يوم التأسيس السعودي، هو مناسبة وطنية في المملكة العربية السعودية، لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/1727م على يد الإمام محمد بن سعود، اعتُمد بموجب أمر ملكي من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في 24 جمادى الآخرة 1443هـ/27 يناير 2022م، على أن يكون يوم 22 فبراير من كل عام ذكرى تأسيس السعودية، ويكون إجازة رسمية.
وعلى عكس ما يُشاع عن حداثة تاريخ الدولة السعودية، فإن تاريخ الدولة السعودية موغل في القدم، إذ يعود تأسيس الدولة السعودية الأولى إلى أكثر من ثلاثة قرون، حافظت خلالها على صمودها واستقلالها عن أي نفوذ خارجي، ومنذ تأسيسها حتى اليوم وهي دولة عربية خالصة بحكامها وشعبها.
ما هو يوم التأسيس السعودي؟
قصة يوم التأسيس السعودي
هو اليوم الذي تأسست فيه الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في 30 جمادى الآخرة 1139هـ/22 فبراير 1727م، والذي اتخذ الدرعية عاصمة لدولته الحديثة، ولطالما ربطت بعض المصادر حتى وقت قريب تاريخ نشوء الدولة السعودية الأولى بقدوم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية وإعلان دعوته الدينية، لكن هذا التاريخ متأخر جدًّا عن تاريخ التأسيس، ولا يرتبط بتاريخ نشأتها، فالتاريخ الحقيقي لنشوء الدولة السعودية الأولى كان عندما تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية، وأسس فيها الدولة السعودية الأولى.
وعلى الرغم من أنه لم يكن يُعرف هذا اليوم باسم يوم التأسيس، إلا بعد صدور الأمر الملكي باعتماد الاسم والاحتفال بذكراه مناسبةً وطنية، إلا أنه كان مُعتَمدًا في المصادر التوثيقية لتاريخ المملكة العربية السعودية كتاريخ للتأسيس.
إعلان يوم التأسيس
اعتُمد الاحتفال بيوم التأسيس بموجب أمر ملكي في 24 جمادى الآخرة 1443هـ/ 27 يناير 2022م، ونص الأمر الملكي على أن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، ويُحتفى به باسم يوم التأسيس، ويصبح إجازة رسمية، اعتزازًا بالجذور الراسخة للدولة السعودية، وارتباط مواطنيها الوثيق بحكامها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون حتى اليوم.
أهداف ذكرى يوم التأسيس
إن اختيار يوم التأسيس لإحياء ذكرى أمجاد الدولة السعودية الأولى، هو دعوة إلى الاعتزاز بجذور الدولة الراسخة منذ القدم، ودعوة إلى تعزيز الارتباط بين المواطنين وقادتهم الذين قادوا هذه البلاد إلى مجدها، والاعتزاز بالوحدة الوطنية والأمن والاستقرار، الذي أرست دعائمه الدولة السعودية، والفخر بإنجازات ملوكها أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في تعزيز البناء والوحدة.
الهوية البصرية ليوم التأسيس
أطلقت السعودية الهوية البصرية ليوم التأسيس، وهو شعار يحمل خمسة رموز تاريخية للدولة السعودية الأولى، يتوسطها أيقونة رجل يحمل الراية، وتحيط بها رموز تمثّل دلالات على عناصر تراثية بارزة، هي: النخلة، والعلم السعودي، والخيل العربي، والصقر، والسوق، وكُتب على الشعار "يوم التأسيس 1727م"، بأحد خطوط الكتابة التاريخية المستلهمة من مخطوطٍ قديم يؤرّخ لأحداث الدولة السعودية الأولى.
جذور التأسيس
نسب آل سعود
يعود نسب آل سعود إلى جدهم الأمير مانع بن ربيعة المريدي، وينحدر نسبه من عشيرة "المردة" من "الدروع" من بني حنيفة الذين سكنوا في شرقي الجزيرة العربية على ساحل الخليج العربي، وأسسوا فيها مدينة أطلقوا عليها اسم "الدرعية" وهي الدرعية الأولى نسبة إلى العشيرة، بعد أن انتقلوا من وسط الجزيرة العربية في القرن الرابع الهجري لظروف الجدب والجفاف وفي فترة زمنية لاحقة عادت عشائر بني حنيفة إلى حجر اليمامة بعد عودة الاستقرار إليها، حيث تلقى مانع بن ربيعة المريدي الحنفي وهو في بلدته الدرعية شرقي الجزيرة العربية دعوة ابن عمه حاكم مدينة حجر في اليمامة وهو "ابن درع" للقدوم بالعشيرة والاستقرار في منطقة أجداده وأسلافه.
استقرار بني حنيفة في اليمامة
انتقل الأمير مانع بن ربيعة المريدي الحنفي، وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مع أفراد عشيرته من شرقي شبه الجزيرة العربية إلى وسطها، وتحديدًا إلى وادي حنيفة في إقليم اليمامة، وهو الإقليم الذي يضم سلسلة جبال طُويق، التي تُعد اليوم رمزًا لهمّة وقوة أبناء المملكة العربية السعودية.
فور وصول الأمير مانع إلى وادي حنيفة أسس في منطقتي "غصيبة" و"المليبيد" مدينة الدرعية وهي الدرعية الثانية، فاتخذ الأمير مانع "غصيبة" مقرًّا لحكمه، و"المليبيد" مقرًّا للزراعة، عام 850هـ/1446م وسميت بالدرعية نسبة إلى اسم عشيرة الأمير مانع التي كانت تسكن شرقي شبه الجزيرة العربية، وتولى إمارتها فيما بعد أبناء مانع المريدي وأحفاده، على مدى 280 عامًا، وكانت نواة تأسيس الدولة السعودية الأولى.
عاصمة التأسيس
موقع الدرعية
تقع الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى في وسط الجزيرة العربية، وتحديدًا في إقليم اليمامة الذي يشغل مساحة كبيرة من الجزيرة العربية، حيث يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب ما يزيد على 1,000 كلم وعرضه 500 كلم، وتتوسطه سلسلة جبال طويق التي تغنى بها الشعراء، وتشمل اليمامة عددًا من الأقاليم منها "العارض"، و"الوشم"، و"سدير"، و"الفرع"، و"الأفلاج"، و"وادي الدواسر"، وعشرات الأودية التي تخترق سهولها وجبالها، كما تضم عددًا من العيون، منها: "الخضراء"، و"هيت"، وكانت اليمامة تسمى "الخضراء"، لخصوبة تربتها وكثرة أشجارها، ويعد "وادي حنيفة" من أودية الجزيرة العربية المهمة، إذ يحتل موقعًا استراتيجيًّا في إقليم اليمامة، ومثّل منطقة جذب للاستقرار البشري منذ القدم، ومحطة مهمة وسط الجزيرة لقوافل الحج والتجارة في مختلف الحقب التاريخية.
تاريخ الدرعية ومكانتها
تقع مدينة الدرعية في موقع استراتيجي ملائم لعاصمة دولة كبرى، وامتلكت مقومات بارزة، لوقوعها على ضفاف أحد الأودية المهمة في نجد وهو "وادي حنيفة"، كما أضاف لها وقوعها في قلب أحد أهم الطرق التجارية مكانةً بارزة، وهو الطريق القادم من جنوب الجزيرة العربية مرورًا بنجران ثم يتجه شمالًا إلى اليمامة ثم الدرعية، ثم يتجه إلى الشمال نحو دومة الجندل وإلى الشرق نحو العراق وإلى الغرب نحو الحجاز، وهذا الطريق هو طريق الحج القادم من فارس والعراق ووسط آسيا، حيث كان المسافرون من خلاله يواصلون سيرهم عبر الدرعية إلى مكة المكرمة، وازدادت أهميته بعد تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي، الذي سعى هو وأبناؤه وأحفاده إلى تأمين الطريق وخدمته، وبعد تأسيس الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى أصبح هذا الطريق من الطرق البارزة واكتسب أهمية أكثر لقوافل التجارة والحج، نتيجة لسياسة الإمام محمد بن سعود بتأمين هذا الطريق والارتباط بعلاقات مع القبائل التي يمر من خلال مناطقها، والاتفاق معها على ضبط الأمن وتقديم الخدمة اللازمة للمستفيدين منه.
كان السائد قديمًا في بلدات الجزيرة العربية أن تكون البلدة في أول تأسيسها خاصة بأسرة واحدة، وبعد مرور عقود من السنين تسمح هذه الأسرة لأفراد أو عوائل محددة بالانتقال إلى بلدتهم بناءً على اتفاق بينهم، لكن هذه القاعدة لم تتبع في مدينة الدرعية، فمنذ نشأتها وهي مقصد للمهاجرين إليها من أنحاء الجزيرة العربية وخارجها، إذ سكن فيها أو زارها كثيرون من مناطق مختلفة من جزيرة العرب، كما اتسمت بالمرونة في التوسع بحسب الاستقرار السياسي فيها، وهذه الأمور والتجارب التي اجتمعت في الدرعية عرفها وفهمها الإمام محمد بن سعود، حيث انتقلت على يديه دولة المدينة في "الدرعية" إلى مرحلة الدولة، التي سُميت بالدولة السعودية الأولى.
الإمارة في الدرعية
تعاقب على إمارة الدرعية منذ تأسيسها عدد من الأمراء كان لهم أثر بارز في تاريخ الدرعية، في مقدمتهم مانع المريدي الذي أنشأ المدينة وأسس إمارة فيها، وربيعة بن مانع وهو من استكمل تأسيس الإمارة، وموسى بن ربيعة الذي ازدادت الإمارة نفوذًا في حكمه، وإبراهيم بن موسى، ويُنسب إليه تأمين طرق الحج والتجارة التي تمرّ بالدرعية، ومرخان بن إبراهيم الذي زاد من نفوذ الإمارة، ومقرن بن مرخان، وهو من توسّعت إمارة الدرعية في حكمه، ومحمد بن مقرن الذي امتدت فترة حكمه طويلًا، وسعود بن محمد بن مقرن وازدادت قوة إمارة الدرعية في حكمه وإليه تنسب نخوة "خيّال العوجا وأنا ابن مقرن"، ومحمد بن سعود، وهو مؤسس الدولة السعودية الأولى، وأول أئمتها.
تأسيس الدولة السعودية الأولى
الإمام محمد بن سعود
ولد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن عام 1090هـ/1679م، ونشأ وترعرع في "الدرعية"، وخاض في شبابه تجربة سياسية أفاد منها كثيرًا، حيث عمل إلى جانب والده في ترتيب أوضاع الإمارة، وهو ما أعطاه معرفةً تامة بكل أوضاعها، وشارك الإمام محمد بن سعود في الدفاع عن "الدرعية" عندما غزاها "سعدون بن محمد" زعيم بني خالد في الأحساء، حيث صمدوا أمام الجيش المعتدي وتمكنوا من دحرهم، كان الإمام محمد بن سعود حاكمًا تربى في بيت عزّ وإمارة، وتعلم السياسة وطرق التعامل مع الإمارات المجاورة والعشائر المتنقلة، وكان له أثر كبير في استتباب الأوضاع في الإمارة قبل توليه الحكم.
كان للإمام محمد بن سعود رؤية مستقبلية، حيث درس الأوضاع التي كانت تعيشها إمارته والإمارات التي حولها بشكل خاص ووسط الجزيرة العربية بشكل عام، وبدأ منذ توليه الحكم التخطيط للتغيير عن النمط السائد خلال تلك الأيام، فأسس لمسار جديد في تاريخ المنطقة تمثل في الوحدة والتعليم ونشر الثقافة وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على الأمن، وكان له ستة أبناء، هم: عبدالعزيز، وعبدالله، وسعود، وفيصل، وعلي، ومرخان وابنتان هما هيا وطرفة.
تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية
قُبيل تولّي الإمام محمد بن سعود الحكم، كانت تحيط بالدرعية الفوضى وعدم الاستقرار، إذ تعددت الزعامات والإمارات المتناحرة على الحكم في البلدات المجاورة، ولم تكن الدرعية بأحسن حال مما جاورها، حيث مرّت بأحداث داخلية عدة، مما أدى إلى ضعف وانقسام داخلي فيها، من تلك الأحداث النزاع على إمارة الدرعية بين عمّه الأمير مقرن بن محمد، والأمير زيد بن مرخان، وانتشار مرض الطاعون في شبه الجزيرة العربية، الذي تسبب في وفاة كثير من أفراد القبائل، لكن الإمام محمد بن سعود استطاع أن يتغلب على كل تلك المصاعب، ويوحّد الدرعية وينشر الأمن والاستقرار فيها.
من منطلق تأسيس الوحدة في الدرعية، بدأت فكرة الإمام محمد بن سعود تقوده إلى تأسيس دولة مركزية موحدة، وهي الدولة السعودية الأولى، فوحّد أولًا شطري مدينة الدرعية "غصيبة" و"المليبيد"، وعمل على تأمين الاستقرار فيها وفي محيطها من القبائل والبلدات، وحرص على حماية طرق الحج والتجارة المارّة بالدرعية، القادمة من شرق وشمالي شرق شبه الجزيرة العربية، مما جعلها مركزًا حيويًّا للتجارة، كما اهتم بتحسين الأوضاع الاقتصادية للدولة وتنظيم مواردها، وتوسيع البناء في الدرعية، إذ بنى في "سمحان" حي الطرفية، وأصبح مركزًا للحكم آنذاك، وبنى سور الدرعية لحمايتها.
حدود الدولة السعودية الأولى
بعد التنظيم الداخلي لشؤون الدولة وتمكين الأمن والاستقرار فيها، انطلق الإمام محمد بن سعود لتوحيد المناطق المحيطة في إقليم نجد، وقاد حملات التوحيد بنفسه، وتصدى حينها لعددٍ من الهجمات الخارجية التي أرادت القضاء على الدولة، فكانت القبائل والبلدات تُسلم إمارتها للإمام محمد لتصبح جزءًا من الدولة السعودية وتحت حمايتها، وكان يُعيّن عليها أميرًا من أهلها، وتعد هذه المرحلة الأولى من توحيد الدولة السعودية، الذي اكتمل في عهود أبنائه وأحفاده، إذ تولى حكمها وتوحيد أرجائها أربعة أئمة على مدى 94 عامًا.
بعد 40 عامًا من تأسيس الدولة وقيادتها، توفي الإمام محمد بن سعود عام 1179هـ/ 1765م، وتولى الحكم بعد وفاته ابنه الإمام عبدالعزيز بن محمد، وتوسّع في ضم مناطق من نجد إلى حكم الدولة السعودية الأولى، وبنى "حي الطريف" ونقل إليه مركز الحكم بدلًا من الطرفية، ويعدّ "حي الطريف" الآن موقعًا أثريًّا بارزًا في تاريخ السعودية، وسُجّل في منظمة التربية والعلم والثقافة اليونسكو ضمن قائمة التراث العمراني العالمي عام 2010م، وبنى في الحي قصر سلوى، الذي أصبح فيما بعد مقر الإدارة والسياسة لأئمة الدولة السعودية الأولى.
وعلى نهج والده سار الإمام عبدالعزيز بن محمد منذ توليه الحكم، فاهتم أولًا بتوحيد أرجاء الجزيرة العربية وانضمت لحكمه المنطقة الشرقية، ووصلت حدود دولته إلى منطقة الحجاز، ومنطقة عسير، وشمال الجزيرة العربية،حرص خلال حكمه على تأمين طرق وقوافل الحج وخدمة الحجاج، وركز اهتمامه بالتعليم والتشجيع على الكتابة والخط، مما أدى لظهور أول مدرسة في فن الخط والنسخ في الدرعية.
وصلت الدولة السعودية الأولى إلى ذروة اتّساعها في حكم الإمام الثالث للدولة، المعروف بـ "سعود الكبير"، وهو الإمام سعود بن عبدالعزيز آل سعود، الذي تولى حكمها بعد وفاة والده عام 1218هـ/ 1803م، وتمكّن منذ توليه مقاليد الحكم من توحيد كامل منطقة الحجاز والحرمين الشريفين وضمهما لحكمه، وكان عهده نقطة تحوّل في تاريخ الحج والحرمين الشريفين، إذ تولى قيادة حملات الحج بنفسه في كل عام لتأمين خدمة الحجيج ورعايتهم، وبدأت الدولة السعودية منذ عهده بكسوة الكعبة المشرفة كل عام، واستتب خلال حكمه الأمن والاستقرار السياسي والوحدة في جميع أرجاء الدولة.
ثقافة مجتمع التأسيس
العرضة السعودية
هي أداء حركي راقص يؤديه الرجال، له جذور تاريخية في الدولة السعودية، إذ يمثّل صورة من صور التلاحم الخالدة بين القيادة والشعب، حيث تبعث فيهم روح الحماس مستعرضين أمام القائد لإظهار حب الأرض والوفاء للقائد، وكانت تؤدى في السابق استعدادًا للحرب لتهيئة الجيش على أجواء المعركة، وبعد استتباب الأمن واستقرار الدولة أصبحت العرضة تؤدى تعبيرًا عن الفرح. تُستهل العرضة بـ "الحوربة" وهو النداء الأول للعرضة، ثم تنطلق بأداء حركي جماعي يثير الحماسة، بوحدة إيقاعية بين ما يسمى التخمير والتثليث، وهي الدقات المتناغمة بين الطبول الكبيرة والصغيرة، وقصيدة شعرية خاصة تسمى "الحربي"، وتمتاز العرضة السعودية بالهيبة والوقار حيث تحضر الراية والسيوف كأنها أحد مشاهد الحرب الحقيقة، كما تعطي مشهدًا بصريًا جميلًا متمثلًا في وحدة الزي، وتختتم بالزميّة، وهي شطرٌ يردده المؤدون بصوت جماعي يرتفع وتتسارع إيقاعاته قائلين: "تحت بيرق سيدي سمع وطاعة"، وهي جملة تؤكد على محبة وتقدير الأرض والقائد.
نخوة العوجا
هي نخوة تاريخيّة تبثُ الحماس والفخر والروح الوطنية، ارتبطت بالدولة السعودية، ويُقصد بـ "العوجا" الدرعية، لأنها تقع على امتداد وادي حنيفة بطبيعته المتعرجة، وتبين اعتزاز وقوة لأهاليها والتابعين لها، بسبب طبيعة الدرعية على ضفاف وادي حنيفة المتعرّج، واستمر استخدام هذه النخوة في عهد الملك عبدالعزيز للدلالة على ارتباط المملكة بمنطلق تأسيس الدولة السعودية في الدرعية، واستخدمت نخوة العوجا في عدد من القصائد قديمًا وحديثًا؛ لاستنهاض الهِمم والفخر والاعتزاز لدى الشعب السعودي.
الأزياء التقليدية
ضمن ثقافة مجتمع التأسيس، تبرز الأزياء التقليدية التي تمثّل بعدًا تاريخيًّا مهمًّا، حيث تعكس نمط الحياة التي عاشها مجتمع التأسيس في الدولة السعودية الأولى من الآباء والأجداد، وما نقلوه من قيم وعادات وتقاليد، وتُبين مستوى الحالة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في تلك الفترة، ونظرًا لاتساع المملكة وتعدد مناطقها تميزت كل منطقة بلباسها التقليدي الخاص بها، وتشاركت في بعض الألبسة مع قليل من الاختلافات.
في شمالي المملكة: لبست نساء البادية "المحوثل"، ويعد اللباس الأساسي الخارجي، وهو ثوب طويل سمي بذلك نسبة إلى الحثل وهو ثني الثوب، حيث تثنيه النساء من جهة الخصر ويُربط بحزام منسوج من القطن الأحمر أو الأسود أو الخيوط الصوفية، و"الشرش أو المدرقة"، وهو لباس فضفاض له كمان طويلان، و"الزبون" وله نوعان: مزخرف للأفراح، وغير مزخرف، و"الجبّة" وهي رداء فضفاض تشبه الزبون لكنها أقصر منه، أما نساء الحاضرة فيلبسن "المقطع" وهو ثوب واسع وطويل ذو رقبة دائرية، و"الكُرتة"، ويختلف عن المقطع بوجود خياطة عند الخصر، و"المفرّج"، ويُرتدى فوق الملابس اليومية، وهو واسع جدًا وله أكمام مربعة، و"المرودن"، وهو ثوب طويل متعدد الألوان والزخرفة، له كمان طويلان مثلثا الشكل تصل أطرافهما إلى الأرض، و"الدراعة"، وهو ثوب فضفاض طويل بأكمام واسعة طويلة.
في جنوبي المملكة: تتنوع الألبسة فيها، حيث يلبس الرجال الثوب المشجر، والثوب المزند، الثوب المذيل، والإزار، إضافة إلى المثلوث، والحوك، والجرافي، والمصنف المقلّم، وهو عبارة عن قطعة قماش يلف حول الخصر ويثبت بحزام، وفي بعض المناطق الجنوبية يلبس الرجل ما يسمى "السبتة"، وهي قماش قطني يصبغ بالأزرق أو ألوان أخرى ويوضع على الكتف، وفي فصل الشتاء تلبس "الشملة"، وهي عباءة مصنوعة من صوف الغنم، ويحرص الرجل على لبس الحزام أو الكمر، وهو رباط جلدي يوضع على الخصر يُرصع بقطع معدنية، يغطي الرجال رؤوسهم بالعمامة وتسمى الصمادة، إلى جانب لبس "القُبع" في أوقات الشتاء.
أما النساء في جنوبي المملكة فيلبسن "الصدرة" وهي لباس أسود يغطي كامل الجسد ويطرز بألوان زاهية، وله عدة مسميات، هي: المحبوك، المطرز، المكلف، كما يلبسن الكرتة، والجلجلان، المكمم، والمجنب، والمزندة، ويغطين رؤوسهن بعدد من الأقمشة أهمها: الشيلة، المصر، المقلمة، والنساء الجنوبيات يفضلن التزيّن بالروائح العطرية والنباتات الزكية، يضعنها على رؤوسهن بطريقة تلفت النظر مثل الطوق يسمينه "مكعسا" أو "غراز".
وسط المملكة: يشبه الزي الرجالي القديم الزي الحالي وهو الثوب، ويراعى في صناعته البيئة المناخية من حيث الأقمشة، ففي الشتاء تستخدم الأقمشة الثقيلة، وفي الصيف الأقمشة الخفيفة، ويكون واسعًا بأكمام طويلة وسمى "المقطع"، ويرتدي الرجال من فوقه "المردون" وهو يشبه الثوب لكن بأكمام مثلثة وطويلة، أما النساء في المنطقة الوسطى فيرتدين نوعين من الثياب، النوع الأول مصنوع من القطن ويسمى "ثـوب الكرباس"، وهو غالبًا باللون الأخضر والأسود، والنوع الثاني هو الثياب المصنوعة من الحرير المزينة بألوان متعددة، وتلبس الفتيات الصغيرات "المخنق" وهو قماش شفاف من الشيفون أو التل يخاط بالكامل ما عدا فتحة العنق لإظهار الوجه.
شرقي المملكة: يتكون الزي الرجالي في المنطقة من غطاء الرأس وهو القحفية "الطاقية"، وهي مصنوعة من القطن الأبيض، والغترة وهي قطعة قماش مربعة الشكل تثنى على شكل مثلث، تلبس على الرأس، وتثبت بالعقال المصنوع بخيوط الوبر، ويرتدي الناس "الدشداشة" وتشبه الثوب الرجالي في المنطقة الوسطى، وتحت الثوب "الوزار" أو "الإزار"، وهي قطعة مستطيلة الشكل قطنية بيضاء وغالبًا تكون مقلمة، يُلف على الجزء الأسفل من البدن، ويلبس أحيانًا ثوب خارجي يسمى "الزبون"، وهو رداء طويل له فتح من الأمام، و"الدقلة"، وهي تشبه الزبون باختلاف وجود ياقة عالية فيها وتطريزها، كما يلبس أحيانًا "السديري"، وهو سترة تغطي منطقة الصدر مفتوحة من الأمام، والبشت أو المشلح، وهو رداء واسع مستطيل الشكل، يصنع من الأقمشة الخفيفة أو الثقيلة بحسب اختلاف الجو، أما الألبسة النسائية في شرقي المملكة فتتشابه مع أزياء النساء في وسط المملكة.
غربي المملكة: ترتدي النساء في غربي المملكة الثوب المزند، والزبون والكرتة، والثوب العربي، والثوب المسدح، والثوب الأسود، وثوب الدوك، والثوب المبقر، الثوب المقطع أو المدرع، الصدرة، وثوب الصون، وثوب المصدر، وبينما كان من ألبسة الرجال المعروفة: الثوب، والشماغ، والعقال، والسديري، والبشت.
الأطباق الشعبية
اشتهرت نساء الدرعية قديمًا بإعداد الأطعمة، ومن مكونات المأكولات الرئيسة في تلك الفترة: الحنطة، حيث كانت تُجرش أو تطحن، ثم تطبخ مثل الأرز، وتدهن أحيانًا بالدهن، ومن الأطعمة في تلك الفترة "الثريد" ويصنع من الخبز، ويضاف إليه اللحم أو السمن أو غيره، و"الجريش"، وهي أكلة شعبية تعد عن طريق طحن حبوب الحنطة أو القمح بأداة حجرية تشبه الرحى تسمى "المجراشة"، ثم تُطبخ في مرق اللحم لمدة طويلة حتى ينضج، والأرز، والخبز والعصيدة واللحم بأنواعه وهو من الأطعمة المهمة في نجد عامة، حيث تختلف طرق إعداده مسلوقًا أو مشويًّا أو مطبوخًا، كما أعدت النساء في نجد قديمًا السمن واللبن والتمر، وبعض البهارات مثل الفلفل، إذ يقمن بتجفيفه ثم طحنه وخلطه مع الليمون الجاف، ومن ثم استخدامه لإضافة نكهة على بعض المأكولات.
الاحتفال بيوم التأسيس السعودي
احتفلت السعودية لأول مرة بيوم التأسيس في 22 فبراير 2022م، تحت شعار "يوم بدينا"، ومنذ إعلانه مناسبة وطنية لاقى ترحيبًا واستعدادًا من المواطنين السعوديين، إذ حمل هذا اليوم دلالات عميقة في ذاكرة الشعب كأول احتفال بذكرى التأسيس، وانطلقت عدة فعاليات رسمية في مدن المملكة احتفاءً به.
يختلف الاحتفال بهذا اليوم تبعًا لما يميّزه عن بقية الاحتفالات الوطنية في المملكة، فهذا الاحتفال يهدف لنشر ثقافة مجتمع التأسيس في الفترة التي نشأت فيها الدولة السعودية الأولى، والمتمثلة في: الأزياء التقليدية، والأهازيج الوطنية، والعرضة السعودية، والقهوة السعودية، ليفخر المواطنون بإرثها التاريخي والحضاري.
ومن الفعاليات المصاحبة للاحتفال بيوم التأسيس عروض أداء العرضة الوطنية في الساحات والميادين العامة لمدن المملكة، تؤديها الفرق الشعبية، حاملين في أيديهم الأعلام والسيوف التي ترمز لأمجاد الدولة وقوتها، كما نُظمت مسيرات استعراض للأزياء التقليدية، حيث ارتدى فيها المواطنون الأزياء التراثية تعبيرًا عن الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية، وكانت هيئة الأزياء السعودية قد أصدرت لهذا الغرض دليل أزياء يوم التأسيس، ويحمل شعار "لبسنا يوم بدينا"، للدعوة إلى المشاركة في الاحتفال باللباس التقليدي.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة