خدمات ومعدات الطاقة في المملكة العربية السعودية، هي جزء من منظومة تشغيل قطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية، مهمتها توفير المعدات اللازمة لإنتاج الطاقة والخدمات اللوجستية المختلفة.
هيأت السعودية، بوصفها أحد أكبر مصادر الطاقة العالمية، العديد من مرافق التصنيع التي يمكنها تلبية احتياجاتها في إنتاج الطاقة بشقيها التقليدي والمتجدد، ويمثِّل قطاع الطاقة المتجددة أحد مستهدفات رؤية السعودية 2030، وذلك لأنها تُعد سوقًا إقليميًّا كبيرًا في منطقة الخليج والوطن العربي وشمال أفريقيا، فضلًا عن أنها مركز لتطوير وصناعة عديد من منتجات ومعدات الطاقة لموقعها الجغرافي الاستراتيجي.
للسعودية تجربة تعود إلى نحو أربعة عقود في الطاقة المتجددة، من خلال محطة أبحاث مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالعيينة، التي دشَّنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عام 1980م، عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض، وتُعد أولى المحطات العلمية والإنتاجية للمملكة المعروفة باسم (مشروع القرية الشمسية)، وقد نشأت بشراكة سعودية أمريكية لإنتاج 350 كيلووات من خلال استخدام المجمعات الكهروضوئية المركزة.
في نهاية عام 2019م، رُبط أول مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق المرافق السعودية بالشبكة الوطنية للطاقة الكهربائية، فحققت محطة الطاقة الشمسية في سكاكا 300 ميغاوات إبان إنشائها، وكان مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية الذي طوره وقدمه مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة، أول مشروع يطلق في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في المملكة (NREP).
كما تتوفر في السعودية إلى جانب مقوِّمات الطاقة المتجددة، مقوِّمات أخرى تشمل كميات هائلة من الرمال الغنية بمادة السليكا التي يمكن تحويلها إلى سيليكون عالي النقاوة، وهو المادة الأساسية في إنتاج الخلايا الشمسية، وتعمل المراكز البحثية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وجامعات المملكة على توطين وتطوير العديد من التقنيات لتغطية سلسلة القيمة لصناعة الطاقة الشمسية، ابتداءً من تطوير الخلايا والألواح الشمسية، وانتهاءً ببناء المحطات الشمسية.
استراتيجية معدات النفط
من خلال رؤية السعودية 2030، أُطلقت العديد من المبادرات الاستثمارية التي تعزز الدور المحوري لخدمات ومعدات الطاقة في البلاد، حيث طرح صندوق الاستثمارات العامة محفظة مبادرات تشمل الاستثمار في فرص مجدية في قطاعات متنوعة منها خدمات ومعدات حقول النفط، حيث يُعد سوق هذه الخدمات والمعدات مهمًّا استراتيجيًّا وتجاريًّا بسبب حجم الموارد النفطية، كما أن قطاع خدمات ومعدات حقول النفط يمثِّل سوقًا مربحًا على المستوى العالمي بالنسبة للمعدات والمكونات والمستلزمات الأخرى والخدمات في المراحل الأولية للإنتاج للشركات المتخصصة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز.
مبادرات استثمارية في قطاع الطاقة
حققت المملكة تقدُّمًا في مجال الطاقة من خلال عمل مؤسسي يستهدف النهوض بقطاع خدمات ومعدات حقول النفط ومواكبة تصنيع مثل هذه المعدات وتوفيرها محليًّا، من خلال نقل التقنيات وتوطينها، وكان ذلك مع بدء تطوير شركة "طاقة" وزيادة استثماراتها في مجال خدمات ومعدات حقول النفط لتصبح شركة إقليمية رائدة في هذا المجال.
في إطار جهوده لتطوير قطاع الطاقة بالمملكة، أطلق صندوق الاستثمارات العامة أيضًا مبادرته للاستفادة من مقدرات المملكة الطبيعية لتطوير وتنمية قطاع المرافق الخدمية والطاقة المتجددة، مع توقعات بزيادة كبيرة في استهلاك الطاقة المحلي في المملكة بحلول عام 2030م، والعمل على بناء قدرة المملكة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتطوير سلسلة القيمة في الصناعات المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المملكة، ويشمل ذلك معدات التصنيع، مثل: الخلايا الشمسية والنماذج وتوربينات الرياح، وغيرها.
صناعات متخصصة في قطاع الطاقة
امتد الجانب التصنيعي إلى تأسيس مجمعات ومرافق صناعية أكثر تخصصًا تعمل على تزويد منظومة الطاقة في المملكة باحتياجاتها من المعدات، فكان إنشاء مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك" التي تقع في قلب الأعمال المرتبطة بقطاع الطاقة، بين حاضرتي الدمام والأحساء في المنطقة الشرقية، وتضم صناعات بارزة وذات علاقة بقطاع الطاقة، وتعزز المدينة احتياجات السوق المحلية والإقليمية من خلال تركيزها على أنشطة الصناعات والخدمات المساندة في قطاعات التنقيب وإنتاج النفط الخام والغاز، والتكرير والمعالجة، والبتروكيميائيات، والطاقة، والمياه ومعالجتها، التي تشمل: الإلكترونيات وأنظمة التحكم، والأنظمة الكهربائية، وأنظمة التبريد، ومعدات معالجة السوائل، والصمامات، الأنابيب وملحقاتها، والمضخات، وإنجاز أعمال الآبار، وسوائل وكيميائيات الحفر، ومواد البناء المرتبطة بالطاقة، وخدمات التنقيب والإنتاج، وغيرها.
تتوفر بمدينة الملك سلمان للطاقة منطقة صناعية، تنقسم إلى مناطق متخصصة تساعد على نمو سلسلة القيمة المتكاملة لسلع وخدمات الطاقة. وتشمل المناطق الصناعية الخمس: التصنيع العام، المعدات والأجهزة الكهربائية، السوائل والبتروكيميائيات، معالجة المعادن، الخدمات الصناعية.
تُسهم مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك" في توطين كثير من الصناعات والتقنيات الإنتاجية المرتبطة بالطاقة، وهي تعمل على جذب الاستثمارات العالمية المتعددة والمرتبطة بالصناعات المساندة لقطاع الطاقة، مثل شركة شلمبرجير التي أصبحت في عام 2017م، أول مستثمر يضع حجر الأساس لمنشآته الجديدة في المدينة، من خلال إنشاء مركز تصنيع منتجات خاصة بمنصات حفر آبار الزيت والغاز على اليابسة، إلى جانب منتجات مرتبطة بسلسلة إمداداتها.
بيئة نموذجية لقطاع الطاقة
تؤدي مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) دورًا محوريًّا في صناعة الطاقة من خلال المصانع والمرافق المتعددة التي تحتضنها، وهي إحدى ثمار رؤية المملكة 2030 فيما يتعلق بتعزيز مستوى التنويع الاقتصادي ودعم نمو القطاع الخاص، والاستمرار في تطوير قطاع الطاقة، إذ يُتوقع أن يتمثَّل الأثر الاقتصادي بعد تطوير كامل المدينة في عام 2035م في إضافة 22.5 مليار ريال للناتج المحلي سنويًّا، وتوطين أكثر من 300 منشأة صناعية وخدمية.
معدات الطاقة المتجددة
يضم قطاع الطاقة المتجددة في المملكة فرصًا كبيرة فيما يتعلق بخدمات ومعدات الطاقة، وخاصة أن المملكة أطلقت في عام 2018م، مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030 الذي يُتوقع أن ينقل المملكة من دولة متقدمة في تصدير النفط إلى دولة لتصدير الطاقة المستدامة، من واقع ما تمتلكه من مقومات طبيعية تؤهلها لتأسيس صناعات صديقة للبيئة من خلال طاقات: الشمس، والرياح، وحبَّات الرمال الغنية بمادة السليكا.
تقنيات تخزين الطاقة
منحت هذه المقوِّمات المملكة قدرات مهمة في مجال خدمات ومعدات الطاقة، إذ عملت مرافقها البحثية والصناعية على تطوير خلايا شمسية عالية الكفاءة باستخدام تقنيات متعددة وتوطين صناعة الألواح الشمسية، والعواكس، والمتابعات الشمسية، ومعامل اختبار موثوقية الألواح الشمسية، وتطوير تقنيات تخزين الطاقة وتخفيض تكلفتها.
تواصلت جهود تأسيس صناعات متطورة في مجال المعدات من خلال معهد بحوث المياه والطاقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الذي عمل بدوره على تنفيذ 23 مشروعًا تتعلق بمصادر الطاقة الشمسية، منها مشروع إنشاء "مختبر موثوقية الألواح الشمسيّة الكهروضوئية"، وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القادر على اختبار منتجات الطاقة الشمسيّة الكهروضوئية تحت مواصفات الاختبارات العالمية IEC Standards.
أثمرت الجهود البحثية في صناعة معدات الطاقة عن إنشاء مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في عام 2010م، أول خط إنتاج للألواح الشمسيَّة بطاقة إنتاجية قدرها 14 ميجاوات لكل سنة، وفي عام 2016م بنت المدينة خط إنتاج بسعة 100 ميجاوات في السنة بأحدث الوسائل الأتوماتيكيَّة التي تستخدم في العالم لإنتاج الألواح الشمسيَّة العالية الجودة، وجرى تشغيل المصنع وصيانته بأيدٍ سعودية عالية الكفاءة.
شراكات دولية في قطاع الطاقة
من جهتها، واصلت أرامكو السعودية دورها في تعزيز منظومة الطاقة والإسهام في نقل التقنية وتوطينها، ووقَّعت في عام 2018م، اتفاقية شركاء مع شركة ناشونال أويل ويل ڤاركو (إن أو في)، لإقامة مشروع مشترك متكامل عالمي المستوى لتصنيع منصات الحفر البرية عالية المواصفات، وتصنيع معدات وأجهزة الحفر، ومرافق لتقديم خدمات ما بعد البيع في رأس الخير شرقي المملكة.
يُسهم المشروع في تطوير محفظة أعمال قطاع خدمات ومعدات حقول النفط التي تعمل على إنشائها شركة أرامكو السعودية للتطوير، ومن فوائدها تحسين منظومة الإمداد الخاصة بأرامكو السعودية التي خطت خطوات مهمة نحو توطين خدمات حقول النفط، ابتداءً بخدمات الحفر في المملكة، من خلال تأسيس مشروع مشترك لتشغيل معدات وأجهزة الحفر البرية، ومشروع مشترك آخر لتشغيل معدات الحفر في المناطق البحرية.
واصلت أرامكو السعودية جهودها في تطوير معدات الطاقة ودشنت في عام 1444هـ/ 2022م، الشركة العربية لصناعة الحفارات (ARM)، وهي مشروع مشترك مع شركة (NOV)، وتهدف إلى تصنيع أجهزة الحفر ومعداتها، وتقديم خدمات ما بعد البيع في رأس الخير، وذلك ضمن جهود دعم توطين قطاع تصنيع أجهزة الحفر، وتعزيز النمو الاقتصادي وإيجاد فرص للعمل، وتطوير القدرات المحلية.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة