تم نسخ الرابط بنجاح

استزراع الأسماك في السعودية

saudipedia Logo
استزراع الأسماك في السعودية
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

استزراع الأسماك في السعودية، هو عملية استثمارية في تعظيم القيمة من موارد المملكة العربية السعودية الطبيعية وتعزيز الأمن الغذائي فيها، وللاستزراع أنواع عدة، منها الاستزراع المائي، ويُقصد به إنتاج الأحياء المائية، مثل: الأسماك والقشريات والمحار والطحالب والأعشاب المائية وغيرها تحت ظروف الأسر والتحكم في عوامل التربية، ووفق الضوابط والمعايير المرجعية القياسية المنظّمة للعمليات الإنتاجية. والاستزراع المائي المُستدام، وهو مجموعة ممارسات الاستزراع المائي التي تضمن استمرار العمليات الإنتاجية بطريقة مجدية اقتصاديًّا ومسؤولة بيئيًّا، وله نوعان، الأول: الاستزراع المائي في المياه الداخلية من خلال مزارع خاصة بذلك، والثاني: الاستزراع المائي في مياه البحر المالحة داخل أقفاص عائمة.

تنظيم استزراع الأسماك في السعودية

صدر نظام صيد واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية بقرار مجلس الوزراء والمتوج بالمرسوم الملكي في عام 1408هـ/1987م، بما يُوصل للاكتفاء الذاتي من المنتجات السمكية، والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي الوطني.

ووُضع استغلال الثروة السمكية في مسار تنظيمي وإداري يستوعب الاستفادة المُثلى منها لمصلحة الناتج المحلي الإجمالي، ولذلك وافق مجلس الوزراء على إنشاء البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية في المملكة، وتتولى وزارة البيئة والمياه والزراعة إدارته بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ويُمثّل استراتيجية وطنية شاملة لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية وتعزيز دوره الاقتصادي والتنموي.

وتواصلت جهود تطوير قطاع الاستزراع السمكي في المملكة، وكان من بينها المبادرة السابعة لتنمية قطاع الثروة السمكية بالمملكة، وهي خطة شاملة أطلقها صندوق التنمية الزراعية ووزارة الزراعة (وزارة البيئة والمياه والزراعة حاليًّا)، في عام 1433هـ/2012م، وتهدف إلى خلق كيان لمناولة وتسويق منتجات قطاع الثروة السمكية، لتخفيض التكاليف، والحد من التنافس في السوق الخارجي، والحفاظ على مستوى عالٍ من الجودة التي تتيحها بيئة المملكة.

تطوير قطاع الثروة السمكية والاستزراع المائي

يعزز البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية جهود الاستزراع المائي وتطويره ونموه على المدى الطويل، حيث يعمل على دعم قطاع الاستزراع المائي لزيادة إسهامه في إجمالي الناتج الوطني، وبدأ الاستزراع المائي في المملكة بناءً على توصيات قدمتها هيئات دولية، ضمن دراسة وضع الثروة السمكية في المملكة.

وكانت أولى الخطوات التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية "الفاو"، لإنشاء مركز المزارع السمكية بجدة (مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة حاليًّا) عام 1402هـ/1982م، وذلك لدراسة الأنواع المحلية المناسبة للاستزراع المائي من الأسماك، وإدخال تقنيات التفريخ والاستزراع، وتدريب الكوادر الوطنية. وأنتج مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة 150 ألف يرقة من أسماك البلطي البحري في شهر مايو 2020م، ووزعها على مشاريع الاستزراع المائي.

كما أضاف الاستزراع القيمة لموارد المملكة وتحقيق أهدافها في ثروتها السمكية، إذ أصبحت صادراته من أعلى الصادرات، وباتت المملكة واحدة من المصدرين الرئيسيين للروبيان الأبيض على مستوى العالم، بطاقة إنتاجية وصلت في عام 2018م، إلى 60 ألف طن، منها 50 ألف طن من الصادرات لأكثر من 32 دولة في العالم، وتستهدف وزارة البيئة والمياه والزراعة أن يصل الإنتاج إلى 600 ألف طن من مختلف الأنواع البحرية في عام 2030م.

تمويل الاستزراع السمكي في السعودية

إسهامًا في تطوير قطاع الاستزراع المائي وتحفيز الاستثمارات فيه، يقدم صندوق التنمية الزراعية قروضًا تمويليةً لمشاريع الاستزراع المائي، ويرفع قيمة القرض إلى 70% للمشاريع التي تستخدم التقنيات الحديثة، حيث يشمل الإقراض عددًا من الأنشطة، وهي: الأقفاص العائمة، ومفرخات الأسماك، واستزراع الروبيان، ونظام الأكوابونيك، وتربية الأسماك في المياه الداخلية بالأنظمة المغلقة (إعادة تدوير المياه)، حيث تستفيد من تمويل الاستزراع المائي كل من المشاريع المتخصصة (الشركات)، والمشاريع المتخصصة (الأفراد)، والمشاريع المتخصصة (الجمعيات التعاونية).

وتنقسم خدمات الاستزراع المائي المتاحة في الصندوق إلى ست خدمات، هي: تربية الروبيان، وتربية الأسماك بنظام الأقفاص العائمة، وتربية الأسماك، وإنتاج السمك وبيض الكافيار، وتربية الأسماك بنظام المسيجات، إلى جانب مشروع مفرخة الأسماك والروبيان.

وفي 1441هـ/2020م، أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة، خدمة دعم الاستزراع السمكي عبر منصة "زراعي" الإلكترونية، بهدف المحافظة على الثروة السمكية وتطويرها وحمايتها وضمان استثمارها، وهي تتيح لشركات الاستزراع المائي الحصول على الدعم المالي المستحق ضمن برنامج الإعانات الزراعية.

مبادرات استزراع الأسماك في السعودية

أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة 5 مبادرات تتعلق بالاستزراع المائي ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية؛ أحد برامج رؤية السعودية 2030، وتشمل: مبادرة "حملات جذب المستثمرين"، وتهدف إلى زيادة الاستثمار في قطاع الاستزراع المائي، ومبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم التجمعات البحرية"، التي تهدف إلى إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، وتوفير خدمات لوجستية متكاملة، ومبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم الاستزراع المائي"، التي تهدف إلى تهيئة البنية التحتية (المفارخ، ومصانع الأعلاف، ومصانع التجهيز)، واستدامة صناعة الاستزراع المائي، ومبادرة "دعم البحث والتطوير لتحسين إنتاجية مصائد الأسماك"، بهدف إدخال أنواع جديدة من الأسماك ذات جدوى اقتصادية، وتطوير أنظمة الأعلاف وضمان جودتها، إضافة إلى مبادرة "الحملات التسويقية" التي تهدف إلى التعريف بالفوائد الصحية والقيمة الغذائية للمأكولات البحرية، والحث على تناولها وزيادة استهلاك الفرد منها.

أبحاث الثروة السمكية والاستزراع المائي

يعمل مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة على النهوض بقطاع الاستزراع المائي، حيث يركّز على البحوث والتطوير في مجال تربية الأحياء المائية البحرية الملائمة للاستزراع من الأسماك والروبيان، ونشر التطبيقات التقنية للاستزراع المائي وتقديم البرامج التدريبية، ويسعى المركز إلى أن يكون بحلول عام 2030م، صاحب الريادة لقطاع الأبحاث التطبيقية في مجال الاستزراع المائي لتعزيز المعرفة والازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة في المملكة.

كما يسعى المركز إلى تحقيق العديد من الأهداف في تنمية قطاع الأسماك، وذلك من خلال عمله لتنفيذ البرامج البحثية القائمة على تحديد الأنواع الاقتصادية من الأسماك الزعنفية البحرية والروبيان، والملائمة للتربية والإنتاج على المستوى التجاري تحت الظروف البيئية المحلية للمملكة، وكذلك تقييم الوسائل المختلفة لأنظمة الاستزراع السمكي، وتحديد المناسب منها للتطبيق في مناطق مختلفة.

ويعمل المركز على إجراء البحوث والدراسات الميدانية في مجال أمراض الأنواع المستزرعة من الأسماك والروبيان، وتزويد قطاع مشاريع الاستزراع السمكي باحتياجاتها من يرقات وإصبعيات الأسماك والروبيان، وتقديم الإرشاد الفني لمشاريع الاستزراع المائي، وتقييم دراسات الجدوى لمشاريع الاستزراع المائي.

استزراع أسماك السبيطي

يحفز امتلاك المملكة لعدد كبير من المقومات والمزايا في قطاع الثروة السمكية على أن تكون ضمن الدول المتقدمة التي تتمتع ببيئة جيدة وصالحة للاستزراع السمكي، ولذلك يقدم صندوق التنمية الزراعية دعمه لمشاريع القطاع للوصول بإنتاج المملكة من الأحياء المائية المستزرعة إلى 970 ألف طن سنويًّا عام 2029م، في وقت تستورد فيه المملكة نحو ثلاثة أضعاف ما تنتجه محليًّا من الأسماك سنويًّا.

وأعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة في عام 1440هـ/2019م، استزراع أسماك السبيطي من خلال المشروعات التجارية لإنتاج الأسماك بنظام الأقفاص العائمة، وهو أحد مخرجات مشروع الأبحاث التطبيقية من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لتطوير الأسماك، وذلك لتطوير قطاع الثروة السمكية بالاستثمار في الاستزراع السمكي تعزيزًا للأمن الغذائي، وتوفيرًا لأسماك ذات جودة عالية، ودعمًا للتنمية الاقتصادية في المملكة.

الاستثمارات في الاستزراع السمكي

تتوسع أنشطة الاستزراع السمكي في المملكة مع تحقيقها لعائدات اقتصادية كبيرة تدفع إلى الاستثمار في قطاع الاستزراع المائي، ووقَّعت شركتا نيوم وأسماك تبوك مذكرة تفاهم في عام 1442هـ/2021م، بهدف التوسع في إنتاج الاستزراع المائي المحلي، وتطبيق الجيل الجديد من تقنيات الاستزراع المائي داخل منطقة نيوم.

ويعزز هذا الاستثمار جهود المملكة في تطوير قطاع الاستزراع المائي، وتعمل مزرعة الأسماك "المفرخة" بقدرة إنتاجية تصل إلى 70 مليون زريعة، وهو ما يجعلها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث تركّز على تحسين إنتاجية أنواع الأسماك المحلية في البحر الأحمر، للإسهام في تحقيق هدف المملكة في إنتاج 600 ألف طن من المنتجات السمكية بحلول عام 2030م.

ودخل قطاع الأسماك في السعودية مرحلة جديدة من الاستثمارات الدولية، مع موافقة الجهات الروسية في عام 1442هـ/2020م، على دخول 3 شركات سعودية للاستزراع المائي إلى السوق الروسية، حيث يتوقع تصدير نحو 10-15 ألف طن من الأسماك والروبيان سنويًّا، بقيمة مبيعات تصل إلى 293 مليون ريال، ويتم التصدير إلى 5 دول، هي: بيلاروسيا، وأرمينيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان.

ويُعدُّ قطاع الاستزراع المائي من أسرع القطاعات الغذائية نموًّا بمعدل 6% سنويًّا، كما أن المملكة تتمتع بموارد طبيعية وافرة على امتداد الخط الساحلي البالغ طوله أكثر من 2,600 كلم، وقدرة استيعابية لـ5 ملايين طن من الأسماك.

الاستزراع السمكي في المدن الساحلية

نشط في المدن الساحلية للمملكة عدد من استثمارات الاستزراع المائي، ففي المنطقة الشرقية تدعم مزارع الاستزراع السمكي السوق المحلي والأسواق العالمية بأكثر من 540 طنًّا سنويًّا من الأسماك والروبيان وبيض الكافيار، إذ تحتضن مدن ومحافظات المنطقة الشرقية 29 مشروعًا للاستزراع السمكي، تُسهم في تنوع مصادر الدخل الوطني بما يتوافق ورؤية السعودية 2030.

وتحقق المشاريع القيمة المضافة من عائدات الثروة السمكية، وتتوزع مشاريع الاستزراع السمكي في كل من مدينة الدمام ومحافظات القطيف وحفر الباطن والأحساء، وتستهدف طاقتها الإنتاجية الوصول إلى 1,270 ألف طن سنويًّا من مختلف أنواع الأسماك والروبيان، وبلغ عدد مشاريع الاستزراع السمكي حتى عام 1442هـ/2020م، نحو 12 مشروعًا، إلى جانب 14 مشروعًا في طور التشغيل.

وهناك استثمارات في الاستزراع السمكي أيضًا في منطقة تبوك، حيث تحتضن بحيرة الأسماك في الواجهة البحرية بمحافظة ضباء أكثر من 30 ألف سمكة من نوعي البلطي والدنيس، استُزرعت في محيط واجهة متنزه الأمير فهد بن سلطان البحري، بهدف التعريف بماهية الاستزراع السمكي الذي تمتاز به بيئة البحر الأحمر في شمال غربي المملكة، وأهمية الاستثمار في تربية الأحياء المائية التي يمكن السيطرة عليها تحت ظروف بيئية مناسبة.

إنتاج الأطعمة البحرية من ضوء الشمس

في عام 1443هـ/2021م، بدأت شركة البحر الأحمر للتطوير تجربة إنتاج الأطعمة البحرية من ضوء الشمس، وتطبيق حلول مستدامة تعتمد على أحدث التقنيات للاستزراع السمكي المعتمد على التركيز المكثّف لثاني أكسيد الكربون، وهي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، إذ ستتيح التقنية للشركة إنتاج الأطعمة البحرية من ضوء الشمس في عمق البيئة الصحراوية، ليكون بمقدور الشركة تحويل ضوء الشمس إلى منتجات بحرية، وتعزيز التنوع البيولوجي للمحيطات، وتوفير مصادر مستدامة للغذاء للسيّاح أثناء قضاء عطلاتهم أينما كانوا.