تم نسخ الرابط بنجاح

الحياة الاجتماعية في الدولة السعودية الأولى

saudipedia Logo
الحياة الاجتماعية في الدولة السعودية الأولى
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

الحياة الاجتماعية في الدولة السعودية الأولى، هي مظاهر الحياة التي نشأت في مجتمع الدولة السعودية الأولى وفي المناطق التابعة لها، وتمثّلت في التقاليد والأعراف، والعلاقات بين أفراد المجتمع، وطرق الاحتفال بالمناسبات الخاصة والعامة، إلى جانب الثقافة واللغة، والأنشطة الاقتصادية التي مارسها السكان.

الثقافة واللغة في الدولة السعودية الأولى

كانت اللغة السائدة في الدولة السعودية الأولى هي اللغة العربية، بيد أنها لغة دخلت عليها اللهجات العامية المختلفة في كل منطقة من مناطق حكم الدولة السعودية، ودخل عليها قدر من الألفاظ الأعجمية والدخيلة، لكن عاميّة الجزيرة العربية أقرب إلى اللغة العربية الفصحى في الجانب الأسلوبي والنحوي والصرفي ومتن اللغة، ومن أمثلة اللهجة العامية في نجد نطقهم إهمال الضاد ونطقها ظاء، وينطقون حرف الكاف كأنها حرفا التاء والسين مجتمعين، وفي سواحل الخليج يميلون لتفخيم حرف الكاف فيصبح أشبه بنطق حرفي السين والشين مجتمعين، وفي حائل ينطقون التاء المربوطة مفتوحة على الإطلاق فيقولون للساعة (الساعت)، وفي شمالي نجد يقلبون الجيم ياء، فيقولون في المسجد (المسيد).

وعرفت الثقافة السعودية أنواعًا من الفنون الموسيقية وتنوّعت آلاتها في التراث الشعبي السعودي، تبعًا لاختلاف مناطق المملكة واتساعها، منها: آلة الربابة، وعُرفت  شمالي السعودية، مصنوعة من جلد الغزال أو جلد الذئب المدبوغ والملفوف على مربع خشبي، وفيها وتر واحد، ويعزف عليها بصحبة أبيات شعرية في المجالس واجتماعات أهل الشمال، وآلة الطبل، وهي نوعان: "طبل التخمير"، وهو كبير الحجم مصنوع من الأشجار ومغطى بالجلد يستخدم في القرع للحروب ويضرب بقبضة اليد، والثاني يسمى "التثليث" وحجمه أصغر من الأول ويستخدم في المناسبات، وفي المناطق الساحلية استخدم أهلها آلة السمسميّة، وهي آلة كثيرة الأوتار، كان يستخدمها البحّارة وصيادو اللؤلؤ في ترديد الأغاني البحرية، ويصفقون معها بإيقاع موسيقي، فيما استخدم أهل المنطقة الغربية "الطبل، الدربكة"، وكان الأطفال يستخدمون آلة "الحوامة" للتسلية، وهي  صفّارة مصنوعة من سيقان النباتات.

العادات الاجتماعية في الدولة السعودية الأولى

كان لسكان الدولة السعودية الأولى عادات اجتماعية يلتزمون بها، ومنها طريقتهم في الملابس التي كانوا يرتدونها، وهي غالبًا الثياب واسعة الأكمام، والأقبية، والعباءة، ويلبس بعض أهل العلم وأهل البادية العمائم المحنكة، وكثيرًا ما يلبسون الشماغ أو الغترة وعليها العقال، وفي المناطق الجنوبية الغربية يلبس الرجل رداء وإزارًا، أما المرأة فتلبس الثوب الذي يشبه ثوب الرجل إلا أنه ضيق.

يعمل الرجل في مهن خارج المنزل لكسب رزقه، أما المرأة تعمل داخل المنزل في الطبخ والتنظيف ورعاية الأبناء، ويتشارك في بعض المناطق الرجل مع المرأة في الأعمال الزراعية، حيث تساعده في الحرث، والحصاد والرعي. أما الزواج فلم يكن في تلك الفترة معقدًا، إذ كان المهم فيه هو الكفاءة، ومن الصفات المطلوبة أن يكون شجاعًا كريمًا، وكانت الأسرة في البيت الواحد تتكون من الزوجين وأولادهما وأحفادهما، وأحيانًا يتزوج الحفيد ويبقى في بيت الجد الكبير.

يقضي معظم أهل البادية أوقاتهم في الترحل وتتبع مساقط المطر، وتجمعات المياه بحثًا عن المراعي المناسبة، أو الذهاب إلى المدن لبيع السمن والماشية وشراء القمح والتمر، أما أوقات الفراغ فهي كثيرة عندهم لقلة العمل، أو بسبب الجدب الذي يعيق نشاطهم، فكان لهم ممارسات في الترفيه والتسلية، ففي البادية يتسلون بالصيد والقنص للظباء والأرانب والحباري والقطا والقميري، وفي الليل يتحلّقون حول النار يتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار، أما في المدن وخاصة مدن الحجاز فكانوا يتسلون في المجالس الليلية، يتبادلون الأحاديث وأخبار البلاد، وأسعار البضائع، وكانت لا تخلو من بعض اللعب، مثل: الشطرنج وبعض آلات الطرب، أما أهل الريف فكانوا يقضون أوقات الفراغ في مجالس السّمر، لكن فراغهم لم يكن كثيرًا لكثرة أعبائهم المرتبطة بالزراعة، فكانوا ينامون مبكرًا للاستيقاظ قبل الفجر وبدء أعمالهم.

المهن في الدولة السعودية الأولى

كان السكان في مجتمع الجزيرة العربية يرِثون مهن آبائهم مهما كانت مواهبهم الأخرى، فكانوا يعملون في مهن متعددة، هي: التجارة والزراعة، وتربية الماشية، وتعمل بعض الأسر في الحدادة، والصناعة، والخرازة، والعطارة، والجزارة، وغيرها من المهن اليدوية.

الرعي والتجارة في نجد

في نجد تشكّل المراعي أولى مصادر المعيشة؛ لاتساع مساحتها وجفافها، ولذلك يهتم النجديون كثيرًا بتناقل أخبار المطر، ويورد المؤرخون في كتبهم سنين الجدب وسنين المطر التي مرّت في نجد.

وكانت مقومات الحياة الاقتصادية المهمة لأهل البادية من نجد هي الثروة الحيوانية ومنتجاتها، إذ يأكلون لحومها ويشربون ألبانها، ويصطادون من حيوانات الصحراء مثل: الأرنب، والضب، وما يصل إليهم من التمر، ويعتمد أهل الريف على اللبن ومشتقاته، والحنطة والشعير، والذرة، والجراد، والتمر إذا توفر. 

وتأتي الزراعة في المرتبة الثانية وتكثر في أماكن توافر الواحات وسط الصحراء مثل الخرج والقصيم، وكانت الزراعة والتجارة من أبرز مقومات الحياة الاقتصادية آنذاك، وكان للتجارة في نجد ثلاثة أنماط: محليّة، وإقليميّة، وخارجيّة، فكانت المحلية بين سكان كل بلدة على انفراد، ويقصد بالإقليمية التبادل التجاري بين بلدة نجدية وأخرى، أو بين الحاضرة ومن يقابلهم من البادية، فيما تكون التجارة الخارجية بين النجديين وبين سكان الأقطار الأخرى، لأن نجد لم تكن تنتج كل ما يحتاج إليه السكان، مما اضطرهم لاستيراد ما هو غير متوفر أو غير كافٍ لحاجتهم، مثل بعض الأطعمة والملابس والأسلحة، وفي المقابل فهي غنية ببعض المنتوجات الحيوانية مثل: الإبل، والغنم، والخيول.

تطويف الحجاج في إقليم الحجاز

شكّل الحج في إقليم الحجاز مصدرًا من مصادر الدخل، إذ تأتي قوافل الحجاج كل عام، ويتقاضى المطوفون والأدلاء أجرًا مقابل تطويف الحجاج وخدمتهم، وكان الناس في الحجاز يعيشون على الحنطة والتمر والأرز واللبن، والجبن، أما جنوب الحجاز من الطائف حتى جازان ونجران فيعيشون على الزراعة وقليل من الصيد، والأكثر شهرة الرعي، ومما يأكلونه من الزراعة مثل: حب الذرة، والدخن، واللبن ومشتقاته من سمن وحليب.

الزراعة والغوص في الأحساء والقطيف

كانت الزراعة في الأحساء والقطيف دخلا ثابتًا تعتمد عليه المنطقة، وأغلب سكانها فلاحون يساعدهم توافر العيون الجارية التي يسمونها (الأسياح)، وتشتهر أيضًا منطقتهم بالتمر، إضافة إلى الحبوب والخضراوات والفواكه، ويأتي بعد الزراعة الغوص في البحر لاستخراج اللؤلؤ وهو المورد الثاني من الموارد الاقتصادية في المنطقة الشرقية، إضافة إلى الثروة السمكية، والعمل في التجارة.