تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
الاقتصاد الأخضر في السعودية
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

الاقتصاد الأخضر في السعودية، هو أحد نماذج التنمية الاقتصادية سريعة النمو في المملكة العربية السعودية، إذ يعمل على ضمان النمو الاقتصادي المستدام، ومنع التلوث البيئي والاحتباس الحراري واستنزاف الموارد والتراجع البيئي. بذلت السعودية جهودًا في إطار رؤية 2030 للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، مثل: مشاريع الطاقة المتجددة، ومشاريع حماية البيئة، وكفاءة الطاقة.

واكتسب مفهوم الاقتصاد الأخضر أهميته من قدرته على الاستجابة لمشكلات عدة واجهها العالم، مثل التغير في المناخ، ومشكلة توفير الأمن في مجالات الغذاء والطاقة والمياه، ويعود تاريخ الاهتمام العالمي بالاقتصاد الأخضر إلى عام 2008م حينما أطلقت الأمم المتحدة مبادرة الاقتصاد الأخضر، لتشجيع صانعي السياسات على دعم الاستثمارات البيئية في سياق التنمية المستدامة.  

جهود السعودية للتحول إلى الاقتصاد الأخضر

تهدف السعودية في إطار رؤية 2030 إلى تنويع الاقتصاد ومزيج الطاقة لتقليل الاعتماد على النفط، وتحسين الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وقدمت في هذا الشأن إصلاح أسعار الطاقة، ووضع معايير لكفاءة الاستخدام، مساهمة منها في تنفيذ عمليات خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وسعيًّا إلى تحقيق تحول كبير في الاقتصاد الأخضر. كما أعلنت في منتدى مبادرة السعودية الخضراء عن حزمة مبادرات تبلغ نحو 60 مبادرة ومشروعًا، بقيمة استثمارات بلغت 700 مليار ريال، للإسهام في تنمية الاقتصاد الأخضر.

وعززت المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020م، من دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، والإسهام في حماية كوكب الأرض، مما نتج عنه إصدار إعلان خاص حول البيئة لضمان مستقبل مستدام يحد من التدهور البيئي، ويسهم في الحفاظ على التنوع الحيوي والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وإصلاحها، والحفاظ على المحيطات، وتشجيع توفر الهواء والماء النظيفين، والتعامل مع الكوارث الطبيعية والظواهر المناخية الشديدة، ومعالجة التغير المناخي.

مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية

في 3 جمادى الأولى 1431هـ/7 أبريل 2010م، أنشئت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، بهدف بناء مستقبل مستدام للمملكة، من خلال إدراج مصادر الطاقة الذرية والمتجددة ضمن منظومة الطاقة المحلية، وتشمل الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المتحولة من النفايات والطاقة الجوفية الحرارية.

وأنشئ مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة المتجددة "سبارك" في 2018م، بهدف تنويع مصادر الدخل في السعودية، والتشجيع على استخدام تقنيات الطاقة النظيفة، كما أطلقت السعودية استراتيجية للتنمية الوطنية الشاملة لدعم تنوع مصادر الطاقة، ولتحقق هدف الوصول إلى 3.45 جيجا واط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020م، و9.5 جيجا واط بحلول عام 2030م، و54 جيجا واط بحلول عام 2040م. كما تعمل المملكة على مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي لاستثمار القطاع الخاص في مصادر الطاقة المتجددة وتوطين الصناعة بتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وضمان القدرة التنافسية للطاقة المتجددة من خلال تحرير سوق المحروقات تدريجيًّا.

وانضمت السعودية للتحالف الدولي للطاقة الشمسية، إلى جانب توقيع اتفاقية مع "سوفت بنك" بحجم 200 جيجا واط وتكلفة 200 مليار دولار، وإطلاق مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030م، لبناء قطاع طاقة شمسية مستدامة، وإنشاء مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة بوزارة الطاقة، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية للمساهمة في بناء هذا القطاع.

وعملت السعودية على توصيل مشاريع الطاقة الشمسية المتوسطة والصغيرة بالشبكة السعودية للكهرباء، وإيجاد معاهد تدريب لتأهيل الشباب السعوديين، وتوفير الوظائف للمواطنين في مجال الطاقة المتجددة، وإنشاء صناعة طاقة متجددة محلية، ودعم مراكز أبحاث الطاقة المتجددة محليًّا.

مشاريع حماية البيئة في السعودية

تبنّت السعودية مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون وأبرزتها في عدد من المحافل العالمية، وفي مقدمتها قمة قادة مجموعة العشرين 2020م، المنعقدة في العاصمة الرياض، تأكيدًا لدورها الفاعل في مبادرات إدارة الانبعاثات والتحول إلى الطاقة النظيفة.وتهدف المبادرة إلى تحويل الانبعاثات الكربونية إلى مواد أولية أو معاد تدويرها، ببناء نظام اقتصادي مستقل وقائم بذاته، من خلال الركائز الأربع لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، المتمثلة في الخفض، وإعادة الاستخدام، والتدوير، والإزالة، كما أطلقت السعودية في هذا الشأن البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون في 2021م، ويعمل على ثلاثة أهداف استراتيجية، هي: حماية المناخ، والأثر الاجتماعي والاقتصادي، وتحقيق الريادة العالمية.

ودعت السعودية دول العالم للتعاون في تبني الاقتصاد الدائري للكربون للوصول إلى ما تطمح إليه الدول في مجال الحياد الكربوني المتوائم مع اتفاقية باريس للمناخ، والمتوافق مع الطموحات والتطلعات التنموية لكل دولة، كما أُنشئ مجلس للمحميات الملكية يشمل ثمانية مواقع بالمملكة، بهدف الحفاظ على الغطاء النباتي وزيادته.

وفي 14 شعبان 1442هـ/27 مارس 2021م، أعلن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عن مبادرتي ”السعودية الخضراء“ و"الشرق الأوسط الأخضر“، وتهدف المبادرة الأولى إلى رفع الغطاء النباتي في السعودية، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية، كما تعمل المبادرة على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4%، من الإسهامات العالمية، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي توفر نحو 50%، من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن، من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94%. 

ووضعت السعودية استراتيجية وطنية للبيئة تشمل 64 مبادرة لإعادة هيكلة قطاع البيئة ليتواكب مع اتساع المملكة وتنوع بيئاتها، ومواكبة النمو الكبير في القطاعات المؤثرة في البيئة من خلال إطلاق خمسة مراكز بيئية متخصصة وممكنة، وهي: المركز الوطني للالتزام البيئي، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني لإدارة النفايات، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني للأرصاد. 

ونجح فريق من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في تصميم وتصنيع أول سيارة شمسية عربية تُسجل في نظام SAE الأمريكي، وهي السيارة (وهج)، التي شاركت نسختها الأولى بنجاح في السباق الشمسي بأستراليا عام 2011م.

وأُطلقت حملة للمعيشة البيئية المستدامة في مدينة جدة، وهي ترجمة لمبادرة الخطة الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة "بيئتي علم أخضر وطن أخضر"، التي أطلقتها الجمعية البيئية السعودية ومجموعة يونيلفر بمشاركة أمانة محافظة جدة، وتهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الاهتمام بالبيئة، وتبني حلول بيئية لمشكلات التلوث الناجمة عن المواد الصناعية، والعمل على تدوير النفايات والمخلفات، ومحاولة تنمية تقنية الطاقة الخضراء وربطها بالاقتصاد الأخضر.

كفاءة الطاقة في السعودية

أنشئ المركز السعودي لكفاءة الطاقة بقرار مجلس الوزراء في 24 ذو القعدة 1431هــ/1 نوفمبر 2010م، القاضي بتحويل البرنامج الوطني (المؤقت) لإدارة وترشيد الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى مركز وطني دائم في إطار التنظيم الإداري للمدينة يسمى المركز السعودي لكفاءة الطاقة.

 ويهدف ذلك إلى ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال؛ مما يسهم في المحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة ودعمها، بما يعزز التنمية والاقتصاد الوطني، ويحقـق أدنى مستويات الاستهلاك الممكنة بالنسبة للناتج الوطني العام والسكان. 

وبدأت المملكة بتشغيل محطات تحلية المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية في كل من الخفجي وينبع، كما أن الهيئة السعودية للمياه بصدد إنشاء محطات أخرى في كل من حقل وضبا وجزر فرسان، بهدف مساندة المحطات القائمة التي تعمل بالوقود، ولتكون محطات بديلة لها على المدى البعيد، كما أقامت المؤتمر العالمي الخامس ”بيئة المدن 2015 من نفايات إلى طاقة“ الذي عقد خلال الفترة من 16-18 رجب 1436هـ/5-7 مايو 2015م في جامعة طيبة بالمدينة المنورة، بتنظيم مشترك بين أمانة منطقة المدينة المنورة ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وبلدية دبي ومركز البيئة للمدن العربية، وبدعم من منظمة المدن العربية. 

ووقعت السعودية في بداية عام 2010م عقدًا من ثلاث مراحل لتوليد 10 ميجاواط، من الخلايا الشمسية بتقنية النانو لإنتاج مياه بسعر 33 هللة، لكل كيلوواط في الساعة، بتكلفة أقل لكل متر مكعب، على أن تُستخدم خلايا شمسية مركزة ضمن المرحلة الثالثة.