تم نسخ الرابط بنجاح

تربية النحل في السعودية

saudipedia Logo
تربية النحل في السعودية
مقالة
مدة القراءة 7 دقائق

تربية النحل في السعودية، هو مفهوم يعبر عن العناية بالنحل وإنتاج العسل في المملكة العربية السعودية، ضمن مستعمرات مخصصة لهذا الغرض مصنوعة من الخشب عادة، تسمى المنحل أو المنحلة أو الخلية، ويُعرف الشخص الذي يربّي النحل بـ"النحّال".

وأحد أنواع النحل هو نحل العسل من جنس "أبيس" (Apis)، وينتج النحل العسل ومنتجات غذائية أخرى كشمع العسل وحبوب اللقاح، التي تستخدم في تلقيح المحاصيل.

حجم إنتاج العسل في السعودية

نظرًا للتنوع الجغرافي في السعودية، عُرفت مهنة تربية النحل في كثير من مناطقها الإدارية، وتنتج السعودية ما يزيد على 5000 طن من العسل سنويًّا، ويتجاوز عدد خلايا النحل فيها مليوني طائفة نحل.

كما أسهمت الاستراتيجية الوطنية للزراعة في زيادة عدد النحّالين المسجلين لدى وزارة البيئة والمياه والزراعة، إذ وصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف نحّال.

مناطق انتشار تربية النحل في السعودية

تكثر تربية النحل في السعودية في المناطق الخصبة زراعيًّا مثل عسير والباحة وجازان.

وتتنوّع الحركة الإنتاجية لمربّي النحل في السعودية حسب تعاقب فصول السنة، فينقل مربو النحل في فصل الشتاء خلاياهم من قمم الجبال إلى السهول التهامية، ليحموا النحل من آثار تغير الطقس، كما يُسهم انتقالهم في توفير بيئة مناسبة لإنتاج كميات أكثر من العسل، لتوفر أنواع معينة من الأشجار التي تتميز بها منطقة تهامة، كالطلح والضرم والطباق والشرم والسحاء، إضافة إلى السمر والسلم والسدر والضهيان والسيال، وذلك باختلاف طبيعة هذه الأشجار وبيئتها المتنوعة ما بين الجبل والسهل.

تربية النحل في منطقة عسير

 تبرز منطقة عسير في سياق تربية النحل من حيث أهميتها طوال تاريخها بوصفها مركزًا إنتاجيًا مهمًا للعسل الطبيعي في السعودية، وتُعد قمم الجبال فيها المعروفة بسراة عسير مساحةً ذات امتيازات عالية لتربية النحل، خاصة في فصل الصيف، نظرًا لاعتدال الأجواء فيها عامة، مما يرفع كثافة الأشجار المزهرة وتنوّعها.

كما حفز توسع وتطوير آليات وأنشطة تربية النحل في منطقة عسير، المزارعين والمهتمين بإنتاج أصناف العسل عالي الجودة على زراعة أنواع جديدة من النباتات المعروفة عالميًا بأزهارها الجاذبة للنحل، والمنتجة لأقراص تعد من الأغلى سعرًا لقيمتها الغذائية.

تربية النحل في منطقة جازان

ساعد تنوع تضاريس منطقة جازان على التنوع الغذائي وانتشار الأشجار على السفوح وعلى ضفاف الأودية، مما هيّأ بيئة مثالية لخلايا النحل، ومن عسل السدر إلى القتاد والسلام والسمرة والدوم والضهيان والطلح والمرار والمجرى والسحاة وغيرها، اكتسبت المنطقة شهرتها في إنتاج أنواع العسل.

ويتخطى عدد النحالين بمنطقة جازان الـ4000 نحال يملكون نحو 450 ألف خلية تنتج أكثر من 15 نوعًا بمتوسط إنتاج يبلغ 450 طنًا من العسل، ويُعد مشروع إنشاء محطة تربية ملكات النحل وإنتاج الطرود بمنطقة جازان، أحد المشاريع المهمة لبرنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة "ريف"، الذي يهدف لتشجيع مربي النحل على إنتاج العسل المحلي مع مراعاة معايير الجودة ونشر السلالة المحلية، ونقل التقنيات الحديثة لمربي النحل لتحسين كمية ونوعية الإنتاج وخفض التكلفة وزيادة الدخل مع الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.

تربية النحل في منطقة الباحة

تُعد تربية النحل وإنتاج العسل من المهن القديمة التي توارثتها الأجيال في منطقة الباحة، لما تتمتع به من تنوع في الغطاء النباتي ما بين السراة وتهامة والبادية الأمر الذي أسهم في تنوع مناخها وانتشار نشاط تربية النحل وتمكين كثير من ملاك النحل من إنتاج العسل.

وتنتج الباحة نحو 20% من الإنتاج الكلي في المملكة، أي: نحو 1000 طن، وتتنوع أنواع العسل حسب الغطاء النباتي، إذ تُنتج الباحة 15 نوعًا من العسل ذي الجودة العالية، ويمثل عدد النحالين في المنطقة 16% من نحالي المملكة، أي: نحو 3000 نحال سواء كانوا محترفين يملكون أكثر من 1000 خلية أو هواة يملكون عددًا أقل من الخلايا بمتوسط 100 خلية.

الدعم الحكومي لتربية النحل في السعودية

في السياق الحكومي، يتعاون عدد من الجهات الحكومية في دعم تربية النحل، مثل: وزارة البيئة والمياه والزراعة، والجمعية التعاونية للنحالين، ووحدة أبحاث النحل، وأرامكو السعودية، لتقديم الدعم لمربي النحل وتعزيز ثقافة تربية النحل، إذ أُطلق عدد من المشاريع التي تعتني بمهنة تربية النحل وإنتاج العسل، ضمن إطارٍ تأهيلي ترعاه جهات حكومية، من بينها مشروع دراسات بناء وتعزيز القدرات الوطنية، من خلال تأهيل الشباب السعودي لامتهان حرفة تربية النحل وإنتاج منتجاته، وهو أحد المشاريع التي انطلقت ضمن برنامج تنمية القدرات البشرية في رؤية السعودية 2030.

وتُعد وزارة البيئة والمياه والزراعة الجهة الحكومية ذات الأولوية في دعم تربية وإنتاج النحل، إذ تقدم خدماتها اللوجستية والإرشادية لنحو 8800 نحال، يربون النحل في نحو 1.8 مليون خلية نحل.

وتسهم الوزارة في تقديم الخدمات الإرشادية وتعريف النحالين بالطرق الحديثة في تربية النحل، عبر 11 منحلًا إرشاديًا في مناطق المملكة، إضافة إلى توفيرها لمحطات تربية ملكات النحل وإنتاج طرود النحل. كما تعمل من خلال مشروع مبادرة تطوير تربية النحل وإنتاج العسل على برنامج تحسين وتطوير سلالة النحل المحلية والمحافظة عليها، وبرنامج تنظيم وتنمية المراعي النحلية وحمايتها، وبرنامج رفع وتنمية قدرات النحالين، وبرنامج تطوير الخدمات الإرشادية في مجال النحل والبحث العلمي، وبرنامج لحماية النحل من الأضرار.

كما تعمل على تطوير وتنمية قطاع النحل من خلال عديد من البرامج والمبادرات، منها: برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة "ريف" وبرنامج الزراعة العضوية وتطوير مهارات النحالين من خلال الدورات التدريبية، إضافة إلى استضافة مناحل إيضاحية نموذجية لنشر الثقافات المحسنة والممارسات الجيدة لتربية النحل.

وقدم صندوق التنمية الزراعية التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة ضمن خدماته في قطاع التمويل طلب تمويل تربية النحل الثابت، الذي يأتي في إطار شراكة الصندوق في تقديم الخدمات الائتمانية وتكاملًا مع الجهات الأخرى المختصة في دعم مربِّي النحل، إذ يقدم الصندوق الخدمات الفنية والتسويقية والتدريب لعملاء الصندوق ضمن برنامج التمويل المقدم، وترتكز أهمية التمويل على الإسهام في تمويل التكاليف التشغيلية لمربي النحل الثابت المرخص لهم مزاولة النشاط.

وشملت الجهود الحكومية لتعزيز ودعم مهنة تربية النحل وإنتاج العسل في السعودية تأسيس الجمعية التعاونية لتطوير صناعة النحل بالرياض، المعروفة باسم "نحّال" عام 2015م، ومنذ تأسيسها شاركت الجمعية في عديد من المشاريع التابعة لوزارة البيئة والمياه والزراعة، كالمعرض الزراعي السعودي لعام 2019م، كما تعاونت خلال عدد من الفعاليات مع الجهات الحكومية التعليمية مثل جامعة الملك فيصل.

دور التعليم في دعم مهنة تربية النحل في السعودية

أسهم أعضاء هيئة التدريس السعوديون المختصون في مجال النحل بجامعات المملكة، في عمل الأبحاث والمشاريع البحثية التي تهدف إلى تطوير مهنة تربية النحل وحل المشكلات والمعوقات التي تواجهها، إذ بادرت جامعة الملك خالد في عسير بتأسيس وحدة خاصة بأبحاث النحل وإنتاج العسل، لتفعيل دور الجامعة العلمي في تعزيز دور تربية النحل وإنتاج العسل بوصفها مهنة تسهم في تحقيق التوازن البيئي والاكتفاء الذاتي من منتجات العسل.

وحدة أبحاث النحل وإنتاج العسل

تضم وحدة أبحاث النحل وإنتاج العسل بجامعة الملك خالد مَنحلًا بحثيًا تطبيقيًا، ومختبرًا لتحليل منتجات النحل، إضافة إلى مختبر لتشخيص أمراض النحل، وآخر لتربية الملكات، ومختبرًا لإنتاج سم النحل، وأسهم وجود الوحدة في تحقيق فرص عمل لعديد من المواطنين في هذا السياق، إذ مكنت الوحدة عددًا من مربي النحل من الوسائل والطرق العلمية الحديثة التي من شأنها تجويد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل.

وظهر مشروع علامة التميز الذي أطلقته وحدة أبحاث النحل وإنتاج العسل التابعة لجامعة الملك خالد في أبها، بالتزامن مع كثافة إنتاجية العسل في السعودية وازدهار مهنة تربية النحل، ويستهدف ذلك منع ممارسات الغش الشائع في العسل، الذي يعد من أبرز التحديات التي تواجه النحالين والمسوقين الوطنيين في السعودية.

كما ابتكرت الوحدة مشروع تحديد معايير العسل بمنطقة عسير، الذي يهدف إلى تصميم خارطة للنباتات العاسلة بالمنطقة، وتنظيم أطلس لحبوب اللقاح للنباتات العاسلة، وتحديد الأصول النباتية لعسل النحل، وتحديد مستوى المواصفات الفيزيائية والكيميائية المتفق عليها عالميًا، كذلك تحديد المواصفات الكيميائية والفيزيائية لشمع وسم النحل بمناطق عسير.

وفي العاصمة الرياض، أُسست وحدة أبحاث النحل التابعة لقسم وقاية النبات في كلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود، وهي نواة للبحث العلمي في مجال تربية النحل داخل السعودية وخارجها، من خلال تطوير البحث العلمي والتطبيق الميداني للنهوض بصناعة النحل في السعودية، وتتوزع الوحدة بين موقعين في منطقة الرياض أحدهما في الحرم الجامعي لجامعة الملك سعود، والآخر في ديراب ويعد موقعًا بحثيًا تطبيقيًا يحتوي على جميع الأدوات الخاصة بتربية نحل العسل ومنتجاته، كما يتضمن منحلًا بحثيًا وغرفة خاصة بفرز وإنتاج العسل والمنتجات الأخرى.

تطوير قطاع تربية النحل وإنتاج العسل في السعودية

وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة خطة لتطوير قطاع تربية النحل وإنتاج العسل في السعودية، لتحقيق الريادة على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال عدة مرتكزات تسهم في تطوير وتربية النحل وإنتاج العسل محليًا، ليصبح منتجًا ذا قيمة اقتصادية عالية، إلى جانب إطلاق عدة مبادرات لتحسين وحماية سلالة النحل المحلية والمحافظة عليها، وتطوير الكفاءة الإنتاجية من الملكات والطرود وإنتاج العسل والمنتجات النحلية.

كما عملت الوزارة على تمكين ودعم نحو 10,500 نحال ونحالة في جميع مناطق المملكة، عبر برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة "ريف"، إذ بلغ إجمالي الدعم المباشر لقطاع العسل 140 مليون ريال، كما دعمت الوزارة 11 مشروعًا في مختلف مناطق المملكة بأكثر من 100 مليون ريال؛ للإسهام في استدامة وتنمية القطاع، وضمان تمكين النحّالين السعوديين وتوطين المهنة، إضافة إلى زيادة الإنتاج.

وعمل برنامج "ريف" على إدخال ونشر الأنظمة والتقنيات الحديثة في تربية النحل وإنتاج العسل، والحفاظ على السلالة المحلية وتحسين جودتها للمنافسة الإقليمية والدولية، إلى جانب توطين المهنة وخلق فرص العمل، خاصة للشباب والشابات، من خلال مبادرة التوطين؛ لزيادة دخل النحالين، وتحسين المؤشرات الاقتصادية.

وفي سياق إسهام الوزارة في توطين مهنة تربية النحل، قامت بتدريب 1500 نحال ونحالة من جميع مناطق المملكة، كما نظمت برامج تدريبية مختصة في تربية النحل والمنتجات التحويلية والتسويق، لأكثر من 800 نحال ونحالة.  

كما تقدم  الوزارة عبر منصة الخدمات الإلكترونية "نما" أكثر من 13 خدمة للنحالين، منها إصدار تراخيص، وإصدار تصاريح مزاولة مهنة نحال ، وعيادة متنقلة لفحص وتشخيص أمراض وآفات النحل ، ودورات تدريبية في مجال تربية النحل ومنتجات صناعة العسل عبر مركز التدريب الزراعي بالمنطقة، وغيرها من الخدمات التي تخدم النحالين.

الفعاليات والمؤتمرات العلمية عن تربية النحل في السعودية

ميدانيًا، تُنظم فعاليات وطنية ومؤتمرات علمية عن تربية النحل وإنتاج العسل، كالمؤتمر العلمي لمهرجان العسل الدولي، تحت شعار "أفضل الممارسات والتجارب لتربية النحل لتحقيق رؤية المملكة 2030"، إذ نظمته جمعية النحالين بالباحة بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وبدعم من جامعة الباحة ومجلس الجمعيات التعاونية، وشارك فيه خبراء من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، ومن اتحاد النحالين العالمي "الإيبومنديا"، ومن الجمعية العربية لتربية النحل، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وجامعة الملك سعود، وصندوق التنمية الزراعية.