بئر زمزم، هي بئر تقع في المسجد الحرام بمكة المكرمة بالقرب من الكعبة المشرفة، ينبع منها ماء زمزم، الذي وصفه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه ماء مبارك، وبيّن أنه شفاء من الأمراض.
تقع بئر زمزم داخل صحن المطاف في المسجد الحرام بمكة المكرمة غربي المملكة العربية السعودية، وتتموضع في الجهة الشرقية للكعبة المشرفة، وتبعد عنها نحو 21م وتحاذي الملتزم. ووصف الأزرقي بئر زمزم في زمنه "كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعًا، وفي قعرها ثلاث عيون، عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء أبي قبيس والصفا، وعين حذاء المروة".
ووصفها إبراهيم رفعت باشا على عهده (وكان ذلك أوائل القرن الثالث عشر الهجري)، وأشار إلى أن بئر زمزم تقع جنوبي مقام إبراهيم، وذكر أن الزاوية الشمالية الغربية من البناء القائم على بئر زمزم محاذية للحجر الأسود وتبعد منه 18م، ووصف البناء القائم على البئر بأنه مربع الشكل من الداخل طول ضلعه 5.25م، ومفروش بالرخام، ويتكون البناء من طبقتين: في الأولى خدمة البئر، وفي الثانية خدمة الخصيان (الأغوات)، ومن يريد الاستحمام يصعد إليها على سلم من الخشب.
أسماء زمزم
يعود سبب تسمية زمزم بهذا الاسم إلى السيدة هاجر أم إسماعيل، إذ إنها عندما تكاثر عليها نبع الماء من البئر جعلت تحوّض الماء وهي تقول زمي زمي،
وذكر ابن بري كما نقل عنه ابن منظور صاحب لسان العرب، عددًا من الأسماء التي تطلق ويراد بها زمزم، ومن هذه الأسماء: رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، حَفيرة عبدالمطلب، مَضْنُونَةُ، مَكْتُومَةُ، سُقْيا الرَّواءُ، شُباعَةُ، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ.
وأورد صاحب معجم البلدان ياقوت الحموي، أسماء مشتقة من اسم زمزم وكلها يطلقها المسلمون على البئر والماء وتدل عليهما، فهي كما أورد: زَمَمُ، وزُمزم، وزُمازم، كما أن لها أسماء اشتقت من الأحداث التي لازمت البئر فتسمى: هزمة جبريل، وركضة جبرائيل، وهزمة المَلَك، والهزمة والركضة معناهما واحد وهي المنخفض من الأرض، وتطلق العرب على الغمزة على الأرض بعقب القدم (هزمة)، ويطلق على زمزم أيضًا اسم: سقيا الله لإسماعيل، وتسمى الشُبَاعةُ بإثبات الألف واللام وبدونهما، ومضنونة، وبرة، وتكتم، وطعام طعم، وشفاء سقم، وطعام الأبرار، وشراب الأبرار، وطيبة.
أهمية بئر زمزم
تتمتع بئر زمزم بمكانة روحية ورمزية لدى المسلمين، وتعد من المعالم المهمة في المسجد الحرام إلى جانب المعالم الأخرى الموجودة، وعلى مر الزمان ارتبط المسلمون ببئر زمزم، وهي تعد مقصدًا للمسلمين الذين يؤدون شعائر الحج والعمرة.
ارتبطت بدايات زمزم بالنبي إبراهيم، عليه السلام، وزوجته وابنه، حيث تفجرت منها المياه بين يدي الطفل الرضيع (وقتذاك) نبي الله إسماعيل، عليه السلام، وأمه السيدة هاجر زوجة خليل الله إبراهيم، عليه السلام، الذي أنزل ذريته بوادٍ غير ذي زرع عند بيت الله المحرم.
فوائد ماء زمزم
ينظر المسلمون إلى الماء الذي تنتجه بئر زمزم على أنه طعام، كما ينظرون إليه على أنه شفاء سقم نبع بأمر الله.
ويروي الإمام مسلم في صحيحه أن الصحابي أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، عندما جاء إلى مكة ودخل الحرم، بقي في الحرم ثلاثين يومًا، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم "متى كنت هنا؟ قال: قلت: قد كنت ههنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: فمن كان يطعمك؟ قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال صلى الله عليه وسلم: إنها مباركة، إنها طعام طعم". وذكر ابن القيم في كتاب زاد المعاد عن فوائد ماء زمزم "وشاهدت من يتغذى به -ماء زمزم– الأيام ذوات العدد، قريبًا من نصف الشهر وأكثر، ولا يجد جوعًا، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يومًا".
تاريخ زمزم
بئر زمزم قبل الإسلام
تعود بداية بئر زمزم وتدفقها عينًا، ونبعها من الأرض كما ترويه المصادر الإسلامية، إلى هجرة النبي إبراهيم وهاجر وابنهما إسماعيل إلى الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، فوضع النبي إبراهيم هاجر ومعها ابنها الرضيع عند شجرة فوق زمزم (ولم تكن البئر موجودة بعد)، وزود نبي الله إبراهيم هاجر بجراب فيه تمر وسقاء فيه ماء ولم يكن بمكة وقتذاك أحد من السكان فكانت أرضًا قفرًا، وقفل النبي إبراهيم راجعًا من حيث أتى، فتبعته هاجر أم إسماعيل وهي تسأله: أين تذهب يا إبراهيم وتتركنا وحدنا في هذا الوادي الذي ليس به أحد من الإنس أو الجن؟، فلم يجبها إبراهيم ولم يلتفت إليها حتى كررت ذلك مرارًا، وعندما لم يجبها إبراهيم، سألته قائلة: آلله أمرك بهذا؟ عندها أجابها إبراهيم، عليه السلام: نعم. فقالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت إلى مكانها الذي وضعها فيه إبراهيم، أما النبي إبراهيم فانطلق إلى حيث يريد حتى إذا بلغ الثنية بحيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت الحرام ورفع يديه مبتهلًا إلى الله بالدعاء كما جاء في الآية الكريمة "ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم" (إبراهيم:37). وظلت أم إسماعيل ترضع ابنها، وتشرب من الماء الذي تركه لهما النبي إبراهيم، حتى نفد ما بالسقاء من ماء، فأصابهما العطش، وجعل ابنها يتلوى، فانطلقت تسعى بحثًا عن الماء، فوجدت الصفا وهو أقرب جبل يليها، فقامت عليه، ثم استشرفت الوادي تنظر لعلها ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ثم هبطت من جبل الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، ونظرت لعلها ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، وقد فعلت أم إسماعيل ذلك سبع مرات، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا، فقالت: صه، تريد نفسها، ثم تسمعت، فسمعت أيضًا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه، أو قال: بجناحه حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه، وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعدما تغرف، فشربت، وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.
وبقيت أم إسماعيل على تلك الحال تتزود من ماء زمزم وترضع صغيرها، ثم مرت جماعة من قبيلة جرهم ونزلوا أسفل مكة، ثم رأوا طائرًا يحلق حول المكان، فعرفوا بفطنة أهل البادية أن بالمكان ماء وكانوا يمرون على هذا المكان من قبل وليس به ماء، فأرسلوا من يستجلي لهم الخبر، فإذا هم بالماء، فرجعوا إلى قومهم وأخبروهم الخبر، فأقبلت جماعة جرهم وأم إسماعيل عند الماء، فطلبوا منها الإذن بالنزول عندها، فأجابت إلى طلبهم ولكنها قالت لهم لا حق لكم في الماء، فقبلوا ذلك.
بئر زمزم عند قريش
نضبت بئر زمزم بعد زمن إبراهيم عليه السلام، واندثرت معالمها، حتى أعاد عبدالمطلب، جد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، حفرها ليتدفق ماؤها مجددًا، ويستمر حتى اليوم.
