مسجد عبدالله بن عباس

مسجد عبدالله بن عباس، هو مسجد تاريخي يقع في المنطقة التاريخية وسط محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة غربي المملكة العربية السعودية، ويعد من الآثار المرتبطة بالسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي.

شكل مسجد عبدالله بن عباس طوال تاريخه صرحًا تعليميًّا لطلبة الشام والعراق ومصر، وعدد من أقطار العالم الإسلامي المهتمين بعلوم الشريعة كأصول الفقه والتفسير، وعلم الحديث والتاريخ، وعلوم اللغة والنحو والصرف.

جاءت تسمية المسجد باسم الصحابي عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما، الملقب بـ"حبر الأمة"، لاتخاذه الطائف مقر سكن له، بعد أن كان متنقلًا بينها وبين الشام والمدينة المنورة ومكة المكرمة، واستمر في سكناها حتى توفي ودفن بها عام 68هـ/687م.

شيد بنو ثقيف المسجد في الموضع الذي صلى فيه النبي محمد عليه الصلاة والسلام خلال حصاره فلول هوازن الذين هرعوا إلى الطائف فرارًا من المسلمين في غزوة حنين في السنة الثامنة من الهجرة، إذ أمر صلى الله عليه وسلم الصحابي عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه بإمامة أهل الطائف فيه.

وتستقر في الجهة الشرقية من المسجد المقبرة التي تضم رفات 11 صحابيًّا استشهدوا أثناء حصار الطائف، وصلى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ودفنهم في المكان نفسه، كما يقع في المقبرة مدفن الصحابي عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، وقبر الإمام محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب.

حظي المسجد بالعناية أثناء الخلافة الراشدة، وفي العصر الأموي، وفي العصر العباسي أحدثت تغييرات على المسجد أثناء خلافة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء الذي أعاد بناء المسجد ووسعه، وأطلق عليه اسم عبدالله بن عباس.كان بناء المسجد من الحجارة على أرضية ترابية يغطيها السعف حتى جدد في العصور اللاحقة عدة مرات.

في العهد السعودي وجه الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود عام 1378هـ/1959م بإعادة بناء المسجد بشكل كامل، ومضاعفة مساحته واستحداث منارات وأبواب جديدة، كما ضوعفت مساحته في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عام 1381هـ/1961م، لتصل إلى 15 ألف م2، وزُين المسجد بعدد من الرواشين والثريات المطعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المصنوعة يدويًّا وجرى بناء مقار سكن للإمام والمؤذن والعاملين، إضافة إلى محال تجارية صنعت من المكان منطقة للثقافة والتبادل التجاري.

وفي عام 1436هـ/2015م أقرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تنفيذ مشروع إعادة بناء المسجد وترميمه بما يوازي مكانته الإسلامية والتاريخية، لتصل مساحته الإجمالية بعد انتهاء المشروع إلى 145,156,86م2، وبمسطحات تبلغ 63,163م2، وتتكون مرافقه من مصلى للرجال في الطابقين الأرضي والميزانين، ومصلى نسائي في الميزانين، ودورات مياه، ومواقف للسيارات في الساحات المحيطة بالمسجد.

وضم مشروع البناء الجديد مغسلة للموتى، ومبنيين سكنيين للمؤذن والإمام، ومباني أخرى للأوقاف، ومبنى للدعوة والإرشاد، ومكاتب واستراحة، وسكنًا للعمال، وسوقًا يحوي 17 محلًا تجاريًّا، إضافة إلى إعادة بناء مكتبة المسجد بخمسة طوابق وصالات مطالعة وغرف إدارية.

واستكمالًا لمشاريع تحديث المسجد وفرشه بالسجاد، أقرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في عام 1440هـ/2019م تحديث سجاد المسجد، بنوعية مميزة تغطي مساحة 10,600م2.

أعلنت هيئة التراث في عام 1444هـ/2023م، تسجيل مسجد عبدالله بن عباس ضمن قائمة السجل الوطني للتراث العمراني، ضمن 41 موقعًا تراثيًا عمرانيًّا جديدًا بمحافظة الطائف تضم قصورًا وبيوتًا تراثية، إلى جانب القُرى والقلاع والمتاحف والأبراج والمساجد والأسواق والمدارس التاريخية، لتضاف إلى المواقع التراثية والتاريخية التي سجلتها الهيئة منذ تأسيسها، بهدف اكتشاف المواقع التراثية والتاريخية بالمملكة وتوثيقها وتسجيلها وصونها.