تم نسخ الرابط بنجاح

الدولة السعودية الأولى

saudipedia Logo
الدولة السعودية الأولى
مقالة
مدة القراءة 12 دقيقة

الدولة السعودية الأولى، هي الدولة التي أسسها الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ/1727م، واتخذ الدرعية عاصمةً لها، وبهذا فإن الدولة السعودية الأولى سبقت تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية بـ 49 عامًا، وكانت البداية من نجد حيث انطلقت بهدف توحيد شبه الجزيرة العربية بعد قرون من التشظي وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وعلى امتداد تاريخها الذي امتد 94عاماً تولّى حكمها أربعة حكام من آل سعود، يُطلق عليهم لقب الأئمة، أولهم مؤسسها الإمام محمد بن سعود، واتخذت الدولة من قصر سلوى في حي الطريف في الدرعية مقرًا للحكم وقد تولّى الحكم بعد الإمام محمد الإمام عبدالعزيز، ثم الإمام سعود بن عبدالعزيز، ثم نجله الإمام عبدالله، واستمرت الدولة السعودية الأولى 94 عامًا، منذ عام 1139هـ/1727م حتى عام 1233هـ/1818م.

الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود. (دارة الملك عبدالعزيز)
الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود. (دارة الملك عبدالعزيز)
حكّام الدولة السعودية الأولى

يُعرّف حكام الدولة السعودية الاولى بأنهم حكام الدولة وكبار رجالات الأسرة المالكة آل سعود الذين أقاموا أول دولة عربية امتدت على معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، بعد قرون من التشظي وعدم الاستقرار السياسي والأمني الذي سيطر على المنطقة بعد ضعف وتآكل الدولة العباسية، ويُطلق على حكام الدولة السعودية الأولى صفة الائمة، والحاكم منهم إمام، وترأس الدولة السعودية الأولى أربعة حكام، أولهم مؤسسها الإمام محمد بن سعود، الذي ورثه نجله عبدالعزيز في الحكم، ثم حفيده سعود بن عبدالعزيز، وأخيرًا الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود.

تزامن قيام الدولة السعودية الأولى مع تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية ونمو الدولة السعودية في وقت مبكر، حيث استطاع اقناع البلدات المجاورة والقبائل بالانضمام للدولة، واتسع نطاقها الجغرافي إلى قرى ومناطق عدة في نجد واليمامة.

واستطاع الأئمة الأربعة أن يقودوا الدولة إلى توحيد الحجاز غربًا، وساحل الخليج العربي وساحل عمان شرقًا، ويصلوا إلى العراق شمالًا واليمن جنوبًا، وبذلك كوّنوا أول دولة عربية امتدت على معظم أرجاء الجزيرة العربية، واستمر حكم الدولة السعودية تحت قيادتهم لأكثر من تسعة عقود.

كان لكل عهد من عهود الائمة في الدولة السعودية الأولى ما يميّزه، اذ تميّز حكم الإمام محمد بن سعود بترسيخ دعائم الاستقرار واستقطاب الحلفاء والبلدات المجاورة، إلا أن نجله عبدالعزيز ركّز على سياسة توحيد مناطق شبه الجزيرة العربية، وعمل على إقامة حكم الدولة السعودية فيها،أما الإمام سعود بن عبدالعزيز فقد سعى لإكمال جهود والده في التوسّع فتجاوز حدود العراق ووصل الشام، وكانت مهمة الإمام عبدالله التى قام بها هي صد حملات الغزاة العثمانيين ومواجهتهم، والانتصار عليهم في مجموعة معارك، لكن بعد ذلك حاصرت الجيوش العثمانية الدرعية لأكثر من 6 أشهر، انتهى بتدميرها بعد دكها وقصفها بالمدفعية والبارود عام 1233هـ/1818م، وهو ما فتح المجال إلى دخول المدينة ونهبها وتهجير من بقي من أهلها الأحياء.

رسم تخيلي للإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى. (دارة الملك عبدالعزيز)
رسم تخيلي للإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى. (دارة الملك عبدالعزيز)

الإمام محمد بن سعود

كان الإمام محمد بن سعود  أول حكّام الدولة السعودية الأولى وهو الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، من رؤساء قبيلة بنو حنيفة  بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وذلك بداية من العام 1139هـ/1727م.

وُلد محمد بن سعود في الدرعية عام 1090هـ/1679م، ونشأ وترعرع فيها، واكتسب خبرة من التجارب التي خاضها حينما عمل إلى جانب والده وجده أثناء توليهما الأمارة، وبدأ تأسيس الدولة وعمره 49 سنة، منطلقًا من الدرعية التي حكمها ما بين 1139-1179هـ/1727-1765م، وقد مثّل تأسيس الدولة السعودية الأولى بداية عصر جديد في تاريخ الجزيرة العربية. وأدت السياسة التي اتبعها الإمام،  إلى دعم نمو الدولة السعودية  في وقت مبكر، ويُعدُّ الإمام محمد بن سعود أحد مؤسسي الدول البارزين في تاريخ الجزيرة العربية ومحيطها، ويعود السبب في ذلك الى إرثه السياسي والدبلوماسي، إذ أسس لدولة عريقة استمرت رغم انتهائها في مرحلتين من تاريخها وعودتها، حيث جاءت الدولة السعودية الثانية، ثم المملكة العربية السعودية.

نقل الإمام محمد بن سعود الدرعية من الضعف والانقسام، إلى توحيدها واستقلالها السياسي. وحالف النجاح الإمام محمد بن سعود في توحيد كثير من المدن والبلدات من سيطرة ونفوذ القوات المعادية لمشروع الدولة، وكلّفه ذلك حياة ابنيه فيصل وسعود في المعارك، وبعد 40 عامًا قضاها في الحكم، توفي نهاية ربيع الأول عام 1179هـ/1765م، وتولى الحكم من بعده ولي عهده نجله عبدالعزيز.

الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود

خلف الإمام محمد بن سعود في الحكم ابنه عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وأصبح عبدالعزيز ثاني حكّام الدولة السعودية الأولى، وفي عهده امتدت حدود الدولة من الخليج العربي إلى البحر الأحمر، واستطاع تحرير وتوحيد أغلب مناطق الجزيرة العربية وأخضعها الى حكمه، وظل الإمام عبدالعزيز قائدًا لجيوش الدولة طوال 25 عامًا، منذ بدء قتال أعداء الدولة السعودية الأولى عام 1159هـ/1746م، واستطاع ضم الرياض ضمن حدود الدولة 1187هـ/1773م، دون  قتال.

واستطاع الإمام عبدالعزيز خلال سنوات حكمه أن يتغلب على حملات العثمانيين وحكام الأحساء و الحجاز ونجران وحكّام مسقط، ومضى في بناء الدولة، كما تمكّن من تحرير جميع أقاليم نجد، وإقليمي الأحساء والقطيف، وكثير من المناطق في شرقي الجزيرة العربية، إضافة إلى المناطق الجنوبية عسير ونجران وجازان، وأجزاء من منطقة الحجاز.

اُغتيل الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وهو يصلي في مسجد الطريف بالدرعية في شهر رجب عام 1218هـ/1803م.

الإمام سعود بن عبدالعزيز

وُلد الإمام سعود بن عبدالعزيز في الدرعية عام 1161هـ/1748م، وتولى قيادة جيوش والده الإمام عبدالعزيز نحو 36 عامًا من ولايته، واستطاع مد نفوذ الدولة السعودية إلى جنوب غربي العراق وجنوب الشام.

ويُعدُّ الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود ثالث حكّام الدولة السعودية الأولى، وبُويع بالحكم عام 1218هـ/1803م، ويُلقّب بـ "سعود الكبير" لبلوغ الدولة أقصى اتساعها وقوتها في عهده.

وزادت موارد الدولة في عهد الإمام سعود، وكسا الكعبة 7 مرات، وأمَّن طرق الحرمين الشريفين، وكانت وفاة الإمام سعود ليلة الاثنين الحادي عشر من جمادى الأولى 1229هـ/1814م.

الإمام عبدالله بن سعود

الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز هو آخر حكّام الدولة السعودية الأولى ورابع أئمتها، وُلد في الدرعية عام 1185هـ/ 1771م، واشتهر بالشجاعة وأتقن الفروسية في سن صغيرة، واستطاع ترويض الخيول وركوبها في الخامسة من عمره، تولّى الحكم عام 1229هـ/1814م، وهو ابن حفيد مؤسس الدولة السعودية الأولى. وقد وُصف الإمام عبدالله بن سعود بأنه يتفوق على العلماء أنفسهم في الفقه، وكان بليغًا ذكيًا، متواضعًا. قاد الإمام عبدالله بن سعود معركة الدرعية لمدة ستة أشهر، وبعد أن خشي على أهلها من بطش المعتدين العثمانيين أعلن استسلامه مقابل سلامة الأهالي، قُتل في إستانبول في عام 1234هـ/1819م بعد أن فدى شعبه ووطنه بنفسه.

مانع المريدي

مانع بن ربيعة المريدي، هو جد أسرة آل سعود، (الجد السابع لمؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود، والجد التاسع لمؤسس الدولة السعودية الثانية الإمام تركي بن عبدالله، والجد الثالث عشر لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن)، وهو رئيس عشيرة الدروع في شرق الجزيرة العربية. ويُعدُّ شخصية مؤثرة في تاريخ الجزيرة العربية وهجراتها، وهو مؤسس بلدة الدرعية عام (850هـ/1446م) عاصمة الدولة السعودية الأولى. ومن ذريته 16 حاكمًا، يُطلق على بعضهم "أئمة" وعلى الآخرين "ملوك".

ينتسب مانع المريدي إلى بني حنيفة من قبيلة بكر بن وائل العدنانية، ويلتقي نسبه بنسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في "نزار". كانت أسرته ضمن القبائل التي انتقلت من وادي حنيفة في نجد إلى شرق الجزيرة العربية في فترات تاريخية مختلفة، واستقرت في الدرعية الأولى.

حي الطريف.جيرارد ليتشمان.1331-1912. (دارة الملك عبدالعزيز)
حي الطريف.جيرارد ليتشمان.1331-1912. (دارة الملك عبدالعزيز)

الإصلاحات السياسية للدولة السعودية الأولى

تميزت الإصلاحات السياسية للدولة السعودية الأولى بأنها كسرت هيمنة القوى الاقتصادية وأزالت الفوارق الطبقية بين الأفراد، ووسّعت نطاق التعليم، وفتحت الاقتصاد للتجارة القادمة بين شرق مناطق الدولة السعودية وغربها، ونتيجة لذلك زاد نفوذ الدرعية وأصبحت مركزًا سياسيًا عربيًا وحيدًا في الجزيرة العربية، وتمددت سلطاتها الى الأقاليم المجاورة، وتعززت مكانتها الاقتصادية.

وجدت الدولة السعودية بإصلاحاتها السياسية والاقتصادية ترحيبًا من عامة الناس، لكن النُخب العلمية في نجد اعتبرتها تهديدًا عميقًا لها، ذلك أن الدولة السعودية منعت الرشوة واستغلال القضاء، فضلًا عن أن قوى الإصلاح المنبثقة من السياسة التي انتهجها أئمة الدولة السعودية توسّعت أيضًا.

وبدأت رحلة توحيد نجد بدفاع حكّام الدولة السعودية الأولى عن أهل منفوحة وتحريرهم من سيطرة وسطوة عمّال المناطق، فاتخذ حكّام الدولة السعودية الأولى موقفًا ضد الاستبداد الذي مارسه عمّال المناطق بحق الموالين لدعوة وحكم الدولة السعودية الأولى، خاصة ما مُورس ضد أهل منفوحة، فشكّل حاكم الدولة السعودية تحالفًا عسكريًا مناهضًا لممارسات القمع والقهر الذي مُورس بحق المؤيدين لهم.

وبذلك كان التحرير من القهر والظلم هو ما حفّز الدولة السعودية لضم الأقاليم المجاورة، وبالإصرار توحّدت بلاد نجد في مسيرة استمرت 40 سنة، وتُعدُّ حريملاء بمنطقة العيينة أول مدينة تتبع حكم الدولة السعودية بعد السيطرة عليها، بينما تُعدُّ القويعية أول مدينة تبايع الدولة طواعية.

برج مراقبة في الدرعية القديمة. (دارة الملك عبدالعزيز)
برج مراقبة في الدرعية القديمة. (دارة الملك عبدالعزيز)

بعد توحيد نجد والمناطق المجاورة شمالًا وجنوبًا للدولة السعودية، بدأ التوسع نحو الشرق إلى إمارة آل حميد "بنو خالد" في منطقة الأحساء، التي كانت قبلة لمعارضي الدولة السعودية والمناهضين لحكمها، وتحوّلت طبيعة المواجهات بين الدولة السعودية والإمارة من الدفاع إلى الهجوم، إذ كان حكام آل حميد "بنو خالد" يشنون الهجمات في بداية حكم الدولة، ثم تحولوا إلى مدافعين بعد اتساع الرقعة الجغرافية والسياسية والعسكرية للدولة السعودية، وكانت رسالة الدعوة تحمل معها الانطباعات الإيجابية والسمعة الحسنة، وسبقت رسالة الدعوة جيوش الدولة السعودية إلى قبائل وأقاليم الجزيرة العربية.

استمرت المواجهات بين حكام الدولة السعودية وبين آل حميد في منطقة الأحساء لمدة 12 عامًا، بداية من 1198هـ/1784م حتى عام 1210هـ/1796م، ثم دخلت المنطقة الشرقية ضمن حدود الدولة  السعودية.

حاول حاكم مدينة الخرج الاستنجاد بنظيره في نجران للوقوف معه ضد الدولة السعودية، فأبى إلا بمقابل مالي، والتقى جيش الدولة السعودية بجيش الحلفاء أكثر من مرة، آخرها في ضرماء، وانتصر فيها قائد القوات السعودية ونجل حاكمها عبدالعزيز بن محمد بن سعود.

كان الحجاز خاضعًا لسيطرة العثمانيين سياسيًا، إلا أن كثيرًا من أهله كانوا يتطلعون إلى الانضمام للدولة السعودية من أجل الدعوة والازدهار، وقد أدرك حكام الدولة السعودية أهمية مكة المكرمة ومركزيتها، فسعوا لإقناع الأشراف بحسن نيتهم في عقد علاقات الصداقة معهم، فكان الرد هو تشويه سمعة الدعوة بين الحجاج، واستمرت العلاقة بين الطرفين في تأرجح بين التقارب والتباعد حتى عام 1220هـ/1806م، فحاصرت الدولة السعودية جيش الشريف غالب الذي طلب الإمارة على مكة مقابل التبعية الكاملة للدولة السعودية، فدخلت مكة بشكل كامل ضمن الدولة السعودية، وتبعتها المدينة المنورة بعد ذلك.

أخذت الدولة السعودية بالاتساع أكثر فأكثر داخل الأقاليم الجنوبية للبلاد، من خلال قادتها الذين شنّوا حملاتهم على بيشة وبلدات عسير، كما أسهم الطلاب الدارسون في الدرعية في تسهيل نشر الدعوة المرتبطة بحكم الدولة السعودية الأولى التي وصلت أبي عريش في ذلك الوقت.

ثم انضمت القصيم إلى الدولة السعودية من بريدة عام 1182هـ/1768م، وبعدها بعشرين عامًا تلتها عنيزة، وكان انضمام حائل للدولة السعودية سببًا في السيطرة على تيماء ودومة الجندل.

صورة جوية للدرعية. بيشا. (دارة الملك عبدالعزيز)
صورة جوية للدرعية. بيشا. (دارة الملك عبدالعزيز)

الأزياء التقليدية في الدولة السعودية الأولى

أزياء الرجال في الدولة السعودية الأولى

شكّلت الأزياء جزءًا من تراث وتاريخ المجتمع في عهد الدولة السعودية الأولى، وعكست معظمها أساليب المعيشة آنذاك، وامتد تاريخها من اللباس الذي اعتاد الإمام محمد بن سعود بن عبدالعزيز ارتداءه، حيث كان يفضّل ارتداء الثياب ذات الأقمشة الفاخرة المصنوعة من القطن والكتّان.

لا يختلف الزي الرجالي في عهد الدولة السعودية الأولى بشكلٍ عام عن طابعه الحديث، إذ يُمثّل الثوب فيه جزءًا أساسيًا على امتداد مراحل وصوله الى شكله الحديث، بدءًا بالثوب المقطّع الذي يُعرف بقصر أكمامه حتى الرسغ، حتى أصبح يُلبس فوقه المرودن، وسُمي بالمرودن لسعة أردانه؛ أي أكمامه، إذ تكون فضفاضة وطويلة، ونوعية قماشه شفافة وخفيفة، ويلبس عادًة فوق الثوب العادي أو المقطّع.

في سياق أغطية الرأس الرجالية ضمن الأزياء التقليدية في الدولة السعودية الأولى، لم يكن يُعرف عن الإمام عبدالعزيز بن محمد ارتداءه العمامة، وكان يكتفي بوضع الكوفية على رأسه، وهي امتداد للشكل التقليدي للغترة السعودية، وهي قطعة تُصنع من القطن أو الكتان، يتم تمييزها بحسب ألوانها، الأحمر والأبيض، أو الأبيض أو الأسود والأبيض معًا، وتكون مربعة الشكل يتم ثنيها في الغالب على شكل مثلث، وتثبت بقطعة قماش تُلف على هيئة عمامة تقوم مقام العقال الآن، وتُصنع محليًا في الدرعية.

ارتدى الإمام عبدالله بن سعود الكوفية بشكلها التقليدي، وكانت عبارة عن قطعة من القماش ذات لون أحمر، تذيلها زينة بالخطوط الصفراء منسدلة على الأكتاف، ويُلف حولها العصابة أو العمامة بشكل دائري على محيط الرأس، وتقفل من الناحية الخلفية.

بالإضافة الى العقال والثوب والغترة، مثّلت العباءة أو البِشت جزءًا من الزي التقليدي الرجالي السعودي في الدولة السعودية الأولى، فإلى جانب ما تُضفيه من وجاهة لمرتديها، وتدفئتها له في الشتاء، لها أنواع عديدة منها: العباءة القيلانية؛ وهي عباءة سوداء تُصنع من الصوف الناعم وتُزيّن بالخطوط الذهبية أو الخضراء، وتُصبغ بمادة الزباد ونبات الورس، ارتداها الإمام سعود بن عبدالعزيز وتمت خياطتها من أجله بالحرير الأحمر، وزُيّنت حواشيها بالحرير الأصفر في الأحساء التي تشتهر بصناعة البشت السعودي.

إلى جانب العباءة القيلانية يمكن اعتبار عباءة البرقاء؛ إحدى العباءات الأكثر شيوعًا في زي الرجل التقليدي في الدولة السعودية الأولى، وهو بِشت يحاك من صوف الماعز المغزول يدويًا، يكون مفتوحًا من الأمام، واسع العرض والأكمام ويظهر بخطوط طويلة عريضة باللونين الأبيض والأسود أو البني، يفصل بينهما خط أبيض رفيع، وهي امتداد للشكل الحديث لما يُعرف بالفروة، تُلبس غالبًا في فصل الشتاء، ومن الأئمة الذين ارتدوا عباءة البرقاء  الإمام عبدالله بن سعود.

أزياء النساء في الدولة السعودية الأولى

عكست الأزياء التقليدية لنساء عائلة الإمام عبدالله بن سعود في الدولة السعودية الأولى مستوى عاليًا من الرقي، فإلى جانب ارتدائهن للأزياء المعروفة في عهد الدولة السعودية الأولى مقطع الزري، والدراعة، والثوب، والمخنق والغطوة والبرقع لغطاء الرأس والوجه، كانت مُعظم ثياب النساء تُحاك من الحرير الهندي، والحرير الشامي ذي الألوان المتعددة، كالأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والوردي، وتّطرّز بالألوان الذهبية، وكن يحرصن على تجميل لباسهن بالذهب المرصع بالجواهر الثمينة كالياقوت الأحمر والفيروز. وبشكلٍ عام، أظهرت نساء عائلة الإمام عبدالله بن سعود، اهتمامًا أكبر بالتجمّل بالحلي كاللؤلؤ والياقوت.

واعتمدت الأزياء النسائية التقليدية في الدولة السعودية الأولى على الأقمشة الطبيعية، والتي تتنوّع وتختلف باختلاف المناخ وفصول السنة، فكانت ملابس الصيف يُعتمد فيها على الأقمشة الخفيفة مثل القطن والحرير الطبيعي والجاكار، أما في فصل الشتاء فاستُخدِمت الأقمشة الثقيلة مثل الصوف الكشميري، وكانت النساء يرتدين نوعين من الثياب، أحدهما كان يسمّى بـ (ثوب الكرباس)، يفضلن ارتداء اللون الأسود والأخضر منه، والنوع الآخر عبارة عن ثياب مصنوعة من الحرير تأتي بألوان متعددة، وتتزيّن النساء بلبس حلي الذهب والجواهر النفيسة.

كما ارتدت النساء في الدولة السعودية الأولى المقطّع (الدراعة)، وهو زي واسع وطويل، يأتي بأشكال متنوعة وأسماء تختلف باختلاف طريقة التفصيل وبلد التصنيع، منها "مقطع الزري" إذ تُستخدم خيوط الزري في نسيج قماشه، ويُطرّز بالزخارف مثل السيفين والنخلة من الأمام، ويزداد التطريز كثافةً أسفل الصدر، أما الثوب فيُشار به إلى القطعة العلوية التي تلبسها النساء فوق المقطع (الدراعة)، تُصنع من الأقمشة الشفافة والرقيقة مثل التل، والشيفون والدانتيل، وتتصف بالطول والاتساع، وله عدّة مسميات مثل (ثوب المسرح)، و(ثوب المخطم)، المطُرّز بخطوط عريضة، وكلاهما يُلبس في المناسبات والأعياد.

وكانت "العباءة" ضمن الملابس التقليدية للخروج عند النساء في الدولة السعودية الأولى، إذ تُصنع من صوف الإبل والأغنام، وتُفصّل بشكلٍ مستطيل بفتحتين صغيرتين عند الزاويتين اليمنى واليسرى، وتُوضع على الرأس. وللعباءة أنواع مختلفة، منها (العباءة القيلانية) التي كانت تُصنع من الصوف بأيادي النساء، وتزيّنها النقوش المختلفة، وأنواع أخرى من العباءة مثل المعصمة التي تلبسها النساء في المناسبات وحفلات الزواج، وعباءة فيصول والمرشدة، وعباءة (دفة الماهود) التي كانت توضع ضمن جهاز العروس، ويُستخدم في تزيينها طريقة التعصيم بخيوط من حرير الأبريسم باللون الأسود والقيطان وخيوط الزري المذهّبة.

حدود وامتداد الدولة السعودية الأولى

 امتدت حدود الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز لتصل إلى العراق والشام، وتشمل جميع مناطق الجزيرة العربية عدا الكويت وحضرموت، ولُقّب إمام الدولة بسعود الكبير. 

 كان قيام الدولة السعودية الأولى حدثًا مثيرًا للدهشة في شبه الجزيرة العربية، لأنها كانت أول دولة في نجد بعد حوالي 10 قرون من الفوضى والضعف وكان ما قبلها إمارات صغيرة لا يجمعها كيان واحد، تتقاتل فيما بينها لبسط النفوذ والسيطرة.

مواجهات الدولة السعودية مع العثمانيين

أصبح صعود الدولة السعودية وحكمها للحجاز يُمثّل تحديًا جديدًا وتهديدًا بطرد الدولة العثمانية من المنطقة، خاصة بعد وصول حدود السعودية إلى العراق والشام والخليج العربي واليمن، فسعى العثمانيون إلى محاربة الدولة وإنهاء حكمها، وبدأت محاولاتهم عن طريق الشام والعراق، إلا أنها فشلت في تحقيق أي نتائج.

  حاولت الدولة العثمانية إيقاف سياسة تحرير وتوحيد الجزيرة العربية التي اتبعها الأئمة السعوديون، فوجّهت واليها على مصر محمد علي باشا بالتحرك لغزو الدولة السعودية، وبدأ التحرك للقتال عام 1226هـ/1811م، وكان طوسون نجل محمد علي باشا قائدًا لأول جيش توجّه إلى جنوب المدينة المنورة، إلا أنه هُزم في أول لقاءاته بقوات الدولة السعودية، وعاد إلى ينبُع طالبًا المدد الذي استخدمه في السيطرة على المدينة المنورة ثم جدة ومكة باتفاقات سرية بينه وبين الشريف غالب، مكّنته من السيطرة على الحجاز لاحقًا.

 جهّزت الدولة العثمانية الأساطيل الهادفة للقضاء على الدولة السعودية في عام 1231هـ/1816م، عن طريق ينبع بقيادة إبراهيم باشا، وزحفت جيوش الدولة العثمانية إلى وسط مناطق سيطرة الدولة السعودية، وحاصرت مدينة الرس ثلاثة أشهر لتحصّن الإمام عبدالله بن سعود فيها، ولكن الجيوش العثمانية لم تستطع السيطرة عليها إلا بالصلح، وتوجّهت إلى بريدة وإقليم الوشم وضرماء التي كبّدت الجيش العثماني خسائر فادحة.

 حاصر جيش العثمانيين بقيادة إبراهيم باشا الدرعية ستة أشهر متتالية، ولإنهاء الحصار الذي اشتد على أهلها بادر الإمام عبدالله بن سعود بالخروج من الدرعية عاصمة الدولة السعودية، مقابل سلامة الأهالي والحفاظ على البلدة من الهدم والتدمير، وقَبِل إبراهيم باشا تلك المبادرة، إلا أنه لم يفِ بعهده الذي قطعه، وأعطى الأوامر لجيشه بعد ذلك بتدمير الدرعية، التي دُكّت بالمدافع وخُرِبت على رؤوس أهلها، بينما أسرت قواته الإمام ونقلته إلى إسطنبول حيث أُعدم من قبل العثمانيين، ما أدّى لاحقًا إلى تسميته الإمام الشهيد، لينتهي بذلك حكم الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ/1818م.