التراث الثقافي غير المادي السعودي في اليونسكو، هو تقاليد المملكة العربية السعودية الشفوية، وفنون الأداء والممارسات الاجتماعية والطقوس والأحداث الاحتفالية والحرف التقليدية، التي تلتزم المملكة باتخاذ التدابير اللازمة لحمايتها حسب اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو عام 2003م،التي صادقت عليها المملكة في ذي الحجة 1428هـ/يناير 2008م.
قائمة التراث الثقافي غير المادي في السعودية
يبلغ مجموع تراث السعودية غير المادي المسجل الذي تنفرد به لدى اليونسكو خمسة عناصر، هي: العرضة النجدية "العرضة السعودية"، ورقصة المزمار، وفن القط العسيري، والبن الخولاني السعودي، والورد الطائفي، و11 عنصرًا مشتركًا مع دول أخرى، هي: المجلس، والقهوة العربية التي اعتمد اسمها عام 2022م بـ"القهوة السعودية"، والبيزرة أو الصقارة، ونخيل التمر، وحياكة السدو، وحداء الإبل، والخط العربي، والهريس، والنقش على المعادن، والحناء، وآلة السمسميّة.
في عام 1437هـ/2015م، أدرجت العرضة النجدية "العرضة السعودية" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية باليونسكو، كأول عنصر ثقافي منفرد للمملكة،وفي العام نفسه تشاركت السعودية مع الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان بإدراج المجلس والقهوة العربية "القهوة السعودية" ضمن القائمة،كما أدرجت عام 1438هـ/2016م، رقصة المزمار بوصفها عنصرًا منفردًا للسعودية ضمن القائمة.
ويعود دخول المملكة ضمن قائمة التراث غير المادي في اليونسكو إلى 23 ربيع الآخر 1432هـ/28 مارس 2011م، حيث تشاركت السعودية مع عدد من الدول الخليجية والعربية والعالمية في تسجيل البيزرة أو الصقارة ضمن القائمة، بناءً على الاقتراح الذي تقدمت به بعض الدول الأعضاء بالمنظمة وهي: السعودية، والإمارات، وقطر، وبلجيكا، والتشيك، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، والمغرب، وإسبانيا، وسوريا، ومنغوليا.
وفي عام 1439هـ/2017م، أعلنت اليونسكو إدراج فن القط العسيري (فن تزيين جدران منازل منطقة عسير) في قائمة التراث الثقافي غير المادي،وفي 1441هـ/2019م أدرج نخيل التمر والمعارف والمهارات والممارسات والتقاليد المرتبطة به ضمن القائمة، بتشارك المملكة مع كل من: البحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، وموريتانيا، والمغرب، وسلطنة عمان، وفلسطين، والسودان، وتونس، والإمارات، واليمن، وفي عام 1442هـ/2020م، تعاونت السعودية والكويت في إدراج فن حياكة السدو ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو.
وفي عام 1443هـ/2021م سجل الخط العربي في قائمة التراث الثقافي غير المادي كملف مشترك مع 15 دولة أخرى، وفي عام 1444هـ/2022م سجلت السعودية المهارات والمعارف المرتبطة بزراعة البن الخولاني السعودي ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، وسجلت السعودية حداء الإبل عام 1444هـ/2022م بالقائمة التمثيلية بالمشاركة مع سلطنة عُمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة،
وسجل عام 1445هـ/2023م طبق الهريس "الدراية والمهارات والممارسات" في القائمة بالمشاركة مع الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، وفي عام 1445هـ/2023م سجلت المملكة الفنون والمهارات والممارسات المرتبطة بحرفة النقش على المعادن "الذهب والفضة والنحاس" في ملف مشترك مع تسع دول أخرى، وفي عام 1446هـ/2024م سجلت السعودية "الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي، وسجلت العادات المرتبطة بنقوش الحناء في القائمة بالمشاركة مع 15 دولة أخرى، وآلة السمسميّة بالمشاركة مع مصر.
التراث الثقافي غير المادي السعودي في قائمة اليونسكو
العرضة السعودية
تؤدى العرضة السعودية، وهي موروث شعبي ثقافي، انتقل عبر التاريخ السعودي من ساحات الحرب إلى ميادين الاحتفال الوطنية،في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والأعياد في السعودية، وتعد بروتوكولًا رسميًّا للمناسبات، وللاحتفاء بحضور رؤساء الدول.
زي العرضة السعودية
تميزت العرضة السعودية بأزياء تلبس خصيصا لها، منها: "المرودن"، وهو رداء أبيض بأكمام واسعة طويلة، كاسيًا سائره من الكتفين إلى القدمين، وهو زيُّ المقاتلين المُلازمين للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود،و"الصاية"، وهو رداء يلبس فوق المرودن، يغطي سائر الجسد، ويفصل من قماش خفيف، و"الزبون"، ويلبس فوق المرودن ويأتي بعدة ألوان ونقوش، و"المجوخ"، ويسمى جوخة، عبارة عن ثوب أحمر لامع، مطرز بأسلاك الذهب على شكل رسوم، يلبسه عادة القادة والملوك والفرسان، و"الفرملية"، رداء أسود مطرز بخيوط ذهبية وهي رداء أهل الطبول.
اهتمام المملكة بالعرضة السعودية
نُظمت في السعودية مبادرات حكومية للعرضة السعودية، من أجل تعليم أساسيات فن العرضة السعودية،منها: مبادرة "الدرعية بيت العرضة"، التي أطلقتها هيئة تطوير بوابة الدرعية، لتعليم الناشئين، وإنشاء المركز الوطني للعرضة السعودية، التابع لدارة الملك عبدالعزيز، لتطوير وإحياء موروث العرضة السعودية.
رقصة المزمار
تعد رقصة المزمار رقصة شعبية حجازية، تُستخدم فيها العِصِيُّ والطبول والأهازيج، وتعد أحد الفنون التقليدية، وإحدى الرقصات الفلكلورية في السعودية التي تقام لإحياء المناسبات العائليّة أو الاحتفالات الوطنيّة.يرتدي المشاركون ثوبًا أبيض طويلًا، وتشارك النساء في صنع الملابس، فيما يعمل الحرفيون المحليون على صناعة الطبول والعصي.
وتستخدم ثلاثة أنواع من الطبول عند لعب رقصة المزمار، هي: النقرزان"، طبلة مجوفة تقرع بخشبتين صغيرتين، و"المرد" دف كبير، و"العلبة" مزهر جلدي له إطار خشبي دائري، وتُعرّف كل أهزوجة بمصطلح "الزومال"،حيث يصدح اللاعبون بالأناشيد والأشعار التي تعبر عن مفاهيم الشجاعة والصداقة والارتحال،كذلك تستخدم بعض الأهازيج للترحيب باللاعبين القادمين من الحارات المجاورة، مثل: "حبا حبا باللي جاء يا مرحبا".
القط العسيري
تعرف كلمة "قط" في معاجم اللغة العربية، بأنها "خَط" أو "نحت" أو "قطع"،وهو أحد الفنون البصرية التراثية في المملكة، التي عرفت منذ مئات السنين. تستخدمه النساء في منطقة عسير لتزيين جدران المنازل، والأدوات المنزلية، ويطلق على رسّامة القط العسيري "القطاطة"، و"القط" عبارة عن زخارف هندسية أو نباتية، متمازجة من الألوان المشرقة، ومستوحاة من المنطقة المحيطة.
المفردات البصرية لفن القط العسيري
تتوزع المفردات البصرية للقط العسيري على عشرة أنواع، هي: "البنات" وترمز إلى الأنثى وتأتي في أعلى نقش "القط" عادة، و"الأرياش" تأتي على شكل نباتات، و"المحاريب" ترمز إلى الجانب الديني في المجتمع، و"الركون" أشكال مثلثة متجاورة وكبيرة، و"البلسنة" دوائر صغيرة ومنقطة، و"الأمشاط" خطوط متوازية، تتجه إلى الأعلى أو الأسفل، و"التعذيق" ثلاث نقاط شبيهة بعذوق الذرة، و"المثالث والمخامس" خطوط متوازية ما بين الثلاث والخمس، تأتي في أسفل النقش، و"الكف" خطوط متوازية تأتي أسفل جدار الغرفة بألوان مختلفة، و"الشبكة" رمز فني بلون واحد، يتكون من معينات ومربعات هندسية.
وارتبط فن القط بالسياحة بمنطقة عسير، حيث زاد إقبال السياح على الأدوات المزخرفة بألوان القط، والمنتجات المعتمدة على الفن،ومن تلك المنتجات: التذكارات التي تحاكي تراث المنطقة بأسلوب حديث، وصناعة الدمى التراثية الصغيرة، والمظلات الواقية من الشمس والأمطار، والميداليات والحقائب النسائية، والمفاتيح والأوشحة والشالات النسائية، والتحف المنزلية والمزهريات وأدوات السفرة المنزلية الخاصة.
البن الخولاني السعودي
سمي البن الخولاني بذلك نسبة إلى قبيلة خولان بن عامر التي تقطن الجبال الممتدة بين السعودية واليمن، حيث تقوم بزراعته لأكثر من 300 عام،ويطلق عليه كذلك الذهب الأخضر، والشجرة المدللة،ويعد البن الخولاني من أغلى أنواع البن في العالم وأندرها، إذ يتميز برائحته الخاصة، والطبقة الزيتية التي تغلفه. ولأن منطقة جازان تتمتع بالظروف المناخية والجغرافية المناسبة،يزرع البن في المرتفعات الجبلية التي يتراوح ارتفاعها من 1000 إلى 1800م فوق مستوى سطح البحر.
طريقة زراعة البن الخولاني
تزرع بذور البن الخولاني في أكياس شبكية، ممتلئة بالتربة، ثم تخزن في مكان مظلل، من ثلاثة إلى أربعة أشهر، حتى تُنقل إلى المدرجات الزراعية، وبعد سنتين إلى ثلاث سنوات من الزراعة، تنمو ثمرة البن، ويكون حصاده باليد.
الورد الطائفي
تعد الممارسات الثقافية المتعلقة بالورود جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي وهوية سكان محافظة الطائف، حيث يقوم المزارعون في الفترة من ديسمبر إلى فبراير بتسميد الأرض وريّها وتقليم شجيرات الورد، ثم يبدأ موسم الحصاد في مارس ويستمر من 35 - 45 يومًا، ويقطف الورد في الصباح الباكر ثم ينقل إلى السوق المحلية للبيع أو إلى المنازل لتقطيره، حيث يستخدم ماء الورد الطائفي والزيت العطري في منتجات التجميل والطب التقليدي، والأطباق التقليدية ونكهة المشروبات، ومن العادات المحلية إلقاء الورد على الضيوف احتفاءً بمقدمهم، وتقديم الورد وماء الورد كهدايا للأصدقاء.
وفي محافظة الطائف توجد 910 مزارع للورد الطائفي، تنتج نحو 550 مليون وردة سنويًّا، ويعمل نحو 70 مصنعًا ومعملًا على استخراج وتصنيع 80 منتجًا من مشتقاته، ومن منتجاته ماء ورد عادي غير مركز، وماء ورد مركز، أي ماء العروس، ودهن الورد الذي يعد من الأغلى عالميًا. وبلغ حجم استثماراته في السوق السعودية أكثر من 64 مليون ريال.
التراث الثقافي غير المادي السعودي المشترك مع دول أخرى في قائمة اليونسكو
المجلس
يعدُّ المجلس جزءًا أساسيًّا من حياة السعوديين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ففيه يجتمع أفراد المجتمع، من شيوخ قبائل، وكبار سن، لمناقشة القضايا المختلفة، والشؤون اليومية، وتبادل الأخبار ورواية القصص،ويكون موقع المجلس في المنزل بالقرب من المدخل الرئيس في الجزء الأمامي من المنزل.
ومنذ عهد الدولة السعودية الأولى، كان الإمام سعود بن عبدالعزيز يستقبل الوفود، وكبار الأمراء، وشيوخ القبائل في مجلسه، ويعقد ثلاثة مجالس استقبال في اليوم على ثلاث فترات، هي: مجلس في الصباح الباكر، ومجلس في العصر، ومجلس في الليل، إضافة إلى المجلس الخاص الذي يجتمع فيه بأبنائه بعد العشاء.
تصميم المجلس في مناطق السعودية
في المناطق الشمالية من المملكة التي تتميز بانخفاض درجات الحرارة شتاء يحتوي المجلس على مدفأة حجرية، تسمى "المشب"، تكون عادة وسط المجلس، أو مقابلة للجهة المخصصة للضيوف، وتستخدم للطهي وصنع القهوة أمام الضيوف،أما في المناطق الجنوبية من المملكة وتحديدًا منطقة عسير فتتسم جدران المجالس بفن القط العسيري، الذي تستخدمه نساء عسير، لتزيين الجدران، وهو أحد عناصر اللائحة التمثيلية للتراث غير المادي، المسجل في منظمة اليونسكو للتراث العالمي.
القهوة السعودية
تعد القهوة موروثًا ثقافيًّا مرتبطًا بتاريخ المملكة من حيث العادات والتقاليد وقيم الكرم والضيافة، وأولى خطوات بروتوكول الضيافة الرسمي في استقبال الوفود الخارجية ورؤساء الدول في المملكة.
تسمية القهوة السعودية
بالتعاون مع وزارة التجارة، أعلنت وزارة الثقافة السعودية في 28 جمادى الآخرة 1443هـ/31 يناير 2022م، اعتماد تسمية القهوة العربية بـ"القهوة السعودية" في كل المطاعم والمقاهي الموجودة في المملكة، ضمن مبادرة "عام القهوة السعودية 2022"، بهدف الاحتفاء بالقهوة السعودية، وإظهار التنوع الثقافي المختلف لطرق إعداد القهوة السعودية في مناطق المملكة.
وتحضر القهوة السعودية من خلال مكونين أساسيين، هما: حبوب القهوة (البن)، والهيل، وأضيفت لاحقًا أنواع أخرى من الحبوب والأعشاب والنكهات، مثل: الزنجبيل والزعفران والقرنفل والشمرة. ويكون إعدادها، بدءا بتحميص حبوب القهوة في مقلاة غير عميقة، ثم طحنها باستخدام هاون ومدق نحاسيين، بعد ذلك توضع على موقد نار في دلة نحاسية، ثم تزال القهوة من على النار، وتترك جانبًا لترتاح.
تقاليد شرب القهوة
للقهوة السعودية عادات وتقاليد محددة في طرق الإعداد والتقديم، ومن بين ذلك: سكب القهوة باليد اليسرى، وتقديمها في فنجان صغير باليد اليمنى، وعدم تعبئة الفنجان بأكثر من نصفه، وتقديمها أولًا للضيف الأكبر سنًّا والأكثر أهمية، وهز الفنجان من قبل الضيف، وهي علامة على الاكتفاء من شرب القهوة، وإن لم يهز الفنجان، يصب له المضيف مزيدًا من القهوة، واستمرار المسؤول عن صب القهوة في وضع الوقوف حاملًا دلة القهوة، حتى يكتفي الضيوف.
واحتفاءً بالقيمة الثقافية للقهوة السعودية، أطلقت وزارة الثقافة في 5 جمادى الأولى 1443 هـ/9 ديسمبر 2021م، مبادرة عام القهوة السعودية 2022، للتعريف بالعناصر الثقافية السعودية، وتقديمها كمنتج ثقافي، والتسويق لها محليًّا ودوليًّا، عبر مبادرات وأنشطة وفعاليات مقامة على مدار عام 2022م، وتدخل المبادرة ضمن برنامج جودة الحياة، أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030.
وقد خصصت وزارة الثقافة للمبادرة منصة إلكترونية لإطلاق الأنشطة والحملات، واستقبال الأفكار الداعمة، وتحفيز الجهات الحكومية والمقاهي المحلية والعالمية للمشاركة بأفكار مبتكرة تضمن حضور القهوة السعودية في قوائمها ومنتجاتها.
الصقارة (البيزرة)
هي استخدام الطيور الجارحة المُدرّبة لغرض صيد الحيوانات البرية من قِبل مدرّب يهتم بهذا المجال يُسمى الصقّار،حيث تستغرق عملية تدريب الصقر الواحد من 30 إلى 40 يومًا،ولا تطبق الصقارة عمليًّا على استخدام الصقور فحسب، بل تشمل الطيور الجارحة عامة، مثل العقاب والباز. وبلغ عدد الصقارين في المملكة نحو 20 ألف صقار، فيما بلغ عدد الصقور المملوكة للصيادين في المملكة نحو 16 ألف صقر وذلك عام 1440هـ/2019م.
ويعيش في السعودية صقور مستوطنة، مثل: الشاهين الجبلي، والوكري، بينما يعبر من خلالها في شهر أكتوبر نحو 1.5 مليون طائر، من بينها الشاهين البحري، والحر.
أسماء الصقور عند العرب
قديمًا، أطلق العرب على الصقور عدة أسماء، منها "النادر" أقوى الصقور وأكبرها حجمًا، "الوسط" أقل حجمًا من النادر، "المحقور" أصغر الصقور وأقلها قوة،ولمكانة الصقور في المملكة أسس نادي الصقور السعودي جهة حكومية رسمية تهتم بالصقور عام 1438هـ/2017م، ويهدف النادي إلى حماية الصقور، ودعم جودة البيئة والحياة الفطرية في السعودية، والمحافظة على الإرث التاريخي والتقاليد المتعلقة بثقافة الصيد بالصقور، ونقلها للأجيال القادمة.وفي عام 1441هـ/2019م، كان النادي هو الجهة المنظمة لمهرجان الملك عبدالعزيز الدولي للصقور،وفي عام 1442هـ/2020م، أصبح النادي يضم مزادًا للصقور.
حياكة السدو
تعد حياكة السدو من أقدم الحرف التقليدية المنتشرة في بادية الجزيرة العربية،حيث كانت تعتمد على وبر الإبل، وشعر الماعز، وصوف الأغنام، سواء النجدي الذي يأتي صوفه أسود، أو النعيمي صاحب الصوف الأبيض، إلا أنها أصبحت تعتمد اليوم على الصوف الصناعي،وتستغرق حياكة القطعة الواحدة للسدو من ثلاثة إلى أربعة أيام حسب الحجم.
وتشترك حياكة السدو مع فن القَط العسيري، في اعتماد مهمة العمل على النساء السعوديات، حيث يتفنّنّ في نقوش السدو الكثيفة، والمميزة برموز ومعانٍ يعرفها أهالي البادية.
أدوات حياكة السدو
يستخدم عند حياكة السدو عديد من الأدوات، مثل: المغزل، والميشع، والشيصا (منقادة)، والتغزالة، والمدرة، والمنشزة، وقرن الغزال،وتنقسم عملية حياكة السدو إلى ثلاثة أقسام، بدءا بقص صوف الغنم وشعر الماعز، وتصنيفه حسب الطول واللون، ثم ينظف الصوف بالماء لإزالة الشوائب والأتربة، ثم يغزل الصوف بالمغزل، ويُصبغ بعدة ألوان مستمدة من الحناء والكركم والزعفران والصبار والنيلة.
ويصنع من حياكة السدو عديد من المنتجات، منها: المزودة، والعدول، والرواق والبُسط، والسفايف التي يزين بها الجمال والخيول، وبيت الشعر الذي يصنع من نسيج شعر الماعز،والقاطع، والمساند، والسجاد، والعقل، والخرج، والشملة. فيما تطورت حياكة السدو في وقتنا الحالي، وأدخلت في صناعة جوارب الهواتف المحمولة، والأساور، والحقائب.
وقد تزين شعار رئاسة المملكة العربية السعودية لقمة مجموعة العشرين المنعقدة في العاصمة الرياض عام 2020م،برمز بصري من الخيوط الملونة لنسيج السدو، للتعبير عن الموروث الثقافي للمملكة.
الخط العربي
يعد الخط العربي رمزًا من رموز الثقافة العربية، إذ يستخدم في التعاملات اليومية التي تتطلب استخدام اللغة العربية كتابةً أو قراءةً، وعندما قامت الدولة السعودية الثالثة، اهتم الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بالخط العربي، وأمر بحفظ الكتب المعلمة لفن الخط العربي والمخطوطات وحمايتها من التلف.
وكانت تستخدم بعض التقنيات التقليدية للكتابة بالخط العربي، مثل: المواد الطبيعية، حيث يصنع القلم من القصب وسيقان الخيزران، ويصنع الحبر من العسل والسخام الأسود والزعفران، في حين يصنع الورق يدويًّا، ويعالج بالنشا وبياض البيض والشبة، أما الآن، فقد تطورت أدوات الكتابة، وأصبحت تستخدم التقنيات الحديثة، مثل: استخدام أقلام التحديد وطلاء اصطناعي، حيث يستخدم الطلاء للرش على الخط الموجود في الجدران واللافتات والمباني.
ويستخدم الخط العربي في مجالات عديدة، منها: تزيين المساجد والقصور، وتحلية المخطوطات والكتب، والتصاميم الهندسية، والمجوهرات والأزياء والأثاث،كذلك يستخدمه الفنانون في أعمالهم الفنية التي تشمل "اللوح، وأعمال النحت، والفنون الجدارية"، والحرفيون يستخدمونه في تزيين المصنوعات اليدوية بالخط العربي.
أنواع الخط العربي
ابتكر العرب المسلمون أنواعًا عديدة من الخط العربي، منها "الخط الكوفي"، وهو أقدمها، و"خط النسخ"، و"خط الثلث"، سمي بذلك نسبة إلى سمك القلم، و"خط الديوان"، نسبة إلى دواوين السلاطين، و"الخط الفارسي" نسبة إلى فارس، و"خط الرقعة"، وهو أكثر الخطوط العربية استخدامًا، إضافة إلى خط الحجازي المائل، وخط الجليل، وخط الجليل الشامي.
ودشنت وزارة الثقافة منصة الخطاط التي فازت بعام الخط العربي 2020-2021، وهي منصة لتعليم الخط العربي والزخرفة، من خلال دورات تدريبية، يقدمها مجموعة من الخطاطين عبر الإنترنت.
مبادرة "عام الخط العربي"
أطلقت وزارة الثقافة عام 1441هـ/2020م مبادرة عام الخط العربي لإبراز الخط العربي وتعزيز حضوره، من خلال إشراك جميع القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد، وتقديم مقترحاتهم وإشراكهم في تنفيذها، وانتهت المبادرة بنهاية عام 2021م.
وشارك في مبادرة عام الخط العربي عديد من الجهات الحكومية والخاصة، حيث دشنت مؤسسة البريد السعودي "سُبل" ووزارة الثقافة مجموعة من الطوابع البريدية بهوية الخط العربي،واستخدمت طيلة عام 1442هـ/2021م،وعملت وزارة الثقافة على تصميم هوية الخط العربي وتنفيذها على طائرتين من طراز دريملاينر 787،فيما أطلقت وزارة الرياضة بالتعاون مع وزارة الثقافة حملة تنشيط المبادرة، عبر كتابة أسماء اللاعبين بالخط العربي على قمصانهم في دوري الأندية،إضافة إلى وضع شعار المبادرة من خلال عرض مرئي رقمي على قمة جبل طويق،وكتابة أسماء المسافرين بالخط العربي على تذاكرهم من قِبل الخطاطين.
مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي
هو مركز عالمي، يهتم بتعليم الخط العربي، وتشرف عليه وزارة الثقافة، عرف سابقًا باسم "دار القلم"، وأنشئ في المدينة المنورة، عام 1434هـ/2013م،ويضم عدة أركان، منها: متحف لتاريخ الخط العربي، ومعهد لتعليم فنون وأساليب الخط العربي، ومعرض للخطاطين، ومركز لاستقبال الخطاطين العرب والمسلمين.في عام 1441هـ/2020م، وبالتزامن مع فعالية "عام الخط العربي" المنظمة من قبل وزارة الثقافة خلال عامي 2020م و2021م، حُول اسم المركز إلى مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي.
نخيل التمر
يُمثل النخيل في المملكة العربية السعودية رمزًا وطنيًّا، ومصدر أمن غذائي وموردًا اقتصاديًّا. تظهر النخلة في الشعار الرسمي للمملكة، والعلم، ويتقاطع قرب ساقيها سيفان عربيان.
ويبلغ عدد أشجار النخيل في السعودية نحو 36 مليون نخلة، منها 27 مليون نخلة مثمرة، فيما تصل كمية إنتاج التمور لنحو 1.58 مليون طن، وتتركز زراعة النخيل في عدة مناطق سعودية، تتصدرها منطقة الرياض حيث يبلغ عدد أشجار النخيل فيها نحو تسعة ملايين نخلة، بنسبة 25% من إجمالي عدد النخيل في المملكة، وذلك وفق مسح الإنتاج الزراعي للهيئة العامة للإحصاء لعام 2020م.
مناطق نخيل التمر
تنتشر في معظم مناطق السعودية زراعة النخيل، عدا منطقتي جبال السروات، وتهامة الجنوبية، لانعدام الظروف المناخية المناسبة لزراعة النخيل،وبحسب التربة والمناخ وتوافر المياه، قسمت المناطق الزراعية إلى ثلاث مجموعات، هي "مجموعة الواحات الشرقية" وتشمل واحة الأحساء، وواحة يبرين، و"مجموعة الواحات الشمالية والوسطى" يمتد نطاقها من الجوف وحائل شمالًا، مرورًا بمناطق القصيم والسر والوشم وسدير والزلفي والعارض والرياض والخرج وحوطة بني تميم والحريق والأفلاج، حتى وادي الدواسر، و"مجموعة الواحات الغربية والغربية الجنوبية"، وهي الواحات الموجودة في المدينة المنورة، وينبع، وخيبر، والحائط، وبيشة، ورنية، وشمال شرق أبها، وتربة، والخرمة شرق الطائف، وبلدة العقيق شرقي الباحة،وذي عين في تهامة الباحة، ونجران.
واهتمت السعودية بالنخيل، وقدمت لها العناية الزراعية في عدة نواحٍ، منها: خدمة الفسيلة، الري، التكميم، التشذيب، التقليم، التكريب، التشييف، التلييف،كما وفرت وزارة البيئة والمياه والزراعة خدمات عديدة للعناية بشجرة النخيل، مثل: تقديم الخدمات الإرشادية، وطرق مقاومة الآفات والحشرات والأمراض وعمل الندوات الزراعية،وقد أطلق المركز الوطني للنخيل والتمور "دليل رعاية النخلة" الذي يهدف إلى العناية بالنخلة، ورعايتها خلال مراحل نموها، وطرق تكاثرها بالطرق التقليدية والحديثة.
وتعددت طرق إكثار النخيل في المملكة، منها "طريقة التكاثر الجنسي"، من الطرق القديمة والأصلية والسهلة في إكثار النخيل، وأقلها تكلفة، يطلق عليها "التكاثر التقليدي" و"التكاثر البذري"،و"طريقة التكاثر الخضري"، من الطرق التقليدية الناجحة لإكثار النخيل قديمًا وحديثًا، حيث يمكن من خلالها الحصول على أصناف مشابهة للأمهات المأخوذة منها، ويكون التكاثر فيها بالفسائل والرواكيب، و"طريقة التكاثر بزراعة الأنسجة" هي تقنية حديثة تستخدم لإكثار النباتات الخالية من الإصابات لبعض الأنواع، ومن خلالها يمكن الحصول على أعداد كبيرة من النباتات لصنف معين ذي إنتاج قليل من الفسائل بالطريقة التقليدية، مثل البرحي.
حداء الإبل
هو تعبير شفهي بألحان متعددة، يرددها الرعاة، ويصاحبها بعض الصيحات، تستخدم وسيلة لمناداة الإبل، وإيصال رسالة محددة في مناسبات مختلفة، مثل النداء للتجمع في الصباح، والتجمع حول المكان المخصص لشرب الماء، أو المرواح وهو التجمع في المساء، ولا تقتصر ممارسة فن الحداء على الرجال، بل يشمل كذلك النساء والأطفال، حيث يجري تدريبهم عليه منذ الصغر.
الأشكال الصوتية لحداء الإبل
تتعدد الترانيم الصوتية التي يصدرها الرعاة، منها "الهوبلة" إصدار الصوت المجرد من قبل الراعي، وتسمى عند أهل جازان بـ"الصالق"، و"الوالش" إصدار الصوت من قبل راعيين، أحدهما مجرد، والآخر يصدر من خلال العزف على المزمار.
وتقام عدة سباقات لحداء الإبل، منها: سباق يعقد بين صغار رعاة الإبل الذين يمتلكون أصواتا جميلة، وسباق "البطح"، وطريقة أدائه بأن يجمع الراعيان قطيعيهما معًا، والذي تستجيب له إبله وإبل القطيع الآخر هو الفائز، وسباق "الهجيج" تقطع فيه قطعان الإبل مسافة 20 كم، وفي أثناء ذلك يقوم الراعي بأداء فن الحداء، حتى يحمس القطيع، والفائز في المسابقة من يصل إلى خط النهاية.
وقد انتشر حداء الإبل في بادية المملكة التي يكثر بها نشاط الرعي وتربية الإبل، وفي عدد من مناطق المملكة، منها: القصيم، وجازان، وتبوك، وحفر الباطن، والعلا، ورماح.
طبق الهريس
يعد الهريس طبقًا شعبيًا تقليديًا في السعودية وبعض دول الخليج، يصنع من حبوب القمح واللحم والسمن، يتناول في وجبتي الإفطار والعشاء، ويكون إعداده بكميات كبيرة بسبب الجهد المطلوب لتنظيف الحبوب وطحنها، ويقدّم في أطباق كبيرة. يؤكل الهريس باستخدام الإبهام والسبابة أثناء الجلوس على ركبة واحدة، ويحظى الطبق بشعبية في شهر رمضان، وفي الضيافة، والمناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزفاف، كما يوجد في العناصر الاجتماعية والثقافية بالسعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، مثل: القصص الشعبية والأقوال والشعر، وتتوارث الأجيال المهارات والمعارف المرتبطة بالهريس، إلى جانب تعليمها لهم من خلال طرائق مختلفة.
الحناء
ينمو نبات الحنّاء في الأماكن الحارة، تحصد أوراقه مرتين في السنة، ثم تجفف وتطحن وتعالج ويصنع منها عجينة، وتختلف الطرق والمكونات المستخدمة في تحضير العجينة وفقًا للاستخدام، حيث تستخدمها النساء عادة للتزيين، مثل: صبغ الشعر، أو لتزيين اليدين والقدمين، كما يعد رمزًا للفرح إلى جانب استخدامه في الحرف اليدوية ولأغراض طبية، بما فيها علاج بعض أمراض الجلد، ويصاحب استخدامه عادةً الترانيم والأغاني والقصائد.
ويرتبط الحناء في السعودية عادة بمناسبات الزواج في بعض المناطق، إذ تتزين النساء بنقش الحناء على اليدين والقدمين، وتسمى الليلة التي تسبق ليلة الزواج "ليلة الحنّاء" أو "الغُمرَة".
وتتولى المختصة في النقش وتسمى "المُحنّية أو النقاشة" نقش الحناء للعروس، ويُعد هذا العمل حرفةً نسائية شعبية وشكلًا متميزًا من المهارات الفنية التشكيلية، ويمثل لوحة فنيّة منقوشة على يدي العروس تمنح دلالات الفرح والسرور، وإحياءً لعادات قديمة تتباهي بها النساء.
ولنقش الحناء على يدي العروس أشكال جمالية مختلفة، تصل إلى قرب الكتفين، ونقش الأرجل إلى منتصف الساقين، ومنها النقش الهندي أو النقش الجوري الخاص بالعروس سواءً بالحشو أو الظل، فيما تشارك نقاشات أخريات في نقش الحناء لأخوات وقريبات العروس، مثل نقش المشعاب لكبيرات السن والقبضة للأطفال، وتصاحب "ليلة الحناء" الأناشيد والأهازيج الشعبية القديمة احتفاءً بالعروس ومشاركة لها فرحة الزواج.
النقش على المعادن
يعد النقش على المعادن (الذهب، الفضة، النحاس) ممارسة قديمة يعود تاريخها إلى قرون عدة، تتضمن نقش الكلمات أو الرموز أو الأنماط اليدوية على الأسطح المعدنية، لاستخدامات زخرفية أو نفعية أو احتفالية، وعادة ما تكون النقوش مقعرة أو محدبة، وتختلف معاني النقوش ووظائفها الاجتماعية والرمزية، وتقدم الأشياء المنقوشة، مثل: المجوهرات أو الأدوات المنزلية، كهدايا تقليدية. وتتوارث الأجيال الممارسات العملية للنقش على المعادن إلى جانب تعليمها في ورش عمل تنظمها الجهات ذات العلاقة.
آلة السمسميّة
تعد آلة السمسمية آلة موسيقية تقليديّة تشبه في تركيبها آلة القيثارة، تُصنع ويعزف بها في السعودية، خاصة في المناطق الساحلية، وعادة ما يصنعها العازفون بأنفسهم باستخدام مواد طبيعية أو معاد تدويرها مثل الخشب أو المعدن. يستند مجسم السمسمية إلى ثلاثة أعمدة خشبية تشكل مثلثًا وتتكون من خمسة أوتار، ويعزف بها في الحفلات الموسيقية والأعياد وحفلات الزفاف، والمهرجانات الثقافية.
جمعية التراث غير المادي المهنية في السعودية
تحت مظلة استراتيجية وزارة الثقافة للقطاع غير الربحي، كان تأسيس أول جمعية مهنية للتراث غير المادي في السعودية، مع مجموعة من المهتمين بالتراث في 20 ربيع الآخر 1443هـ/25 نوفمبر 2021م، وتهدف الجمعية إلى تقديم الخدمات للمهتمين بالتراث المادي، ودعمهم، والمشاركة في تعزيز البيئة التي ينشطون فيها وتطويرها.
مبادرة التراث الثقافي غير المادي
بالتعاون مع وزارة التعليم أطلقت وزارة الثقافة مبادرة التراث الثقافي غير المادي في 12 جمادى الأولى 1443هـ/16 ديسمبر 2021م، بهدف تحفيز طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة والثانوية على البحث الميداني والمكتبي، وتطوير قدراتهم البحثية، وتثقيفهم بالتراث الثقافي غير المادي للمملكة والمحافظة عليه، وتضمنت المبادرة مسارات متعددة للتراث الثقافي غير المادي، وهي: العمل على حرفة تقليدية تميز المنطقة، والمأكولات الشعبية وطريقة تقديمها، والأدوات التي تستخدم في صنعها وارتباطها بالتراث، والفنون الأدائية الشعبية، والقصص الشعبية والأمثال والقصائد والأهازيج، والألعاب الشعبية.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة