تم نسخ الرابط بنجاح

الدولة السعودية الثانية

saudipedia Logo
الدولة السعودية الثانية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

الدولة السعودية الثانية، هي الدولة التي أسسها الإمام تركي بن عبدالله عام 1240هـ/1824م، واتخذ الرياض عاصمة لها، واستطاعت أن تحافظ على الحكم لمدة 69 عامًا، بدءًا من 1240هـ - 1309هـ/1824- 1891م، وتعاقب على حكمها خلال تلك الفترة أربعة من الأئمة من أسرة آل سعود، أولهم الإمام تركي بن عبدالله، حفيد مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، وآخرهم الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي، والد مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.

بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، بدأت أولى محاولات إقامة الدولة السعودية من جديد حينما بدأ الإمام تركي بن عبدالله مسيرة إعادة تأسيس الدولة من جديد. وتعد الدولة السعودية الثانية امتدادًا للدولة السعودية الأولى، اذ تشتركان معًا في سلالة الحكم والتقاليد والرسالة، كما اعتمدت الدولة السعودية الثانية في بسط حكمها على الأسس والمبادئ التي ورثتها من الدولة السعودية الأولى، وظلت بعض المناطق تحاول أن تحكم نفسها، قبل أن تُوحّد مُجددًا ضمن حدود الدولة السعودية. واتخذت الرياض عاصمة للدولة السعودية الثانية بدلًا من الدرعية، واتخذ الحكم في أبناء الأمير عبدالله بن محمد بن سعود بدلًا من أبناء أخيه الإمام عبدالعزيز ثاني حكام الدولة السعودية الأولى.

 

صورة تاريخية للدرعية. فيلبي.1917-1337. (دارة الملك عبدالعزيز)
صورة تاريخية للدرعية. فيلبي.1917-1337. (دارة الملك عبدالعزيز)

حكام الدولة السعودية الثانية

تولى حكم الدولة السعودية الثانية الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، ونجله فيصل بن تركي بن عبدالله، وابنا الإمام فيصل، عبدالله بن فيصل وعبدالرحمن بن فيصل، والد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، آخر حكام الدولة السعودية الثانية. أعاد حكام الدولة السعودية الثانية بناء الدولة بعد أن طردوا حاميات الدولة العثمانية.

الإمام تركي بن عبدالله

يعدّ الإمام تركي بن عبدالله محورًا أساسيًا في الدولة السعودية الثانية، إذ أسسها عام 1240هـ/1824م،وهو أول من اتخذ الرياض عاصمة لحكم الدولة السعودية بعد طرد العثمانيين من المنطقة، وأعاد أغلب أقاليم الدولة السعودية الأولى لحكم الدولة الجديدة. واتجه إلى بسط الأمن ومد نفوذ الدولة إلى مختلف المدن التي كانت تحت حكم الدولة السعودية الأولى، وحصل الامام تركي بن عبدالله على بيعة الأقاليم تباعًا.

اقتص الإمام تركي بن عبدالله للأمير مشاري بن سعود من ابن معمر وابنه، وذلك بعد أن جمع أنصار الدولة السعودية من ضرما والحائر وتوجه بهم إلى الدرعية للقبض عليهما.

بعد استقرار الأمور للإمام تركي بن عبدالله اختار الرياض عاصمة للدولة، بسبب معرفته بها وقلة السكان في الدرعية بعد تدمير العثمانيين لها، كما أراد أن تبقى الدرعية شاهدًا على الماضي وتاريخًا يحكي قصة الدولة السعودية الأولى.

اغتيل الإمام تركي بن عبدالله على يد إبراهيم بن حمزة بن منصور، بتدبير من الأمير مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود، في 29 ذي الحجة 1249هـ/8 مايو 1834م، وبقي الأمير مشاري في الرياض مدة 40 يومًا، حتى استردها الإمام فيصل بن تركي في 10 صفر  1250هـ/17 يونيو 1834م.

الإمام فيصل بن تركي

يعد الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله ثاني حكام الدولة السعودية الثانية، وأول حاكم سعودي يتولى الحكم مرتين، وهو ابن مؤسس الدولة السعودية الثانية.ولد الإمام فيصل بن تركي عام 1203هـ/1789م، وبدأ حكمه عام 1250هـ/1834 باستعادة حكم والده الإمام تركي بن عبدالله.وثبّت نفوذ الدولة السعودية الثانية في أغلب أجزاء الجزيرة العربية، واستمر حكمه 32عامًا. توفي الإمام فيصل في 1282هـ/1865م، وتولى الحكم من بعده ابنه الإمام عبدالله بن فيصل.عمل الامام فيصل بن تركي أيضًا على استمرار وحدة الدولة السعودية، وحدا هذا الأمر بالعثمانيين إلى الدفع مرة أخرى بقوات محمد علي باشا للقضاء على الدولة السعودية الثانية. توجهت قوات محمد علي باشا إلى نجد ووصلت هناك بقيادة خورشيد باشا، وأحس الإمام فيصل بن تركي بوجود مكيدة، فبادر بالخروج إلى المدينة المنورة، حفاظا على سلامة أهالي دولته وحقنًا لدمائهم، لكنه حُبس وأُرسل إلى مصر وسُجن هناك، إلا أنه استطاع أن يهرب منها ويعود إلى نجد بعد انسحاب قوات محمد علي.

استطاع الإمام فيصل بن تركي الخروج من مصر في عام 1259هـ/1843م، واتجه إلى حائل ومنها توجه إلى منطقة القصيم التي خضعت له بعد، وواصل الإمام فيصل تحركه نحو الرياض وهو يحصد الانتصارات المتتالية حتى وصل إليها، وتسليم الحكم للحاكم الشرعي الإمام فيصل بن تركي.

أُعيد خلال هذه الفترة بناء مؤسسات الدولة اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، وتوسعت حدودها في عدد من الجهات، واستمر الإمام فيصل في حكمه للدولة حتى وفاته في 21 رجب 1282هـ/9 ديسمبر 1865م.

الإمام عبدالله بن فيصل

ثالث أئمة الدولة السعودية الثانية (سابع أئمة الدولة السعودية)، تولى قيادة الجيش في عهد والده الإمام فيصل بن تركي وكان ساعده الأيمن، وبعد وفاة والده عام 1282هـ1865)م (تولى الحكم، وواصل مسيرة والده، وقام ببناء قصر المصمك في الرياض الذي كان مقرًا للحكم وسكنًا له، وشهد عهده العديد من التحديات التي تمكن من مواجهتها والصبر عليها للحفاظ على الدولة واستقرارها. واستمر في الحكم حتى وفاته في الرياض عام 1307هـ (1889م).

الإمام عبدالرحمن بن فيصل.
الإمام عبدالرحمن بن فيصل.

الإمام عبدالرحمن بن فيصل

الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي هو آخر حكام الدولة السعودية الثانية، وحفيد مؤسسها الإمام تركي بن عبدالله، وأصغر أبناء الإمام فيصل بن تركي، توفي والده وعمره 14 عامًا، وعاش بعده 64 عامًا.

ولد الإمام عبدالرحمن بن فيصل عام 1267هـ/1851م، وتوفي عام  1346هـ/1928م. والإمام عبدالرحمن بن فيصل هو الإمام الوحيد في الدولتين السعوديتين الأولى والثانية الذي توجد له صورة فوتوغرافية حقيقية، وهي محفوظة في الأرشيف الفرنسي وتعود إلى عام 1319هـ/1902م.

استمر حكم الإمام عبدالرحمن بن فيصل عامين بدأت في 1307هـ - 1889م واستمرت حتى عام 1309هـ/1891م. وتولى الحكم بالنيابة فترة قصية خلال عهد أخيه الإمام عبدالله بن فيصل.

مساهمات الإمام عبدالرحمن بن فيصل

بعد نهاية حكم الإمام عبدالرحمن بن فيصل، اختار الابتعاد عن التعقيدات السياسية والقبلية لمنطقة نجد بعد انتهاء حكم الدولة السعودية الثانية عام 1309هـ/1891م، وانتقل بأسرته إلى شرق الجزيرة العربية، لبعدها عن نفوذ عمّال الدولة العثمانية وتدخلاتها، ووجود قبائل متحالفة مع آل سعود ومناوئة لخصومهم.لكن من جهة أخرى ساهم الإمام عبدالرحمن في تأسيس الدولة السعودية الثالثة (المملكة العربية السعودية) الحالية، وعاصر استرداد مناطق حكم الدولة السعودية الأولى.

وتنازل الإمام عبدالرحمن بن فيصل لابنه عبدالعزيز عن الحكم في الرياض، وصار أول إمام في تاريخ الدولة السعودية يشهد حكم ابنه، واشترط الملك عبدالعزيز لقبول التنازل أن يكون الرأي الأول في الأمور المصيرية لوالده الإمام عبدالرحمن.

وخلال معارك نجله الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مع جيوش ابن رشيد، اضطلع الإمام عبدالرحمن بن فيصل بمهمة حماية الرياض، واستطاع ردع القوات التي حاولت استغلال غياب الملك عن الرياض، وإجبارها على الابتعاد بمقاتليها الذين بلغ عددهم قرابة أربعة آلاف مقاتل.

وشارك الامام عبدالرحمن بن فيصل نجلَه الملك عبدالعزيز في وضع خطط الحروب والمعارك، واستعادة مناطق الدولة السعودية، وأسهم بخبراته وعلاقاته السياسية في إرساء حكم المملكة. وتوفي في شهر ذي الحجة عام 1346هـ/1928م، عن عمر ناهز 78 عامًا.

حدود الدولة السعودية الثانية

استفاد الإمام تركي بن عبدالله من مقومات الدولة السعودية الأولى في تأسيس الدولة الجديدة بالرياض، واعتمد على ولاء الأهالي في البادية للدولة السعودية.امتدت حدود الدولة السعودية الثانية من وادي السرحان شمالًا حتى نجران جنوبا ومن حدود الحجاز غربًا حتى الخليج العربي وبحر عمان شرقًا.

نهاية الدولة السعودية الثانية

عاد الإمام عبدالله وأخوه الإمام عبدالرحمن، ابنا فيصل بن تركي، إلى الرياض، وتوفي عبدالله بعد وصوله بيومين، وتولى الحكم الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الذي بادر بالقبض على عامل ابن رشيد، فسار إليهم ابن رشيد عام 1308هـ/1890م وحاصرهم في الرياض، واتفق مع وفد للتفاوض على انسحاب ابن رشيد وإطلاق سراح الأسرى، شرط القبول بإمارة الرياض وبلدان العارض والمحمل والوشم والخرج والحوطة والحريق والأفلاج ووادي الدواسر ضمن حدود الدولة السعودية بقيادة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي.

وأدى الخلاف الذي نشب بين أبناء الإمام فيصل بن تركي إلى نهاية الدولة السعودية الثانية، في الوقت الذي كانت تواجه فيه مجموعة قوى مناوئة لها، تمثلت في الدولة العثمانية التي استخدمت ودعمت آل حميد وأمراء الحجاز وآل رشيد ضدها، حتى انتهت عام 1309هـ/1891م.

استعاد الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الرياض والخرج عام 1309هـ/1891م ورُدت قواته في حريملاء، فاتجه ابن رشيد للرياض وهدم أسوارها، وعين محمد بن فيصل أميرًا عليها، منهيًا بذلك حكم الفترة الثانية للإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي التي بدأت عام 1307هـ - 1309هـ (1889-1891م) لتكون نهاية الدولة السعودية الثانية.