محمد عبده يماني، (1940م-2010م)،هو كاتب ومفكر، يُعد من أبرز المفكرين في العالم الإسلامي،تولى حقيبة وزارة الإعلام في المملكة العربية السعودية عام 1975م، في منتصف الثلاثينيات من عمره،فكان من أصغر وزراء الإعلام في العالم، وأول وزير إعلام سعودي يُعيَّن في هذه السن،كان وكيلًا لوزارة المعارف،ويُعد من مؤسسي جامعة الملك عبدالعزيز،والمدير الأسبق لها.
في فترة تولي يماني للإعلام ظهر التلفزيون السعودي ملونًا لأول مرة، وأُنشئت القناة السعودية الثانية باللغة الإنجليزية،ونال عدة أوسمة وتكريمات، أبرزها وشاح الملك عبدالعزيز.
ولد محمد عبده يماني في مكة المكرمة،لعائلة مهتمة بالعلوم الشرعية، ونشأ في رعاية والده ووالدته،وكان يتردد كثيرًا على المسجد الحرام، وتعلم في الكتاتيب فحفظ القرآن، ونهل من العلوم الشرعية واللغوية،ثم بدأ التعليم الرسمي في مدرسة الفلاح، إذ ظهر شغفه بالأدب واللغة والثقافة.
تعليم محمد عبده يماني
لم يحظَ محمد عبده يماني بفرصة تحقيق رغبته في إكمال دراسته الثانوية في القسم الأدبي، بسبب قلة الطلبة المقبلين عليه آنذاك، فاضطر إلى الدراسة في القسم العلمي، وحين تخرج حال فقرُ عائلته بينه وبين حلمه في الالتحاق بجامعة القاهرة.
بعد تخرج محمد عبده يماني في الثانوية، تقدم لدراسة الجيولوجيا في جامعة الملك سعود في مدينة الرياض، وانتقل إلى العاصمة عام 1959م ليبدأ دراسة البكالوريوس مع عدد قليل من الطلبة، إذ لم تكن الدراسة الجامعية آنذاك محل إقبال،وهناك برز وظهرت مواهبه وتعددت أنشطته، فكان طالبًا فاعلًا في المسرح والكشافة والخطابة وغيرها من الأنشطة الطلابية.
كان محمد عبده يماني من النخبة الذين جرى اختيارهم للتدريس في الجامعة، ووفق توجيه سامٍ اختير مع زملائه أحمد زكي يماني وعبدالوهاب عبدالواسع وهشام ناظر في أوائل الستينيات الميلادية بصفتهم من الكفاءات التي تستحق التقدير،وعمل معيدًا في الجامعة لعام واحد قبل أن يصدر قرار ابتعاثه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراساته العليا.
انتقل محمد عبده يماني للدراسة في مدينة نيويورك، والتحق بجامعة كورنيل عام 1964م، إذ نال فيها درجة الماجستير عام 1966م، والدكتوراه في عام 1968م عن رسالته التي تناولت "الثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية"، وأثناء دراسته في الجامعة اختير رئيسًا لرابطة الطلبة، ونظَّم عدة احتفالات دينية وأدبية.
استأنف يماني بعد نيل الدكتوراه العمل في جامعة الملك سعود، وفي عام 1972م جاء قرار تعيينه وكيلًا لوزارة المعارف (التعليم حاليًّا)،وكان يكتب ويحقق في عدة صحف ودوريات، ويقدم برنامجًا تلفزيونيًّا،ولاحقًا اختير ليكون مديرًا لجامعة الملك عبدالعزيز في مدينة جدة، وبذل مجهودات أثناء إدارته للجامعة أهلته ليكون أحد مؤسسيها،فيما جعلته محل ترشيح لتولي حقيبة إحدى الوزارات السعودية،حيث اختاره الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود وزيرًا للإعلام السعودي عام 1975م، وكان حينها لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره.
محمد عبده يماني ووزارة الإعلام
كانت الفترة التي شغل فيها يماني منصب وزير الإعلام نقلة نوعية للتلفزيون السعودي، إذ جدد أجهزة البث وطورها، وعمل على توسيع نطاق الإرسال التلفزيوني ليغطي أكبر مساحة ممكنة من مناطق السعودية، كما أدخل البث الملون عام 1976م، ليُنهي عصر شاشة الأبيض والأسود،بعد أن وقّع اتفاقية مع شركة فرنسية وأرسل مجموعة فنيين إلى فرنسا للتدرب على النظام الجديد للتلفزيون،وأنشأ قناة سعودية ثانية تبث برامجها باللغة الإنجليزية.
أضاف محمد عبده يماني لأدوات الإعلام السعودي دورًا رئيسًا إلى جانب الترفيه، وهو التثقيف ونشر الوعي والمعرفة،مع الاطلاع على تجارب المؤسسات الرائدة في العالم ومحاكاتها، وبدأ التلفزيون السعودي في عهده ببث الصلوات من الحرمين الشريفين، ونقل صلاة التراويح في شهر رمضان، مع الاهتمام بظهور علماء الدين والمفكرين في برامج علمية وثقافية، مثل البرامج التي كان يقدمها كلٌّ من علي الطنطاوي ومحمد متولي الشعراوي.
حادثة الحرم المكي في عهد محمد عبده يماني
حقق محمد عبده يماني نجاحًا لوزارة الإعلام حين تمكَّن بتنظيمه وتوجيهه من إدخال فريق إعلامي للمسجد الحرام أثناء حادثة الحرم عام 1979م، واستطاع الفريق تغطية كافة المستجدات بالصوت والصورة ونقل الأخبار للعالم الإسلامي،وحرص على نقل الواقع كما هو بنزاهة ومصداقية بعيدًا عن إثارة الجدل،كما وجه بالتعاون مع وزارة الخارجية للتصرف مع المعلومات الخاطئة حول الحدث التي كانت تنشرها بعض وسائل الإعلام الدولية،ومنع أي استخدام لعناوين مضخمة وعبارات مسيئة للثقافة المحلية والوحدة الوطنية للسعودية.
عُرف عن محمد عبده يماني أنه وزير موجِّه ومرشِد لكيفية التعامل مع قضايا الإعلام الجدلية،وقد ربطته بالملك خالد بن عبدالعزيز والملك فهد بن عبدالعزيز علاقة مقربة،وكان يرافقهما في الزيارات والوفود الرسمية ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية.
أعمال محمد عبده يماني ومؤلفاته
اتجه محمد عبده يماني للعمل الإنساني والتأليف الفكري والأدبي، بعد أن غادر وزارة الإعلام عام 1983م،وتنوعت مؤلفاته، فكتب في النثر والرواية والسيرة النبوية والتربية والفكر وعلم الأرض، فوصلت إلى نحو 15 كتابًا،منها: رواية مشرد بلا خطيئة، وعلموا أولادكم محبة رسول الله، ومستقبل الثروة المعدنية في المملكة، والهدهد يمر من هنا، والمعادلة الحرجة في حياة الأمة الإسلامية، ونظرات علمية حول غزو الفضاء، وفتاة من حائل، وجراح البحر، والجيولوجيا الاقتصادية والثروة المعدنية في المملكة.
التكريمات والجوائز التي نالها محمد عبده يماني
نال محمد عبده يماني عدة أوسمة وجوائز تكريمية لقاء أعماله الإنسانية حول العالم ومبادراته الرائدة، فنال وشاح الملك عبدالعزيز، ووسام الاستحقاق الفرنسي الوطني، ووسام الكوكب الأردني من الملك الحسين بن طلال، ووسام إيزابيلا الإسباني من الملك خوان كارلوس، وأوسمة أخرى من حكومات إندونيسيا، والإمارات، وموريتانيا، كما مُنح عضويات ورئاسة لعشرات الجمعيات، فكان عضوًا تأسيسيًّا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وعضوًا في مجلس الأدباء وأصدقاء القلب،وجمعية خيركم لتحفيظ القرآن الكريم.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة