مصفاة رأس تنورة، هي مصفاة عملاقة بادرت شركة أرامكو السعودية إلى إنشائها منذ بدء أعمال الإنتاج النفطي، وكانت بلدة رأس تنورة الواقعة على شاطئ الخليج العربي على بعد نحو 64 كلم من الظهران في المملكة العربية السعودية أوَّلَ شاهدٍ على بدء أعمال الشركة، وذلك عندما رست الناقلة (د. جي. سكوفيلد) أمامها في 1 مايو 1939م، وحينها أدار الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الصمام لتحميل أول شحنة تصديرية من النفط الخام من المملكة.
بداية أعمال مصفاة رأس تنورة
أُنشئت المصفاة الأوَّلية في رأس تنورة عام 1359هـ/ 1940م بِطاقةٍ إنتاجية بلغت 3,000 برميل في اليوم، لكنها أُغلقت بعد مرور ستة أشهر فقط من افتتاحها، نظرًا لنقص الأيدي العاملة والمعدات المساندة لأعمال المصفاة، الذي تسببت فيه الحرب العالمية الثانية.
بدأت الأعمال بالمصفاة في عام 1360هـ/ 1941م،وكان وصول شحنة الحديد في عام 1363هـ/ 1944م هو السبب في تحول رأس تنورة إلى مركز للنشاط الصناعي، وذلك بالتزامن مع بدء العمل في إنشاء مصفاة رئيسة جديدة. وفي العام 1364هـ/ 1945م بدأ تشغيل المصفاة، وتحوَّلت من مصفاة "صغيرة" إلى مرفق تبلغ طاقته التكريرية 58 ألف برميل في اليوم. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبحلول عام 1368هـ/ 1949م، بنيت مصفاة جديدة لترتفع الطاقة الإنتاجية إلى 127 ألف برميل في اليوم.
يُعد ميناء رأس تنورة، الذي يضم الجزيرة الاصطناعية والرصيف البحري الجنوبي والرصيف البحري الشمالي وفرض الجعيمة البحرية، أكبرَ ميناء لتصدير النفط الخام في العالم.
أنشطة مصفاة رأس تنورة
إلى جانب أعمال تطوير البنية التحتية، تواصل نمو أنشطة المصفاة لتشهد في عام 1380هـ/ 1961م تصدير أول شحنة من غاز البترول المسال على إحدى الناقلات من رأس تنورة، ثم في عام 1386هـ/ 1966م بدأت الأعمال في قرضة تحميل النفط الخام المتمثلة بالجزيرة الاصطناعية ذات المرسيين، التي شيدت لاستقبال أكبر الناقلات العائمة، وذلك قبالة رأس تنورة، وفي عام 1401هـ/ 1981م سُجِّل رقم قياسي في الشحنات من رأس تنورة، إذ تجاوزت شحنات النفط الخام والمنتجات النفطية من رأس تنورة مليار برميل في العام للمرة الأولى.
لم تتوقف أعمال التحسينات والتطوير في مصفاة رأس تنورة مع تطور أعمال الشركة التي شهدت بدورها توسعات ضخمة في أعمال المصافي والتكرير والنقل، ليشهد عام 1420هـ/ 1999م إنجاز مشروع تطوير المصفاة في رأس تنورة، مما رفع نسبة المنتجات عالية القيمة التي تنتجها من النفط الخام.
خصائص مصفاة رأس تنورة
تُعد مصفاة رأس تنورة أكثر المصافي في أرامكو السعودية تعقيدًا، وتحتوي على عمود فراغي بطاقة تبلغ 135 ألف برميل يوميًّا، ووحدة تكسير هيدروجيني بطاقة تبلغ 50 ألف برميل يوميًّا، وطاقة إجمالية للتهذيب بالوسيط الكيميائي تبلغ 105 آلاف برميل يوميًّا، كما تنتج 24 ألف برميل يوميًّا من الأسفلت، تفوق إنتاج أي مصفاة أخرى في المملكة، وهي المصفاة الوحيدة بين مصافي الشركة التي تحتوي على وحدة لخفض اللُّزُوجة بالتكسير الحراري.
وظلَّت مصفاة رأس تنورة تتطور باستمرار من خلال إنشاء مزيد من التوسعات، وتحسين مرافقها، لتصبح واحدة من أكبر المصافي في الشرق الأوسط، وخلال زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - ولي العهد آنذاك - في 11 أبريل 1999م لرأس تنورة افتتح مشروع تحديث مصفاتها، التي تدرجت سعتها التكريرية لتصل إلى 550 ألف برميل يوميًّا من النفط الخام والمكثفات.
الطاقة الإنتاجية لمصفاة رأس تنورة
تُعدُّ مصفاة رأس تنورة الأكبر في الشرق الأوسط بطاقة تكريرية تبلغ 550 ألف برميل يوميًا. وتنتج يوميًا ما يعادل 200 ألف برميل من الديزل و180 ألف برميل من البنزين و25 ألف برميل من وقود الطائرات و25 ألف برميل من سائل الغاز الطبيعي. وتغطي هذه المنتجات ما يقرب من %40 من احتياجات المملكة، مما يؤكد الأهمية البالغة للمصفاة. ويدعم المصفاة مركزُ التحكم الذي يوجِّه أكثر من 2,000 سفينة شحن سنويًّا قادمة من أنحاء العالم، يجري استقبالها وإرساؤها على فُرض رأس تنورة والجعيمة.
مختبر العينات في مصفاة رأس تنورة
داخل مصفاة رأس تنورة يسير تطوير تقنيات الأعمال جنبًا إلى جنب مع بناء قدرات الموارد البشرية الوطنية وتأهيلها، فمن خلال مختبر العينات في المصفاة الذي يُعد أحد أكبر المختبرات في العالم، يبذل الشباب السعودي جهودًا مضاعفةً على مدار الساعة لتطوير الإنتاج، واختبار العيِّنات للتأكد من جودة ما يُنتَج، ليحافظوا بذلك على موثوقية النفط السعودي وجودة منتجاته، وتقديم الدعم الفنِّي لمعامل تكرير النفط بالمصفاة.
ذلك المختبر يُعد أقدم مختبرات أرامكو السعودية في مجال تأكيد وضبط الجودة، إذ يعود إنشاؤه لعام 1359هـ/ 1940م ، وهو الأكثر تنوّعًا في أنواع التحاليل، والأكثر عددًا في أجهزة التحليل الآلي ذات الصلة بصناعة النفط.
وينقسم المختبر إلى أربع وحدات وثلاث مجموعات، وحدة الكشف عن الخواص الفيزيائية للنفط الخام ومشتقاته، ووحدة التحاليل المائية، ووحدة تحاليل الغازات، والوحدة الرابعة هي وحدة الدعم الفنِّي، وهي تعمل على صيانة المختبر وتوفير جميع المتطلبات اللَّازمة لتشغيل المختبر. أمَّا المجموعات فهي: مجموعة الجودة، ومجموعة التقنية والتطوير، ومجموعة التحكم في المنتجات النفطية.
يحتوي المختبر على ما يقرب من 589 جهاز تحليل آلي، ويستخدم 132 رسمًا بيانيًا إحصائيًا لمُراقبة أداء أجهزة التحليل الآلي. وما يقرب من "30 ألف قراءة رقمية" هو مجموع إنتاج مختبر رأس تنورة، عبر التحاليل التي تُجرى شهريًا في أرامكو السعودية.
مركز المحاكاة والتدريب على أعمال الصيانة
في إطار أعمال التوسع والتحديث المستمر بمرافق مصفاة رأس تنورة، دُشِّن في 14 ربيع الأول 1436هـ/5 يناير 2015م مركز المحاكاة والتدريب على أعمال الصيانة الخاص بقطاع المصافي وتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، الذي يتميَّز باحتوائه على أجهزة محاكاة تطابق ظروف العمل داخل المعامل، وذلك لتدريب المشغِّلين على أداء أعمال التشغيل، والفنيِّين على أعمال الصيانة بأمان، ونقل المعرفة بين أجيال الشركة المختلفة.
وطُوِّرَ مركز المحاكاة والتدريب متعدد الأغراض للشباب المهندسين والفنيين والمشغلين لتعزيز مهاراتهم وإكسابهم الثقة لأداء مهمَّات العمل، واستكشاف مرافق أرامكو السعودية وإصلاحها وتشغيلها، ويطوِّر مركز التدريب مهارات الموظفين في ثمانية تخصصات، هي: هندسة التحكم في الأعمال، هندسة الماكينات والآلات، الهندسة الكهربائية، الفنيون المتخصصون في الأجهزة الرقمية، الفنيون المتخصصون في أنظمة التحكم، فنيو الكهرباء، مشغلو التحكم الداخلي، المشغلون الميدانيون.
ويتكوَّن المركز من عدة أجهزة محاكاة لمختلف هذه التخصصات في أرامكو السعودية، حيث يستخدم الهواء داخل هذه الأجهزة كبديل عن النفط الخام والغاز، وتعطي هذه الأجهزة فكرة متكاملة عن الأجهزة الحقيقية المستخدمة داخل المعامل ودورة عملها، وأعطالها المختلفة، وكيفية مواجهة هذه الأعطال وعلاجها وخطوات إصلاحها.
مُعدّة عملاقة لفصل النافثا في رأس تنورة
في أكتوبر 2019، أكمل فريق مشروع الوقود النظيففي مصفاة رأس تنورة، تركيب أضخم مُعدّة في المشروع يبلغ وزنها الإجمالي 544 طنًا،فيما يصل طولها إلى 65 مترًا، وتُستخدم هذه المعدة لفصل النافثا، حيث تُعد المغذي الرئيس لأكبر وحدات التحويل الآيزومري والمحفز المستمرللنافثا الثقيل، بسعة معالجة إجمالية تبلغ 155 ألف برميل يوميًا، كما تعمل على تقسيم النافثا المعالج بالهدم إلى نافثا خفيف وثقيل، وهي وظيفة رئيسة لوحدة معالجة النافثا الهيدروجينية، إذ تتحكم في خصائص البنزين الذي يتم إرساله إلى وحدة التحويل الآيزومري.
ومُعدّة فصل النافثا تم تصنيعها في شركة محلية سعودية في الجبيل، وقد استغرق التصنيع الكامل للمعدة أكثر من 12 شهرًا بعدد ساعات إجمالية بلغت أكثر من 2500 ساعة.
ويهدف مشروع الوقود النظيف لمصفاة رأس تنورة إلى توفير منتجات نفطية استهلاكية، كوقود السيارات والديزل وعديد من المنتجات الأخرى، بمواصفات عالية الجودة تتوافق مع معايير الجودة الأوروبية (يورو 5)، عبرإنشاء معامل جديدة حديثة التقنية في المصفاة، تُعدّ الأكبر من نوعها في العالم،لإنتاج الوقود النظيف.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة