حماية الملكية الفكرية في السعودية، هي الجهود التنظيمية للعناية بالإجراءات والأنشطة في مختلف مجالات الملكية الفكرية في المملكة العربية السعودية، وتشمل: براءات الاختراع، والنماذج الصناعية، والدارات المتكاملة، وحق المؤلف، والعلامات التجارية، والأصناف النباتية. وفي 1444هـ/ديسمبر 2022م، أطلقت الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي تعد أحد ممكنات تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
بدايات حماية الملكية الفكرية في السعودية
بدأ اهتمام السعودية بالملكية الفكرية في فترة مبكرة من تاريخها، وذلك بعد سبعة أعوام من توحيد البلاد، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، إذ صدر أول نظام باسم العلامات الفارقة عام 1358هـ/1939م.
كما اهتمت السعودية بقضايا الملكية الفكرية، وانضمت عام 1358هـ/1982م إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو"، وأصبحت عضوًا فاعلًا فيها منذ ذلك الوقت، وحسب المنظمة فإن الملكية الفكرية هي أعمال الفكر الإبداعية، أي الاختراعات والمصنفات الأدبية، والفنية، والرموز، والأسماء، والصور، والنماذج والرسوم الصناعية.
انضمام السعودية إلى اتفاقيات حماية الملكية الفكرية
تبع انضمام السعودية إلى منظمة "الويبو" توقيع عديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تشرف عليها المنظمة، ومنها: اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، واتفاق لوكارنو الذي وُضع بموجبه تصنيف دولي للتصاميم الصناعية، ومعاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي الإعاقات الأخرى في قراءة المطبوعات، واتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية، ومعاهدة التعاون بشأن البراءات، ومعاهدة قانون البراءات، واتفاق فيينا الذي وُضع بموجبه تصنيف دولي للعناصر التصورية للعلامات.
مراحل تأسيس أعمال حماية الملكية الفكرية
مرت الأعمال الخاصة بالملكية الفكرية في السعودية بعدة مراحل مؤسسية إلى أن انتهت إلى الهيئة السعودية للملكية الفكرية التي أُنشئت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (410) عام 1438هـ/2017م، ثم صدر بعد ذلك تنظيم الهيئة السعودية للملكية الفكرية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (426) عام 1439هـ/2018م، المعدّل بقرار مجلس الوزراء رقم (57) عام 1441هـ/2019م.
دور الهيئة السعودية للملكية الفكرية
تعمل الهيئة السعودية للملكية الفكرية وفقًا لعدة ركائز تعزز دورها الحيوي في قضايا الملكية الفكرية، تشمل: تحقيق التميز في عمليات الملكية الفكرية، وقيادة المنظومة وتطوير التميز المؤسسي، وتحسين احترام الملكية الفكرية، وتعزيز التأثير الدولي للسعودية، وتعظيم الملكية الفكرية.
ووفقًا لتنظيم الهيئة السعودية للملكية الفكرية المعدّل، فقد حددت المادة الثالثة أهدافها في تنظيم مجالات الملكية الفكرية في السعودية ودعمها وتنميتها ورعايتها وحمايتها وإنفاذها والارتقاء بها، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية.
تقدم السعودية في مجال حماية الملكية الفكرية
أسهم تطور الخدمات التي تقدمها الهيئة في الارتقاء بمكانة السعودية في مجال الملكية الفكرية، إذ تقدمت أربعة مراكز في مؤشر حقوق الملكية الفكرية، وذلك حسب تقرير التنافسية العالمية 2022، ووصلت للمركز الـ26 خلال عام 2022م مقارنة بـ30 في عام 2021م. ومن جهة أخرى تقدمت السعودية خمسة مراكز في سهولة تسجيل الملكية الفكرية وفق تقرير سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي 2019.
ووصولًا إلى مزيد من المؤسسية ورفع معدلات الكفاءة في مجال حماية الملكية الفكرية، بادرت الهيئة السعودية للملكية الفكرية إلى إنشاء أكاديمية الملكية الفكرية بالشراكة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية لتصبح منصة لتلقي العلوم الخاصة بالملكية الفكرية، وتأهيل مزيد من الخبراء فيها.
الجهات المشاركة في حماية الملكية الفكرية
إلى جانب الهيئة السعودية للملكية الفكرية، تعمل جهات أخرى في السعودية على حماية الملكية الفكرية، هي: مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومكتب براءات الاختراع لدول مجلس التعاون الخليجي، ووزارة الإعلام، ووزارة التجارة.
وتماشيًا مع فرص تطوير الأداء ومواكبة مستجدات حماية الملكية الفكرية، فقد عقدت الهيئة السعودية للملكية الفكرية شراكات استراتيجية مع: مكتب الملكية الفكرية الكوري "KIPO"، ومكتب البراءات والعلامات التجارية الأمريكي "USPTO"، والإدارة الوطنية للملكية الفكرية بجمهورية الصين الشعبية "CNIPA"، ومكتب البراءات الياباني "JPO"، ومكتب البراءات الأوروبي "EPO".
الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية
في 28 جمادى الأولى 1444 هـ/22 ديسمبر 2022 م، أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، التي تعد أحد ممكنات تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، والهادفة إلى بناء منظومة للملكية الفكرية تدعم الاقتصاد القائم على الابتكار والإبداع من خلال إنشاء سلسلة قيمة للملكية الفكرية تحفّز تنافسية الابتكار والإبداع وتدعم النمو الاقتصادي لتصبح المملكة رائدةً في مجال الملكية الفكرية.
وأكد ولي العهد، تطلعاته لتحفيز الإبداع والابتكار من خلال الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية في المملكة لخمسة أعوام مقبلة، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء باعتماد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية. وقال ولي العهد "لدينا عقول وطاقات شغوفة بالابتكار والإبداع، وبتمكينها ستكون المملكة بيئة خصبة للاقتصاد المعرفي من خلال منظومة متكاملة للملكية الفكرية تدعم تطوير التقنيات والصناعات المبتكرة وتسهم في نمو المنشآت، كما ستمكن الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية تحفيز الاستثمار وخلق وظائف عالية الجودة ورفع مستوى الوعي بحقوق المبدعين والمبتكرين ".
ركائز الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية
من أجل ضمان نمو الابتكار وتحفيز الإبداع، فقد ارتكزت الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية على أربع ركائز أساسية وهي: توليد الملكية الفكرية وإدارتها والاستثمار التجاري للملكية الفكرية وحمايتها، وتحقيقًا لهذه الركائز، فإنه يتم العمل على تعزيز التعاون والتكامل بين الجهات الوطنية بوصفها شريكًا أساسيًا لدعم الابتكارات والإبداعات ونمو الاستثمارات على مستوى العالم وذلك من خلال أهداف الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي تعزز قدرة المملكة على توليد أصول ملكية فكرية ذات قيمة اقتصادية واجتماعية.
ويُعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية داعمًا لتمكين المبدعين والمبدعات في مختلف المجالات لبناء وطن طموح واقتصاد متنوع ومزدهر للمملكة وجذب المهتمين من الباحثين ورواد الأعمال والمبتكرين من داخل المملكة وحول العالم من خلال الابتكار والإبداع واحترام حقوق الملكية الفكرية.
نيابة الملكية الفكرية
في 4 شعبان 1445هـ/14 فبراير 2024م، أقر مجلس النيابة العامة إنشاء "نيابة الملكية الفكرية" إنفاذًا للاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز المتضمنة توفير بيئة متميزة لتقديم وتنظيم وتطوير الخدمات القضائية في مجالات الملكية الفكرية؛ فهي أحد الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030؛ وتأكيدًا للتكامل مع النيابة العامة في حوكمة العمل الجزائي المتصل بالملكية الفكرية لتحقيق العدالة الناجزة.
وتختص هذه النيابة بالتحقيق وتحريك الدعوى الجزائية في القضايا المتصلة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية المقررة في نظام العلامات التجارية، ونظام حماية حقوق المؤلف المحالة من الهيئة السعودية للملكية الفكرية، إضافة لنظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية.
وتعزز هذه النيابة من تطوير العمل النيابي في الحماية العدلية الشاملة للملكية الفكرية، وتحظى بكادر من المؤهلين من أعضاء النيابة العامة ممن تم تدريبهم واكتسابهم المهارات اللازمة وفق معايير الكفاءة القانونية للحماية الجنائية لحالات انتهاك حقوق الملكية الفكرية، بما يسهم في نمو الإبداع والابتكار.
عيادات الملكية الفكرية
تعد عيادات الملكية الفكرية، أحد برامج تمكين الملكية الفكرية في السعودية التي تتضمن حزمة من الخدمات المختصة في ثلاثة مسارات رئيسة، من خلال موقع الهيئة السعودية للملكية الفكرية، يقدمها خبراء ومختصون محليون ودوليون في المجال، لتحويل الأفكار الإبداعية إلى منتجات مبتكرة عن طريق تسجيل الحقوق وحمايتها والاستفادة منها.
مسار خدمات الإرشاد والتوجيه: يتم عن طريق هذا المسار تقديم خدمات الإرشاد الفني والقانوني لتوجيه المستفيدين في الاستفسارات المتعلقة بتسجيل وحماية حقوق الملكية الفكرية وطنيًّا ودوليًّا وحول استراتيجيات إدارة حقوق الملكية الفكرية وتعزيزها وآلية الاستفادة منها وذلك إما حضوريًّا أو افتراضيًّا.
مسار الخدمات الفنية: عن طريق هذا المسار تقدم الخدمات الفنية المختصة مثل خدمات تحليل السوق و المنافسين وإصدار تقارير البحث في التقنيات السابقة "prior art search" التي تتيح للمستفيدين تحديد الفرصة الابتكارية أو تطويرها.
مسار برنامج الدعم للمنشآت القائمة على الملكية الفكرية: يتضمن هذا المسار برنامج مسرعة الملكية الفكرية التي تهدف إلى تمكين المنشآت القائمة على حقوق الملكية الفكرية، وذلك من خلال تدريب المشاركين وتأهيلهم وربطهم بشبكة من الشركاء في قطاعات الأعمال والمستثمرين في القطاعات ذات الصلة بمنتجاتهم بهدف تحويل حقوق الملكية الفكرية إلى منتجات أو تمويل المنتجات القائمة.
المنصة الوطنية لتبادل حقوق الملكية الفكرية
في 22 جمادى الآخرة 1445هـ/4 يناير 2024م انطلقت أعمال مشروع المنصة الوطنية لتبادل حقوق الملكية الفكرية "أتم" وكُشف عن هويتها، وهي إحدى مبادرات الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، وتهدف منصة أتم لتحفيز الإبداع والابتكار في ظل نمو التقنيات الجديدة والصناعات الإبداعية عن طريق رقمنة إجراءات التداول لأصول الملكية الفكرية بتوفير مساحة آمنة للمبدعين والمبتكرين لتداولها، أو الاستحواذ عليها لتعزيز الاستثمار في الملكيات الفكرية، والاستفادة منها، بشفافية وموثوقية عالية.
كما تقدم المنصة عدة خدمات داعمة من خلال بناء سجل وطني لمقدمي الخدمات والممارسين المرخصين في المجالات ذات الصلة بالملكية الفكرية مثل: التقييم والوساطة والخدمات الفنية للحاضنات ومعامل التصنيع لتسهيل التعاملات والوصولية للخدمات. وينفذ المشروع ضمن أعمال الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية ووفقًا لاتفاقية العمل الموحدة بين الجهات الوطنية ممثلة في الهيئة السعودية للملكية الفكرية كمالك للمشروع والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي كشريك استراتيجي وممكن رقمي، إضافة إلى الجهات الوطنية الداعمة ممثلة في وزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ووزارة العدل ووزارة الثقافة ووزارة التعليم والهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة