تم نسخ الرابط بنجاح

الأسواق في الدولة السعودية الأولى

saudipedia Logo
الأسواق في الدولة السعودية الأولى
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

الأسواق في الدولة السعودية الأولى، هي أسواق تجارية، أسهمت في تطور الحركة الاقتصادية في الدولة السعودية الأولى خلال فترة حكمها، وتنوعت مسمياتها وأشكالها حسب مناطق الدولة.

أهداف الأسواق في الدولة السعودية الأولى

تمكنت الدولة السعودية الأولى من التوسع الجغرافي والسياسي، الذي أسهم بدوره في تنوع مصادر الدخل وثروات السكان، وانعكس ذلك على جوانب عدة منها انتشار الأسواق التجارية في نجد، والحجاز، والأحساء، وعسير، وحائل، إذ كانت الأسواق تمثل وجهة يلتقي فيها الناس لقضاء متطلباتهم وحوائجهم، وحضور الدروس العلمية، إلى جانب مزاولة البيع والشراء والأنشطة التجارية عامة.

أنماط الأسواق في الدولة السعودية الأولى

اتخذت الأسواق أنماطًا عدة في الدولة السعودية الأولى، منها: الأسواق ذات الميدان الواسع وتكون وسط البلدة بجوار المسجد أو القصر، وتصطف على جوانبها الدكاكين، إلى جانب متسع لبضائع المتسوقين وإناخة رواحلهم التي ترد إلى السوق بوصفها وسيلة نقل أو معروضة للبيع، إضافة إلى نمط آخر من الأسواق وهو البسط المفروشة على الأرض، تعرض عليها البضائع والمنتجات وغيرها. 

أسواق نجد في الدولة السعودية الأولى

تنوعت الأسواق في نجد خلال الدولة السعودية الأولى، منها أسواق ثابتة طوال العام، احتوت على أنواع من البضائع التي يغلب عليها الصناعة المحلية، إضافة إلى بضائع ترد من الخارج عبر قوافل التجار، وتكون تلك الأسواق محددة بأوقات معينة تبدأ بعد صلاة الفجر حتى غروب الشمس، ومن بضائعها: التمور، والحبوب، والملابس، وبيع المواشي، وغيرها.

والأسواق غير الثابتة التي كانت تقام ليوم أو عدة أيام، تعرف بأسماء الأيام (سوق الخميس، أو السبت، أو الثلاثاء...)، وهي أسواق ترد فيها البضائع من داخل البلدان وخارجها، ويزداد فيها الناس، كما تنشط فيها حركة البيع والشراء، ويعود ذلك لتنقلها من مكان إلى آخر.

وسميت بعض الأسواق في نجد بـ"الجماميل"، لأن بضائعها كانت منقولة على الجمال، ومنها "جماميل قوافل العقيلات"، فكان أصحاب الجماميل (التجار) يتفقون مع الباعة والدلالين الذين يعرفون باسم "الرحّيلة"، لبيع البضائع على البلدان، وبعد بيعها يتسلم التاجر قيمتها، ويعطي الرحيل أجرته.

وكانت الأسعار في أسواق نجد ترتفع وتنخفض حسب حركة السوق، وكثافة مرتاديه إلى جانب العرض والطلب.

وشيدت أسواق نجد في عهد الدولة السعودية الأولى من مواد مستمدة من البيئة المحلية، مثل: الطين، واللبن، والحجارة، والجص، وسُقفت بجريد النخيل.

أسواق الدرعية في الدولة السعودية الأولى

احتضنت الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى سوقًا تسمى بـ"الموسم" تقع دكاكينها على جانبي وادي حنيفة بين حي الطريف من الجهة الغربية وحي البجيري من الجهة الشرقية. ويقصد بالموسم باللهجة المحلية موضع البيع والشراء، وليس المواسم المؤقتة للبيع.

 ويعود اختيار موقع سوق "الموسم" وسط وادي حنيفة، بهدف الوصول إليها بسهولة من أنحاء العاصمة (الدرعية) والبلدان المجاورة والقوافل، ومن البادية التي ترتادها بهدف التبضع، إلى جانب بيع ما لديها من المواشي كالجمال والأغنام، وعرض ما تنتجه من السمن وغيره.

وقُسمت سوق الموسم إلى قسمين، قسم للنساء وآخر للرجال، كما اشتملت على بضائع متنوعة، منها: المجوهرات من الذهب والفضة، والأسلحة كالسيوف والخناجر والبنادق، وأنواع الأقمشة، والملابس، كما يعرض فيها الإبل، والأغنام، والمواشي، والخيول العربية، ويصف ذلك ابن بشر بقوله: "ولقد نظرت إلى موسمها يومًا، وأنا في مكان مرتفع، ... رأيت موسم الرجال في جانب وموسم النساء في جانب، وما فيه من الذهب والفضة والسلاح والإبل والأغنام، وكثرة ما يتعاطونه من صفقة البيع والشراء والأخذ والعطاء...".

وكانت تُفتح سوق "الموسم" طوال الأسبوع، وبصورة أكبر يوم الجمعة؛ لتوافد البدو وأهل القرى المجاورة لأداء صلاة الجمعة، إلى جانب التسويق لمنتجاتهم، وقضاء حوائجهم.

الاستيراد والتصدير في سوق الموسم

كانت سوق الموسم تستورد بضائعها من الهند وشرق الجزيرة كالأقمشة الفاخرة واللؤلؤ، ومن البصرة وبغداد الرماح والأقمشة والأسلحة، ومن اليمن البن، وكانت السوق تصدر إلى الحجاز الجمال، والخراف، والصوف، وريش النعام، وإلى اليمن التمور بأنواعها.

مجالس العلم في سوق الموسم

خصص الإمام سعود بن عبدالعزيز مجلسًا علميًا يوميًا في سوق الموسم، يحضره أبناؤه، وإخوانه، وأهل الدرعية، ورواد السوق، حيث كان يعقد فيه نحو ثلاثة دروس أساسية، أولها عند شروق الشمس، وكان الناس عادة يستمعون للدروس في فصل الشتاء عند الدكاكين الغربية، وفي فصل الصيف عند الدكاكين الشرقية، ويبدأ الدرس بجلوس الإمام سعود في صدر المجلس.

الدكاكين المؤقتة في سوق الموسم

ازداد الطلب على الدكاكين في سوق الموسم في عهد الدولة السعودية الأولى، مما دفع التجار إلى عرض دكاكين مؤقتة غير ثابتة مبنية من القصب على هيئة حوانيت ينقلها أصحابها من مكان إلى آخر بصورة أسهل، وكان إيجار دكاكين "الموسم" على نوعين: دكاكين بإيجار يومي وآخر شهري، وارتفع الطلب عليها حيث بلغت أجرة الدكان المميز نحو 45 ريالاً شهريًا، وأما سائر الدكاكين فبلغت أجرتها من ريال إلى نصف ريال في اليوم الواحد، وكانت ترتفع في حالة قدوم قافلة الملابس إذ تصل إلى نحو أربعة ريالات في اليوم الواحد. وبسبب ارتفاع إيجارات الدكاكين، لجأ صغار التجار في سوق "الموسم" إلى بناء عشش مؤقتة على هيئة الدكاكين لعرض البضائع.

أسواق جنوبي الدولة السعودية الأولى

تضمنت منطقة عسير جنوبي الدولة السعودية الأولى أسواقًا عدة، منها سوق "ابن مدحان" ويعرف باسم "سوق الثلاثاء"، إذ كان مركزًا لتجمع أهالي المنطقة، وملتقى لصناع الحرف اليدوية والمنسوجات، والصناعات، ومن بضائع السوق: المواشي بأنواعها، والسمن، والأسلحة مثل البنادق والخناجر، والحبوب، كالشعير والعدس والحنطة، والأعشاب العطرية، والفواكه والخضراوات.

أسواق شمالي الدولة السعودية الأولى

كانت تقع أسواق حائل شمالي الدولة السعودية الأولى في باحة واسعة من أطراف المدينة، وتضم دكاكين صغيرة مقسمة وفق البضائع المعروضة، مثل: دكاكين الفواكه والخضراوات، ودكاكين التمور والحبوب المزروعة في حائل أو المستوردة، ودكاكين بيع الحيوانات، ودكاكين الحرف وصناع قرب الماء والأحذية والحدادين، ومحلات للخياطين لخياطة المشالح الرجالية والعباءات النسائية.

أسواق غربي الدولة السعودية الأولى

انتشرت الأسواق في مدن الحجاز غربي الدولة السعودية الأولى، تحديدًا في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والطائف، وكانت تتشابه في طريقة التصميم، حيث كانت الأسواق دكاكين متجاورة، تضم مقاهي جانبية، ودكاكين لبيع المأكولات.

وكانت جدة تمثل محطة رئيسة لتنزيل البضائع وإرسالها عن طريق القوافل التجارية، ومن بضائع الأسواق في جدة: العسل، والبن، والأسماك، والفواكه، والخضراوات، والتمر الهندي المستورد، والكيك، والحلويات، والحبوب، والأواني الزخرفية، وأواني الطبخ، والملابس والأحذية، والسجاد، والعطور وغيرها.

أسواق شرقي الدولة السعودية الأولى

أولت الأحساء شرقي الدولة السعودية الأولى اهتمامًا بالأسواق، بوصفها مركز عبور للبضائع القادمة من الخليج إلى وسط الدولة السعودية، وهي أسواق كانت تمثل مكانًا لاجتماع الأهالي، وعرض المزادات، وساحات لإلقاء الشعر والألعاب الرياضية، ومن أسواقها "سوق الهفوف" كانت تعقد كل ثلاثاء، وسوق المبرز كانت تعقد كل اثنين، وسوق القيسارية (القيصرية).

وكانت تقسم أسواق الأحساء إلى دكاكين عدة، مثل: دكاكين مختصة بالبضائع غالية الثمن، كالذهب والفضة والأسلحة والأقمشة، ودكاكين للبضائع المستوردة، مثل اللؤلؤ والبهارات والأسماك، ودكاكين للورش الصناعية مثل الحدادين والنجارين، ودكاكين مختصة للأواني المنزلية، ودكاكين للماشية والخيول والإبل.