





المسجد النبوي، هو مسجد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وآخر مساجد الأنبياء، وأفضل المساجد بعد المسجد الحرام،وثاني الحرمين الشريفين وثاني أقدس الأماكن الدينية عند المسلمين بعد المسجد الحرام،فيه منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومحرابه،ومنه انتشرت دعوة الإسلام، ويرتبط بقبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
تكمن أهمية مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما تميز به، حيث إن أجر الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وهو من المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها؛ لعظيم فضلها، ومكانتها عند الله تعالى؛ كما أن فيه روضة من رياض الجنة كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-،كما يضم المسجد معالم بارزة في تاريخ الإسلام، تجذب الزوار من مختلف العالم خلال العام، منها: حجرات النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبره ومحرابهومنبره والروضة الشريفة والأسطوانات والقبة الخضراء.
موقع المسجد النبوي
يقع المسجد النبوي في المدينة المنورة غربي المملكة العربية السعودية، وتتولى الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي (الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سابقًا)،منذ عام 1397هـ/1977م، جميع شؤونه الدينية والخدمية، وتوفير كل الإمكانات لراحة زواره.
توسعة المسجد النبوي
شهد المسجد النبوي أول توسعة له عام 7هـ بزيادة 1,425 م2، على يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد مقدمه من خيبر فتضاعفت مساحته إلى 2,475م2، وبنيت حوله المدينة النبوية، وكانت عمارته وتشييده على مر العصور موضع اهتمام كبير لدى الخلفاء والملوك، حيث زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه التوسعة سنة 17هـ 1,100 م2، يليه عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي زادها 496م2 في سنة 29هـ ـ 30هـ، وفي عهد الدولة الأموية زيدت مساحة المسجد النبوي 2,369م2 على يد الوليد بن عبدالملك خلال السنوات 88هـ ــ 91هـ، تلت ذلك توسعة في عهد الدولة العباسية في الفترة 161هـ - 165هـ والتي بلغت 2,450م2 في عهد المهدي، ثم زادها السلطان أشرف قايتباي سنة 888هـ، 120م2، وكانت آخر التوسعات قبل العهد السعودي على يد السلطان العثماني عبدالمجيد في الفترة 1265هـ-1277هـ حيث زيدت مساحة المسجد النبوي 1,293م2.
معمارية المسجد النبوي
تميز المسجد النبوي في بنائه بالأساطين،والمآذن،والأبواب، والساحات الخارجية المحيطة بهذا البناء،والتي شهدت على مر العصور تغيرًا واضحًا، من حيث الشكل والحجم والمساحة، إذ امتدت إليها مشاريع التوسعة والتطوير والزيادة، مع محاولة استبقاء ملامح المسجد النبوي المعمارية، ومن أهم ميزات المسجد النبوي المعمارية:
ساحات المسجد النبوي
تحيط بالمسجد النبوي ساحات واسعة من النواحي: الشمالية والغربية والجنوبية والشرقية، وتضمنت توسعة الملك فهد بن عبدالعزيز تشكيل ساحات على مساحة 235 ألف م2، كما نفذت الساحات الشرقية على مساحة 37 ألف م2 في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز،وجرى تبليطها بالجرانيت والرخام الملون المزدان بأشكال هندسية إسلامية. وتقع ضمن خدمات وكالة شؤون المسجد النبوي إحدى إدارات الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، التي تخدم بها قاصدي المسجد،كل من: كلية المسجد النبوي ومعهد المسجد النبوي ومكتبة المسجد النبوي وأكاديمية المسجد النبوي، إضافة إلى أكاديمية القرآن والسنة النبوية، وبوابة الحرمين الشريفين، والموسوعة الشاملة للمسجد النبوي.

مآذن المسجد النبوي
قبل العهد السعودي لم يكن للمسجد النبوي الشريف في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا في عهد خلفائه الراشدين مآذن (منائر) يرقى المؤذن فيؤذن عليها. حيث كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- يؤذن للفجر من فوق بيت امرأة من بني النجار، كان بيتها أطول البيوت حول المسجد، وقيل إن بلالاً كان يؤذن على أسطوانة بدار عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- يرقى إليها على سبعة أدراج بجوار المسجد النبوي الشريف. وكانت أول مئذنة في عهد عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد بن عبدالملك للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة، هدمت إحداها فيما بعد. وفي عهد السلطان الأشرف قايتباي عمل مئذنة صغيرة بين باب السلام وباب الرحمة عرفت بعد ذلك بمئذنة باب الرحمة. وبعد توسعة السلطان عبدالمجيد أصبح للمسجد النبوي خمس مآذن هي: المنارة الشمالية الغربية، والمنارة الشمالية الشرقية، والمنارة الغربية، وقد استبدلت الاثنتان في العمارة السعودية بمنائر أكبر وأجمل، أما المنارة الجنوبية الشرقية، والمنارة الجنوبية الغربية، فما زالت حتى الآن على عمارتها، وتقوم الحكومة السعودية بتجديدها من وقت لآخر.
في العهد السعودي بلغت منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الأولى أربع منائر، بعد (المنارة الشمالية الغربية التشكيلية، والمنارة الشمالية الشرقية السنجارية، ومنارة باب الرحمة، حيث بُنيت بدلاً منها منارتان، إحداهما في الجهة الشمالية الشرقية، والأخرى في الجهة الشمالية الغربية، وأنشئت المنائر في التوسعة السعودية بعمق يصل إلى 17م، وارتفاع 70م، وتتكون من أربعة طوابق مختلفة الأشكال، فالأول على شكل مربع، والثاني مثمن، والثالث مستدير، أما الرابع فينتهي بشكل مخروطي تعلوه قبة، ثم أضيفت ست منائر جديدة إلى المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الثانية، بخمسة طوابق، حيث بلغ عمقها 50.45م وارتفاعها 104م أي ما يزيد بـ32م عن منائر التوسعة السعودية الأولى، ليبلغ مجموع المنائر عشر منارات، وزعت على كامل التوسعة.
تشكل مئذنة المسجد وقبته الخضراء رمزية المدينة النبوية،حيث بنيت المنارة الجنوبية الشرقية للمسجد بطول 60م، ويرتبط بناء أول مئذنة له – كانت تُسمى منارة حينئذ – بالخليفة عمر بن عبدالعزيز، إذ جعل في عمارة الوليد بن عبدالملك للمسجد، في كل ركن من أركانه مئذنة، وهي تبلغ الآن 10 مآذن بأطوال متفاوتة بين 70م و104م.
أبواب المسجد النبوي
تضمن بناء المسجد النبوي الأول ثلاثة أبواب رئيسة احتفظ بمسمياتها حتى يومنا هذا، وهي: باب في مؤخرة المسجد -أي جهة القبلة اليوم- حيث كانت القبلة إلى بيت المقدس؛ وبعد تحول القبلة إلى الكعبة المشرفة أغلق الباب في الحائط الجنوبي، وحل محله باب في الحائط الشمالي، وعملت ثلاثة أروقة جهة الجنوب على غرار تلك التي بالجهة الشمالية واحتفظ بباب عثمان وباب عاتكة، وباب من جهة الغرب عرف بباب عاتكة -ويعرف الآن بباب الرحمة- وسمي بذلك لأنه كان مقابل دار عاتكة، وهي سيدة من مكة ابنة زيد بن عمر، من قبيلة عدي بن كعب، أسلمت وهاجرت للمدينة المنورة، كما عرف بباب السوق لأنه كان يؤدي إلى السوق، أما تسميته باب الرحمة فقد جاء في صحيح البخاري أن رجلا دخل المسجد طالبا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لإرسال المطر، فأمطرت السماء سبعة أيام، ثم دخل في الجمعة الثانية طالباً رفع المطر خشية الغرق، فانقشعت السحب، واعتبر هذا رحمة بالعباد، فأطلق عليه باب الرحمة، وباب النبي، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل منه، وثالث الأبواب من جهة الشرق وعرف بباب عثمان لوجوده مقابل بيته.
وبعد توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسجد النبوي أصبح للمسجد ستة أبواب أي أضيفت ثلاثة أبواب جديدة إلى الأبواب التي كانت في حوائط المسجد على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأصبح لكل من الحائط الشمالي، والشرقي والغربي بابان، واستمرت زيادة عدد أبواب المسجد النبوي خلال توسعاته عبر التاريخ حتى بلغ عددها الآن 100 بابًا خارجيًّا، فيما يصل إجمالي عدد الأبواب إلى نحو 229 بابًا داخليًّا وخارجيًّا.

أساطين المسجد النبوي
الأساطين جمع أسطوانة وهي العمود والسارية التي يقوم عليها البناء، وكانت أساطين المسجد النبوي الشريف في عهده -صلى الله عليه وسلم- من جذوع النخل، وإذا أطلق اسم على سارية فالمقصود العمود الذي حل مكانها. فقد تحرى الذين وسعوا المسجد النبوي الشريف أن يحافظوا على أماكن هذه الأساطين، فيوضع كل عمود في المكان الذي كانت فيه الأسطوانة أو السارية في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذه الأساطين التي نشاهدها في المسجد النبوي الشريف في القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان عبدالمجيد، وقد اشتهر من هذه الأساطين ثمان، حيث كان لها من المميزات ما لم يكن لغيرها، وتلك الأساطين هي:
الأسطوانة المخلقة، وتسمى أيضًا علم مصلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعنى المخلقة المطيبة أو المعطرة، ويروى عن سبب تسميتها أن عثمان بن مظعون تفل في المسجد فأصبح مكتئباً، فقالت له زوجته: مالي أراك مكتئبًا؟ فقال : لا شيء إلاّ إني تفلت في القبلة وأنا أصلي، فعمدت (أي زوجته) إلى القبلة فغسلتها، ثم خلّقتها-أي طيبتها- فكانت أول من خلَّق القبلة، وقد جرى تقديم هذه الأسطوانة لجهة القبلة قليلاً، وإدخال بعضها في المحراب النبوي الشريف، وكتب عليها الأسطوانة المخلقة.
أسطوانة القرعة، وهي الثالثة من المنبر والثالثة من القبر والثالثة من القبلة، وسميت بذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي: "إن في المسجد لبقعة قبل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس لاستهموا عليها، فنظروا فإذا عندها جماعة من الصحابة وأبناء المهاجرين، أي وهي أسطوانة القرعة".
أسطوانة التوبة، وهي الأسطوانة الرابعة من المنبر، والثانية من القبر، والثالثة من القبلة، وسميت بذلك لأن أبا لبابة لما استشاره بنو قريظة – وكان حليفًا لهم أينزلون على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه -يعني الذبح- قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى: "يأيها الذين ءامنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" سورة الأنفال آية (27)، ولم يرجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل ذهب إلى المسجد، وربط نفسه في جذع في موضع أسطوانة التوبة -الآن- وحلف لا يحل نفسه ولا يحله أحد حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تنزل توبته، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره قال: أما لو جاءني لاستغفرت الله له، فأما إذ فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، فأنزل الله توبته على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سحرًا في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فسمعته -صلى الله عليه وسلم- يضحك، فقالت: ما يضحكك، أضحك الله سنك؟ قال: تيب على أبي لبابة، قالت ألا أبشره بذلك يا رسول الله؟ قال بلى إن شئت. فقامت على باب حجرتها -قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك فعندئذ أراد المسلمون أن يطلقوه قال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه، ولهذا سميت أسطوانة التوبة.
أسطوانة السرير، وتقع شرقي أسطوانة التوبة وتلتصق بالشباك المطل على الروضة الشريفة، وهي محل اعتكاف النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان له صلى الله عليه وسلم سرير من جريد النخل، وكان يوضع عند هذه السارية، كذلك كانت له -صلى الله عليه وسلم- وسادة تطرح له، فكان -صلى الله عليه وسلم- يضطجع على سريره عند هذه الأسطوانة.
أسطوانة المحرس، وتقع خلف أسطوانة السرير من جهة الشمال، وهي مقابل الخوخة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج منها إذا كان في بيت عائشة رضي الله عنها إلى الروضة الشريفة للصلاة، كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان يجلس عندها يحرس النبي صلى الله عليه وسلم.
أسطوانة الوفود، وتقع خلف أسطوانة المحرس من جهة الشمال، وكان -صلى الله عليه وسلم- يجلس إليها ليقابل وفود العرب القادمين عليه، وكانت تعرف أيضًا بمجلس القلادة يجلس إليها الصحابة وأفاضلهم رضوان الله عليهم.
أسطوانة مربعة القبر، وتقع في حائز عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عند منحرف الجدار الغربي منه إلى الشمال، في صف أسطوانة الوفود، ومعنى هذا أنها تكون داخل الجدار المحيط بالقبر الشريف، ولا يتمكن الزائر للمسجد النبوي الشريف من رؤيتها، كما تعرف أيضًا بأسطوانة مقام جبريل عليه السلام وبها باب بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يدخل منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أسطوانة التهجد، وتقع وراء بيت السيدة فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من جهة الشمال، وعندها محراب صغير إذا توجه الواقف إليه تكون السارية -الأسطوانة- عن يساره، باتجاه باب جبريل عليه السلام، المعروف قديماً بباب عثمان رضي الله عنه، وقد كتب فيها على رخام (هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم).

القبة الخضراء
تعرف القبة الخضراء بعدد من الأسماء منها: القبة الفيحاء، والقبة الزرقاء، أو البيضاء، أو قبة المدينة، أو قبة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهي القبة المبنية على الحجرة النبوية الموجودة داخل المسجد النبوي الشريف وبالذات على حجرة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. وحظيت القبة باهتمام ولاة الأمر في عمارة الحرمين الشريفين حيث أوليت كل عناية واهتمام، وتشهد تحسينا وترميما كل ثلاث إلى خمس سنوات، وتكمن أهميتها في أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرقد في حجرة بنيت القبة عليها، ولم تكن القبة الخضراء من عهد الصحابة أو التابعين بل إنها بنيت عام 678هـ/1279م، وكانت مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها وكانت بالخشب على رؤوس الأساطين المحيطة بالحجرة وسمر فوق الخشب ألواح من الرصاص وفوقها ثوب من المشمع. وفي سنة 1253هـ/1837م، أمر السلطان عبدالحميد بصبغ القبة باللون الأخضر بدلاً من الأزرق، فكان هو أول من صبغها بالأخضر، ثم لم يزل يجدد صبغها بالأخضر كلما احتاجت لذلك. وفي العهد السعودي في زمن الموحد الملك عبدالعزيز آل سعود أمر بإصلاح بعض القشور والتشققات من داخل الحجرة النبوية، وأعيدت القبة أحسن مما كانت.
أجزاء من المسجد النبوي
يحوي المسجد النبوي أجزاء تميزه عن بقية المساجد، إذ يتضمن المنبر النبوي،والحجرة النبوية الشريفة، والروضة الشريفة،والمحراب، والمكتبة، وقد مر معظمها بعدد من الإصلاحات والتوسعات والتطويرات على مرّ العصور.
المنبر النبوي
يقصد بالمنبر المكان الذي يرتقيه الخطيب في المسجد. وبدايته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أولًا كان يخطب قائمًا مستندًا إلى جذع نخلة منصوب في المسجد، فلما شَقَّ عليه القيام صُنِعَ له المنبر من ثلاث درجات، ووضع في الجانب الغربي من مصلاه، فكان يجلس عليه ويعظ الناس، ويراه كل من حوله. وصُنع منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خشب شجرة الطرفاء، أو الأثل أتى بها النجار، وكان يتكون في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين من درجتين ومقعد، حتى انتقل الحكم إلى الدولة الأموية فزيد في أسفله ست درجات، ليصبح مجموع درجاته تسعا، وأول تجديد له كان في عصر الدولة العباسية لتقادمه مع الزمن، وفي عام 656هـ/1258م، أرسل الملك المظفر صاحب اليمن بمنبر جديد جراء احتراق الأول في حادثة احتراق المسجد النبوي من نفس العام، وفي عام 664هـ/1266م، قرر الظاهر بيبرس البند قداري قلعه لينصب محله منبرًا جديدًا وبقي حتى تآكل في عام 797هـ/1395م ، ليرسل الظاهر برقوق منبرًا جديدًا. وفي عام 820هـ/1417م، أرسل المؤيد شيخ منبرًا جديدًا، والذي احترق في حادثة حريق المسجد النبوي عام 886هـ/1481م، فبنى أهل المدينة منبرًا بالآجر طلي بالنورة، والذي استبدله الأشرف قايتباي بمنبر من الرخام في عام 888هـ/1483م، وأخيرًا أرسل السلطان مراد العثماني منبرًا مصنوعًا من الرخام ومطليًا بماء الذهب، وكان منقوشًا ومزخرفًا، ويتكون من اثنتي عشرة درجة، ثلاث خارج الباب، وتسع داخله، تعلوه قبة هرمية محمولة على أربعة أعمدة. وهو الموجود الآن في المسجد النبوي.
الحجرة النبوية الشريفة
يقصد بها بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يقيم فيه مع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، والتي بناها الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند مقدمه للمدينة؛ حينما بنى مسجده الشريف، وتقع شرقي المسجد النبوي، وكان بابها يفتح على الروضة الشريفة، وتتكون الحجرة من غرفة وحجرة؛ أما الغرفة فهي البيت المسقوف وهو المكان الذي يسكنه الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة رضي الله عنها ويبيتون فيها، ويبلغ طول ضلعها الجنوبي 4.9م وضلعها الشمالي 5.24م، وطول كل من الضلعين الغربي والشرقي 3.5م، ومساحتها الإجمالية 17.75م2 وارتفاعها مترين، أما الحجرة: فهي مكان يقع أمام باب الغرفة مكشوف ـ أي غير مسقوف ـ وله باب، وطول كل من ضلعيها الشمالي والجنوبي 5.24م، وطول كل من الضلعين الشرقي والغربي 2.5م، وارتفاع سورها 1.6م. وقد دفن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته، ودفن صاحباه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما في بيت عائشة رضي الله عنها.
المكتبة
وجدت أول مكتبة للمسجد النبوي قبل حادثة حريق المسجد النبوي عام 886هـ/1481م، حيث ذكر صاحب كتاب (خزائن الكتب العربية) أنها حوت مصاحف وكتبًا نفيسة، أما المكتبة الحالية فقد جرى تأسيسها في عام 1352هـ/1933م باقتراح من مدير الأوقاف في المدينة المنورة -آنذاك- السيد عبيد مدني، وتحوي المكتبة بعض الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل تاريخ إنشاء المكتبة، ويسمح لجميع زوار المسجد النبوي الشريف بالاستفادة من المكتبة والخدمات المقدمة فيها، حيث تقع داخل المسجد النبوي الشريف، وتضم ثلاث قاعات: للرجال، وللنساء، وللأطفال، وتضم قسمًا للمخطوطات يقع في الدور الثاني من باب عثمان بن عفان رضي الله عنه نهاية التوسعة السعودية الأولى، وقسمًا تابعًا له هو القسم الفني المعني بتجليد وترميم وتعقيم المخطوطات، ويقع بباب (22) من توسعة الملك فهد بن عبدالعزيز، كما تضم المكتبة قسمًا للأوعية الصوتية التي تحفظ ما يلقى في المسجد النبوي من الدروس والخطب والصلوات، ويقع هذا القسم في باب (17)، وأقساما عدة مثل: قسم الكتب النادرة، أقسام الفهرسة والتصنيف والتزويد، والدوريات والمستودع، وقسم المكتبة الرقمية، وأقسام البحث والترجمة والأمن والسلامة وقسم الإهداء والتبادل وقسم الإعارة.

الروضة
يقصد بها المكان الواقع بين بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بيت عائشة رضي الله عنها ومنبره الشريف، وسميت الروضة بهذا الاسم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ". وقد وردت العديد من الأحاديث التي تؤكد عظم فضل الروضة وأداء العبادة فيها. والصلاة في الروضة الشريفة أفضل من أي مكان في المسجد إلا الصلاة المكتوبة، فإنها تكون في الصف الأول، وما بعده من الصفوف التي تتقدم الروضة أفضل. وحسب أقوال المؤرخين فإن شرق الروضة بيت عائشة -رضي الله عنها-، وغربها المنبر الشريف، ومن الجنوب القبلة، ومن الشمال الخط الموازي لنهاية بيت عائشة -رضي الله عنها-، ومساحتها مستطيلة، طولها من المنبر إلى الحجرة الشريفة ما يقارب 26,5 مترًا، وقد حجب الشبك المحيط بالحجرة جزءًا منها، حيث نقص منها الرواق الواقع بين الأسطوانات اللاصقة بالشبك وجدار الحجرة الشريفة، وأصبح طولها 22 مترا. وعرض الروضة الشريفة من ابتداء الحجرة إلى أسطوانة الوفود، ثلاثة أروقة، وما يوازيها من جهة الغرب، أي ما يقارب 15 مترًا، وبناءً على ما تقدم تبلغ المساحة الإجمالية للروضة 397,5م2، وهذه المساحة لجميع الروضة الشريفة بما فيها الجزء الذي حجبه الشبك المحيط بالحجرة.
المحراب
يعرف المحراب بأنه مقام الإمام من المسجد، ومحراب المسجد النبوي هو موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، وفي زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدّم محراب الإمام إلى نهاية زيادته جنوبا، وفي زيادة عثمان رضي الله عنه، وقف في محرابه العثماني، الذي يقف فيه الإمام الآن. ولم يكن للمسجد النبوي الشريف محراب مجوف، لا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد الخلفاء الراشدين، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن أول محراب مجوف عرف في عهد الوليد بن عبدالملك الأموي 88هـ-91هـ/707م-710م. وأولى المسلمون عناية بالمحاريب حين استعملوها في المساجد، فزخرفوها بالنقوش الإسلامية، وزينوها بالآيات القرآنية، وأبرزوها في صورة إسلامية خالصة، وجعلوها في صدور المساجد، لتكون علامة مميزة لاتجاه القبلة التي يجب على كل مصل استقبالها في الصلاة. ولقد تعددت المحاريب في المسجد النبوي الشريف على النحو الآتي:
1- المحراب النبوي الشريف: في الروضة الشريفة ويقع على يسار المنبر.
2- المحراب العثماني: في حائط المسجد القبلي وهو الذي يصلي فيه الإمام الآن.
3- المحراب السليماني: وكان يعرف بالمحراب الحنفي وهو غربي المنبر.
4- محراب فاطمة: ويقع جنوبي محراب التهجد داخل المقصورة الشريفة.
5- محراب شيخ الحرم: وكان يقع خلف دكة الأغوات، أحدث في العمارة المجيدية.
ملحقات المسجد النبوي
ضمن أعمال وكالة شؤون المسجد النبوي، التي تخدم بها قاصدي المسجد، يرتبط بالمسجد عدد من الملحقات منها: كلية المسجد النبويومعهد المسجد النبويومكتبة المسجد النبوي وأكاديمية المسجد النبوي، إضافة إلى أكاديمية القرآن والسنة النبوية،وبوابة الحرمين الشريفين، والموسوعة الشاملة للمسجد النبوي.
كلية المسجد النبوي
هي كلية علمية شرعية افتتحت في 1431هـ/2010م، تقع داخل أروقة المسجد النبوي الشريف، وتهدف إلى تقديم تعليم شرعي أكاديمي مميز في المسجد النبوي، من خلال الكفاءات العلمية، وباستخدام تقنيات التعليم الحديثة، وتفعيل الشراكات المؤسسية والمشاركات المجتمعية، خدمة لطلبة العلم والمجتمع. وتتيح الكلية للحاصلين على الشهادة الثانوية مواصلة دراستهم الجامعية في أحد أقسامها، دون اشتراط سن معينة، وتضم الكلية خمسة أقسام علمية تمنح درجة البكالوريوس في تخصصات: الشريعة، اللغة العربية، القرآن الكريم وعلومه، السنة النبوية وعلومها، العقيدة.
معهد المسجد النبوي
هو معهد علمي شرعي، يهدف إلى تخريج العلماء والدعاة الذين يحملون العقيدة السليمة والعلم الشرعي المؤصل، يقع داخل أروقة المسجد النبوي الشريف، يمكِّن طلبة العلم الحاصلين على شهادة المرحلة الابتدائية من مواصلة طلبهم العلم الشرعي للمرحلة المتوسطة، ثم الثانوية، من دون اشتراط سن معينة للطالب.
أكاديمية المسجد النبوي
تعنى أكاديمية المسجد النبوي الحرام بتدريس القرآن الكريم وتعليمه، كما تعنى بمتون السنة والسيرة النبوية، من خلال العناية بجمعها وتصحيحها وترتيبها ونشرها بين طلبة العلم،وتقع تحتها: أكاديمية القرآن الكريم، وأكاديمية السنة والسيرة النبوية، وأكاديمية التدريب والتأهيل، وأكاديمية خدمة الزائرين، ووحدة التدريب والتعليم الإلكتروني عن بعد.

جهود المملكة العربية السعودية في العناية بالمسجد النبوي
حظي المسجد النبوي بعناية بالغة من المملكة العربية السعودية، حيث امتدت أعمال التوسعة، والصيانة، والتطوير منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، حتى عهدنا هذا، ومن ذلك:
العناية ببناء المسجد النبوي القديم
أبقت حكومة المملكة العربية السعودية البناء القديم للمسجد النبوي وواصلت اهتمامها به في ظل أعمال التوسعة الممتدة، ومن ذلك: الحفاظ على مظهره الجمالي وكل ما فيه، وتجديد المحراب النبوي الشريف، وتدعيم جميع أعمدة الروضة الشريفة وكسوتها بالرخام الأبيض الجديد، وتدعيم جميع أعمدة البناء القديم واستكمال قواعدها النحاسية وعمل أطواق نحاسية حولها على ارتفاع 2.5 متر من الأرض، وتكييفه تكييفًا مركزيًّا، وتغطية الواجهات الشرقية والجنوبية والغربية بالجرانيت مع رفعها إلى منسوب سطح التوسعة لينسجم والبناء السعودي في المظهر العام، وإعادة دهانه من الداخل باللون البيج لينسجم مع المظهر الداخلي للتوسعات السعودية، وإعادة النقوش والخطوط التي في القباب وعلى الجدران لكي تحافظ على جمالها ورونقها، وترميم المنارة الرئيسة ومنارة باب السلام، وفتح باب في الزاوية الشرقية الجنوبية، سمي باب البقيع، وفتح باب في الرواق القبلي يدخل معه إمام المسجد، كما تدخل منه الجنائز ليصلى عليها كما يستخدم لخروج المصلين وقت الازدحام، وتجديد دهان القبة الخضراء كلما استدعى الأمر ذلك، وتركيب قناديل وثريات جديدة، وحتى الآن تجرى عمليات الترميم والصيانة بشكل يومي.
التوسعات
كانت التوسعة السعودية الأولى على يد الملك عبدالعزيز سنة 1372هـ/1953م بداية مشاريع توسعة المسجد النبوي بعد توقف لأكثر من 12 قرنًا، وبلغت 6,024م2، وفي هذه التوسعة تم شراء الأبنية والدور الواقعة في الجهات الثلاث الشرقية والغربية والشمالية، وأزيل من البناء القديم الجزء الشمالي من بناء السلطان عبدالمجيد وأضيفت إليه مساحة جديدة تقاربه وبقي القسم الجنوبي الحالي، وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي بعد هذه التوسعة 16,548م2، وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز أصدر أمرًا بتوسعة المسجد النبوي عام 1393هـ/1973م فاشتريت العقارات والدور والمساكن في غربي المسجد ثم هدمت بعد نزع ملكيتها وتعويض أصحابها وأقيمت عليها مظلات مقببة بمساحة تقدر بـــ40,500م2، وجهزت بما يلزمها وهيئت للصلاة. وفي عهد الملك خالد وقع حريق في الجزء الجنوبي الغربي من المسجد فأزيلت الأبنية الواقعة هناك وعوض أصحاب العقارات، وضمت إلى ساحات المسجد النبوي، وظلل منها مساحة قدرها 43 ألف م2، ومع تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين والزائرين والحاجة إلى توسعة المسجد جاءت التوسعة السعودية الثانية على يد الملك فهد بن عبدالعزيز، حيث زيدت المساحة بما يقارب 82 ألف م2، وتضمنت هذه التوسعة مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي فبلغت 235 ألف م2، وتعد هذه التوسعة أعظم توسعة في تاريخ المسجد النبوي ليس في مساحتها واتساعها فحسب، وإنما في قوتها وجودة بنائها وتوفر الخدمات والمرافق فيها. وفي عام 1433هـ/2012م انطلقت أعمال التوسعة السعودية الثالثة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبدأت بإخلاء وإزالة العقارات الواقعة في نطاقها بعد تعويض أصحابها، وعددها نحو 100 عقار مقسمة بين الجهتين الشرقية والغربية للمسجد النبوي الشريف، وستكون التوسعة بعد إتمامها على مساحة مليون و20 ألفا و500م2 شاملة للساحات والمباني المسقوفة. وتصل الطاقة الاستيعابية للمرحلة الأولى من التوسعة السعودية الثالثة لنحو 800 ألف مصلٍّ، فيما تركز المرحلتان الثانية والثالثة على توسعة الساحات الخارجية في الجهتين الغربية والشرقية من محيط المسجد النبوي الشريف. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود صدر الأمر باستكمال التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام والمسجد النبوي.
خدمات إلكترونية خاصة بالمسجد النبوي
أنشئت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لتعنى بتمكين القاصدين من أداء العبادة والمناسك في بيئة آمنة طاهرة، وإبراز الصورة العالمية المشرقة للحرمين الشريفين، وإظهار قيم الإسلام والمسلمين الحقيقية.
وتعد وكالة شؤون المسجد النبوي،إحدى إدارات الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبويوتقوم بجميع شؤونه الدينية والخدمية، وتمكين القاصدين من أداء العبادة والمناسك على بصيرة في بيئة آمنة طاهرة مثرية، وتحقيق رسالة الحرمين الشريفين العلمية والدعوية.
منارة الحرمين، تأتي هذه المنصة امتدادًا لحزمة من الخدمات الإلكترونية التي أطلقتها وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، وتهدف إلى تيسير تقديم الإرشاد والوعظ الديني وتمكين الزوار من الوصول إلى خدمات الحرمين الشـريفين ذات الصلة؛ عبر منصات رقمية سلسة الاستخدام وفائقة الجودة، وأطلقت المبادرة -التي تقدمت بها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ورئاسة شؤون الحرمين (سابقًا)- استجابة لمتطلبات الوقاية من جائحة وباء (كورونا) العالمي، حيث علقت الصلوات في الحرمين الشريفين واستدعى ذلك إنشاء منصة لِبَثِّ خطبة الجمعة للحرمين الشريفين، والدروس العلمية والخطب والمحاضرات والكلمات الوعظية، استكمالًا لجهود نشر العلم والوصول للمتعلم، وإثراء التجربة الروحانية التعبدية الواقعية افتراضيًّا.
سقيا زمزم في المسجد النبوي
توفر حكومة المملكة العربية السعودية مياه زمزم داخل المسجد النبوي؛ وذلك بنقلها من محطات التعبئة بمكة المكرمة إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي عن طريق صهاريج مجهزة بمواصفات خاصة لحماية المياه من أي مؤثرات، بمعدل 300 طن يوميًّا في الأيام العادية، بينما تصل في المواسم إلى 400 طن، ويبلغ عدد حافظات زمزم المبردة في المسجد النبوي وساحاته نحو 14,000 حافظة مبردة، كما خصص موقع (سبيل زمزم) الكائن بالساحة الغربية في المسجد النبوي.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة