تم نسخ الرابط بنجاح

المسجد الحرام

saudipedia Logo
المسجد الحرام
مقالة
مدة القراءة 35 دقيقة

المسجد الحرام، هو المسجد الذي تتوسطه الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، وهو أقدس بقعة لهم على وجه الأرض، يتجهون إليه ويستقبلونه أينما كانوا عند إقامة الصلاة، وسمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه، يقع في مكة المكرمة، تحت إشراف مباشر من الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وهو أقدم مساجد العالم وأكبرها من حيث المساحة والطاقة الاستيعابية، إذ تبلغ مساحته نحو 1.5 مليون متر مربع، بطاقة استيعابية تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين مصلٍ، كما يستوعب 107 آلاف طائف بالساعة.

أهمية المسجد الحرام

تعد زيارة المسجد الحرام، للقادرين عليها ركنًا من أركان الإسلام نظرًا لارتباطه بشعيرتي الحج والعمرة، ويُضاعف أجر الصلاة فيه بمئة ألف مرة عن غيره من المساجد، كما يضم عددًا من الآثار الدينية كمقام إبراهيم، والحجر الأسود، وبئر زمزم.

موقع المسجد الحرام

يقع المسجد الحرام وسط مكة المكرمة، وتسمى المنطقة المحيطة به المنطقة المركزية، وتشرف عليه الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويتسع لنحو ثلاثة ملايين مصلٍّ،لم يسجل التاريخ إغلاقه في العصر السعودي إلا في حادثة اعتداء جهيمان الإرهابية التي أغلق فيها بشكل كامل مدة أسبوعين عام 1400هـ/1979م للمحافظة على أرواح المصلين،إضافة إلى الإغلاق الجزئي الذي فرضته جائحة كورونا، حفاظًا على صحة المصلين والزائرين عام 1441هـ/2020م.

مساحة المسجد الحرام

تبلغ مساحة المسجد الحرام نحو 1.5 مليون متر مربع، وتصل طاقته الاستيعابية لما يزيد على ثلاثة ملايين مصلٍ، كما يستوعب نحو 107 آلاف طائف بالساعة.

صحن الطواف بالمسجد الحرام في مكة المكرمة. (سعوديبيديا)
صحن الطواف بالمسجد الحرام في مكة المكرمة. (سعوديبيديا)

معمارية المسجد الحرام

يتضمن المسجد الحرام من الداخل صحن المطاف، وما يقع حوله من مقام إبراهيم، وبئر زمزم، والمنبر، والأساطين، والمقامات، وكلها خضعت للعديد من الإصلاحات والتعديلات.

المطاف

هو الفناء المفروش بالرخام الأبيض الذي يحيط بالكعبة المعظمة، ويعرف الآن بالصحن، ويطوف المسلمون فيه حول الكعبة، وسمي بالمطاف نسبة إلى الطواف وهو الدوران حول الكعبة المشرفة، حظي المطاف بعناية واهتمام الخلفاء والملوك والحكام، وكذا عمارته والزيادة فيه، وأول من بلط المطاف عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- لما بنى الكعبة وفرغ من بنائها سنة 64هـ/684م حيث بقيت معه بقية من الحجارة، ففرش بها حول البيت نحوًا من عشر أذرع، وتبعه غيره ففرش باقي المطاف، كما فرشها بالرخام الوليد بن عبدالملك سنة 91هـ/709م وتوالى فرشه وتغييره على مر التاريخ غير مرة.

كان المسجد الحرام فناءً حول الكعبة للطائفين، ولم يكن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- جدار يحيط به، وإنما كانت الدور محدقة به، وبين الدور أبواب يدخل الناس منها من كل ناحية، فلما تولى الخلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكثر الناس، وسَّع المسجد، واشترى دورًا فهدمها، وأدخلها فيه، ثم أحاط عليه جدارًا قصيرًا دون القامة، وكانت المصابيح توضع عليه، فكان عمر أول من اتخذ الجدار للمسجد، ثم لما استخلف عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ابتاع المنازل في سنة 26هـ/647م، ووسع الحرم بها أيضًا، وبنى المسجد والأروقة، فكان عثمان أول من اتخذ للمسجد الحرام الأروقة، وقد وضعت بعد ذلك أعمدة وأساطين حول المطاف؛ لتعليق مصابيح الاستضاءة عليها، وتكون في الوقت نفسه علامة على حد المسجد الحرام الذي كان زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزمن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وما وراء ذلك فهو من الزيادات.

وأما المطاف الجديد بعد توسعة 1388هـ/1968م، فهو على شكل دائرة كاملة الاستدارة، وقطر المطاف 64.8م على اعتبار أن الكعبة مركز القطر، ويحيط به ممران متجاوران على محيط المطاف عرض كل منهما 2.5م، وعلى ارتفاع 20 سم. وبذلك تكون مساحة المطاف 3058م2 حول الكعبة، وفي توسعة عام 1399هـ/1979م، ألغيت الحصاوي والمشايات ونقل المنبر والمكبرية وخفضت فوهة بئر زمزم أسفل المطاف بالقرب من المحيط الخارجي لدائرة المطاف، فأصبحت سعة المطاف إلى حدود الحرم القديم بقطر 95.2م، وأصبحت مساحة المطاف 8500 م2. وفي عام 1424هـ/2003م تم تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف فزاد صحن المطاف بمقدار 400م2.

الرواق السعودي محيطًا بساحة الطواف في المسجد الحرام. (واس)
الرواق السعودي محيطًا بساحة الطواف في المسجد الحرام. (واس)

المنبر، كان الخطباء من الخلفاء والولاة يخطبون بالمسجد الحرام يوم الجمعة قيامًا على الأرض في وجه الكعبة وفي الحجر، حتى كانت سنة 44هـ/664م، إذ قدم معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- من الشام حاجًا وصحبته منبر من خشب ذو درجات ثلاث خطب عليه بالمسجد الحرام، فكان أول من خطب بالمسجد الحرام على منبر، وكان المنبر يجدد كلما تقادم، ولم يزل يُخطب عليه حتى حج هارون الرشيد، فأهدى له عامله على مصر موسى بن عيسى منبرًا من خشب ذا درجات تسع ونقش بديع، فكان منبر المسجد، ونقل الأول إلى عرفة، ثم أمر الواثق العباسي بعمل منبر للمسجد، وآخر لمنى، وثالث لعرفة، ولما حج المنتصر بن المتوكل العباسي في خلافة أبيه جُعل له منبر عظيم، فخطب عليه بمكة، ثم خرج وخلفه بها، وجعل للمسجد بعد ذلك عدة منابر، كان آخرها منبر السلطان سليمان الذي أهداه للمسجد الحرام 966هـ، وهذا المنبر مصنوع من حجر الرخام المرمر البراق الناصع البياض، ويحتوي على 13 درجة، وعلى علوه فوق المصطبة العليا أربع أسطوانات لطاف من المرمر، وعلى علو الأسطوانات الأربع قبة مستطيلة عملت من الخشب القوي، وصفحت بألواح من الفضة مطلية بالذهب الوهاج، وقد مضى على هذه القبة المربعة الشكل 388 سنة ولم يذهب طلاؤها طيلة هذه العصور لكثرة ما طليت به من الذهب، ويبلغ ارتفاع هذا المنبر من أرض صحن المطاف إلى هلال القبة نحو 12 مترًا على التقريب، ولهذا المنبر مزية خاصة، وهي أن الشمس لا تصل إلى موضع الخطيب لا شتاء ولا صيفًا، على اختلاف الفصول، وقد كان الخطباء إذا أرادوا الخطبة في المسجد وضعوا المنبر لصق جدار الكعبة بين الركن الأسود والركن اليماني. فإذا أراد الخطيب أن يخطب استلم الحجر أولاً، ثم دعا وصعد المنبر، وبعد الخطبة كان ينقل المنبر إلى مكانه بجوار زمزم، فلما أهدى السلطان سليمان إلى المسجد الحرام منبره المذكور بقي مكانه، واستمرت الخطبة عليه حتى العهد السعودي، فلما أصبحت توسعة المطاف ضرورة، أزيل كل شيء يعرقل الطواف ومنها المنبر، حيث نقل إلى داخل الرواق العثماني جهة أجياد، وعند خطبة الجمعة ينقل إلى جوار الكعبة، حتى إذا انقضت خطبة الجمعة نقل إلى مكانه داخل الرواق العثماني، وبقي هذا المنبر إلى عام 1400هـ/1980م، حين تحطم أثناء حادثة جهيمان، وبقيت منه بعض الأجزاء التي نقلت إلى معرض الحرمين الشريفين بأم الجود. ثم صنع منبر خشبي جديد في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز مكان الذي تكسر، وبقي يستخدم للخطابة عليه إلى أن تم تنفيذ تصميم منبر جديد للخطابة يتحرك عن بعد بـ"الريموت كنترول"، وهذا المنبر يجمع بين الأصالة المتمثلة بالزخارف الإسلامية والتقنيات المتطورة، وبعد أن تم استخدامه استدركت عليه بعض الملاحظات، وجرى تعديلها، وتم استلامه وتشغيله في أول جمعة من شهر رمضان المبارك لعام 1423هـ/2002م.

المقامات الأربعة، وجدت في المسجد الحرام أربعة مقامات للأئمة الأربعة: أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل ومالك، وهذه المقامات عبارة عن مكان مظلل بسقف تحمله أعمدة، وبه محراب، وكل مقام منها يصلي فيه إمام المذهب، والمقامات الأربعة المذكورة كلها وراء المطاف وخلف بئر زمزم، ولا يعرف على وجه التحديد متى أنشئت هذه المقامات، غير أنه يرجح وجودها في الفترة من 328هـ/940م إلى سنة 488هـ/1095م.

وبقيت المقامات الأربعة حتى صدرت الموافقة الملكية من الملك عبدالعزيز بتوسعة المطاف، وهدم المقامات الأربعة سنة 1377هـ/1958م، فهدم المقام الحنبلي، ثم المالكي، ثم الحنفي، وأخيرًا الشافعي وقد تأخر هدمه لأنه ليس له بناء مستقل وحده، كالمقامات الأخرى، فهو يقع فوق بناء بئر زمزم، فتأخر هدمه حتى بناية بئر زمزم في سنة 1383هـ/1963م.

المصابيح والأساطين، يذكر أن أول من استصبح لأهل الطواف وأهل المسجد الحرام عقبة بن الأزرق بن عمرو الغساني؛ فكان يضع على حرف داره مصباحًا عظيمًا، يضيء لأهل الطواف وأهل المسجد، وكانت داره لاصقة بالمسجد، والمسجد يومئذ ضيق، تحيط به الدور دون جدران له، وفي عهد عبدالملك بن مروان وضع مصباح زمزم مقابل الركن الأسود، وكان عمر بن عبدالعزيز يأمر الناس ليلة هلال المحرم يوقدون النار في فجاج مكة، ويضعون المصابيح للمعتمرين مخافة السرقة، وفي خلافة المأمون 216هـ وضع عمود طويل مقابل مصباح زمزم بحذاء الركن الغربي، فلما ولي مكة محمد بن داود جعل عمودين طويلين، أحدهما بحذاء الركن اليماني، والآخر بحذاء الركن الشامي، فلما ولي هارون الواثق بالله أمر بعمد من شبه طوال عشرة، فجعلت حول الطواف، يستصبح عليها لأهل الطواف، وأمر بثمان ثريات كبار يستصبح فيها، وتعلق في المسجد الحرام في كل وجه اثنتان، وذكر أن أول من استصبح في المسجد الحرام في القناديل في الصحن: محمد بن أحمد المنصوري حيث جعل عمدًا من خشب في وسط المسجد، وجعل بينها حبالا، وجعل فيها قناديل يستصبح فيها، واستمر الأمراء والخلفاء والسلاطين يسرجون قناديل زمزم في المواسم ثم طيلة العام.

باب بني شيبة، هو العقد القائم عند مقام إبراهيم عليه السلام المقابل لباب الكعبة، وقد كان يسمى بباب السلام قبل توسعة المسجد الحرام، ونسب إلى بني شيبة لأنه كان بجوار دار شيبة بن عثمان الحجبي سادن الكعبة المشرفة، وقد أزيل هذا الباب مع ما أزيل من عوائق لتوسعة المطاف في المرحلة الثانية من التوسعة السعودية الأولى والتي كانت من 1381-1389هـ/1962-1969م.

الخط المشير إلى الحجر الأسود، ومن الأشياء التي كانت في صحن المطاف دائرة بداخلها نجمة بحذاء الحجر الأسود، وأخرى بحذاء الركن اليماني، وقد أزيلت الدائرة ووضع بدلها خط يشير إلى الحجر الأسود، وهو في حذاه، وقد وضع علامة على ابتداء الطواف والانتهاء منه، وبعد ذلك رأت الدراسات الخاصة بالطواف أن الطائفين يزدحمون ويتعثرون عند هذا الخط، ورأت أن المصلحة في إزالته، وبالفعل تمت إزالته، وكان في ذلك راحة كثيرة للطائفين حول البيت، وخف الزحام عند الحجر الأسود.

معتمرون داخل المسعى الذي يعد أطول رواق من نوعه في العالم. (واس)
معتمرون داخل المسعى الذي يعد أطول رواق من نوعه في العالم. (واس)

المسعى

هو طريق أو شارع شرق المسجد الحرام، يحده الصفا جنوبًا والمروة شمالاً، والصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد، والمسلمون مأمورون عند أداء نسك الحج أو العمرة بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط بادئين بالصفا، فمن الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، وهكذا سبعة أشواط منتهين بالمروة. 

ظل المسعى على مدى 13 قرنًا ونصف القرن مكانًا مفتوحًا، وكان الذي يريد السعي يرقى على الصفا حتى يرى البيت، ويستقبل القبلة، ويدعو الله عز وجل، ثم يسعى ذاهبًا إلى المروة، وفي طريقه بعد الصفا بقليل، يلقى واديًا فتنصب قدماه في الوادي مهرولاً حتى يتجاوزه، ثم يستمر في سعيه إلى المروة، فإذا وصل المروة يرقى عليها حتى يرى البيت، ويدعو الله عز وجل، حتى خلافة أبي جعفر المنصور حيث قام عامله على مكة عبدالصمد بن علي بن عبدالله بن عباس بإنشاء 12 درجة على الصفا، و15 درجة على المروة؛ وذلك لتسهيل الصعود عليهما، وقد جدد وأصلح هذا الدرج أكثر من مرة على مر التاريخ، وفي عام 1341هـ/1923م، في عهد الشريف حسين بنيت مظلة لشارع المسعى تقي الساعين من حر الظهيرة، ولم يسبق قط أن جعل للمسعى سقف (مظلة)، أما أرضية المسعى فإن أول إصلاح وتسوية لها كان في زمن المهدي الذي زاد في المسجد الحرام من جميع جهاته زيادة كبيرة، وقد دخل في هذه التوسعة جزء من المسعى إلى المسجد الحرام، فسويت أرض المسعى، وردمت بعض المنخفضات بالأتربة والحجارة المتبقية والمتخلفة عن هذه العمارة، ثم ما زال الحكام يصلحون أرض المسعى كلما حصلت مناسبة لذلك، حتى تولى الملك عبدالعزيز الحكم فأمر بتبليط المسعى بالحجارة المربعة في سنة 1345هـ/1926م، وهذه أول مرة يفرش فيها المسعى بالحجارة، وكان قبل ذلك ترابًا يثور الغبار منه، كما جرى تجديد مظلات المسعى على يد الملك عبدالعزيز سنة 1366هـ/1949م، وبلغ عرض السقيفة كلها 20 مترًا ونصف متر، وقبل البدء في التوسعة السعودية التي تمت عام 1375هـ/1956م، تم تفكيك هذه المظلة ثم أعيد تركيبها وظلت حتى عام 1422هـ/2001م، حيث أزيلت تمامًا. 

ولما رأى الملك عبدالعزيز ضيقًا شديدًا على المصلين والحجاج الذين كثر ورودهم عامًا بعد عام، أمر بإجراء الدراسات، ووضع التصاميم لتوسعة المسجد الحرام، فبدئ في وضع التصاميم الأولى لتوسعة المسجد الحرام، وتمت التصاميم في أوائل عام 1375هـ/1956م بعد وفاته في عهد الملك سعود الذي عزم على تنفيذ أوامر والده الملك عبدالعزيز في توسعة المسجد الحرام بادئًا بمشروع بناء المسعى. وفي عام 1376هـ/1957م حدث تصدع في عقد عند المروة، وخشية من سقوطه على الساعين تقرر هدمه، كما هدم البناء الذي على الصفا سنة 1377هـ/1958م، ثم أقيم في سنة 1377-1381هـ/1958-1962م درجٌ جديد على الصفا وآخر على المروة للصعود والنزول منهما، غير أنه استبدل فيما بعد بمزلقان من الرخام المحفور.

ويعتبر المسعى اليوم أطول رواق من نوعه في العالم، وهو مبني من دورين، طوله 394م وعرضه 20م، وقد شيد بالخرسانة المسلحة على شكل بناء ذي هيكل خرساني، وقد أسس هذا الهيكل في مقطع طولي على طبقة الوادي الرملية المتماسكة، وأقسام هذا الهيكل القريبة من تلال الصفا والمروة مؤسسة على صخر ناري. ويبلغ ارتفاع المسعى 11.75م ومجموع أبوابه 16 بابًا. يوجد منها 11 بابًا في الجانب الشرقي مواجهًا شارع القشاشية، والخمسة الباقية في الجانب الغربي بعد باب السلام، وعلى جانبيه حواجز تجعل منه ممرًا مزدوجًا لمرور الكراسي المتحركة التي يستعملها كبار السن والمرضى من الساعين، وجهز المسعى بـ228 شباكًا على جانبيه للتهوية، كما جهز بأجهزة تكييف صحراوية ومراوح؛ لتلطيف جو المسعى. واستعمل الرخام في تبليط الأرضيات، وكسيت الجدران حتى مستوى الشبابيك، وفي المسعى 64 طاقًا (بورتال فريم) تفصل كل واحدة عن الأخرى مسافة خمسة أمتار، والأعمدة التي تحملها غطيت بالرخام والحجر الصناعي. وبلطت منحدرات الصفا والمروة برخام مقسم؛ لكيلا ينزلق الحجاج أثناء السعي، وشيدت قبة فوق الصفا، كما جعل سطح المروة على شكل هرمي، وغطيت بألواح من القرميد نصف الدائري أخضر اللون، وتعتبر إضافة دور علوي إلى الدور الأرضي فكرة استدعتها الضرورة؛ لكي تستوعب الزيادة المطردة في عدد الحجاج، والدور الأول كالدور الأرضي طوله 394م وعرضه 20م، وارتفاع الدور الأول 8.5م، ولكي يرى الحجاج الساعون في الدور الأول ربوتي الصفا والمروة جعل عند نهايته من جهة الصفا شرفة مستديرة، وأخرى مستطيلة عند نهايته من جهة المروة، وهناك سلّمان لكل منهما بسطات تؤدي إلى المسعى، كما بني جسر في نهاية المسعى عند المروة يربطه بشارع القرارة في الشمال، وتبلغ مساحة كل من الدورين 16700 م2.

بئر زمزم

تقع شرق الكعبة المشرفة بصحن المطاف محاذية للملتزم، وهي بئر قديمة العهد ترجع إلى زمن إسماعيل عليه السلام، وماء زمزم هو علم لهذه البئر، ومن أسمائها: زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبدالمطلب، وهي أسماء تتعلق بصفاتها وأصل وضعها، وخلصت الدراسات الحديثة إلى أن بئر زمزم تستقبل مياهها من صخور قاعية من العصور القديمة عبر ثلاثة تصدعات صخرية تمتد من تحت الكعبة المشرفة، ومن جهة الصفا، ومن جهة المروة، وتجتمع في البئر، والبئر في الوقت الحاضر منحرفة ومائلة إلى اتجاه الكعبة إلى حد لا يمكن رؤية فوهة البئر من قاعها، وجدار البئر من الداخل محكم التلييس بعمق 14.80م من فوهة البئر، وتحت هذا العمق يوجد فتحتان لتغذية البئر: إحداهما متجهة إلى جهة الكعبة المشرفة، والثانية إلى أجياد، ثم يأتي جزء منقور في الجبل بعمق 17.20 سم، وهذه الفروق في القياس قليلة جدًّا، وذلك يعود إلى أن البئر الآن تحت سطح المطاف، بينما في السابق كانت فوق سطح أرض المطاف وعليه كان القياس.

عني الخلفاء والملوك والحكام على مر العصور ببئر زمزم عناية كبرى، فقاموا بعمارتها، وأدخلوا عليها من التحسينات ما يليق بمكانتها، وأول من عمل الرخام على زمزم وعلى الشباك وفرش أرضها بالرخام أبو جعفر المنصور، وتوالت من بعده التصليحات والتحسينات حتى العهد السعودي، إذ أمر الملك عبدالعزيز بتركيب مضخة تضخ ماء زمزم إلى خزانين علويين من الزنك، ووُصِّل بكل خزان 12 صنبورًا موزعة حول البئر، حيث كانت تُستخدم الدلاء لاستخراج ماء زمزم من البئر، ثم أزيلت المباني المقامة على البئر، وفي سنة 1382هـ/1962م صدر الأمر السامي من الملك سعود بتوسيع المطاف، فخفضت فوهة البئر أسفل المطاف في قبو عمقه 2.7م، يتم النزول إليه بدرج ينقسم إلى قسمين: أحدهما للرجال، والآخر للنساء، وبهذا تكون انتهت مرحلة الدلاء نهائيًا، واستبدلت بالصنابير عام 1383هـ/1963م، وفي عام 1399هـ/1979م صدر أمر الملك خالد بتنظيف بئر زمزم على أحدث الطرق وأتم وجه بواسطة غواصين متمرسين، وكان هذا العمل من أعظم أعمال التنظيف في تاريخ بئر زمزم، ونتج عنه أن فاضت البئر بفضل الله بماء أغزر مما كان بكثير، وفي عهد الملك فهد ارتأت الدراسات الخاصة بالمسجد الحرام ضرورة تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف الذي يكتظ في فترات الزحام بالمعتمرين والحجاج، وتسهيلاً عليهم وحفاظًا على سلامتهم؛ تم ذلك بتسقيف مداخل القبو المؤدية للبئر، وتنحية نوافير الشرب إلى جانب صحن المطاف، حيث أدت هذه الأعمال إلى زيادة صحن المطاف بمقدار 400 متر مربع مما أدى إلى استيعاب أكبر عدد من المصلين، وسهل حركة الطواف حول الكعبة، ووضعت المشربيات بقسميها (الرجال والنساء) تحت الأروقة الجديدة التي تم إنشاؤها ضمن أعمال مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام. 

يذكر أن ماء زمزم أصبح متاحًا في كل أنحاء الحرم المكي الشريف من خلال البئر نفسها، وبواسطة حافظات موزعة بشكل متناسق في كل أنحاء الحرم يصل عددها إلى أكثر من 27 ألف حافظة تزيد في المواسم،إضافة إلى أكثر من 550 من المشربيات المنتشرة في الحرم والساحات المحيطة به، حيث وصل عدد الصنابير بها إلى 3 آلاف صنبور،إضافة إلى مجمعات زمزم خارج الحرم لملء الجوالين، حيث تضخ البئر ما بين 11 إلى 18.5 لترًا في الثانية، وتبرد مياه زمزم بمحطة التبريد الموجودة مقابل باب الفتح التي تم إنشاؤها عام 1404هـ/1984م،ويعد مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم الذي تم تدشينه عام 1431هـ/2010م في منطقة كُدَيّ نقلة نوعية لواقع خدمة مياه زمزم وتلبية للطلب المتزايد عليها، وقدم المشروع خدماته لأكثر من 18 مليون مستفيد منذ إنشائه، وتتولى إدارة سقيا زمزم بالمسجد الحرام منذ إنشائها عام 1400هـ/1980م، الإشراف على بئر زمزم وتوفير مياه زمزم المبردة والعادية في الحافظات، وتعمل على نظافتها، وتزويدها بما يلزم من الأكواب البلاستيكية، كما تقوم بنظافة وغسيل المشربيات والأكواب المعدنية ومتابعة درجة البرودة في المشربيات، وحرصًا على نظافة مياه زمزم وخلوها من الملوثات أمَّنت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مختبرًا لتحليل مياه زمزم يتولى الإشراف على جميع مراحل تعقيم مياه زمزم، وكذا متابعة ملء سيارات الصهاريج الناقلة لمياه زمزم والمخصصة للمسجد النبوي الشريف، حيث يزود المسجد النبوي بمياه زمزم على مدار الساعة من محطات التعبئة في كدي، ويتم تعقيم مياه زمزم بالأشعة فوق البنفسجية دون إضافة أي مواد كيماوية، ويصل مستوى التعقيم من البكتيريا والفيروسات إلى نسبة 99.77%، والكيلو واط الواحد من الكهرباء يقوم بتعقيم 12 ألف جالون من الماء، ومن مميزات طريقة التعقيم هذه ضمان عدم تغير لون ماء زمزم أو طعمه أو رائحته.ويمر ماء زمزم بمجموعة من الإجراءات الصحية والوقائية بدءًا من ضخ المياه من بئر زمزم في دائرة مغلقة عبر فلاتر تحجز الرمال والشوائب، ومواسير لا تصدأ "استانليس استيل".

مقام إبراهيم محاطًا بزوار المسجد الحرام. (سعوديبيديا)
مقام إبراهيم محاطًا بزوار المسجد الحرام. (سعوديبيديا)

مقام إبراهيم

هو ذلك الحجر الأثري الذي قام عليه إبراهيم -عليه السلام- عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء، ومن فضائله أن الله تعالى أمر المسلمين باتخاذه مصلى في الحج والعمرة، ورد وصفه لدى المؤرخ باسلامة: "وأما صفة حَجَر المقام، فهو حجر رخْو من نوع حجر الماء، ولم يكن من الحجر الصوان، وهو مربع على وجه الإجمال، ومساحته ذراع يد في ذراع يد طولاً وعرضًا وارتفاعًا، أو نحو 50 سنتيمتر في مثلها طولاً وعرضًا وارتفاعًا، وفي وسطه أثر قدمي إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وهي حفرتان على شكل بيضوي مستطيل، وقد حفرهما الناس بمسح الأيدي ووضع ماء زمزم فيها مرات عديدة، فنتج من كثرة مرور الأيدي في أثر القدمين واستبدال موضعهما حفرتان، كما دل على ذلك الروايات"، بقي مقام إبراهيم ملاصقًا لجدار الكعبة المشرفة، حتى عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث أخره عن جدار الكعبة، وظل محط اهتمام الخلفاء والملوك، وأول من حلّاه الخليفة المهدي سنة 160هـ الذي أمر بتضبيبه بالذهب، وقد جدد أكثر من مرة خلال عدة قرون، وجرى نقل مقام إبراهيم إلى الخلف في عهد الملك فيصل عام 1387هـ1967م، للتوسيع على الطائفين، بعد موافقة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، حيث هدم البناء القائم على المقام، وجعل في غطاء مقبب من البلور الشفاف (كريستال)؛ ليسهل من خلاله رؤية حَجَر المقام وآثار قدمي إبراهيم عليه السلام، وعلى البلور شبكة معدنية مذهبة أعلاها قبة صغيرة وهلالاً على رأسها، وكل ذلك على قاعدة بيضاوية من الخرسانة المسلحة المكسوة بالرخام الأسود، وأعيد ترميمه في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز عام 1417هـ/1996م، فاستبدل الهيكل المعدني بآخر مصنوع من نحاس ذي جودة عالية، كما ركب شبك داخلي مطلي بالذهب، واستبدل كساء القاعدة الخرسانية المصنعة من الجرانيت الأسود بأخرى من رخام كرارة الأبيض المحلى بالجرانيت الأخضر؛ ليماثل في الشكل رخام الحِجِر، فأصبح محل المقام انسيابيًا بعد أن كان مضلعًا.

الكعبة المشرفة بالمسجد الحرام

بناء الكعبة المشرفة

الكعبة المشرفة هي أول بيت وضع للناس، لقوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، وقد اختلف المؤرخون في أول من بناها، لكن الراجح أنها بنيت قبل آدم عليه السلام، وأن الملائكة هم الذين قاموا بتشييد أول بناء لها، وشيدوه تحت مركز العرش بعد البيت المعمور، وهي البناء الشامخ الذي يقع في منتصف الحرم المكي الشريف، وهي قبلة المسلمين، ومحط أنظارهم، وقد تعاقب على السكنى بجوار الكعبة أقوام مختلفون، منهم العمالقة، وجرهم، وخزاعة، وقريش وغيرهم، وكانت الكعبة لديهم موضع إجلال، وخدمتها فخر وتشريف، حتى أتى الإسلام فزاد في تشريفها، وحث على تعظيمها. وقد أعيد بناء الكعبة عدة مرات على مر الزمان، ومن ذلك أن قريشًا أعادت بناء الكعبة وتركت جزءًا منها تابعًا للحجر؛ حيث قصرت بهم النفقة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يعيد بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام بأن يدخل الجزء الذي تركوه خارجها، وأن يجعل لها بابين لاصقين بالأرض، غير أن ذلك لم يتحقق حتى سنة 64هـ حين كان عبدالله بن الزبير حاكمًا للحجاز، حيث بنى الكعبة على ما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي عام 74هـ/693م أمر الخليفة عبدالملك بن مروان بأن يعاد بناء الكعبة على البناء الأول الذي بنته قريش، فبقيت على بنائها حتى عام 1040هـ/1631م، حيث هدمت السيول الجدار الشامي من الكعبة وأجزاء من الجدار الشرقي والغربي، فاتفق العلماء على هدم ما بقي من الجدران، وأمر السلطان مراد خان بالهدم وإعادة الإعمار، ولم تحتج بعدها الكعبة إلى الهدم وإنما تصليحات وترميمات، حتى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز حيث لوحظ التلف في بعض أجزاء الكعبة المصنوعة من الخشب، والسقف وبعض الأعمدة الخشبية، فأمر بترميمها ترميمًا كاملًا من داخلها وخارجها عام 1417هـ/1996م. 

تفاوت المؤرخون في تحديد أبعاد الكعبة، ومرد الاختلاف اختلاف الأذرع، وما بين ذراع اليد وذراع الحديد من فرق، وهما يتفاوتان، وآخر ذرع للكعبة قام به مركز أبحاث الحج في جامعة أم القرى، وكان كالآتي: من الركن الأسود إلى الركن الشامي 11.68م، وفيه باب الكعبة، ومن الركن اليماني إلى الركن الغربي 12.04م، ومن ركن الحجر الأسود إلى الركن اليماني 10.18م، ومن الركن الشامي إلى الركن الغربي 9.90م.

تسميات الكعبة المشرفة

عرفت الكعبة الشريفة بالعديد من الأسماء التي تدل كثرتها على شرف المسمى، ومن ذلك تسميتها الكعبة لتكعيبها، وسميت: بَكَّة (بالباء الموحدة)، لأنها تبك أعناق الجبابرة، وقيل غير ذلك، وسميت: البيت الحرام لقوله تعالى: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" كما سميت: البيت العتيق، واختلف في معنى البيت العتيق؛ فقيل: لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة، فلم ينله جبار قط أو لم يقدر عليه جبار، وقيل غير ذلك. ومن مسمياتها: البنية (بباء موحدة ونون وياء مثناة من تحت مشددة) وكانت تدعى بنية إبراهيم عليه السلام؛ لأنه بناها، وكثر قَسَمُهم برب هذه البنية، ومنها: الدُّوَّار (بضم الدال المهملة وفتحها وتشديد الواو وبعدها ألف وراء مهملة)، ومن أسمائها: المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: "فول وجهك شطر المسجد الحرام"، والمراد به الكعبة، ومن التسميات قادس، ونادر، والقرية القديمة.

توصيف الكعبة المشرفة من الداخل 

الكعبة المشرفة من الداخل عبارة عن بناء مستطيل مصمت دون نوافذ، وبداخلها ثلاثة أعمدة تحمل سقف الكعبة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب، وهي بنية اللون تميل إلى السواد قليلاً، ومحيط كل عمود منها 150 سم تقريبًا، وبقطر 44 سم، ولكل منها قاعدة مربعة خشبية منقوشة بالحفر على الخشب، إضافة إلى ثلاثة أطواق للتقوية. وترتفع إلى السقف الأول الذي يلي الكعبة المشرفة ولا تنفذ من هذا السقف إلى السقف الأعلى الذي يلي السماء، ولكن جعلت عدة أخشاب بعضها فوق بعض على رؤوس هذه الأعمدة الثلاثة من داخل السقفين إلى أن تصل إلى السقف الأعلى، فتكون هذه الأعمدة بهذه الصفة حاملة للسقفين، وهي من وضع عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، عام 64هـ/684م.

يبلغ طول الجدار الذي به بابها 225 سم، وعلى يمين الداخل إلى الكعبة (في الركن الشامي) الدرج المؤدي إلى السطح، وفي آخره قبل الوصول إلى السطح بابان صغيران، كلاهما يدخل إلى ما بين سقفي الكعبة المشرفة، ومسافة ما بين السقفين 120 سم، وينتهي الدرج عند السطح بروزنة (منور) مغطاة بغطاء محكم؛ منعًا لدخول المطر، يرفع إلى الأعلى عند الصعود إلى السطح، أما أرضية الكعبة فمغطاة برخام ملون يغلب عليه اللون الأبيض، كما يغطي جدرانها الداخلية رخام ملون منقوش بنقوش صغيرة، وعلى جدرانها وسقفها ستارة من الحرير الأحمر الوردي منسوج عليها بالأبيض الشهادتان وبعض أسماء الله الحسنى. وبداخل الكعبة تسعة أحجار من الرخام، "مكتوبة بالخط الثلث بالحفر على الحجر، إلا حجرًا واحدًا فإنه مكتوب بالخط الكوفي البارز، وحروف الكلمات على هذه اللوحة تتكون من قطع من الرخام الملون الثمين، ملصقة بعضها إلى جانب بعض على قاعدة الخط الكوفي المربع، وكل هذه الأحجار مكتوبة بعد القرن السادس للهجرة"، كما وضعت وثيقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، محفورة على لوح رخام في الحائط الشرقي بين باب الكعبة المشرفة وباب التوبة؛ يشار فيها إلى تاريخ ترميمه الشامل لبناء الكعبة المشرفة، وبذلك صار عدد الأحجار المكتوبة في باطن الكعبة المشرفة عشرة أحجار كلها من الرخام الأبيض، وكل هذه الرخامات مرتفعة عن رخام أرض الكعبة بمقدار 144 سم ماعدا الحجر الموضوع فوق عقد باب الكعبة المشرفة من الداخل فإنه يرتفع بأكثر من مترين.

مناسبات فتح الكعبة

لغسلها من الداخل: تُغسل الكعبةُ من الداخل مرة واحدة كل عام في الخامس عشر من شهر محرم، ويشرفُ بذلك خادم الحرمين الشريفين أو من ينوب عنه، بحضور رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ونائبه لشؤون المسجد الحرام وعدد من سفراء الدول الإسلامية، ورؤساء بعثات الحج وغيرهم من كبار المسئولين.

فتحها لبعض الرؤساء: يأتي إلى المملكة العربية السعودية بعض زعماء الدول الإسلامية ومسئوليها الكبار من الوزراء وغيرهم في مهمات رسمية وغير رسمية، ويصلون المسجد الحرام حجاجًا وعمَّارًا، فيستقبلهم كبار المسؤولين بالهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد تفتح لهم الكعبة المشرفة، تكريمًا لشأنهم، وتقديرًا لمكانتهم؛ لأنهم يمثلون المسلمين في بلدانهم، فيصلون فيها أسوة برسول الله ﷺ. 

قفل باب الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)
قفل باب الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)

باب الكعبة المشرفة 

يقع في الجهة الشرقية منها، ويرتفع عن الأرض من الشاذروان 222 سم، ويبلغ طوله 318 سم وعرضه 171 سم، وبعمق نصف متر، ولم يجتمع المؤرخون على أول من وضع بابًا للكعبة، لكن أرجح ما قيل أن تُبَّعًا الثالث أحد ملوك اليمن المتقدمين على البعثة النبوية بزمن بعيد هو أول من جعل للكعبة المشرفة بابًا ومفتاحًا، وعند إعادة بنائها على يد قريش جعلت له بابًا بمصراعين، وقد اختلفت الأبواب التي وضعت للكعبة على مر الزمن في صفتها ومادتها وشكلها، غير أن آخر الأبواب كان في العهد السعودي (وهو الموجود حتى الآن)، فقد صنع (هو وباب التوبة وهو باب السلم المؤدي إلى سطح الكعبة) بأمر من  الملك خالد بن عبدالعزيز من الذهب الخالص، وبلغ ما أنفق في صناعة البابين 13,420,000 ريال، عدا كمية الذهب التي تم تأمينها بواسطة مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي حاليًا)، وكميتها 280 كجم،وكان الذهب ذهبًا خالصًا بدرجة 999.9%،واستغرق صنعه 12 شهرًا.

صنع الباب في ورشة خاصة أنشئت خصيصًا لهذا الغرض، واستخدم في صناعته أحدث الطرق الفنية، وفيما يتعلق بتزيينه، فقد اختيرت الزخرفة من أنواع متجانسة أهم عناصرها هي زخرفة الإطار البارز، وهي الزخرفة التي تستمر في مستوى مكان القفل، حيث تعطي له الأهمية اللازمة؛ لأن قفل الكعبة المشرفة له ميزة خاصة في الشكل التراثي والوظيفي، كما أضيفت في الزاويتين العلويتين زخارف متميزة لإبراز شكل قوس يحيط بلفظ الجلالة الله ﷻ واسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآيات القرآنية الكريمة: (ادخلوها بسلام آمنين)، (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا)، (كتب ربكم على نفسه الرحمة)، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)، يلي ذلك حشوتان على شكل شمسين مشرقتين في وسطهما لفظ الشهادتين، على شكل برواز دائري، وقد ثبتت على أرضية الحشوتين العلويتين حلقتا الباب اللتان تشكلان مع القفل وحدة متجانسة شكلاً ونسقًا، وكتب تحت الحشوتين العلويتين الآية الكريمة: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم). أما الحشوتان اللتان تحت القفل؛ فقد كتبت في وسطهما سورة الفاتحة على شكل قرصين بارزين، كما صممت الجوانب بطريقة فنية ومثبتة حسب التصميم الزخرفي بعد مراعاة اللوحات الدائرية البارزة التي تحمل أسماء الله الحسنى، وعددها 15: فوق الباب: يا واسع يا مانع يا نافع، وعلى الجانب الأيمن: يا عالم يا عليم يا حليم يا عظيم يا حكيم يا رحيم، وعلى الجانب الأيسر: يا غني يا مغني يا حميد يا مجيد يا سبحان يا مستعان.

قفل ومفتاح باب الكعبة المشرفة

تعددت أقفال الكعبة ومفاتيحها بتعدد الخلفاء والأمراء والسلاطين، ويعود أقدم قفل عثر عليه إلى القرن الثاني أو الثالث من الهجرة، وكان مصنوعًا من الخشب، وعليه كتابات مكفتة بأسلاك من القصدير والرصاص، فيما صنعت المفاتيح والأقفال من بعده من مادة الحديد، وقد كانت الكتابات عليها مكتوبة بالذهب أو الفضة بطريقة التكفيت، وآخر أقفال ومفاتيح الكعبة المشرفة صنع في العهد السعودي بأمر الملك خالد بن عبدالعزيز، وهو الموجود حتى الآن، أما صفة القفل فطويل، مضلع بستة أضلاع، مصنوع من الحديد طوله 38 سم، وعرض كل ضلع من أضلاعه الستة 3 سم، فيكون محيط أضلاعه 18 سم، وفي كل ضلع من أضلاعه الستة قطعة رقيقة من النحاس الأصفر طولها نحو 8 سم، وعرضها نحو 2 سم، مكتوب بالحفر في كل منها بالخط الثلث مجموعة من الآيات والعبارات، أما مفتاح هذا القفل فوصف شكله "طويل يشبه يد الهاون من طرفيه، أما ما بينهما فَغِلَظه كغلظ الأصبع الصغير (أي البنصر) وطول المفتاح 40 سم، وربما نقص نصف سنتيمتر فقط، ورأسه دائرية كشق الرحى، وقطر دائرة الرأس 3.5 سم،​ وسمكها أي غلظها 1 سم، ورأس المفتاح مشقوق ثلاثة شقوق متساوية".​

الميزاب 

هو الجزء المثبت على سطح الكعبة في الجهة الشمالية، والممتد نحو الحِجْر، ويعمل على تصريف المياه المتجمعة على سطح الكعبة عند سقوط الأمطار أو غسل السطح إلى حجر الكعبة، وأول من وضع ميزابًا للكعبة المشرفة قريش حين بنتها وجعلت لها سقفًا، وكذلك فعل عبدالله بن الزبير حين أعاد بناءها وكذلك الحجاج في عهد عبدالملك بن مروان، غير أن أول من جعل عليه الذهب الوليد بن عبدالملك، وقد تبدل هذا الميزاب على مر التاريخ، والموجود الآن هو ميزاب السلطان عبدالمجيد خان، وجرى إصلاحه وترميمه مع ترميم سطح الكعبة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، وهو مصنوع من الفضة الخالصة، ومطلي من كل جوانبه بالذهب الخالص، وهو على شكل مستطيل مكتوب على جوانبه تاريخ صنعه وتجديده بخط الثلث، وتم استبداله في الترميم الشامل للكعبة المشرفة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بآخر على نفس مواصفاته، حيث يبلغ طوله 258 سم مما هو داخل في جدار الكعبة، وعرض بطنه 26 سم، وارتفاع كل من جانبيه 23 سم، ودخوله في جدار السطح 58 سم.

الحجر الأسود ويقع في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)
الحجر الأسود ويقع في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)

الحجر الأسود 

يوجد في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج، وهو مبدأ الطواف ومنتهاه، ويرتفع عن الأرض مترًا ونصف المتر، وهو أسود اللون ومجوف، يحيط به إطار من الفضة الخالصة صونًا له، ويظهر مكان الحجر بيضاويًّا، ويظهر منه الآن ثماني قطع صغيرة مختلفة الحجم، أكبرها بقدر التمرة الواحدة، وأما باقيه فإنه داخل في بناء الكعبة المشرفة، والسواد هو على الظاهر من الحجر، أما بقية جرمه فهو على ما هو عليه من البياض، وقد وضع الحجر الأسود في موضعه من الكعبة المشرفة بعد بنائها من قبل قريش وقبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وبقي في مكانه حتى الحريق العظيم في حادثة حصار عبدالله بن الزبير (رضي الله عنهما) حيث تصدع الركن فشده ابن الزبير بالفضة. 

ومن فضائل ما ذكر عن الحجر الأسود: أن جبريل هو من جاء به إلى إبراهيم عليهما السلام من السماء؛ ليوضع في مكانه من البيت، ​فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "نزل الحجر الأسود وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم" رواه الترمذي وحسنه، وجاء عن عمر رضي الله عنه "أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك". رواه البخاري.

وقد تعرض الحجر الأسود لعدد من الحوادث من أشهرها اقتلاعه وسرقته في حادثة القرامطة سنة 317هـ/929م، حيث ظل مكانه خاليًا ما يقارب 22 عامًا، قبل أن يردوه إلى مكة ويعيدوه مكانه سنة 339هـ/950م، وفي سنة 363هـ/974م، جاء رجل رومي من أرض الروم بمعول عظيم من الفولاذ الصلب، فضرب الركن ضربة شديدة حتى خفته الخفتة التي فيه، وأراد أن يضربه ثانية غير أن رجلًا اعترضه وقتله، وفي سنة 414هـ/1023م، جاء رجل من مصر بسيف ودبوس وتوجه إلى الحجر الأسود فضربه ثلاث ضربات بالدبوس، فاعترضه رجل وقتله، وثارت بعدها فتنة بين جماعته والموجودين في الحرم، وفي سنة 1351هـ/1932م، جاء رجل فارسي من بلاد الأفغان فاقتلع قطعة من الحجر الأسود، وقطعة من قماش الكعبة، وقطعة فضة من مدرج الكعبة، فشعر به حراس المسجد الحرام فعوقب بالإعدام، وكلف فريق من الأخصائيين لإعادة تركيبه فصنعوا مركبًا كيماويًّا مضافًا إليه المسك والعنبر لتثبيت تلك القطعة، ثم أخذ الملك عبدالعزيز قطعة الحجر الأسود بيده، ووضعها في محلها تيمنًا، بحضور سدنة الكعبة ومجموعة من الأعيان، وأثبتها الأخصائيون إثباتًا محكمًا.​​

الملتزم وهو المنطقة الواقعة بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)
الملتزم وهو المنطقة الواقعة بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة. (سعوديبيديا)

الملتزم

هو مكان الالتزام من الكعبة فيما بين الحَجَر الأسود وباب الكعبة المشرفة، وسمي بالملتزم لأن الناس يلزمونه ويدعون الله عنده، كما ورد في الآثار الصحيحة عن الصحابة (رضي الله عنهم)، أن الملتزم هو تلك المنطقة التي بين الحَجَر الأسود وباب الكعبة، ويسن وضع الخد وبسط اليد وإلصاق الوجه والصدر في هذا الموضع من البيت؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية "وإن أحب أن يأتي الملتزم وهو ما بين الحَجَر الأسود والباب، فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه، ويدعو، ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع، فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة".

الحِجر 

هو الحائط الواقع شمال الكعبة المشرفة على شكل نصف دائرة، ويبلغ طوله من وسط التدويرة من جداره الداخلي إلى جدار الكعبة الخارجي الشمالي ثمانية أمتار وستة وأربعين ونصف سنتيمتر، ​​وسمي حِجْرًا؛ لأن قريشًا في بنائها تركت من أساس إبراهيم عليه السلام لقصور النفقة، وحجرت على الموضع، ليعلم أنه من الكعبة.​ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها "إن قومك استقصروه من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي ما تركوه، فأراها قريبًا من سبعة أذرع" رواه مسلم. ولما كان عبدالله بن الزبير حاكمًا لمكة المكرمة أعاد بناء الكعبة على ما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأدخل في بناء الكعبة ما تركته قريش مما كان من أساسات إبراهيم عليه السلام، ​​فلما قُتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبدالملك بن مروان بأن ابن الزبير وضع البناء على أسٍّ نظر إليه العدول من أهل مكة، فأمر عبدالملك أن يهدم ما بناه ويرد على بناء قريش. 

وأول من رخم الحجر هو أبو جعفر المنصور، وكان قبلها مبنيًا بالحجارة، وجدد رخامه مرات عدة على مر التاريخ، كما جدد في العهد السعودي مرتين الأولى سنة 1397هـ/1977م حيث عمر تعميرًا غاية في الإتقان، وفرشت أرضه بالحجر البارد الذي جلب من اليونان، كما هو في أرض المطاف، وجعل على جداره ثلاثة فوانيس معدنية، تضاء بالكهرباء، وفي سنة 1417هـ/1996م بعد الترميم الشامل للكعبة المشرفة الذي تم في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز استبدل رخام  جدران وأرضية الحجر برخام جديد، وأعيدت الفوانيس إلى موقعها السابق، وتم عمل حاجز من الحبال لمدخل الحجر متين القوام، منمق الشكل يتناسب مع مكانة الحجر وتعظيمه، ويفتح الحاجز بصورة دائمة، ويغلق عند الحاجة فقط.

الركن اليماني 

"هو ركن الكعبة المشرفة الجنوبي الغربي، ويوازي الركن الجنوبي الشرقي الذي يوجد به الحجر الأسود، وهو يسبق الحجر الأسود في الطواف، ويسمى بالركن اليماني؛ لأنه باتجاه اليمن"، ومن مميزاته أنه على القواعد الأولى للبيت التي رفعها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ومن السنة أن يستلم الطائف الركن اليماني بيده في كل طوفة، ولا يقبله، فإن لم يتمكن من استلامه، لم يشرع له الإشارة إليه بيده. ويقول بينه وبين الحجر الأسود "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، ومن فضائله: ما جاء عن ابن عمر (رضي الله عنهما)، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا". رواه أحمد بإسناد صحيح.

سدنة الكعبة المشرفة 

سدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشؤونها وفتح بابها وإغلاقه، وتعرف أيضًا بالحجابة، ويسمى القائمون على شؤون الكعبة المشرفة بالسدنة، وكانت السدانة بيد إسماعيل عليه السلام، حيث تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم عليهما السلام، وبقي بجوار بيت الله الحرام يقوم على خدمته، واستمرت السدانة مع أبناء إسماعيل عليه السلام حتى اغتصبها منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ومن بعدها خزاعة، ثم استردها قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل عليه السلام (وهو الجد الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم) ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبدالدار، ثم صارت في بني عبدالدار جاهلية وإسلامًا، ولم تزل السدانة في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة، وعند فتح مكة دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن طلحة، فقال ائتني بالمفتاح، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فدفعه إليه، ففتح الباب ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وبعد أن خرج -صلى الله عليه وسلم- من الكعبة أعطى المفتاح لعثمان بن طلحة وقال: خذوها يا بني أبي طلحة (أي السدانة) خالدة تالدة لا يظلمكموه إلا كافر، وقد مات عثمان ولم يعقب، فصارت إلى ابن عمه شيبة بن عثمان، ولا تزال في يد ولده إلى الآن.

مرافق المسجد الحرام 

كلية الحرم المكي الشريف 

هي كلية، تعنى بتقديم تعليم شرعي أكاديمي متميز في المسجد الحرام، بتدريس نخبة من الكفاءات العلمية، وباستخدام تقنيات التعليم الحديث، وتفعيل الشراكات المؤسسية والمشاركات المجتمعية، ولها خمسة أقسام هي: قسم الشريعة، وقسم القرآن وعلومه، وقسم السنة وعلومها، وقسم العقيدة، وقسم اللغة العربية. وتهدف الكلية إلى عمارة المسجد الحرام بتدارس العلم الشرعي، وتأهيل طلبة علم متخصصين في العلوم الشرعية، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، وإقامة الروابط العلمية والثقافية مع الجامعات والمؤسسات العلمية في العالم وتوثيقها لخدمة الإسلام.

معهد الحرم المكي الشريف  

صرح تعليمي بالمسجد الحرام أنشئ في عام 1385هـ/1965م، بأمر من الملك فيصل بن عبدالعزيز، يعنى بتدريس العلوم الشرعية، ويمنح خريجيه في جميع المراحل (المتوسط، الثانوي، العالي) شهادات معتمدة من وزارة التعليم في المملكة، ويهدف إلى عمارة المسجد الحرام بتدارس العلم الشرعي، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، وتيسير طرق العلم، وإعداد طلبة علم مؤصلين وعلماء مؤثرين.

أقسام الكتب في مكتبة الحرم المكي الشريف. (واس)
أقسام الكتب في مكتبة الحرم المكي الشريف. (واس)

مكتبة المسجد الحرام

تعد من أقدم المكتبات في العالم الإسلامي، حيث أنشئت في القرن الثاني الهجري في بداية العصر العباسي عام 160هـ/777م تقريبًا، وترجع تسميتها لعام 1357هـ/1938م، حين أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بتشكيل لجنة من علماء مكة المكرمة لدراسة أوضاعها، حيث أطلق عليها حينها اسم مكتبة الحرم المكي، وظلت المكتبة تابعة لوزارة الحج والأوقاف (وزارة الحج والعمرة حاليا) حتى عام 1385هـ/1965م؛ حيث ضمت للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي (الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حاليا) لتصبح مكتبة عامة تقدم خدماتها لطلاب وطالبات العلم.وتنقلت المكتبة في عدة مواقع حتى استقرت بمبناها في بطحاء قريش في مكة المكرمة، وتضم أقسامًا مختلفة، منها: قاعة الشيخ ناصر الراشد للاطلاع والقراءة، وتحتوي على أكثر من 200 ألف كتاب ومجلد عربي، وتضم قاعة الشيخ سليمان عبيد للدوريات والمجلات ما يقارب 14899 مجلة علمية قديمة وحديثة، وما يقارب 714 عنوانا، ويضم قسم المخطوطات 7525 مخطوطة ورقية، وأكثر من 900 ألف مخطوط رقمي، أما قسم المكتبات الخاصة فيضم مجموعات المصادر المعلوماتية النادرة والحديثة من المكتبات الوقفية، ويحتوي قسم الصحف على ما يقارب 4443 صحيفة قديمة، ويعد قسم التزويد البوابة الأساسية للمكتبة التي من خلالها توفر كل ما تحتاجه المكتبة، ويثري قسم الإهداء والتبادل المكتبة من خلال تبادل مصادر المعلومات مع الأفراد والمؤسسات العلمية، ويضطلع قسم التجليد والتعقيم والترميم بمعالجة الكتب والمخطوطات التالفة وإعادة تجليدها، ويعد قسم الفهرسة والتصنيف مفتاحًا لتسهيل عملية الحصول على المصادر المعلوماتية وتلبية لخدمات المستفيدين، أما قسم التصوير فيهتم بتصوير المخطوطات والكتب النادرة ومعالجتها رقميًا لحفظها من التلف عن طريق الأجهزة الرقمية وأجهزة الميكروفيلم، ويركز قسم البرامج العلمية على تقديم البرامج والأنشطة العلمية للمكتبة، أما القسم الإلكتروني فيلبي احتياجات المستفيدين من خلال توفير مصادر معلوماتية إلكترونية، ويهتم قسم الكتب النادرة بنوادر الكتب التاريخية، وتهدف المكتبة إلى تعزيز رسالة الحرمين الشريفين العلمية والدعوية، ونشر الثقافة الإسلامية لقاصدي الحرم المكي الشريف من جميع أنحاء العالم.

أعمال التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة. (سعوديبيديا)
أعمال التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة. (سعوديبيديا)

جهود المملكة العربية السعودية في العناية بالمسجد الحرام

الخدمات في العهد السعودي

تتوفر في المسجد الحرام 77 خدمة للزوار، ضمنها: نظام الملاحة الإلكتروني لمعرفة الجهات والمرافق، وشحن هواتف الزوار والمعتمرين، وخدمات ترجمة الخطب، ومصاحف برايل لأصحاب الإعاقة البصرية، وعربات كهربائية لكبار السن، ومرشدون للإجابة عن أسئلة المعتمرين ومواقع مخصصة للتائهين، ومكاتب للمفقودات، ومراكز صحية، ومستشفى مخصص للزوار والمعتمرين.

التوسعات في العهد السعودي

تعد التوسعة السعودية للمسجد الحرام بداية مشاريع توسعة الحرم التي توقفت لأكثر من عشرة قرون، وتعد الأعظم عبر التاريخ. بدأ اهتمام الدولة السعودية بالحرم من خلال توجيهات الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1344هـ/1925م، بتوسعة المسجد الحرام، واستمرت في عهد أبنائه الملوك في ثلاث توسعات كبرى، جاءت على النحو الآتي: 

 التوسعة السعودية الأولى

- في عهد الملك عبدالعزيز 

أولى الملك عبدالعزيز منذ توليه الحكم ودخوله مكة المكرمة عام 1343هـ/1925م،عناية بالغة بالمسجد الحرام، حيث أمر بالبدء في ترميم المسجد الحرام عام 1344هـ/1926م، ترميمًا كاملًا، وترخيم عموم المسجد، وفي عام 1345هـ/1927م أمر بوضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حر الشمس، وفي عام 1346هـ/1928م أمر بإصلاح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، وشاذروان الكعبة المعظمة، وفي العام نفسه أمر بعمل مظلات قوية ثابتة على حاشية صحن المطاف، فصنعت من الخشب الجاوي وكسيت بالقماش الثخين الأبيض، وأضيفت مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، كما أمر بتأسيس أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة، وخلال الفترة من 1345-1346هـ/1927- 1928م جرى تبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وبني بالنورة، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يرصف فيها هذا الطريق، كما أمر بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، وأمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم، وفي سنة 1354هـ/1935م، أمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة، وترميم وترخيم عموم المسجد، وتجديد الألوان، وإزالة كل ما به تلف، كما تم إزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، وفي سنة 1366هـ/1947م أمر بتجديد سقف المسعى بطريقة فنية محكمة، حيث كانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه، فإنها لم تسقف لأسباب جمالية، وبلغ عرض السقف كله 20.5 متر، كما أمر بصنع باب جديد للكعبة مغطى بصفائح الفضة الخالصة، منقوشة بآيات قرآنية من الذهب، وكذلك عضادتي باب الكعبة التي استبدلت بالفضة الخالصة الموشاة بالذهب، وفي سنة 1370هـ/1951م، أمر بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام وساحاته ترخيمًا كاملاً.

- في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز

استمرت التوسعات والتحسينات في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، حيث أمر بفتح شارع وراء الصفا، وصرف مرور الناس والسيارات عن شارع المسعى، وفي سنة 1373هـ/1954م، أمر بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم، وأنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم في السنة التالية لها، وفي سنة 1375هـ/1956م، أمر باستبدال الشمعدانات الستة التي في حجر إسماعيل عليه السلام بخمسة نحاسية تضاء بالكهرباء، كما أمر بتبليط أرض المسعى بالأسمنت، وفي الخامس من ربيع الأول سنة 1375هـ/21 أكتوبر 1955م، ألقى الملك سعود خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها والده الملك عبدالعزيز، وبدأ المشروع بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تقدير أثمانها، وتعويض أصحابها، وتضمنت هذه التوسعة بناء ثلاثة طوابق: الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول مع بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، فصار بئر زمزم في القبو، فزود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل، كما شملت التوسعة إزالة مبان داخل المسجد الحرام كانت تضيق على المصلين والطائفين في صحن المطاف، مثل مظلة زمزم، وباب بني شيبة، والمقامات الأربعة، وشملت أيضًا تحويل مجرى مياه الأمطار بين جبل الصفا والمبنى العثماني، واستحدثت ميادين وشوارع ومواقف للسيارات ودورات للمياه ومواضع للوضوء قريبة من المسجد الحرام في جميع جهاته على أحدث نظام عرف في ذلك الوقت، وفي سنة 1376هـ/1956م أمر بعمل سلم متحرك من الفضة المنقوشة بالذهب للكعبة المشرفة، كما أمر بترميم الكعبة المشرفة، واستبدال سقفها الأعلى القديم بسقف جديد، مع الإبقاء على السقف السفلي بعد ترميمه وكان ذلك في عام 1377هـ/1957م.

- في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز

استكمل الملك فيصل بن عبدالعزيز إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد أخيه الملك سعود، والتي أمر بها والدهما الملك عبدالعزيز، فوضع مقام إبراهيم في قالب بلوري عام 1387هـ/1967م، وأزيل البناء القائم عليه توسعة للطائفين، وفي عام 1391هـ/1971م أمر ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وفي العام الذي يليه أمر ببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله.

- في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز

أتم الملك خالد بن عبدالعزيز في عام 1396هـ/1976م، ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام، حيث انتهى مشروع التوسعة الذي أمر به الملك عبدالعزيز وبدأه الملك سعود وأكمله الملك فيصل، كما افتتح مصنع الكسوة بعد تمام البناء عام 1397هـ/1977م، ومما أنجز في عهد الملك خالد توسيع المطاف سنة 1398هـ/1978م في شكله الحالي، وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة جلب من اليونان، وتضمنت توسعة المطاف إزالة باب بني شيبة والمنبر الرخامي من المطاف، وتوسيع قبو زمزم، وجُعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وجعله في قسمين: للرجال والنساء، كما ركبت صنابير لشرب الماء البارد، وجعل للبئر حاجز زجاجي، وفي عام 1399هـ/1979م، أمر بصنع باب الكعبة المشرفة بشكل بديع، وبنفقات عظيمة، كما أضيف باب للسلم الداخلي للكعبة الموصل إلى سطحها، وفي عام 1400هـ/1980م، تم التنظيف الشامل لبئر زمزم بعد القيام بأول عملية استكشافية للبئر.

وبذلك تكون التوسعة السعودية الأولى قد مرت بمراحل أربع: 

المرحلة الأولى (1375-1381هـ/1955-1961م) وشملت هذه المرحلة بناء المسعى بطابقيه وإنشاء حاجز قليل الارتفاع في منتصف المسعى يقسمه إلى قسمين للذهاب والإياب ما بين المشعرين، كما بني درج دائري للصفا وآخر للمروة، وجعل للطابق الأول من المسعى ثمانية أبواب على الواجهة الشرقية للشارع العام للدخول منها إلى المسجد الحرام، وجعل للطبقة الثانية منه مدخلان من خارج الحرم ومصعدان.

المرحلة الثانية (1381-1389هـ/1961- 1969م) وتضمنت أعمال عمارة المسجد الحرام والجزء الخارجي من المبنى الجديد، كما تضمنت هذه المرحلة توسعة منطقة المطاف، وعمل سلالم لبئر زمزم.

المرحلة الثالثة (1389-1392هـ/1969-1972م) وفيها بنيت المكبرية، وشقت الطرق، وأنشئت الميادين حول الحرم.

المرحلة الرابعة (1393-1396هـ/1973-1976م) وفيها جدد الحرم القديم بأركانه الأربعة لإنشاء البوابات الثلاث الرئيسية. 

وبنهاية التوسعة السعودية الأولى أصبحت مساحة المسجد الحرام 160,168 مـترًا مربعًا، ليتسع لأكثر من 300 ألف مصل، وفي حالات الزحام تستوعب أكثر من 400 ألف مصل، وأصبح للمسجد 64 بابًا موزعة على مختلف جهاته، وسبع منارات تبرز أبعاد المسجد الحرام، بارتفاع بلغ 89 مترًا.

التوسعة السعودية الثانية

بدأت في عام 1403هـ/1983م حين أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بنزع ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، وتعويض أصحابها بمبالغ مرضية؛ تهيئة لتوسعة كبرى للمسجد الحرام، وبلغت مساحة أراضي العقارات المنزوعة ملكيتها 30 ألف م2، هيئت كساحات مؤقتة للصلاة قبل البدء بأعمال البناء عليها، وفي عام 1406هـ/1986م أمر بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، وأمر بتهيئة السطح للاستفادة منه، حيث كان مخصصًا لأعمال الكهرباء، وكانت شبكات الكهرباء المنتشرة في مواضع متفرقة من السطح تعيق المصلين، فأمر خادم الحرمين الشريفين أن تجمع في قباب جميلة، ليتسع السطح لتسعين ألف مصل بمساحة 61 ألف م2، كما أمر بإنشاء خمسة سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ لتسهيل التنقل بين طوابقه، كما تم بناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال، وفي عام 1409هـ/1989م، وضع الملك فهد بن عبدالعزيز حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، التي تقع في الناحية الغربية، الواقعة بين باب العمرة وباب الملك عبدالعزيز، والتي عرفت بالسوق الصغير، وتتضمن التوسعة مبنى يتألف من القبو (البدروم)، والطابق الأرضي، والطابق الأول، وصمم ليتناسب في شكله العام مع مبنى التوسعة الأولى، واستحدث في هذه التوسعة 14 بابًا، ليبلغ مجموع أبواب المسجد الحرام 112 بابًا مصنوعة من أجود أنواع الخشب، المحلى بالنحاس المصقول، كما أضافت هذه التوسعة مبنيين للسلالم الكهربائية في شماله وجنوبه، وسلّمين داخليين، وفي عام 1411هـ/1991م استحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام بلغت مساحتها 88 ألف م2، وهيئت للصلاة؛ بتبليطها برخام بارد ومقاوم للحرارة وإنارتها وفرشها، وفي العام التالي وسعت منطقة الصفا في الطابق الأول، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا، كما هدمت وأزيلت بعض المباني حول منطقة المروة في عام 1417هـ/1996م ووسع الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، واستحدثت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة، لتصبح مساحة المنطقة 375 م2، وفي عام 1418هـ/1997م، تم إنشاء جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام، كما وسع الممر الملاصق للمسعى، الذي يستعمل للطواف بالطابق الأول في أوقات الزحام من منطقة الصفا إلى ما يقابل منتصف المسعى، فأصبح عرضه 9م وطوله 70م، وفي العام نفسه جدد غطاء مقام إبراهيم من النحاس المغطى بشرائح الذهب والكريستال والزجاج المزخرف، وتم وضع غطاء من الزجاج البلوري القوي الجميل المقاوم للحرارة والكسر على مقام إبراهيم عليه السلام.

التوسعة السعودية الثالثة

بدأت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز،واستمرت التوسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث تم تدشين عدد من المشاريع الرئيسية ضمن المشروع الشامل للتوسعة السعودية الثالثة الكبرى للحرم المكي في 25 رمضان 1436هـ/ 12 يوليو 2015م، وتبلغ مسطحات البناء 1,47 مليون م2 حيث أضافت التوسعة مساحة مقدارها الثلثان مقارنة مع المساحة السابقة للمسجد الحرام، وتشتمل على 12 مكونًا رئيسيًا، هي: مبنى التوسعة الرئيس للمسجد الحرام، وتوسعة المسعى والذي افتتح سابقًا، وتوسعة المطاف، والساحات الخارجية والجسور، والمساطب، ومجمع مباني الخدمات المركزية ونفق الخدمات، والمباني الأمنية، والمستشفى، وأنفاق المشاة، ومحطات النقل والجسور المؤدية إلى الحرم، والطريق الدائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام، والبنية التحتية وتشمل محطات الكهرباء وخزانات المياه.

جانب من الرواق السعودي في المسجد الحرام بمكة المكرمة. (واس)
جانب من الرواق السعودي في المسجد الحرام بمكة المكرمة. (واس)

الرواق السعودي

الرواق في اللغة؛ ما أحاط بالشيء، والرواق في العمارة الإسلامية؛ المساحة أو الممر الواقعة بين عامودين، وتحتوي على عقود عمودية أو موازية لجدار القبلة، كما تحتوي على صفوف من الأعمدة، وقد تكون هذه العقود متقاطعة أي تتجه بشكل مواز وعمودي باتجاه القبلة، فالرواق العباسي يحيط بالكعبة المشرفة، والرواق السعودي يحيط بالرواق العباسي، الذي بناه المهدي بين عامي 161-169هـ/778- 785م والذي بقي صامدًا ويمثل بناء المسجد الحرام لما يقرب من 1200 عام جرت خلالها بعض الترميمات والتجديد لمباني المسجد الحرام، ولكن عناصر المسجد ومواده ومساحته استمرت كما هي ولم تتغير. وبدأ العمل في الرواق السعودي في عهد الملك سعود في العام 1375هـ/1955م، الذي أعلن في بيان تاريخي عن تحقيق رغبة الملك عبدالعزيز بالبدء بتوسعة المسجد الحرام، واستمر بناء الرواق في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد بين عامي 1375 /1396هـ - 1955/1976م)، واستمر تطويره لاحقًا.

ويتكون الرواق السعودي من 4 أدوار: دور الصحن، والدور الأرضي، والدور الأول و"الميزانين" ويمتد من الناحية الغربية حينما أمر الملك فهد بن عبدالعزيز، بإضافة جديدة للرواق السعودي، وبلغ عدد الأعمدة في هذه التوسعة نحو 1500 عمود مكسو بالرخام الأبيض إضافة إلى عدد من القباب على سطح الأروقة، وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز أصبحت مساحة المسجد الحرام نحو 365 ألف م2، والطاقة الاستيعابية نحو مليون مصل، وتضمن الرواق السعودي بعد هذا الامتداد بابًا جديدًا، وهو باب الملك فهد، وامتدت مساحة الرواق السعودي من الجهة الشمالية، بإضافة جديدة بدأت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واكتملت في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث أصبحت مساحة المسجد الحرام نحو 1.5 مليون م2، بطاقة استيعابية أكثر من ثلاثة ملايين مصل، وتضمن عددًا كبيرًا من الأعمدة، وبابًا يحمل اسم باب الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى مدار الأعوام السابقة أكمل ملوك المملكة بناء الرواق السعودي، الذي حول مساحة المسجد الحرام من نحو 12 ألف م2 إلى نحو 1.47 مليون م2، وارتفعت الطاقة الاستيعابية أضعافًا مضاعفة مما كان عليه في السابق.

مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة

أول من أمر بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة هو مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1346هـ/1927م، وتعرف الآن بمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة، ويتبع الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفيه تحاك كسوة الكعبة بخيوط من الحرير والذهب والفضة، وتجدد وتسلم لكبير سدنة الحرم غرة محرم من كل عام، وتجاوزت تكلفتها في عام 2022م نحو 20 مليون ريالٍ سعودي، حيث يزن الثوب 850 كجم، مقسمة على 47 قطعة قماش بعرض 98 سم، وارتفاع 14، ويتضمن مصنع كسوة الكعبة عددًا من الأقسام الفنية والتشغيلية، ويعمل فيه 200 صانع وفني، ومن أقسامه قسم الصباغة، وفيه تبدأ أولى مراحل إنتاج الكسوة، ويستخدم في هذا القسم أجود أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم، وقسم النسيج الآلي وفيه تنسج العبارات والآيات القرآنية، وقسم المختبر وفيه يتم التأكد من مطابقة الخيوط للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية، وقسم الحزام والتطريز، وقسم خياطة الكسوة، وأخيرًا وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة، وأنتجت أول حلة سعودية للكعبة المشرفة بمجمع الملك عبدالعزيز آل سعود عام  1346هـ/1927م، وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز جرى تحديث وتغيير الأنظمة الإلكترونية والأجهزة الكهربائية والمعدات الميكانيكية بمصنع كسوة الكعبة بما يوافق الأنظمة المستحدثة، وتعد هذه الخطوة نقلة تطويرية متقدمة في مجال صناعة رداء الكعبة المشرفة. كما صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 1439هـ/2018م، بتغيير مسمى مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة.