محافظة تربة، هي محافظة في جنوبي منطقة مكة المكرمة، غرب المملكة العربية السعودية، وتبعد عن الطائف نحو 150 كلم، وهي من عوالي نجد، ومناخها صحراوي، بارد شتاءً وحار صيفًا.
يمتد تاريخ تربة إلى العصر الجاهلي، وقد وردت عديد من الروايات بشأن نشأتها واسمها، فهي تُعدُّ أول بلدة على وادي تربة عامرة بالسكان والزراعة، ونظير قربها من مكة المكرمة نشأ جسر من التواصل البشري والتجاري امتد إلى مدن الحجاز، وذلك لما كانت تمد به هذه البلدان من إنتاج زراعي أهمه محصول التمور، وهي تقع بين علمين من أهم أعلام الجزيرة العربية، الأول "حرة البقوم" التي كان يُطلق عليها حرة نجد لانفصالها عن الحرار الحجازية، والعلم الثاني هو "جبل حضن" الذي يطل عليها من الغرب.
تواصل النشاط البشري في تربة إلى عصر صدر الإسلام، حيث كانت محطة رئيسة لمرور القوافل التي تسلك العديد من الطرق التي تجتاز وادي تربة، لتلتقي في مركز الحضارة والثقل التجاري في الجزيرة العربية مكة المكرمة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي تربة الذي يمتد من قمم جبال الحجاز حتى أطراف صحراء نجد بطول 400 كلم، وتتقاطع معه عديد من الأودية والشعاب ومنها: بيدة، وعردة، والسليم، والخمرة، وكراء، والتي تُمثّل روافد رئيسة لتزويده بالمياه العذبة.
شكّلت تربة حضورًا بارزًا في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، حيث ذُكرت في كتاب تاريخ العرب قبل الإسلام في الحادثة التي وقعت بين بني عامر وأحد قادة أبرهة الحبشي في وادٍ يؤدي إلى تربة عندما غزا مكة المكرمة لهدم الكعبة المشرفة، كما ذُكرت على لسان أبو البراء عامر بن مالك صاحب عبارة: (عرف بطني بطن تربة)، وذُكرت تربة أيضًا في صدر الإسلام في السنة السابعة للهجرة عندما بَعَث الرسول (صلى الله عليه وسلم)، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في 30 رجلًا إلى هوازن في تربة، كما ورد في كتاب الرحيق المختوم للسيرة النبوية.
موقع محافظة تربة
تتمتع محافظة تربة بموقع متميّز جعلها تُمثّل بوابة نجد ومفتاح الحجاز، حيث تقع على خط طول 38/41 دقيقة، ودائرة عرض 23/21 دقيقة، وتحدها من الغرب محافظة الطائف، ومن الشرق محافظة رنية، ومن الجنوب منطقة الباحة، ومن الشمال محافظة الخرمة.
بحسب مستوى الخدمات المدنية في المحافظة، تُصنَّف تربة على أنها محافظة من الفئة (ب)، وتتبع لها إداريًّا تسعة مراكز. ويسكنها 41,769 نسمة بحسب التعداد السكاني لعام 2022م.
توجد محافظة تربة في منطقة تضاريس متباينة، حيث يحيط بها عديد من الجبال، منها جبل حضن، وهو جبل شاهق ذُكر في المصادر التاريخية والجغرافية، وجبل عِنْ ويقع بين الطائف وتربة، غرب تربة، وجبل ساق ويقع أيضًا بين الطائف وتربة وغرب تربة.
تمتاز المحافظة بالعديد من المناطق الأثرية، فيوجد بها وادي تربة، الذي يمتد من جبال السروات، إضافة الى سد بن جوفي الذي تتصل به عدة أودية صغيرة مثل: هوال والخمرة وزيمان، كما تضم المدينة أماكن أثرية منها: جبل حضن، وهو عبارة عن جبال سوداء ممتدة مسافة طويلة ذات ارتفاع شاهق، وتنحدر منه عدة شعاب منها الريع والسحوبية والعاينة، ومنها حرة البقوم؛ وهي عبارة عن جبال سوداء وتقع في جنوبي المحافظة، وهي منطقة وعرة تنحدر منها أودية مثل وادي كرا، وكانت تسمى "حرة نواصيب".
الزراعة في محافظة تربة
تُعدُّ محافظة تربة من المناطق الزراعية بسبب جودة تربتها ووفرة المياه، وهي من المحافظات التي اشتهرت بزراعة النخيل، وعُرفت منذ القدم ببلد المليون نخلة، ويستحوذ النخيل ثلثي مساحة المحافظة. ويتيح موقع تربة المتميّز على واديها وتوفر المياه العذبة والتربة الزراعية الخصبة فرصًا عديدة للسكان لمزاولة أنماط معيشية متنوعة، حيث يتجه العديد من سكان تربة إلى الزراعة، إذ تُعدُّ شجرة النخيل الركيزة الأساسية التي قامت عليها زراعة تربة.
يمنح الإنتاج الوفير من التمور فرصة كبيرة لأهالي محافظة تربة لتصدير منتجاتهم إلى بعض المناطق والمحافظات المجاورة مثل منطقة الباحة ومحافظة الطائف وجدة ومنطقة مكة المكرمة، وبعضها الآخر يُصدَّر إلى مصانع التمور في المملكة، كما تتميز المحافظة بزراعة أشجار الحمضيات والخضار بكميات تجارية. ويوجد في بساتينها أيضًا العنب وبعض الفواكه، كما يُزرع فيها البر والذرة والشعير وجميع الخضراوات.
إلى جانب النشاط الزراعي، يهتم العديد من سكان المفالي المجاورة لتربة بتربية أعداد كبيرة من الماشية والإبل، حيث يحرصون على تربية الأنواع الأصيلة والجيدة من حيث اللون وإنتاج الكميات الوفيرة من الحليب، ومن أهم الأنواع الموجودة في المنطقة: المغاتير، والشقر، والمجاهيم، والساحلية، والعمانية، وترعى القطعان في المفالي المجاورة لحضن والحرة.
خدمات النقل في محافظة تربة
نتيجة لموقعها المتميز، ترتبط محافظة تربة بعديد من المحافظات والقرى التابعة لها بشبكة من الطرق الحديثة، ومنها طريق تربة الطائف بطول 180 كلم، وطريق تربة الخرمة بطول 90 كلم، وطريق تربة الباحة بطول 195 كلم، وطريق تربة رنية بطول 85 كلم عبر منطقة الحرة.
يُعدُّ مطار الطائف الدولي المطار الرئيس للوصول إلى المدينة، وهو أقرب المطارات إليها، ويقع على بعد 134 كلم، وهو مطار دولي تصل طاقته الاستيعابية إلى نحو 550 ألف مسافر سنويًّا.
يمكن الوصول إلى المحافظة برًا من خلال الطريق الثانوي 273، ويُعدُّ مركز النقل البري الرئيس للوصول والتنقل من تربة وإليها.
المعالم التاريخية والسياحية في محافظة تربة
تضم محافظة تربة عديدًا من المعالم الأثرية والسياحية وفي محيطها، منها بقايا منازل قديمة بُنيت على قمم التلال والجبال، وبعض الحصون مثل حصن كراء، وكذلك آبار وسدود قديمة، كما توجد العديد من الكتابات والنقوش الأثرية القديمة التي يعود تاريخها إلى قبل الإسلام، كما توجد عديد من الطرق القديمة التي تمر بتربة.
تشمل تلك المواقع:
شنقل: موقع سكني قديم على قمة المرتفع الذي يفصل بين وادي تربة ووادي كرا، ويقع على شمالي الطريق المؤدي إلى وادي كرا، وهي قلعة حصينة تسمى المربعة وتتناثر حولها المنازل الأثرية الأخرى.
منيف: موقع أثري قديم متهدم وقعت فيه المعركة المعروفة باسم موقعة تربة وذلك في 25 شعبان 1337هـ/25 مايو 1919م، وقد تحول هذا الموقع إلى حطام نتيجة لتلك المعركة الفاصلة وما زالت آثارها واضحة للعيان.
قصور آل محي: موقع سكني قديم على قمة ربوة عالية، ويقع على شمال القادم من الخرمة إلى تربة قبل محافظة تربة بنحو 3 كلم، وتشرف على غابة من النخيل يمتلكها أصحابها، وهي محاطة بسور كبير له باب واحد وعدة قلاع من جميع جهاته.
رمادان: سوق تربة القديم، وقد سُمي بهذا الاسم نتيجة للحريق الهائل الذي شبّ فيه قديمًا وأتى على جميع مساكنه التي كانت مبنية من سعف النخيل وجريدها وجذوعها، ثم بعد ذلك استبدل البناء وأصبح من الطين، وأُحيط به سور له بوابتان؛ إحداهما جنوبية والأخرى شمالية، وأصبح فيما بعد مقرًا لإمارة الملك عبدالعزيز في تربة.
جبال البغيثاء وأبو مراس: تقع في هجرة العلبة التابعة لمحافظة تربة، وتضم آثارًا قديمة مبنية من الحجر مما يدل على قدم استيطانها.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة