هيئة التراث

هيئة التراث، هي الجهة المعنية بالأنشطة المتعلقة بقطاع التراث والآثار في المملكة العربية السعودية، والمسؤولة عن حماية هذا القطاع واستكشافه وتهيئته وصيانته وترميمه وإدارته والمحافظة عليه، ويشمل ذلك: القرى والمدن والأحياء والحرف والصناعات التقليدية والمباني التراثية والمعالم التاريخية والتراث غير المادي، تأسست عام 1441هـ/2020م، وهي واحدة من 11 هيئة ثقافية صدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشائها في وقت واحد، وتتبع وزارة الثقافة.

تتمتع هيئة التراث بشخصية اعتبارية عامة، وباستقلال مالي وإداري، ولها ميزانية تشغيلية سنوية ضمن ميزانية وزارة الثقافة، وترتبط تنظيميًّا بوزير الثقافة، ويخضع منسوبوها لنظام العمل ونظام التأمينات الاجتماعية.

وتدير هيئة التراث أعمالها من مقرها الرئيس في العاصمة الرياض، ولها مجلس إدارة يرأسه وزير الثقافة، ويتولى الإشراف على خطط الهيئة وتنفيذ استراتيجيتها، ويتخذ جميع القرارات اللازمة لتحقيق أهدافها، ولهيئة التراث رئيس تنفيذي يُعيَّن ويُعفى من منصبه بقرار من مجلس الإدارة، ويُعدُّ المسؤول عن إدارة شؤون الهيئة.

يحمل شعار هيئة التراث زخرفات عربية مستوحاة من زخرفات السدو، في دلالة على عمق تراث وتاريخ المملكة العربية السعودية، وتعكس ألوانه المساحة التي ينشط فيها المبدع السعودي، وهو مستوحىً من شعار وزارة الثقافة.

تُنفّذ هيئة التراث، وفقًا لما نصت عليه الترتيبات التنظيمية لها، عدة مهام، أبرزها: دعم جهود تنمية التراث الوطني ورفع مستوى الاهتمام والوعي به وحمايته من الاندثار، وتنظيم وإقامة المؤتمرات والمعارض والفعاليات، وتمثيل المملكة في الهيئات والمنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، وإنشاء قاعدة بيانات لقطاع التراث، والترخيص للأنشطة في مجال عمل الهيئة، وتشجيع الأفراد والمؤسسات والشركات على إنتاج المحتوى في قطاع التراث وتطويره.

من بين الاكتشافات العثور على أقدم المصايد الحجرية في العالم، واكتشاف آثار أقدام لبشر وحيوانات مفترسة شمال المملكة؛ في العام 1442هـ/2020م، أعلنت هيئة التراث نتائج المسح الأثري لاكتشاف فريق سعودي دولي مشترك آثار أقدامٍ لبشر وفيلة وحيوانات مفترسة، حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك، يعود تاريخها لأكثر من 120 ألف سنة، ومثّل هذا الاكتشاف الأثري دليلًا علميًّا أوليًّا على أقدم وجود للإنسان على أرض الجزيرة العربية، كما أنه قدَّمَ لمحة نادرة عن بيئة الأحياء أثناء انتقال الإنسان إلى هذه البقعة من العالم،وفي عام 1441هـ/2020م، عثر فريقٌ علميٌ على منشآت حجرية في صحراء النفود في المملكة، كانت مصايد للحيوانات تُعدُّ من أقدم المصايد الحجرية في العالم، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 7 آلاف سنة.

أطلقت هيئة التراث في العام 1442هـ/2020م، بالتعاون مع منصة "مهارات Google"، مشروع برنامج تدريبي باسم "مهارات التسويق الرقمي للحرفيين"، استهدف 2000 حرفي وحرفية، وتُقدم هيئة التراث برامج تعليمية لها علاقة بقطاع التراث، إضافة إلى منح دراسية للموهوبين، وتوظف التقنيات الحديثة لتنفيذ مبادراتها وبرامجها التنفيذية، ودعمت وزارة الثقافة هذا التوجه بإطلاقها في 2020م، منصة إلكترونية موحدة للابتعاث الثقافي الخارجي.

وللوصول إلى المزيد من الاكتشافات الأثرية التي تُثبت العُمق التاريخي للمملكة، والحضارات التي تعاقبت عليها على مدى قرون طويلة، أعلنت هيئة التراث في العام 1444هـ/2023م، عن اكتشافات مهمة في عددٍ من مناطق المملكة، منها: اكتشاف وتوثيق أول نقشين في منطقة القصيم وسط المملكة كُتبا بالخط "الداداني" خلال أعمال المسح الأثري التي أجرتها هيئة التراث بالمنطقة، ويأتي النقشان بوصفهما تذكاريين، أحدهما مكتوب بالخط الداداني المبكر، والآخر بالداداني المتأخر، وذلك على واجهة صخرتين في موقع أثري بمنطقة القصيم يطلق عليه "الدليمية". وفي العام نفسه انتهت هيئة التراث من مشروع تنقيب "موقع حليت الأثري" في محافظة الدوادمي بمنطقة الرياض؛ أحد مواقع التعدين التي تعود إلى العصر الأموي، وله ذكر في المصادر التاريخية المبكرة باسم "معدن النجادي" نسبة إلى مالكيه أبناء نجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

ترتكز استراتيجية هيئة التراث التي أطلقتها في محرم 1443هـ/سبتمبر 2021م، على 8 ركائز، هي: الحماية والمحافظة على الثروة الثقافية والمواقع الأثرية وإدارتها بفعالية، وتعزيز الأبحاث وتنمية المواهب المتخصصة في التراث، واستخدام أحدث التقنيات الرقمية في سلسلة القيمة التراثية، ووضع الأنظمة واللوائح المناسبة وإصدار الرخص، والعمل على نطاق واسع مع القطاع الخاص، وتوفير التمويل ودعم الوكالات الدولية، وخلق وعي لدى الجمهور من خلال النشر فيما يخص التراث الثقافي، والعمل من خلال الشراكات واسعة النطاق على المستويين المحلي والعالمي.

أطلقت هيئة التراث عددًا من المبادرات، شملت: مبادرة "المكتشف الصغير"، بهدف إشراك الأطفال في عمليات التنقيب عن الآثار في المملكة، وتوعية صغار السن في جميع مناطق المملكة بأهمية أعمال التنقيب عن الآثار، ورفع مستوى المساهمة المجتمعية في حماية وصون التراث الوطني. إلى جانب برنامج "مسرعة أعمال هيئة التراث"، بهدف تمكين روّاد الأعمال ودعم نمو توسع الشركات الناشئة في القطاع، ومبادرة "نقوش السعودية"، تهدف إلى تفعيل دور أفراد المجتمع في إحياء التراث الوطني المتمثّل في الفنون الصخرية والنقوش.