الخدمات المالية في السعودية، هي النشاطات المتعلقة بإدارة وحركة السيولة النقدية عبر البنوك وشركات التمويل وشركات الاستثمار والوساطة المالية وشركات التأمين في المملكة العربية السعودية.
أسهمت التطورات التقنية التي حدثت في المعاملات المالية في تسهيل عمليات قطاع الخدمات المالية، وبدأ ذلك في عام 1410هـ/1990م حين أُنشئت شبكة المدفوعات السعودية (SPAN)، بهدف تشجيع التعامل الإلكتروني مع النظام المصرفي، وتطورت الشبكة لاحقا مع تدشين الهوية الجديدة للشبكة السعودية للمدفوعات "مدى" في 10 ذو القعدة 1436هـ/25 أغسطس 2015م.
وفي بداية الألفية الثالثة أصبح استخدام الإنترنت أكثر حيوية، وأسهمت الشبكة في دعم أعمال قطاع الخدمات المالية بالسعودية، الذي نجح في تحقيق أداء إيجابي خلال خطة التنمية الثامنة، إذ استهدفت الخطة تعزيز فاعلية سياسات تنمية الخدمات المالية، وتفعيل الدور التنموي لبنوك الاستثمار ومؤسسات الإقراض المتخصصة، إضافة إلى أنشطة التأمين وشركات رأس المال الجريء.
وتطورت أعمال قطاع الخدمات المالية وحظيت بمزيد من الدعم في خطة التنمية التاسعة التي عملت على تعزيز إمكانات القطاع وموارده الذاتية لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوسعات الأفقية والرأسية لهذه الخدمات، مع التركيز على تحسين نوعيتها وقدراتها التنافسية، وزيادة إسهاماتها النسبية في الناتج المحلي الإجمالي، وتفعيل دورها التنموي.
أهداف قطاع الخدمات المالية في السعودية
ركزت خطة التنمية التاسعة على دور قطاع الخدمات المالية من واقع التوجهات المستقبلية المنفتحة في الأنشطة المختلفة التي يشملها، وحددت الخطة أهدافًا عامة للقطاع، شملت:
- تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، وتعزيز المناخ الاستثماري، وبما ينعكس إيجابيًّا على كفاءة أداء الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة.
- توفير التمويل اللازم لمختلف الأنشطة الاقتصادية، وخاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
- تحسين كفاءة أداء القطاع الخاص، وزيادة مصادر الدخل وتنويعها، وتوفير مزيد من فرص العمل للعمالة الوطنية، ورفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة.
- تعزيز كفاءة وفاعلية النظام المصرفي، وتطوير الأسواق المالية، وتفعيل الدور التنموي لمؤسسات الإقراض المتخصصة والخدمات التأمينية، وتحسين نوعيتها وقدراتها التنافسية.
واهتمت الخطة بدور قطاع الخدمات المالية وتعزيزه في الاقتصاد الوطني، لذلك وضعت أيضًا أهدافًا محددة لينفذها، شملت:
- تحقيق قطاع الخدمات المالية معدل نمو يقدر بنحو 7.6% سنويًّا في المتوسط خلال سنوات الخطة.
- زيادة إجمالي قيمة القروض التي ستقدمها صناديق الإقراض المتخصصة (باستثناء صندوق الاستثمارات العامة) خلال الخطة إلى نحو 142.7 مليار ريال.
- وضع "نظام إنذار مبكر" للأزمات المالية مدعومًا بمؤشرات محددة لمتابعة "السلامة المالية" للاقتصاد السعودي ومؤسساته المالية.
دور رؤية السعودية 2023 في قطاع الخدمات المالية في السعودية
اكتسب قطاع الخدمات المالية في السعودية أهمية كبرى مع الوقت وتطور الأنشطة المالية وسهولة معاملاتها من خلال شبكة إنترنت، ومع بدء تنفيذ رؤية السعودية 2030 من خلال عدد من البرامج، كان برنامج تطوير القطاع المالي الذي أُطلق في عام 1438هـ/2017م، أحد أهم تلك البرامج التي تضمن الاستقرار المالي الشامل، ويعمل على تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، إضافة إلى تعزيز وتمكين التخطيط المالي.
تنظيم الخدمات المالية في السعودية
تعزيزًا للجوانب المؤسسية في القطاع، وتماشيًا مع تنظيم الخدمات المالية، صدر ترخيص وزارة التجارة لتأسيس شركة "فالكم" للخدمات المالية شركة مساهمة سعودية (مقفلة) برأسمال قدره مليار ريال في عام 1427هـ/2006م، وتتمثل مهامها في نشاط التعامل بصفة أصيل ووكيل والتعهد بالتغطية ونشاط الإدارة لإنشاء وإدارة الصناديق الاستثمارية وإدارة المحافظ ونشاط الترتيب وتقديم المشورة ونشاط الحفظ.
وتماشيًا مع تطورات البنية التحتية الرقمية، بادرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي حاليًّا)، في عام 1440هـ/2019م إلى تصميم بيئة تجريبية تنظيمية (Sandbox) لفهم وتقييم أثر التقنيات الجديدة في سوق الخدمات المالية في السعودية، وللمساعدة على تحويلها إلى مركز مالي يتسم بالذكاء التقني.
وتعكس تلك البيئة التطور الذي يتجه إليه القطاع المالي في تقديم خدماته ومنتجاته التي تتضمن تقديم خدمة المَحافظ الإلكترونية والتحويل بينها والشراء عبر خاصية (QR Code) وكذلك التحويل الدولي المباشر، وخدمات أجهزة نقاط البيع، وفواتير سداد وحساب سداد ومدى أونلاين للشراء عبر الإنترنت، وصرح بالعمل في تلك البيئة التجريبية لـ11 مصرفًا محليًّا ودوليًّا، إضافة إلى 7 شركات لتقديم عدة خدمات في مجال المدفوعات الرقمية.
زيادة عدد الشركات العاملة في قطاع الخدمات المالية
ارتفع عدد الشركات التي صرح لها مع تطور الخدمات واتساع نطاقها، إذ منح البنك المركزي السعودي التصريح لـ14 شركة متخصصة في مجال التقنية المالية تمثل دفعة إضافية للعمل في البيئة التجريبية التنظيمية، لتنضم بذلك إلى قائمة الشركات المصرح لها سابقًا، وعددها سبع شركات، ليبلغ عددها 21 شركة.
وفي إطار مواكبة اتساع نطاق الخدمات المالية، وحاجتها لمزيد من الشركات والمؤسسات العاملة، أصدر البنك المركزي السعودي، في 28 ربيع الآخر 1444هـ/22 نوفمبر 2022م، الترخيص لشركة تقنية مالية جديدة في مجال المدفوعات الإلكترونية وهي شركة طويق الدولية المالية، لتقديم خدمات المدفوعات عبر نقاط البيع، ليبلغ بذلك عدد الشركات المرخص لها من قِبل البنك لتقديم خدمات المدفوعات 25 شركة، إضافة إلى حصول 7 شركات على موافقة أولية، وذلك حتى نهاية شهر أغسطس 2023م.
وفي 2023م، أعلن البنك المركزي السعودي "ساما" التصريح لثلاث شركات تقنية مالية جديدة للعمل تحت مظلة البيئة التجريبية التشريعية في مجال المصرفية المفتوحة، وهي: شركة بوابة ترابط لتقنية المعلومات، وشركة عمق الحلول للتجارة، وشركة تطبيق دراهم للتقنية المالية، ليصل بذلك إجمالي عدد شركات التقنية المالية التي تم التصريح لها من قِبل البنك المركزي ضمن البيئة التجريبية التشريعية (Regulatory Sandbox) 45 شركة، منها 18 شركة حصلت على الترخيص بعد نجاح فترة التجربة.
وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" (البنك المركزي السعودي حاليًّا)، أطلقت بدء التراخيص للجهات المالية الفاعلة غير المصرفية (شركات التقنيات المالية)، وذلك بالإعلان عن إصدار أول ترخيص لشركة محفظة إلكترونية في 5 جمادى الآخرة 1441هـ/30 يناير 2020م وهي شركة المدفوعات الرقمية السعودية (STC Pay)، وأول ترخيص لشركة خدمات مدفوعات في السعودية في 5 جمادى الآخرة 1441هـ/30 يناير 2020م، وهي شركة جيديا للتقنية.
وتمكينًا للمؤسسات المالية في دعم نمو القطاع الخاص، وتعزيز جهود بناء بنية تحتية مالية متطورة، انضمت شركات التقنية المالية إلى نظام المدفوعات الوطني "مدى"، ومنحت "المدفوعات السعودية" المملوكة للبنك المركزي السعودي، في رمضان 1442هـ/أبريل 2021م، تصريحها الفني لشركتي "STC Pay" و"جيديا" للانضمام إلى الشبكة كأول جهتين غير مصرفيتين، وتصدر شركة "STC Pay" بموجب ذلك بطاقات مدى (الرقمية والبلاستيكية)، فيما تقدم شركة جيديا خدمات الاستضافة لأجهزة نقاط البيع للتجار بشكل مباشر، وتزويدهم بأجهزة نقاط البيع بكامل خدماتها.
إنجازات القطاع المالي في السعودية
شهد القطاع المالي بصورة عامة عديدًا من الإنجازات على مختلف الأصعدة، وكان من تلك الإنجازات إنشاء مركز "فنتك السعودية" في عام 1439هـ/2018م الذي يهدف إلى فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية، وتطوير الصناديق والمسرِّعات والحاضنات التي تركز على التقنية المالية لتوفير رأس المال الجريء والتمويل بالأسهم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال.
تطور رقمي في المصرفية السعودية
سعيًا لتمكين السعودية لتكون ضمن أكبر المراكز المالية في العالم، صدر قرار مجلس الوزراء في ذي القعدة 1442هـ/يونيو 2021م، بالموافقة على الترخيص لبنكين رقميين محليين عن طريق تحويل شركة المدفوعات الرقمية السعودية "STC Pay" لتصبح بنكًا رقميًّا محليًّا لمزاولة الأعمال المصرفية في السعودية (بنك إس تي سي) برأسمال يبلغ 2.5 مليار ريال، وتحالف عدد من الشركات والمستثمرين لتأسيس بنك رقمي محلي لمزاولة الأعمال المصرفية في السعودية برأسمال يبلغ 1.5 مليار ريال (البنك السعودي الرقمي).
كما صدر قرار من مجلس الوزراء، في 14 رجب 1443هـ/ 15 فبراير 2022م، بالموافقة على ترخيص بنك رقمي محلي ثالث باسم بنك دال ثلاث مئة وستون (D360 Bank) وهو تحالف بين عدد من المستثمرين من المنشآت والأفراد،بمشاركة صندوق الاستثمارات العامة، وبقيادة شركة دراية المالية، برأس مال يبلغ1.65 مليار ريال.
وتضيف هذه البنوك خدمات مالية جديدة تواكب أحدث التقنيات المصرفية، إذ تقدم منتجات وخدمات مالية وبشكل حصري عن طريق القنوات الرقمية، عبر نموذج عمل مصرفي مبتكر للقطاعات، مما يُسهم في ارتفاع الشمول المالي، وتهدف البنوك الرقمية إلى مواكبة آخر التطورات في القطاع المالي والتقني العالمي.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة