تم نسخ الرابط بنجاح

الرسومات والنقوش الصخرية في منطقة تبوك

saudipedia Logo
الرسومات والنقوش الصخرية في منطقة تبوك
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

الرسومات والنقوش الصخرية في منطقة تبوك، هي الأساليب الأولى التي استخدمها الإنسان منذ القدم في رسم تصاوير فنية ورمزية بطريقة النقش أو الحزّ على واجهات الصخور أو داخل الكهوف، وتمثّل مصدرًا مهمًّا من مصادر المعرفة للأحوال الاجتماعية والثقافية والدينية للإنسان القديم، وتعد المملكة العربية السعودية رابع أغنى منطقة في العالم بالفنون الصخرية، إذ كشفت المسوحات الأثرية للفنون الصخرية عن نحو 1200 موقع فن صخري في السعودية.

وتحتفظ منطقة تبوك بالكثير من الآثار والنقوش الصخرية بوصفها موطنًا للعديد من الحضارات القديمة، وممرًا لطرق التجارة والهجرات البشرية، ولا يكاد يخلو جبل على مسار الطريق في تبوك من الرسومات والنقوش الصخرية، وبها عدة مواقع أثرية منها محافظة البدع وتيماء والوجه ووادي الديسة وكلوة وموقع قريّة.

الأهمية التاريخية للرسومات والنقوش الصخرية

ساعدت النقوش الصخرية في تحديد نوع ثقافة العصر الذي كُتبت فيه، وبالتالي كشفت عن جوانب عدة من حياة إنسان ذلك العصر، عكست ما استأنسه من الحيوانات وما ظهر في بيئته من عناصر، مثل رسوم النخيل وطيور النعام، كما شكلت الرسومات والنقوش الصخرية وسائل تواصل بين المجتمعات القديمة تمثلت في علامات ورموز للإنسان والحيوان، تحمل مدلولات ثابتة تُدوّن من خلالها الأحداث والرسائل والوقائع، فكان ينقش رسم الثعبان للدلالة على الخطر، والخطوط المتعرجة دلالة على مواقع الماء، والأسد يرمز للشجاعة، ولكل رسم حيوان ما يناسبه من الدلالات. 

الرسومات والنقوش الصخرية في البدع

عُرفت محافظة البدع الواقعة غرب تبوك في المصادر الإسلامية  باسم "أرض مدين" وهم قوم النبي شُعيب عليه السلام، واشتهرت بوجود موقع أثري يسمى "مغاير شعيب" وهي واحة قديمة بها قبور منحوتة في الجبال بعضها في شكل كهف بسيط مربع، والأخرى لها واجهة مزينة بزخارف على شكل شرفات، يعود تاريخها إلى العصر النبطي، وفي واجهات المغاير الكثير من الرسومات والنقوش الصخرية وهي نقوش لحيانية ونبطية، كما توجد فيها آثار مدينة من الفترة الإسلامية المبكرة تعرف باسم "الملقطة".

الرسومات والنقوش الصخرية في تيماء

يرجع تاريخ محافظة تيماء إلى 1200 سنة ق.م، كانت تمثل في القرن السادس قبل الميلاد العاصمة التشغيلية للمملكة البابلية إبان حكم الملك نابونيد، وتشتمل الآثار الموجودة في تيماء على عدد من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور المديانيين والأدوميين في مطلع الألفية الأولى قبل الميلاد، إضافةً إلى نقوش صخرية تعود للقرن السادس قبل الميلاد.

وتشتهر تيماء بصخرة النصلة أو كما تسمى محليًّا بـ"حصاة النصلة" إذ تعد إحدى العجائب الجيولوجية في جنوب تيماء، سميت بالنصلة لأنها انفردت ونُصلت عن الجبال القريبة منها، وهي كتلة صخرية منقسمة إلى نصفين وبشكل مخروطي شكّلته العوامل الجوية والرياح، تحتوي واجهة الصخرة على عدد من النقوش الثمودية، ورسوم لأشكال حيوانية متنوعة.

كما عُثر بالقرب من واحة تيماء على أول الآثار الفرعونية في الجزيرة العربية، وهو نقش هيروغليفي على صخرة ثابتة، يحمل توقيعًا ملكيًّا للملك رمسيس الثالث أحد ملوك مصر الفرعونية الذي حكم فيما بين 1192- 1160 ق.م، مما يشير إلى وجود طريق تجاري مباشر يربط بين وادي النيل وتيماء، كانت تسير عبره القوافل المصرية إلى تيماء للتزود بالبضائع التي اشتهرت بها المنطقة، مثل البخور والنحاس والذهب والفضة.

الرسومات والنقوش الصخرية في أبو راكة

يعد مركز "أبو راكة" في محافظة الوجه متحفًا مفتوحًا في الطبيعة، نظرًا لكثرة النقوش الصخرية فيه، حيث يحتوي المركز والمراكز التابعة له وهي: الشهيبة والنشيفة ومنطقة الجو والجزل والبليطيح، على نقوش ثمودية ولحيانية وديدانية ورومانية، إضافةً إلى النقوش الإسلامية بالخط الكوفي، إذ كانت تمثل المنطقة قديمًا معبرًا لطريق الحجاج، وتشتمل النقوش الصخرية في أبو راكة على رسوم ذات رموز وعلامات، منها نقوش النعام وطريقة صيدها، والمها العربي والثيران والنمور والأسود والأفاعي، كما تحتوي الرسوم على أشكال متنوعة للحيوانات كالأبقار والوعول والجمال والخيول، إلى جانب رسوم المعارك التي وقعت أحداثها في المنطقة.

كما وجدت بالمنطقة نقوش صخرية للأحصنة والفرسان والأقواس؛ وهذه دلالات على عبور القوافل التجارية لهذه المنطقة، كما تحتوي على رسوم لأشكال بشرية يختلف أسلوب رسمها، رُسمت بعضها بأسلوب النحت الكلي، والآخر بالشكل التخطيطي وبالطريقة العودية البسيطة، وبعضها رُسم بأسلوبٍ تجريدي، وأخرى تتضمن رسومًا لخناجر وسيوف وأقواس ورماح.

الرسومات والنقوش الصخرية في كلوة

تقع كلوة في محمية الطبيق وتبعد نحو 280 كم شمال شرقي تبوك، شهدت المنطقة منذ فترة مبكرة استيطانًا للإنسان على نطاق واسع امتد لفترات طويلة متعاقبة، تعود إلى ما قبل التاريخ وإلى العصور التاريخية، وفترة ما قبل الإسلام والفترة الإسلامية، وتعد الرسومات الصخرية في منطقة كلوة من أقدم الآثار في الجزيرة العربية، يتضح ذلك من خلال الأسطح الصخرية المتآكلة بشكل واضح وتأثير العوامل الجوية عليها، ويعود تاريخ الرسومات الصخرية لمنطقة كلوة إلى الحقبة بين 9000 – 7000 ق.م.

ويُلاحظ انتشار الأدوات الصوانية في كلوة والمواقع المحيطة بها، والتي يمكن نسبتها للعصر الحجري الحديث الذي شهد في مراحله الأخيرة محاولات استقرار بشري ظهرت في بعض المنشآت البسيطة المنتشرة في الموقع، والتي استمرت في التزايد تدريجيًّا في العصور اللاحقة.

الرسومات والنقوش الصخرية في موقع قريّة

سجل فريق بحث سعودي ياباني 30 موقعًا أثريًّا في الأودية والمناطق الرعوية الواقعة بين منطقتي تبوك والجوف، تعود إلى عصور متنوعة، منها العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي، ومواقع من العصور الإسلامية، ومن هذه المواقع حوض "قريّة" الذي تعاقب فيه استيطان يعود إلى العصر الحجري الحديث والعصر الحديدي.

وكشفت النتائج الأولية لدراسات فريق البحث عن وجود نشاط رعوي شبه مستقر في تلك الفترات ظهر ذلك في وجود أدوات حجرية للطحن، كما اكتشفت في بعض المواقع كسر فخارية من العصر الحجري الحديث والحديدي والنحاسي، كما تم اكتشاف العديد من الأدوات الحجرية خلال هذا المسح، منها منقاش من الحجر الصوان يرجع للعصر الحجري الحديث.

الرسومات والنقوش الصخرية في روافة والديسة

تقع منطقة روافة على بعد 115 كم جنوب غربي تبوك، وبها معبد بني سنة 165م، وذلك بحسب ما ذكر في نقش صخري بالموقع، وهو مكتوب بالخطين اللاتيني والنبطي،  يشير إلى أن بناء المعبد كان للثموديين تخليدًا لذكرى اثنين من الأباطرة، كما عُثر في منطقة الديسة وهي واحة زراعية جنوب غربي مدينة تبوك، على بقايا قرية نبطية وواجهة غير مكتملة لضريح نبطي منحوت في الصخر، وكتابات ونقوش ورسوم صخرية من مختلف العصور.