المصرفية الإسلامية في المملكة العربية السعودية، هي الخدمات والمنتجات المصرفية التي تقدمها بنوك السعودية في القطاعات التقليدية كخدمات الأفراد والشركات، وقطاعات الائتمان والتمويل والاستثمار، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية في التعاملات المالية، والمتمثلة في ترك التعامل بالفوائد (العائدات الثابتة المحددة مسبقًا)، وتقسيم مخاطر العقود بين العملاء والبنوك، وتوفير خيارات المرابحة والتوَرُّق والإجارة، وتمثل نحو 28% من المصرفية الإسلامية حول العالم.
الإجارة في المصرفية الإسلامية هي عقد إيجار يشتري بموجبه المصرف سلعة لعميل ثم يؤجرها خلال فترة محددة، وخلال فترة الإيجار، يبقى الأصل في ملكية المؤجر (المصرف)، وللمستأجر الحق في استخدامه، وبعد انقضاء عقد الإيجار، يعود هذا الحق إلى المؤجر، وهناك عقد إيجار مع الوعد بالتمليك، ينص على خيار شراء السلع في نهاية مدة الإجارة، مقابل سعر متفق عليه بموجب عقد شراء.
والتورق هو شراء العميل السلعة من المصرف بسعر مؤجل ثم بيعها إلى طرف ثالث نقدًا وبسعر أقل، ووفقًا لذلك يحصل العميل على المال دون الحاجة إلى الاقتراض القائم على الفائدة.
أما المرابحة فيشتري المصرف سلعةً محددة بناءً على طلب العميل ثم يبيعها للعميل بسعر مؤجل يتم الاتفاق عليه من الطرفين، وعادةً ما يتم الاتفاق في العقد على السداد وفق دفعات.
المنتجات المصرفية الإسلامية في السعودية
تُقدَّم المنتجات المصرفية الإسلامية بعد إجازتها من قبل هيئات شرعية مستقلة يكوِّنها كل مصرف إسلامي أو تقليدي يقدم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتضم الهيئات خبراء شرعيين وماليين لا يقل عددهم عن ثلاثة، ولا يزيدون على خمسة، ويجب أن يكون رئيس اللجنة عضوًا مستقلًّا، وألا يقل عدد أعضائها المستقلين عن ثلثي أعضاء اللجنة، وهي المُخولة بتصديق الخدمات والمنتجات قبل تقديمها لعملاء المصرف، وتوفر بنوك السعودية الخدمات المصرفية الإسلامية لكلٍّ من الأفراد والشركات في المعاملات المصرفية الروتينية، إلى جانب الحلول الاستثمارية والتمويل.
مهام الهيئات الشرعية في المصارف الإسلامية
تضع الهيئات والمجموعات الشرعية في المصارف الإسلامية معايير الالتزام بالمبادئ الشرعية، وتتلخص مهامها في البنوك الإسلامية أو التجارية في بيان الأحكام الشرعية للمعاملات والخدمات، ومراقبة التقيُّد بها، وإقرار سياسات الرقابة الشرعية، إضافةً إلى مراجعة تقارير الرقابة، وبحث الملاحظات والاستشارات ذات الجانب الشرعي على المنتجات والخدمات، إلى جانب مساندة الإدارات الداخلية في المصارف لإيجاد منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
الإشراف على المصرفية الإسلامية في السعودية
تخضع المصرفية الإسلامية في السعودية، كمثيلتها المصرفية التقليدية التجارية، لرقابة وإشراف البنك المركزي السعودي، ممثلًا بإدارة الرقابة على البنوك، ففي عام 1441هـ/2020م، وضع البنك المركزي السعودي الإطار العام للحوكمة الشرعية في البنوك والمصارف التي تزاول أعمالها في السعودية، بهدف تطبيق متطلبات حوكمة شرعية فعالة توفق بين المعاملات المصرفية في البنوك وبين المبادئ الإسلامية.
تاريخ المصرفية الإسلامية في السعودية
يُؤرخ لأنشطة المصرفية الإسلامية في السعودية منذ عام 1376هـ/1957م، حين تأسس مصرف الراجحي،ومع توالي تأسيس المصارف السعودية التي بلغ عددها 11 مصرفًا بحلول عام 1444هـ/2022م، انفرد أربعة منها بتقديم الخدمات والمنتجات المالية وفقًا للشريعة الإسلامية، وهي: مصرف الراجحي، وبنك الجزيرة الذي تحول للمصرفية الإسلامية بالكامل في عام 1418هـ/1998م، وبنك البلاد الذي تأسس عام 1425هـ/2004م، وبنك الإنماء الذي باشر أعماله عام 1429هـ/2008م.
يُصنف بنك الراجحي كأحد المصارف الإسلامية الكبيرة في العالم، ويملك أكبر عدد من الفروع في الشرق الأوسط بواقع 521 فرعًا في السعودية، و16 فرعًا في ماليزيا، و10 فروع في الأردن، إلى جانب فرعين في الكويت، وبحسب بيانات عام 1441هـ/2020م، بلغ إجمالي أصوله داخل وخارج السعودية 624 مليار ريال.
كما شهد عام 1394هـ/1974م، ممارسة نشاطات المصرفية الإسلامية عبر مؤسسة مالية عالمية مقرها السعودية، إذ تأسس البنك الإسلامي للتنمية بجدة، وهو مؤسسة مالية إسلامية متعددة الأطراف، تملك أصولًا تشغيلية حول العالم تتجاوز 16 مليار دولار أمريكي.
ويُتيح البنك الأهلي السعودي الذي وصل رأسماله بعد اندماجه مع مجموعة سامبا المالية في عام 1442هـ/2021م، إلى 44.78 مليار ريال، منتجاتٍ متوافقةً مع الشريعة الإسلامية، إلى جانب بقية البنوك المحلية في السعودية كبنك الرياض والبنك السعودي الفرنسي، والبنك العربي الوطني، وبنك ساب، والبنك السعودي للاستثمار، وبنك الخليج الدولي، إلى جانب خدماتها في المصرفية التقليدية.
إصدار الحوكمة الشرعية في المصارف
يُعد إصدار إطار الحوكمة الشرعية إحدى نتائج برنامج تطوير القطاع المالي فيما يتعلق بقطاع المصارف، وهو أحد البرامج التنفيذية لرؤية السعودية 2030، التي وُضعت بهدف تنويع مصادر الدخل، وتشجيع التمويل والادخار وجذب الاستثمار، وتقليل الاعتماد على العائد النفطي للسعودية.
ويُحدد الإطار العام للحوكمة الشرعية مسؤوليات مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية في البنوك بهذا الخصوص، وآليات وضعها واعتمادها، كما يوضح تشكيل اللجان الشرعية في البنوك، وينص على مهامها وعضوياتها، والإجراءات المتبعة فيها لتطوير الخدمات والمنتجات، وهو يدعم استقرار ونمو صناعة المصرفية الإسلامية في السعودية، ويهدف إلى تحقيق الكفاءة التشغيلية في المصارف العاملة وفق مبادئ المصرفية الإسلامية، وجذب الاستثمارات الخارجية في الأصول المتوافقة مع الشريعة.
وتوفر أغلب شركات التمويل غير المصرفية المرخصة من قبل البنك المركزي السعودي، منتجاتٍ تمويلية تتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية، سواءً عبر التمويل الشخصي، والرهون العقارية، أو التأجير التمويلي، مما أدى إلى تحقيق قطاع التمويل الإسلامي.
وفي عام 1442هـ/2021م، احتلت السعودية المرتبة الأولى عالميًّا وفقًا لتقرير مجلس الخدمات المالية الإسلامية بنسبة 28% من إجمالي الأصول المالية الإسلامية على مستوى العالم.وفي عام 1445هـ/2023م، ضمت السعودية أكبر سوق للمالية الإسلامية في العالم بإجمالي أصول إسلامية عبر القطاعات تتجاوز 3.1 تريليونات ريال، وخلال الأعوام (2021 - 2023م) شهد قطاع المالية الإسلامية على مستوى العالم نموًا متسارعًا إذ تجاوزت قيمة أصوله 11.2 تريليون ريال، بمتوسط نسبة نمو بلغت 9.6%.
برامج التدريب في مجال المصرفية الإسلامية
ينظم البنك المركزي السعودي ويرعى برامج تدريبية وورشًا عمليةً في مجال المصرفية الإسلامية، تعمل على تأهيل الكوادر البشرية للممارسة والتخصص في المجال، وإلحاقهم بفرص تدريبية في البنوك المحلية، وتغطي البرامج التعريف بالمصرفية الإسلامية ووضع إطار معرفي لها، ولبيئة العمل المصرفي الإسلامي في السعودية، وبحث منتجاتها ودراستها، ومراقبة التطورات عليها، وأبرز تحدياتها.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة