علي بن إبراهيم النعيمي، (وُلِد عام 1354هـ/1935م)، هو معالي وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق في المملكة العربية السعودية، وأحد القيادات الإدارية الوطنية التي أسهمت بدور بارز في عمليات إنتاج وإدارة النفط من خلال أرامكو السعودية والوزارة.
كان علي النعيمي شاهدًا على التحولات الكبيرة التي أحدثها اكتشاف النفط في وطنه المملكة العربية السعودية، إذ كانت حياة البادية والترحال هي السائدة حين وُلد في قرية صغيرة بالمنطقة الشرقية يتردد عليها البدو الرحّل طلبًا للماء تُسمى الراكة، وذلك عام 1354هـ/1935م، أي بعد ثلاث سنوات من توحيد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود للمملكة. وفي تلك البيئة عاش الطفل الصغير مع أمه، فارتحل خلال سنواته الأولى في البادية، وانتقل إلى الصمّان شمال شرق الرياض، ورعى الغنم وهو ابن أربع سنين.
النعيمي يبدأ العمل مبكرًا
لم يتوقف النعيمي عن البحث عن فرصة عمل يُسهم من خلالها في إعالة أسرته، فبدأ في سن الحادية عشرة أو الثانية عشرة عملًا في أرامكو مقابل تسعين ريالًا، إلا أنه طرد بعد تسعة أشهر، نتيجة صدور القوانين التي تحظر العمل ممن هم دون الثامنة عشرة. فاتجه للعمل في ثلاثة أعمال أخرى في الظهران، قبل أن يعود إلى أرامكو في محرم 1367هـ/ديسمبر 1947م بوظيفة كاتب مبتدئ، والتحق بمدرسة الجبل التي سبق أن بدأ فيها تعليمه. وفي عام 1367هـ/1948م رُشّح ضمن أول دفعة من الموظفين السعوديين للسفر إلى مدينة نيويورك الأمريكية لتعليم اللغة العربية لموظفي أرامكو قبل مجيئهم إلى المملكة، إلا أنه لم يذهب لصغر سنه.
واصل النعيمي تعليمه وأظهر تفوقًا ملحوظًا، اختير على إثره في عام 1372هـ/ 1953م للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان ضمن العشرة الأوائل، فرشحته أرامكو لبعثة أخرى إلى كلية حلب، وبعد عودته توجه إلى إدارة التنقيب. وأظهر النعيمي قدراته المتميزة وحين سأله المدير العام، سكوت سيغار: "لماذا تريد أن تصبح جيولوجيًا؟"، بادره بالرد: "أنا أريد أن أصبح رئيس الشركة"، وذلك ما أثار إعجاب المدير، الذي قال: "يا بنيّ، هذا أفضل جواب سمعته في حياتي. مرحبًا بك في إدارة التنقيب".
دراسة النعيمي وعمله في أرامكو
عاد النعيمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية مجددًا بعد أن فاتته الفرصة في نهاية الأربعينات، وذلك ضمن أول دفعة من الطلاب السعوديين الذين أرسلتهم أرامكو إلى هناك، إذ بدأ في عام 1378هـ/1959م مسيرته في الدراسة الجامعية في جامعة ليهاي في مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية، وخلال تلك الفترة تزوج وحصل على درجة الماجستير أيضًا من جامعة ستانفورد.
بعد انقضاء فترة دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية، عاد النعيمي وأسرته إلى الظهران وعُين جيولوجيًا بالمرتبة الحادية عشرة في قسم التنقيب والإنتاج، ثم نُقل إلى إدارة العلاقات العامة عام 1387هـ/1967م، وعاد مرة أخرى إلى إدارة التنقيب والإنتاج عام 1388هـ/ 1968م، ليعمل في قسم الآبار في بقيق.
وتعددت الوظائف التي التحق بها النعيمي وأثرت تجربته ونهمه للعمل، إذ تم تعيينه ناظر قسم الإنتاج في بقيق في عام 1389هـ/1969م، وكان أول سعودي في هذا المنصب، واضطلع بأولى مهماته، وهي تدريب السعوديين، ثم في عام 1392هـ/1972م ترقى إلى منصب المدير المساعد للإنتاج، وبعد عام أصبح مديرًا لإدارة الإنتاج في منطقة الأعمال الشمالية، وكان بذلك ثالث موظف سعودي يبلغ هذا المنصب.
صعود النعيمي الوظيفي
كان علي النعيمي راغبًا في العمل والتعلم، ولذلك اكتسب سريعًا المهارات التي تجعله ينطلق في مسيرة عملية ناجحة ومتميزة، فعقب عودته من الولايات المتحدة الأمريكية كان من أكثر المرشحين السعوديين لمستوى مدير عام، الذين خضعوا للمتابعة عن كثب، ففي عام 1395هـ/1975م كان في الأربعين من العمر وترقى إلى منصب مدير الإنتاج في المنطقة الشمالية، وكان مسؤولًا عن 11 حقلًا من بين 15 حقلًا في أرامكو. كما اختير نائبًا للرئيس لشؤون الإنتاج وحقن المياه، وأصبح بذلك ثاني سعودي يتولى منصب نائب للرئيس.
وتنقل النعيمي بين مهام ومسؤوليات مختلفة، وأخذ يترقّى إلى أن تولّى في عام 1398هـ/1978م وظيفة النائب الأعلى للرئيس لشؤون الزيت، وكانت هذه أعلى مرتبة يبلغها سعودي في الشركة.
وانتخب النعيمي عضوًا في مجلس إدارة أرامكو عام 1400هـ/1980م. وفي نوفمبر 1404هـ/1983م اختاره المجلس ليكون أول رئيس سعودي للشركة، ودخل تعيينه حيز التنفيذ في 28 ربيع الأول 1404هـ/1 يناير 1984م.
وخَلَف علي النعيمي جون كلبرير في منصب الرئيس التنفيذي بعد تقاعده في شعبان 1408هـ/أبريل 1988م. وفي نوفمبر من العام نفسه وافق مجلس الوزراء على إنشاء كيان سعودي جديد باسم شركة الزيت العربية السعودية التي اصطلح على تسميتها أرامكو السعودية، وأصبح النعيمي أول سعودي يتولى منصب الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين في الشركة.
النعيمي وزيرًا للبترول
أراد علي النعيمي أن يتقاعد عند بلوغه الستين إلا أنه تم تعيينه وزيرًا للبترول والثروة المعدنية في عام 1416هـ/1995م. ولكفاءته في إدارة شؤون البترول تم التجديد له خلال الأعوام (1421هـ، 1425هـ، 1429هـ)/(2000م، 2004م، 2008م). وفي عهده شهدت منظمة أوبك تطورًا في أدائها، وأصبحت منظمة اقتصادية دولية تنأى بنفسها عن أي جوانب أخرى قد تؤثر عليها.
واصل النعيمي العمل في وجهة أخرى حين تم تكليفه في عام 1427هـ/2006م بالإشراف على تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتي أصبح رئيسًا لمجلس أمنائها في ذلك الوقت.
تكريم النعيمي محليًا ودوليًا
خلال مسيرته حصد النعيمي الكثير من الجوائز وشهادات التكريم الوطنية والدولية، ومنحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية عام 1430هـ/2009م بمناسبة افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. كما حصل على عدد من شهادات الدكتوراه الفخرية، من:
- جامعة هاريوت واط في إدنبره في 1416هـ/1995م.
- جامعة سول الوطنية في كوريا في عام 1429هـ/2008م.
- جامعة بكين في جمهورية الصين الشعبية في عام 1430هـ/2009م.
- جامعة العلوم والتقنية AGH في مدينة كراكوف البولندية في عام 1432هـ/2011م.
- جامعة لاهاي الأمريكية في ولاية بنسلفانيا الأمريكية في 1433هـ/2012م.
النعيمي يصدر كتاب حياته
توثيقًا لمسيرته في الحياة والعمل، أصدر النعيمي في عام 1437هـ/2016م كتاب السيرة الذاتية "من البادية إلى عالم النفط" بنسختيه الإنجليزية والعربية، وفيه يقدم نموذجه في تطوير الذات، وقصة ارتقائه من صبي بدوي يرعى الغنم إلى رئيس شركة أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين، إلى أن أصبح وزيرًا للبترول والثروة المعدنية بعد ذلك.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة