مدينة جُرَش الأثرية، هي مدينة أثرية تقع في محافظة أحد رفيدة بمنطقة عسير جنوب غربي المملكة العربية السعودية، تشكِّل بقاياها آثارًا لمستوطنة تقع على بعد نحو 25 كم جنوب شرقي مدينة خميس مشيط على الضفة الغربية لوادي بيشة. تحتوي جُرش على أساسات حجرية وأطلال معمارية لحقب قديمة وإسلامية، ويعود أول تاريخ للاستيطان فيها إلى بداية القرن الأول الميلادي.
تاريخ مدينة جرش الأثرية
بحسب الدراسات الأثرية، يعد موقع المدينة موطنًا لثماني طبقات استيطانية مرت على الموقع، إذ سُكنت جُرَش لأول مرة فترةً قصيرة في مطلع القرن الأول الميلادي، وتمثلها الطبقات السفلية الثلاث للمدينة، وتبدأ الطبقة الرابعة من عام 280م وتستمر في النمو حتى عام 510م، وإليه تُنسب الطبقة الخامسة من الاستيطان، ومن ثم الطبقة السادسة في عام 660م، بينما تمثل الطبقتان السابعة والثامنة عام 1030م وما بعده.
شكلت جُرَش تاريخيًّا مركزًا اقتصاديًّا إقليميًّا، وبسطت تجارتها الخاصة على مساحات شاسعة جنوب شبه الجزيرة العربية، إذ اشتهرت كمركز رئيس، إلى جانب مدينتي الطائف وصعدة في اليمن، لصناعة الجلود المدبوغة.
مدينة جرش معسكر تدريب
إلى جانب أهميتها الاقتصادية، اشتهرت جُرَش قديمًا بكونها معسكرَ تدريب على الأسلحة والمعدات العسكرية، وكانت تُبتعث إليها وفود الجنود والمقاتلين من المناطق المجاورة بغرض التدريب على القتال والدفاع، وكان من بين أولئك المبتعثين الصحابيان عروة بن مسعود وغيلان بن سلامة، اللذان قدما من الطائف خلال حصارها في السنة الثامنة للهجرة (628م) لتلقي تدريبات على استخدام المنجنيق والعرادة والدبابة.
في السنة العاشرة من الهجرة، وصلت الفتوحات الإسلامية إلى مدينة جُرَش، فأصبحت مدينة إسلامية بعد حصار استمر نحو شهر، وتحولت فيما بعد إلى مركز إسلامي لعلوم الحديث وتناقل السنة النبوية وتدوينها.
خصائص موقع مدينة جرش الأثرية
ساعد موقع جُرَش في وسط شبكات طرق الحج في شبه الجزيرة العربية على تحقيق الثروة والازدهار الحضاري لها، فقد كانت من المحطات الرئيسة على طريق الحج الواصل بين عدن اليمنية ومكة المكرمة، يمر به الحجاج القادمون من اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية عبر طريق الحج اليمني الأعلى (الطريق النجدي).
يحتفظ موقع المدينة بأدلة أثرية قديمة وإسلامية، من بينها مصنوعات مزخرفة وغير مزخرفة من الحجر الصابوني، وبقايا أوانٍ فخارية مطلية باللون الأزرق منقوشة على طريقة الترشيش في الطلاء، وهو فن ينسب إلى العصر العباسي.
تلال وجدران مدينة جرش الأثرية
يتصف بقايا موقع جُرَش الحالي بأنه مستطيل الشكل بمساحة تبلغ 306 أمتار في 430 مترًا، وتمتد على طول الموقع من الجنوب إلى الشمال تلال أثرية، ترتكز كثافتها في المنتصف، وفي الجهة الشرقية توجد بالموقع جدران ذات صخور مشذبة وكبيرة الحجم، يتراوح طولها بين 80 سم إلى مترين وعرضها نحو 60 سم، وتشابه ضخامة الجدران بالموقع وأسلوب بنائها لما هو موجود في موقع الأخدود بمنطقة نجران.
ومنذ 2018م، أخذت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (هيئة التراث حاليًّا) على عاتقها مسيرة التنقيب والكشف عن بقايا المكان وتفاصيله المدفونة والحفاظ عليه والعمل على تقديمه بشكل يوزاي تلك المكانة التاريخية والحضارات المتتابعة التي قضت قرونًا في الموقع.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة