تم نسخ الرابط بنجاح

الآثار في منطقة تبوك

saudipedia Logo
الآثار في منطقة تبوك
مقالة
مدة القراءة 8 دقائق

الآثار في منطقة تبوك، هي مجموعة الآثار المكتشفة التي تحتضنها منطقة تبوك الواقعة شمال غربي المملكة العربية السعودية، تتميز بغناها بالشواهد الحضارية، لتعاقب عدد من الحضارات في أراضيها منذ عصور ما قبل التاريخ، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي.

الآثار في منطقة تبوك في عصور ما قبل التاريخ

سُجلت مجموعة من الأدوات الحجرية في عدة مواقع بمنطقة تبوك، تعود للعصور الحجرية القديمة والحديثة، منها مكتشفات وادي الأخضر، ووادي البقار، وجبل ورقان، وجبل اللوز، ومنطقة "قرية"، وجبل اليسري. ويعد موقع مصيون في وادي ضم شمال غربي مدينة تبوك من أكبر هذه المواقع، ويضم الكثير من الأدوات الحجرية، كالمكاشط، والسكاكين، والمناقيش، ولوحات رسوم صخرية، تمثل مجموعة من الحيوانات كالوعول والكلاب.

وعثر على عدد من الرسومات الصخرية القديمة ومجموعة من الأدوات الحجرية في موقع كلوة الأثري شمال شرقي تبوك.

واكتشف 60 موقعًا تعود تواريخها إلى العصر الشالكوليتي، مثل: حسمى، ووادي شقري، ووادي الفوهة، ووادي أبقر، ونحو 313 موقعا للرسومات الصخرية من الفترة نفسها.

وفي جبل اللوز والمنطقة المجاورة له، تظهر رسومات من فترة العصور الحجرية، تجسد أشكال قطعان من الماشية، وأشكال أبقار ملونة، وفي كهف عند أسفل الجبل رسوم لمراحل مختلفة.

وتنتشر الرسوم الصخرية لجمال ووعول ونعام وكلاب في الديسة ووادي السخنة ووادي البقار، تشمل طبعات الأيدي والأقدام.

وعثر في وضحى على رسوم أشكال آدمية نفذت بحجم كبير، تعود إلى العصر الحجري الحديث (7500 ق.م - 6500 ق.م).

الآثار في منطقة تبوك في عصور ما قبل الإسلام

تعاقبت الحضارات في منطقة تبوك على مر العصور، فظهرت مملكة مدين في القرن الـ12 قبل الميلاد، التي ازدهرت في واحات تبوك وتيماء والبدع، وحضارة الأدوميين، وحضارات ديدان ولحيان ومعين خلال الفترة من القرن الـ6 ق.م إلى القرن الـ1 ق.م، ومملكة الأنباط من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى بداية القرن الثاني الميلادي.

ويوجد بمنطقة تبوك عدد كبير من المواقع الأثرية التي يرجع تاريخها إلى فترة الممالك العربية الوسيطة، تحوي آثارًا للمدن والقرى والموانئ، كمواقع تيماء وقرية والصياني والمالحة بالبدع، ومغائر الكفار بعينونا، والقصير وأكرا كومي بجنوب الوجه، والديسة شرق ضباء، إضافة إلى آلاف الرسوم الصخرية والنقوش الكتابية  بالخطوط الثمودية والآرامية واليونانية القديمة واللحيانية والنبطية، ومواقع المناجم وقرى التعدين وآثار النشاطات الرعوية في هضبة حسمى.

وفي موقع قرية، يبرز السور الحجري الذي يحيط بالمدينة، يعود إلى عصر الجاهلية، يبلغ طوله نحو 10 كم، وبه دعامات دفاعية للتحصين، وفي الداخل تلال أثرية ضخمة بجانب مجموعة من الأفران الخاصة بصنع الفخار، وشبكة ري متقنة، وأساسات مبان متفرقة.

ومن الفترة نفسها ينتشر عدد من المواقع في وادي شرما في منطقة البدع، و"وادي طيب اسم"، ووادي الصدر، ومقنا.

ولمحافظة تيماء جنوب شرقي مدينة تبوك عمق تاريخي نتيجة استمرار استيطاني بشري شبه متصل، وهي من أغنى المناطق الأثرية في المملكة العربية السعودية، منها سور المدينة الذي يحيط بمنطقة طولها نحو 8 كم، وقصر الحمراء الذي يعتقد بأنه قد شيد أو استخدم أثناء وجود الملك نبونيد في تيماء خلال القرن السادس قبل الميلاد، ويضم مسلة وحجرًا مكعبًا يحمل رسومات ورموزًا مختلفة،وعثر على نقش من تلك الفترة في منطقة المشمرخة،ونقش في موقع وضحى،وبئر هداج الأثري المطوية بالحجارة، يعتقد أن تاريخها يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد.

وعثر على نقش بالخط النبطي في جبل أم جذايذ غرب مركز المعظم، وآخر في جبل سربوط ثليثة.

ويتميز موقع كلوة الأثري، الواقع في الشمال الشرقي لمدينة تبوك، بالأحجار المستخدمة في بنائه، وهو يعود إلى العصور القديمة، وفيه رسومات صخرية تعد الأكثر قدمًا في منطقة تبوك.

وفي موقع روافة على بعد 115 كم جنوب غربي مدينة تبوك، يوجد معبد أثري يرجع تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وفي جنوب غربي المدينة يقع موقع قصير التمرة الأثري، وهو بناء من حُجرتين مسقوفتين بالحجارة المُدرجة. 

ومن المواقع التي تعود إلى فترة نهاية الألف الأول قبل الميلاد مغائر شعيب في منطقة البدع، تعود إلى الفترة النبطية، وهي واجهات صخرية لمقابر منحوتة في الصخر الرملي، ومعبد روافة الأثري جنوب غربي مدينة تبوك، وهو معبد مبني من الحجارة المهذبة، عليه نقش نبطي ونقش لاتيني يعود إلى القرن الثاني للميلاد حسب تاريخ النص، محفوظ في المتحف الوطني بالرياض، وفي الديسة توجد واجهة لمقبرة نبطية، والمواقع الممتدة على طول السهل الساحلي عند قرية، حتى واحة عينونا، وهي مناطق نشطت خلال القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد، والقرون الأولى الميلادية.

ويعد ميناء لوكي كومي من المواقع النبطية البارزة، فهو الميناء الذي نزل به القائد الروماني إليوس جالوس مع جيشه عام 25 ق.م ويرجح وقوعه حاليًّا على ساحل الخريبة شمالي مدينة ضباء بالقرب من واحة عينونا.

الآثار في منطقة تبوك في العصور الإسلامية

اكتسبت المنطقة أهمية استراتيجية كممر لقوافل التجارة وطرق الحجاج، ولا تزال آثار المنشآت على طرق الحج باقية في المنطقة، من المحطات والأبراج وجسور الأودية والمنارات والأعلام.

اكتشف نقش بموقع الملقطة بمركز البدع، حيث حفرت آية الكرسي وسورة الإخلاص بالخط الكوفي على لوح من الرخام الأبيض.

وفي محافظة تيماء، وجد نقش في موقع غار الحمام بكتابة معكوسة تشبه كتابة الأختام، ونقش قلعة الزريب بمحافظة الوجه الذي يعود تاريخه لعام 1026هـ/1617م، يتضمن نصوصًا شعرية، ونقش بركة المعظم على 3 أسطح مسلة حجر رملي يعود للعصر المملوكي من عام 767هـ/1366م.

توسع العمران في تبوك وما حولها بدءا من القرن الثاني عشر الهجري، وتجسدت آثاره في بقايا الأحياء القديمة في حقل والخريبة وضباء والوجه وأملج ومدينة تبوك ومحافظة أملج.

أعمال التنقيب في تبوك

كشفت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقًا)، عام 1437هـ/2015م، أن ثلث آثار الجزيرة العربية توجد في منطقة تبوك، موضحة أن مجموعة من القطع الأثرية تم تهريبها للخارج، منها مسلة تيماء التي توجد حاليًّا في متحف اللوفر.

واستقطبت منطقة تبوك، فرق تنقيب أجنبية، نفذت عمليات مسح وتنقيب في المنطقة، أسفرت عن اكتشافات مختلفة، إذ نفذت خمس فرق بحثية واستكشافية سعودية وأوروبية وآسيوية (ألمانية، ونمساوية، ويابانية، وبولندية، وفرنسية)، في عام 1439هـ/2017م، أعمال تنقيب عن الآثار في عدة مواقع بمنطقة تبوك. وعملت بعثة ألمانية في تيماء، فيما عمل فريق بولندي في قرية عينونا، ونقب فريق ياباني في وادي "المحرق"، وفريق سعودي - فرنسي في محافظة البدع، إضافة إلى فريق آخر مشترك عمل في موقع "قرية" شمال مدينة تبوك.

وضمت هذه الفرق علماء متخصصين في الدراسات الأثرية والإنسانية، وأشرفت عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (آنذاك)، بالتعاون مع مؤسسات ومعاهد وجامعات علمية وعالمية.

وتضمن موسم التنقيب الأثري للعام 1440هـ/2018م، عدة أعمال تنقيب أثرية في منطقة تبوك، إذ قامت البعثة السعودية - البولندية باستكمال أعمالها في موقع عينونا الأثري للموسم الثامن، والبعثة السعودية - النمساوية في موقع قرية الأثري في موسمها السادس، والبعثة السعودية - الفرنسية في موسمها الثاني في موقع المالحة بمحافظة البدع، والبعثة السعودية - اليابانية في موقع الحوراء للموسم الثاني، والبعثة السعودية - اليابانية لمسح مواقع العصور الحجرية في العيينة، ووادي محرق، وغبي للموسم التاسع، فيما تواصلت أعمال التنقيب في موقع تيماء الأثري، بالتعاون مع المعهد الألماني للآثار، وعملت البعثة السعودية - الإيطالية مسحًا لمواقع الآثار الغارقة بين أملج وينبع ضمن الموسم الخامس.

وكشفت هيئة التراث في عام 1443هـ/2021م، نتائج أعمال التنقيب في موقع "قريّة" في منطقة تبوك، وهي مدينة سكنية ومنطقة زراعية، إذ كشفت أعمال التنقيب التي أجراها فريق مشترك بين الهيئة وجامعة فيينا النمساوية، عن تحديد تاريخ نشأة واحة قريّة الحضرية بـ1000 سنة أقدم من التاريخ السابق، بعد اتباع أساليب بحثية حديثة متعددة التخصصات. وأعاد الفريق تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد (نحو 2900 - 2600 قبل الميلاد)، أي في العصر البرونزي المبكر، وذلك من خلال تركيز البحث والتقصي على امتداد سور الواحة البالغ طوله 13 كم، ورفع عينات منتظمة منه وتاريخها بالكربون المشع وتقنية الوميض المحفّز.

وأهم نتيجة وصل لها الفريق البحثي قبل اكتشاف أسوار قرية، العثور على مقبرة على هيئة دائرة من الحجارة على قمة هضبة الموقع دفن فيها أكثر من 12 فردًا من علية القوم (نساء ورجالاً وأطفالاً) ودفن معهم أكثر من 1000 خرزة، و8 قلائد منوعة من الطين والخزف المزخرف واللؤلؤ والأصداف، إضافة للعظام والعاج والأحجار الكريمة وما شابهها من العقيق والهيماتيت والأمازونيت والمرو الشفاف والحجر الأخضر والفيروز واللازورد، وكذلك دفنت معهم هدايا من أواني الفخار ملون بعضها وقرابين حيوانات.

وتحتل "قريّة" أهمية تاريخية باعتبارها مستوطنة مركزية عاشت ثلاثة آلاف سنة وطورت لغتها وكتابتها، حتى باتت من أبرز المراكز في شمال غربي الجزيرة العربية إبان العصر الحديدي، باعتبارها مركزًا تجاريًّا، وأحد طرق التجارة الذي يربط شمال الجزيرة العربية بجنوبها.

وكشف تقرير أصدرته هيئة التراث، في عام 1445هـ/2024م، عن مقومات التراث الثقافي في المنطقة، عن تسجيل 988 موقعًا تراثيًّا في السجل الوطني للآثار، وأكثر من 791 مبنى تراثيًّا عمرانيًّا.

المناطق الأثرية في منطقة تبوك

وثقت فرق البحث مجموعة من الأعمال الأثرية التي تعود لعصور مختلفة في أماكن متعددة بمنطقة تبوك، منها: 

موقع عينونا: أسهمت أعمال الكشف في وضع تسلسل تاريخي لعدد كبير من المواقع بتحديد مواقع عصور حجرية قديمة عند المناطق الساحلية والداخلية، ومواقع تعود للعصر الحجري الحديث والعصر النحاسي بناء على ما تم اكتشافه من أدوات، وسجلت أعداد من الدوائر الحجرية الحلقية وركامات القبور والكهوف وشبكات الري والأفران، إضافة إلى المدن والمستوطنات الأثرية والقلاع والطرق والموانئ، إلى جانب النقوش الصخرية والكتابات، وتم جمع عدد من القطع الأثرية وكمّ كبير من الفخار المتعدد الأنواع.

موقع كلوة: هو موقع قديم للرسوم الصخرية في شبه الجزيرة العربية، تتمثل بأشكال آدمية وحيوانية منها الوعول والأبقار، إلى جانب الأدوات الحجرية التي تنتشر في الموقع من الفؤوس اليدوية والمكاشط والمثاقب والمناقيش، ويوجد حول كلوة عدد من المواقع التي تعود إلى العصر الأشولي من 700 ألف سنة إلى 600 ألف سنة، والعصر الحجري المتوسط والمؤرخ ما بين 75 ألف سنة إلى 50 ألف سنة، والعصر الحجري الحديث من 7500 - 6500 سنة ق.م.

مسيل حميط (جبل اللوز): يقع غرب تبوك بنحو 200 كم، كشفت نتائج أعمال التنقيبات عن المبنى الحجري في سفح الجبل المكون من 7 أجزاء من أحجار الجرانيت متباينة الأحجام، يشمل 4 غرف متجاورة تتصدرها ساحة مفتوحة، ويتصل بهذه الغرف من الجهة الجنوبية الشرقية ممر طويل يمتد محاذيًا لإحدى الغرف، تضم كسرًا فخارية من عدة أنماط، ورمادًا وعظامًا.

المنطقة الصناعية: رصدت فرق البحث عددًا من المدافن المختلفة، وهي مدافن منتظمة كبيرة ألحقت بها 4 مدافن للأطفال، ومدافن غير منتظمة من الأحجار متوسطة الحجم، ومدافن متباينة اتخذت أشكالا عشوائية، ومدافن منحوتة في الصخر، و8 مدافن للأطفال.

كما وجد في الموقع مركب دائري ذو أغراض جنائزية مكون من 3 دوائر مترابطة شيدت من حجارة مهذبة لراحة الجالسين.

قلعة تبوك: بنيت في العصر العباسي، وأعيد ترميمها عدة مرات. 

محافظة البدع: تضم مجموعة من الآثار أهمها مغائر شعيب، ومستوطنة ديسة البدع الإسلامية، وبئر السعيدني.

قلعة الأزلم: تقع جنوب محافظة ضباء، وهي إحدى محطات الحج في العصر المملوكي، أُنشئت في عهد السلطان محمد بن قلاوون.

قلعة الملك عبدالعزيز في ضباء

تقع قلعة الملك عبدالعزيز في محافظة ضباء، جنوب غربي مدينة تبوك، شُيدت بأمر من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1352هـ/1933م لتكون مقر الحكم في ضباء،جُلبت حجارة البناء من قلعة المويلح وجزيرة برقان، ثم عُدل ذلك باستخدام الحجارة الجيرية، تتكون من فناء فسيح مستطيل الشكل يحيط بأطرافه عدد من الغرف والمرافق، محاطة بأربعة أبراج بزوايا على شكل ثلاثة أرباع الدائرة، ولوحة تأسيسية ومسجد بالجهة الشمالية، قامت هيئة السياحة والتراث الوطني وقتها بترميمها وتأهيلها لتكون متحف آثار يبين التسلسل الحضاري للمنطقة.

قصر الملك عبدالعزيز في حقل

هو أحد القصور التي أمر الملك عبدالعزيز ببنائها عام 1359هـ/1940م، في محافظة حقل على ساحل البحر الأحمر شمال غربي مدينة تبوك، يحاكي تصميمه نمط القلاع الإسلامية القديمة، وتصل مساحته إلى 900م2، وارتفاعه إلى 5.20م، مزوَّد بأربعة أبراج في أركانه، استُخدِم في بنائه الحجر الجيري الذي جلب من الشعاب المرجانية المتشكلة على السهل الساحلي لخليج العقبة، وشيد السقف من الخشب وسعف النخل والخصف والطين.