مكتبة المسجد النبوي

مكتبة المسجد النبوي، هي إحدى أقدم مكتبات المملكة العربية السعودية، وواحدة من المكتبات التي تكونت عناصرها على عدة مراحل تاريخية مختلفة، تكونت قبل حريق المسجد النبوي في 13 رمضان 886هـ/14 نوفمبر 1481م، حيث احترقت خزائن المصاحف والكتب في ذلك الحريق، وكانت تضم كتبًا ومصاحف نفيسة.

شهدت مكتبة المسجد النبوي عناية كبيرة منذ إعادة تأسيسها في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1352هـ/1933م، وتعيين أحمد ياسين الخياري أول أمين مكتبة رسمي لها.

تواصل تطوير المكتبة إلى أن وضع الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حجر الأساس لمشروع مبنى موجودات الحجرة النبوية الشريفة ومكتبة المسجد النبوي في عام 1411هـ/1990م.

تقع المكتبة في السطح الغربي للمسجد النبوي، على مساحة 744 م2، وتحتوي على أكثر من 172,548 كتابًا و541 دولابًا، و71 تصنيفًا، وتتسع لأكثر من 300 زائر في الساعة، ويرتادها سنويًا أكثر من 700 ألف زائر.

تزخر المكتبة بالعديد من الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل تاريخ إنشائها، مثل مكتبة محمد العزيز الوزير التي أوقفت عام 1320هـ/1902م، وهي من الكتب التي أدخلت في المكتبة بعد تأسيسها، وكانت هناك كتب في الروضة الشريفة على بعضها تاريخ متقدم عن تاريخ تأسيس المكتبة.

تشكل المكتبة حزمةً من المقتنيات التي أوقفها الملوك والأمراء والعلماء والأثرياء على المسجد النبوي، ومن تلك الخزانتان الكبيرتان الموجودتان فيها منذ عام 580هـ/1184م، إضافةً إلى الكتب التي أوقفها إبراهيم الرواشي على المسجد عام 755هـ/1354م، وعدد من الكتب الأخرى في أزمنة وعقود مختلفة.

لا تقتصر محتويات المكتبة على الكتب وحسب، بل تحتوي على وثائق ومخطوطات نادرة، حيث تضم إدارة المخطوطات أكثر من 600 مصحف مخطوط من أنفس وأندر المصاحف المخطوطة حول العالم، وأكثر من 250 مصحفًا مطبوعًا، وأكثر من 1,040 مجلدًا من المخطوطات الأصلية المفردة، وأكثر من 265 مجلدًا من المخطوطات الأصلية والمجاميع التي تحتوي على 1,550 عنوانًا ورسالة، وتضم أكثر من 260 ألف عنوان من المخطوطات الرقمية.‬

تضم المكتبة كذلك كتبًا غير عربية للناطقين بغير العربية، وذلك بلغات مختلفة كاللغة الأوردية والإنجليزية والفرنسية والتركية والفارسية والألمانية، إضافة إلى أكثر من 22 لغة في أكثر من 2,400 كتاب ورقي وأكثر من 7,000 كتاب رقمي، كما توجد في المكتبة 6 مصاحف و67 كتابًا خاصة بالمكفوفين.‬

أحد أقسام مكتبة المسجد النبوي في المدينة المنورة. (سعوديبيديا)

تحتوي مكتبة المسجد النبوي على عدد من الأقسام المتنوعة التي تخدم زائريها وتوفر لهم المعرفة بسهولة ويسر، تشمل: قاعات المطالعة للرجال والنساء والأطفال، وقسم المخطوطات، وقسم المكتبة الصوتية، والقسم الفني الذي يعمل على تجليد وترميم وتعقيم المخطوطات، إلى جانب أقسام الفهرسة والتصنيف، والتزويد، والدوريات والمستودع.

تضم المكتبة كذلك قسمًا للكتب النادرة، يعمل على حفظ الكتب النادرة من حيث قدم تاريخ الطبع أو الزخرفة أو الأشكال والصور وغيره، وهناك أقسام أخرى، مثل: البحث والترجمة، والأمن والسلامة، والإهداء والتبادل، والإعارة.

يوجد في المكتبة أيضًا قسم المكتبة الرقمية، ويضم 71 جهاز حاسب آلي، مرتبطة بشبكة داخلية يتم عن طريقها عرض جميع الدروس والكتب والصوتيات في المسجد النبوي.

إدارات مكتبة المسجد النبوي

يضم الهيكل التنظيمي لمكتبة المسجد النبوي عدة إدارات تخدم الزوار، وهي: إدارة الخدمات المكتبية، ووحدة مكتبة الطفل، وإدارة المخطوطات، وإدارة التوريد والتزويد التي تقوم بتوريد الكتب في الحاسب الآلي، وإدارة الخدمات الفنية التي تنفذ سنويًّا: تجليد 12 ألف كتاب، وفرز 7,500 كتاب، وتصوير4,500 كتاب، وطبع حراري 1,100 كتاب، وتغليف 2,000 بطاقة.

ومن بين إدارات المكتبة إدارة المكتبات الخاصة والدوريات، وهي مكتبات العلماء والمشايخ وغيرهم الذين يقومون بوقف مكتباتهم على مكتبة المسجد النبوي، ويبلغ عددها حاليًا 73 مكتبة، أما الدوريات فتضم المجلات والمصنفات والتقارير الدورية وعددها 7,500 دورية.

تشمل الإدارات كذلك: إدارة اللغات والترجمة بالمكتبة، وإدارة خدمات الباحثين، وإدارة المكتبة الرقمية الذكية، وأرشفة الكتب، حيث يتم أرشفة 1.5 مليون ورقة سنويًا، ومعالجة الكتب، والمكتبة الرقمية التي يوجد بها 146 ألف كتاب رقمي، وإدارة العلاقات والبرامج بالمكتبة التي تهتم بالجوانب الإعلامية للإدارة العامة لمكتبة المسجد النبوي.

من أجل توثيق الدور المعرفي لمكتبة المسجد النبوي، أصدرت دارة الملك عبدالعزيز في عام 1443هـ/2022م كتابًا بعنوان "مكتبة المسجد النبوي .. تاريخ ونوادر"، الذي يرصد جانبًا من أنفس وأندر المخطوطات في المكتبة التابعة لرئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، من المصاحف، وكتب علوم القرآن، والسنة وعلومها، والفقه وأصوله، وعلوم اللغة العربية، والفنون الأخرى المتنوعة.

يمثل الكتاب الصادر باللغتين العربية والإنجليزية خلاصة لما تحويه مكتبة المسجد النبوي من محتوى تاريخي، يقدم إحصاءات دالة لمكتبات المدينة المنورة في عصور مختلفة، ولمحة تاريخية من أخبار تلك المكتبات على مدى القرون.