لم تكن زمزم على عهد قريش نبعًا جاريًّا، ويؤيد هذا حديث زمزم المروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال "بينما عبدالمطلب نائم في الحجر أتي، فقيل له: احفر برة، فقال: وما برة؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغد نام في مضجعه ذلك، فأتي فقيل له: احفر المضنونة، قال: وما مضنونة؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغد عاد، فنام في مضجعه ذلك، فأتي فقيل له: احفر طيبة، فقال: وما طيبة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغد عاد، فنام بمضجعه، فأتي فقيل له: احفر زمزم، فقال: وما زمزم؟ فقال: لا تنزف ولا تذم، ثم نعت له موضعها، فقام يحفر حيث نعت له، فقالت له قريش: ما هذا يا عبدالمطلب؟ فقال: أمرت بحفر زمزم، فلما كشف عنه، وبصروا بالظبي، قالوا: يا عبدالمطلب: إن لنا حقًّا فيها معك، إنها لبئر أبينا إسماعيل، فقال: ما هي لكم، لقد خصصت بها دونكم، قالوا: فحاكمنا، قال: نعم، قالوا: بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم، وكانت بأشراف الشام. قال: فركب عبدالمطلب في نفر من بني أبيه، وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر، وكانت الأرض إذ ذاك مفاوز فيما بين الشام والحجاز، حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ماء عبدالمطلب وأصحابه، حتى أيقنوا بالهلكة، فاستسقوا القوم، قالوا: ما نستطيع أن نسقيكم، وإنا لنخاف مثل الذي أصابكم، فقال عبدالمطلب لأصحابه: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا إلا تبع لرأيك، فقال: إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرة بما بقي من قوته، فكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته، حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه، فضيعة رجل أهون من ضيعة جميعكم، ففعلوا، ثم قال: والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت، لا نضرب في الأرض ونبتغي لعل الله عز وجل أن يسقينا عجز. فقال لأصحابه: ارتحلوا، قال: فارتحلوا وارتحل، فلما جلس على ناقته، فانبعثت به، انفجرت عين من تحت خفها بماء عذب، فأناخ وأناخ أصحابه، فشربوا وسقوا واستقوا، ثم دعوا أصحابهم: هلموا إلى الماء، فقد سقانا الله تعالى، فجاؤوا، واستقوا وسقوا، ثم قالوا: يا عبدالمطلب قد والله قضي لك، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، انطلق فهي لك، فما نحن بمخاصميك"، فأجرى الله البئر على يد عبدالمطلب.
بئر زمزم بعد الإسلام
حفر عبدالمطلب بئر زمزم وأجرى الله عين مائها على يديه، وظهرت معالم البئر واستأثر بالعناية بها دون سائر قبيلة قريش، وجعلت السقاية له وذريته، ثم بعدها لقيت بئر زمزم العناية طوال العهود الإسلامية، ويعد أبو جعفر المنصور في العهد العباسي أول من بنى الرخام على بئر زمزم وعلى الشباك، وفرش أرضها بالرخام، ثم عمرها المهدي خلال سنوات خلافته.
وغيّر عمر بن فرج الرخجي ما وجدها عليه في خلافة المعتصم بالله سنة 220 للهجرة، وكانت بئر زمزم مكشوفة قبل ذلك، ولكن كانت عليها قبة صغيرة في موضع البئر، وكان في ركنها الذي يلي الصفا على اليسار كنيسة، والكنيسة في اللغة بناء يشبه الهودج يستظل به من تحته، وكانت الكنيسة على الموضع الذي كان يجلس فيه الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما، فغيّر عمر بن فرج الكنيسة وسقف كل زمزم بالساج المذهب من داخلها، أما الظاهر منها فقد جعل عليه الفسيفساء، وأشرع عمر بن فرج لبئر زمزم جناحًا صغيرًا، وجعل في الجناح سلاسل بها قناديل، وجعل ابن فرج الفسيفساء على القبة بين بئر زمزم وبين بيت الشراب، وكانت بئر زمزم تزوق في كل موسم.
بئر زمزم في العهد السعودي
عهد الملك عبدالعزيز
كان الناس يشربون من زمزم باستخدام الدلاء، فأمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بتركيب مضخة في بئر زمزم وكان ذلك عام 1373هـ/1953م، وكانت المضخة ترفع ماء زمزم إلى خزانين علويين كانا مصنوعين من الزنك، ورُكب 24 صنبورًا على الخزانين بواقع 12 صنبورًا لكل خزان، ووزعت هذه الصنابير حول البئر، وكان متاحًا استخدام الدلاء أيضًا إلى جانب الصنابير حسب الرغبة، وأزيلت كل المباني التي أقيمت على بئر زمزم.
وإلى جانب إنشاء مضخات لرفع مياه زمزم، أنشأ الملك عبدالعزيز سبيلين لسقيا زمزم، إذ أمر في عام 1345هـ/1926م، بإنشاء سبيل لسقيا ماء زمزم، وأطلق عليه اسم سبيل الملك، وفي العام الذي يليه أمر بإنشاء سبيل آخر، كما أصدر في ذات العام أمرًا بإصلاح البئر ونظافتها، وأمر بأن يوضع غطاء عليها.
عهد الملك سعود
في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، استغنى الناس عن الدلاء بصورة نهائية، إذ أصدر أمرًا ساميًّا عام 1382هـ/1962م، بالعمل على توسعة المطاف، وكانت نتيجة توسعة المطاف أن خفضت فتحة بئر زمزم إلى أسفل المطاف، في قبو يبلغ عمقه 2.7م، وقسم إلى قسمين قبو للرجال والآخر للنساء، وكان من ثمرات توسعة المطاف التخلص من مرحلة الدلاء بصورة نهائية فلم تعد مياه بئر زمزم تنال بالدلاء، وحلت الصنابير محلها، وتم تطوير البئر واكتمل العمل في توسعة المطاف عام 1383هـ/1963م.
عهد الملك فيصل
اهتم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ببئر زمزم، وإضافة إلى القبو الذي نتج عن توسعة المطاف على عهد الملك سعود، أمر الملك فيصل عام 1393هـ/1973م، بإنشاء قبو إضافي لبئر زمزم، وكان ذلك حرصًا منه للتيسير على ضيوف الرحمن، وتوفير الراحة لهم خلال أدائهم للمناسك.
عهد الملك خالد
انصب اهتمام الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود على تعظيم إنتاج بئر زمزم، إذ أصدر أمرًا في عام 1399هـ/1979م، بالعمل على نظافة بئر زمزم وفقًا لأحدث الوسائل والطرق المتوفرة في ذلك الوقت، وجرت الاستعانة بغواصين أصحاب مراس ودراية بالغوص، وبالفعل اكتملت عملية نظافة بئر زمزم، ونتج عنها غزارة إنتاج البئر، وامتلأت عين البئر بماء كان أوفر مما كان عليه قبل النظافة.
عهد الملك فهد
تضمن مشروع التوسعة السعودية للمسجد الحرام في مرحلته الثانية إبان فترة حكم الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، نظام مياه جديدًا للشرب والتصريف، ويتكون النظام من وحدتين، الأولى مضخة كبيرة لماء زمزم مع صنابير للشرب، والأخرى للدور الثاني للتوسعة.
وفي عام 1424هـ ارتأت الدراسات الخاصة بالمسجد الحرام ضرورة تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف للتسهيل على المعتمرين والحجاج ، خلال فترات الزحام، وسقفت مداخل القبو المؤدية للبئر، وتم تنحية نوافير الشرب إلى جانب صحن المطاف، حيث أدت هذه الأعمال إلى زيادة صحن المطاف بمقدار 400 متر مربع.
عهد الملك عبدالله
وجه الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء محطة لتنقية مياه بئر زمزم، وإنشاء محطة مزودة بمصنع لتعبئة مياه زمزم ونقلها، وتعمل المحطة بنظام آلي للتحكم والمراقبة والتخزين، وأطلق على المشروع اسم مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم، كما أمر بإطلاق مشروعين، يختص الأول بتنظيف حاويات ماء زمزم بصورة آلية، ويعمل الثاني على إعادة تصميمها من أجل حماية المياه وضمان انسيابها وسهولة الحصول عليها.
وتصل إنتاجية المشروع إلى 200 ألف عبوة كحد أقصى خلال اليوم الواحد، ويعمل مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز على مدار 24 ساعة، ويهدف إلى تقديم الخدمة لحجاج بيت الله والمعتمرين وقاصدي المسجد الحرام، وتيسير وصول ماء زمزم المبارك إلى شاربيه بطريقة صحية وآمنة.
عهد الملك سلمان
في عام 1439هـ/2018م، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، باستئناف العمل في المشروعات الخاصة ببئر زمزم، كما وجه باستكمال مشروع عبّارات الخدمات الخاصة لبئر زمزم، ويصل عددها إلى خمس عبّارات، وهي متنوعة المهام، ووجه أيضًا بإكمال المرحلة الأخيرة من التعقيم وإزالة الشوائب وفحص البيئة المحيطة بالبئر.
جهود السعودية العلمية في تطوير بئر زمزم
مركز دراسات وأبحاث زمزم
خصصت السعودية مركز دراسات لبئر زمزم أطلقت عليه اسم "مركز دراسات وأبحاث زمزم"، تشرف عليه هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، ويهدف إلى التعرف على مصادر الماء وتحديدها ومراقبتها، وتطبيق الحلول العلمية للحفاظ على مستودعات المياه الجوفية وبئر زمزم.
وبحسب الدراسات والأبحاث فإن ماء زمزم قلوي غني بالمعادن المفيدة لجسم الإنسان، كما أنه مضاد للأكسدة، ومزيل قوي للسموم، ومساعد في امتصاص العناصر الغذائية داخل الجسم.
مهام مركز دراسات زمزم
تتلخص مهام المركز في الإشراف بصورة شاملة على استخراج مياه زمزم، وعلى عملية التعقيم والتخزين، ويضطلع المركز بمهمة المحافظة على ماء زمزم عبر برنامج يراقب كمية ونوعية مياه البئر، ويشرف على كل أعمال الفلترة والتعقيم والتخزين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويحدد كميات الضخ المناسبة والآمنة شهريًّا وسنويًّا من البئر استنادًا على الطرق الحديثة، وتحدّث هذه الكميات سنويًّا، كما أن المركز يتابع ضخ البئر ليتناسب مع الكميات المقترحة.
الحاجة لمركز دراسات زمزم
جاءت الحاجة إلى إنشاء مركز دراسات وأبحاث زمزم نظرًا للمكانة التي تحظى بها البئر عند المسلمين بالنظر لبدايتها الإعجازية ومائها المبارك، ومع التحديات التي تنشأ عن المناشط ذات الطبيعة الحضرية وارتباط ذلك بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدينة مكة المكرمة، فأنشأت السعودية مركزًا متخصصًا للعناية والمحافظة على مصادر مياه بئر زمزم والمناطق المحيطة بها، ويختص المركز بالدراسات والأبحاث، ويطبق الطرق العلمية والفنية الحديثة.
تعقيم ماء بئر زمزم
يُعقّم ماء زمزم بالأشعة فوق البنفسجية لتدمير الحمض النووي للجراثيم والفيروسات دون إضافة أية مواد كيماوية، ويصل مستوى التعقيم من البكتيريا والفيروسات إلى 99.77%، والكيلو واط الواحد من الكهرباء يعقم 12 ألف جالون من الماء، دون تغيير في لون الماء وطعمه ورائحته.
إجراءات تعقيم ماء زمزم
تستخدم الأشعة فوق البنفسجية في التعقيم عبر تسليط طاقة ضوئية تنتجها مصابيح زئبقية ذات ضغط منخفض ومحمية بزجاج خاص، يسمح بمرور الضوء على البكتيريا والفيروسات والأحياء الدقيقة، ويخترق الغلاف الخارجي لها ويدمر الحمض النووي (DNA)، ثم تمرر المياه إلى أنبوبة أسطوانية بداخلها المصابيح التي تولد الأشعة فوق البنفسجية، ويعتمد عدد اللمبات داخل الأسطوانة على حجم الأسطوانة وكمية المياه المراد تعقيمها، وتضبط سرعة دخول المياه لتكون بسرعة كافية لقتل البكتيريا والفيروسات.
وتتخذ الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عددًا من الإجراءات لتعقيم ماء زمزم، منها ضخ المياه من بئر زمزم في دائرة مغلقة، وتمر المياه بفلاتر تحجز الشوائب والرمال، ومواسير غير قابلة للصدأ (استانليس استيل) حتى تصل إلى خزانات مغلقة، وتمر على أجهزة تعقيم مبدئية، ويشرف على العمل مجموعة من المختصين، للتأكد من أن العمل يمضي وفقًا لإجراءات فنية متبعة.
إنتاجية بئر زمزم
ضخ بئر زمزم
تضخ بئر زمزم في الحد الأدنى 11 لترًا بالثانية، وفي أعلى حد 18.5 لترًا كل ثانية، ويصل عمقها نحو 30 مترًا، وتعمل فيها مضختان عملاقتان بقدرة 360 مترًا مكعبًا بالساعة، بالتناوب على سحب مياه زمزم من البئر وضخها إلى مشروع الملك عبدالله لسقيا زمزم، عبر أنابيب غير قابلة للصدأ بطول 4 كم ومصممة لحفظ خصائصه.
وتزود بئر زمزم أروقة المسجد الحرام بالماء، وترسل 150 ألف لتر من مياهها يوميًّا إلى المسجد النبوي الشريف خلال الأيام العادية، و400 ألف لتر في أيام المواسم الدينية، وتجري متابعة عمليات السحب والضخ فيها عبر ألياف بصرية يُتَحكّمُ فيها بنظام "إسكادا".
يختلف ماء زمزم عن المياه العادية بنسبة أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم التي تعلو نسبتها فيه، كما يحتوي على فلوريدات مضادة للجراثيم بفعالية كبيرة.
نقل ماء زمزم
تعمل إدارة سقيا زمزم في المسجد الحرام على توفير مياه زمزم المبردة وغير المبردة في الحافظات الموزعة في مصليات المسجد الحرام وأروقته، وتشرف على مختبر تحليل مياه زمزم، ومتابعة صهاريج نقل زمزم من مكة المكرمة إلى المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة.
ولقيت بئر زمزم عناية الخلفاء والحكام والملوك في الأزمنة السابقة، إلا أن أبرز مراحلها التطويرية جاءت في العهد السعودي.
تخزين مياه بئر زمزم
ينفذ مركز دراسات وأبحاث زمزم مشاريع استقصائية لمعرفة وتحديد مصادر المياه ومراقبتها، وذلك للتمكن من إدارة مياه زمزم، والاستمرار في توفيرها نظرًا للطلب الآخذ في التزايد سنويًّا من جانب السكان والحجاج.
وتخزن مياه بئر زمزم في خزان بسعة خمسة آلاف متر مكعب، مقسم إلى جزأين ومبني من الخرسانة المسلحة، وبعد عملية تخزين المياه تنقل إلى محطة التنقية حيث تفلتر وتُنتج بدرجة عالية من النقاوة والتعقيم، ثم تنتقل المياه المنتجة إلى خزان كدي بسعة عشرة آلاف م
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة