليدوية في السعودية

الحرف اليدوية في السعودية، هي الصناعات التي تستند على الأنشطة اليدوية التقليدية، أو باستخدام أدوات بسيطة دون استعمال الآلات الحديثة، ويقوم بصناعتها حرفي واحد أو مجموعة حرفيين من المواد المحلية الطبيعية بالطرق التقليدية، وتحويلها إلى منتجات ذات منافع متنوعة، تسهم في تلبية المتطلبات اللازمة للمجتمع والسياح في المملكة العربية السعودية.

الحرف اليدوية الرئيسة في السعودية

تضم الحرف اليدوية في السعودية خمس حرف رئيسة، هي: التطريز اليدوي،والسدو، ومنتجات النباتات العطرية، والحلوى الشعبية، والمنتجات الخوصية،يعمل بها نحو ثلث الحرفيين في السعودية، فيما تتوزع البقية على نحو 45 مجموعة حرفية. 

ويعتمد الحرفي في عمله على مهاراته الفردية الذهنية، واليدوية التي اكتسبها من خلال تطور ممارسته للعمل اليدوي سواءً بالتدريب أو التلمذة، لتعكس منتجاته اليدوية القيمة الثقافية، وتتجلى في أسس التنمية المستدامة والقيم الإنسانية المتمثلة في التكيف، والتجديد، والإبداع.

أُدرجت حِرفتا حياكة السدو في عام 1442هـ/2020م، والقَط العسيري في عام 1439هـ/2017م ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".  

وتشترك حياكة السدو مع فن القَط العسيري في تولي النساء السعوديات مهمّة العمل عليهما. 

وحياكة السدو واحدة من الفنون الحرفية التقليدية التي زاولها سكان الجزيرة العربية قديمًا لتلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع، وأصبحت أحد أوجه وصور التراث الإنساني في السعودية بتصاميمها المختلفة وزخارفها وألوانها. 

ويعتمد القط العسيري في رسمه على تصوير الأشكال الهندسية والنباتية بألوان أساسية مباشرةً على الجدران الداخلية لمجالس المنازل، أو الردهات، أو أي أسطح دائمة وثابتة، وتتكون قاعدة القط من الجبس الأبيض، وتُضاف أنماط هندسية يدويا وبشكل تدريجي بجانب طول الجدران.

 في عام 1440هـ/2019م، اكتملت إجراءات إنشاء وتأسيس الجمعية المهنية للحرفيين السعوديين، وبلغ عدد الحرفيين المسجلين حينها 5 آلاف حرفي وحرفية، وتصدرت منطقة مكة المكرمة مناطق السعودية من حيث عدد الحرفيين المسجلين إذ بلغ عددهم 1077 حرفيًّا وحرفية، تليها المنطقة الشرقية بـ647 حرفيًّا وحرفية، تليها منطقة الرياض بـ603 حرفيين وحرفيات.

تعرّف منظمة "اليونسكو" الحرف والصناعات اليدوية على أنها "تعبير حقيقي عن التقاليد الحية للإنسان تتجلى فيه الأسس الثلاثة للتنمية المستديمة والقيم الإنسانية وهي: التكيف والتجديد والإبداع". 

وفي السياق الوطني، طوَّرت الحكومة السعودية مفهوم الحرف اليدوية ونظَّمته ضمن فعالياتٍ وطنية انطلقت من المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية"، الذي استقطب الحرف اليدوية بوصفها تراثًا شعبيًّا. في النطاق نفسه وَثَّقت دارة الملك عبدالعزيز عام 1434هـ/2013م، تلك الحرف ميدانيًّا ضمن المهرجان.

وأصدر مجلس الوزراء في عام 1433هـ/2012م، قرارًا بإنشاء البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية "بارع"، والموافقة على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية. ومن مهام برنامج بارع: إصدار التراخيص اللازمة للحرفيين بمزاولة الحرفة، ووضع سجل مهني للحرفيين. وفي عام 1439هـ/2018م، أنشئت الشركة السعودية للحرف والصناعات اليدوية التي تملكها هيئة التراث بوزارة الثقافة، وتم دمج برنامج بارع ضمن أنشطة الهيئة.

حرفي يخيط المشلح يدويًّا. (دارة الملك عبدالعزيز)

تستقطب منطقة الرياض معظم الصناعات والحرف اليدوية في السعودية، فهي تضم حرفًا يدويةً أصيلةً انطلقت من الثقافة النجدية، مثل: حياكة السدو، وصناعة المنتجات الخوصية ومنتجات الزل، والبناء بالطين الذي يُعد قصر المصمك أحد الشواهد عليه.

وتعد منتجات الحرف والصناعات اليدوية في المنطقة الشرقية تراثًا وجزءًا من هوية وأصالة المنطقة، إذ تتركز فيها أنواع عديدة من الصناعات الحرفية، منها البشوت، والفخار، والخوصيات، والحلويات الشعبية، وشباك وأقفاص الصيد البحري، ويُعرَف البشت الحساوي بوصفه الأغلى سعرًا بين المشالح، إلا أن أسعار البشوت تتراوح حسب صناعتها ودقتها وجودة الحياكة والأقمشة ونوع خيوط الزري المستعمل ما بين متوسطة وباهظة الثمن، من 1500 إلى 8000 ريال. ويحاك البشت الحساوي يدويًّا باستخدام خيوط الزري المذهَّب الرفيعة.

علاوة على ذلك، هناك عديد من الحرف اليدوية التي تتميز بها محافظة الأحساء، مثل: صناعة الرواشن، وسجادات السعف وسلاله، ويمكن تصنيف مصادر معظم الحرف اليدوية بصفة عامة إلى: نباتية، وحيوانية، وطبيعية، ومعدنية.

الجنابي وصناعتها من الحرف اليدوية بمنطقة نجران. (سعوديبيديا)

وعُرفت منطقة نجران بوصفها مركزًا للصناعات الحرفية، فهي تضم معظم الصناعات الحرفية للجلود، مثل الميزب والمشراب، في المرتبة الثانية بعد صناعة الجنابي، إضافة إلى خوص النخيل، والمحراك، والصناعات الفخارية، والحجر الصابوني، والنسيج والحياكة.

ويبرز في منطقة نجران كذلك حي أبا السعود التاريخي، الذي يُعد من أسواق الجنابي المشهورة بصناعتها وصيانتها، ويمكن اعتبار صناعة الجنابي الأعلى انتشارًا في مجال الحرف اليدوية بمنطقة نجران، والجنابي محلية الصنع هي الأغلى ثمنًا، وتتفاوت أسعارها لتصل قيمة بعضها إلى 100 ألف ريال، وأقلها سعرًا يصل لـ200 ريال.

تظهر في منطقة مكة المكرمة صناعة السُّبَح ضمن الحرف اليدوية وهي ممارسات أصيلة يتوارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم، ومعظم خامات صناعة السبح تنطلق من الأخشاب باختلاف أنواعها، وأغلاها سعرًا خشب العنبر، كما تشتهر المنطقة من خلال محافظة الطائف بحرفة صناعة عطر وماء الورد الطائفي، مع حلول موسم "الطرف" الزراعي الذي يجني فيه المزارعون الورد، وهي صناعة شعبية تنجز في معامل بسيطة.

تظهر الصناعات والحرف اليدوية في مناطق شمال السعودية الأربع (حائل، والجوف، والحدود الشمالية، وتبوك) بوصفها نشاطًا مجتمعيًّا تعتاده العائلات في كل عام ضمن معظم المهرجانات، مثل: ملتقى الصناعات والحرف اليدوية،  واحتفالات اليوم الوطني السعودي، وتُعد بعض تلك الحرف مشابهةً في تنفيذها للحرف اليدوية.

تضم منطقة المدينة المنورة عديدًا من الحرف اليدوية مثل: المنتجات الفخارية، وصناعة الغزل والنسيج (السدو)، وأعمال الإبرة والتطريز، وخياطة الأثواب. وتشتهر محافظات خيبر، وبدر، والحناكية، والمهد بصناعة الخوصيات والمنتجات الجلدية، ومحافظة ينبع بالحرف المرتبطة بالبحر، مثل صناعة القوارب الخشبية، وأقفاص وشباك الصيد. 

تنتشر في جنوب السعودية الحرف اليدوية الزراعية، بسبب طبيعة المناطق الجنوبية الزراعية الخصبة، يستخدم بعض الحرفيين في مناطق جنوب السعودية (الباحة، وعسير، وجازان) الأدوات الزراعية البدائية، مثل: "المسحاة" و"الفأس"،والمنتجات الخشبية والجلديةوالفخارية،ويميل بعضهم إلى إنتاج العسل،ويُشار إلى هذه الحرفة بوصفها جزءًا من الفلاحة والزراعة، وهي من الحرف المدعومة من وزارة البيئة والمياه والزراعة، إضافة إلى صناعة المنسوجات، وممارسات نقش القَط العسيري.

اشتهرت منطقة القصيم قديمًا بالحرف والصناعات اليدوية إلى جانب الزراعة والتجارة، ويعود ذلك لأسباب عدة، منها: خصوبة أراضيها، وانبساط موقعها الجغرافي، ووفرة مياهها، وكثرة الثروة الحيوانية بها، حيث أسهمت جميعها في الحصول على الخامات الأولية من البيئة الطبيعية، إضافة إلى توافر الحرفيين ذوي الخبرات والمهارات، وافتتاح الأسواق الشعبية بشكل دوري، والمهرجانات، والمعارض، التي ساعدت في عرض المنتجات الحرفية وتسويقها في مدن المنطقة وضواحيها. 

ومن الحرف اليدوية في منطقة القصيم: المنتجات الخوصية، والمنتجات المتعلقة بالسدو، والمنتجات الخشبية، وصناعة الصحاف الخشبية والمغارف المستخدمة في الطهي والأبواب الخشبية التراثية والنوافذ القديمة، وأدوات الصيد (النباطة)، وأدوات الزراعة سابقًا مثل نصاب الفاروع والمساحي.