نظام الحماية من الإيذاء في السعودية، هو نظام حكومي تشرف عليه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، يهدف إلى ضمان توفير الحماية من الإيذاء بجميع أنواعه، وتوعية المجتمع فيما يتعلق بالإيذاء، ووضع القوانين الرادعة له، صدر في 15 ذو القعدة 1434هـ/21 سبتمبر 2013م، ويتقاطع مع عدة أنظمة سنّتها السعودية.
صدرَ نظام الحماية من الإيذاء في السعودية عام 1434هـ/2013م في نحو 17 مادة، عدّلت عدة مواد في النظام، وهي السابعة والثانية عشرة والثالثة عشرة في 1443هـ/2022م.
تعريف بنظام الحماية من الإيذاء في السعودية
يدل مفهوم الأذى على أي شكل من أشكال الاستغلال، ويشمل إساءة المعاملة النفسية أو الجسدية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه آخر، متجاوزًا حدوده كولي أو مسؤول، وقد يُرتكب بين أطراف تربطهم علاقة أسرية أو علاقة وصاية أو كفالة أو تبعية معيشية، ومما يدخل في الإساءة: امتناع الشخص أو تقصيره في أداء واجباته أو التزاماته في توفير الاحتياجات الأساسية لشخص من أفراد الأسرة، أو ممن يُلزم بهم شرعًا أو نظامًا.
المقصود بالولاية
تُمثّل الولاية سلطة يثبتها الشرع للولي، تمنحه صلاحية التصرف وإدارة شؤون الشخص الذي يكون تحت ولايته فيما يتعلق بماله ونفسه وبدنه، دون أن يتجاوز أو يؤثر على حقوقه.
أهداف نظام الحماية من الإيذاء
يهدف النظام إلى توفير الرعاية النفسية والصحية والاجتماعية للمتعرّضين لأيٍّ من أشكال الأذى، وتقديم المساعدة وحلول الإيواء، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمساءلة الجاني وإلحاق العقوبة، إضافةً إلى نشر الوعي بين أفراد المجتمع فيما يتعلق بمفهوم الإيذاء وما قد يترتب عليه من آثار، وكيفية الحيلولة دونه، ومعالجة الظواهر السلوكية المجتمعية التي تنبئ بوجود بوادر لحدوث الإيذاء، إلى جانب إيجاد آليات مبنية على دراسات علمية تُطبّق حال التعرض لأي نوع من الأذى.
الجهة المسؤولة عن تلقي حالات الإيذاء
بحسب المادة الرابعة من نظام الحماية من الإيذاء في السعودية، تستقبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والشرطة البلاغات المتعلقة بالإيذاء، سواء ممن تعرض مباشرة للإيذاء أو من أي جهة حكومية أو أهلية، بما فيها الجهات الصحية والمختصة، وحين تتلقى الشرطة أي بلاغ عن حالة إيذاء فيلزمها اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تدخل ضمن اختصاصها، مع نقل الحالة مباشرة إلى الوزارة. ولتحقيق النظام تعمل الوزارة على تقديم أبحاث اجتماعية ونفسية للحالات المتعرضة للأذى، وتوفر أماكن الإيواء للحالات التي تحتاج إليها بما يحقق حمايتها ويسهم في إعادة دمجها وربطها بالمجتمع، كما تنسق مع الجهات المعنية لضمان تقديم الخدمات الملائمة للحالات، وتقترح التدابير الاحترازية في سبيل الحد من حالات التعرض للإيذاء.
الإجراءات عند تلقي بلاغ الإيذاء
يُلزم كل من يطلع على حالة إيذاء بالإبلاغ عنها، وتنص المادة السابعة من نظام الحماية من الإيذاء في السعودية على أنه بعد توثيق البلاغ وتقييم الحالة المُبلَّغ عنها، تتخذ وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أيًا من الإجراءات المناسبة، وتشتمل الإجراءات على: تقديم الرعاية الصحية اللازمة، وإجراء التقويم الطبي إذا تطلبت الحالة، واتخاذ ترتيبات معيّنة لتوقف استمرار الأذى أو تكراره، بالإضافة إلى إتاحة المرشدين والموجهين المتخصصين لأطراف الحالة إذا تبينت إمكانية معالجتها في إطارها الأسري، وتوفير العلاج النفسي أو البرامج التأهيلية، وقد تتطلب بعض الحالات استدعاء أي ممن تربطهم علاقة بالمتأذى لأخذ أقواله.
ويُمكّن من تعرض للإيذاء من الحصول على أوراقه الثبوتية وأخذ متعلقاته الشخصية، وفي حال ظهر للوزارة أن حياة المتعرض للأذى تحت التهديد، فلها أن تتخذ الإجراءات المناسبة لتحقيق سلامته، بما في ذلك نقل المتعدي أو المُعتدى عليه لمكان آخر إن استدعى الأمر حتى يزول الخطر.
التدابير الوقائية للحماية من الإيذاء في السعودية
بحسب المادة الخامسة عشرة من نظام الحماية من الإيذاء في السعودية، تتخذ وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تدابير وقائية للحماية من الأذى، إذ تعمل -بالتعاون مع الجهات المعنية- على نشر الوعي حول مفهوم الإيذاء وآثاره على الفرد والمجتمع، واتخاذ ما يلزم للوقاية ومعالجة الظواهر التي قد توجد بيئة مهيّأة لحدوث أي من أشكال الأذى، بالإضافة إلى توفير المعلومات الإحصائية عن حالات الإيذاء للإفادة منها في وضع خطط علاجية وإجراء الدراسات العلمية ذات العلاقة، وتنظيم برامج متخصصة للمعنيين بالتعامل مع الحالات، وأخرى للإرشاد الأسري، إلى جانب توعية الفئات الأكثر عرضة للإيذاء بحقوقهم.
هوية المبلِّغ عن حالة إيذاء
وفق المادة الخامسة من نظام الحماية من الإيذاء في السعودية، تلتزم الجهة المتلقية لحالة الإيذاء بالحفاظ على سرية هوية المبلِّغ، ولا يُفصح عنها إلا برضاه، أو بحسب ما تقتضيه اللوائح التنفيذية، وكل موظف يخالف أحكام الإبلاغ عن حالات الإيذاء يتعرض للمساءلة التأديبية، وفي حال الإبلاغ عن حالة تبيّن فيما بعد أنها ليست حالة إيذاء، فإن المبلِّغ حسن النية يُعفى من المسؤولية ولا يترتب عليه شيء.
التدخل السريع في حالات الإيذاء
إذا اتضح لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أن حالة الإيذاء توجب التدخل السريع، فلها الاستعانة بالجهات الأمنية للتدخل في مكان الواقعة، وتراعي ألا يترتب على أي من الحلول التي تلجأ لها ضرر أشد على الضحية كأن يتأثر وضعه المعيشي أو الأسري، مع تقديم الدعم الوقائي والإرشادي للتعامل مع الحالة ما لم تستدعِ غير ذلك. وفي حال عدّت الوزارة حالة الاعتداء جريمة، فعليها أن تحيلها إلى جهة الضبط المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
متابعة قضايا حالات الإيذاء
نصت تعديلات المادة الثانية عشرة من نظام الحماية من الإيذاء في السعودية على أن تتابع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قضايا الإيذاء المحالة إلى جهة الضبط إذا اتضح أنها تمثل جريمة، وتبلّغ جهة الضبط الوزارة بما توصلت إليه من الإجراءات حيال القضية، وإن كان من تعرض للأذى من ذوي الإعاقة، فتتابع القضية حتى يفصل فيها القضاء، وعند الحاجة تتولى الوزارة متابعة حالات الإيذاء حتى بعد الفصل لـ6 أشهر فما فوق.
أنظمة تتقاطع مع نظام الحماية من الإيذاء في السعودية
سنّت السعودية عدة أنظمة تتقاطع مع نظام الحماية من الإيذاء وتشترك معه في مغزاها بصيانة الإنسان، غير أنها مخصصة لفئات وحالات محددة، منها:
نظام حماية الطفل
هو نظام أصدرته السعودية بتاريخ 3 صفر 1436هـ/25 نوفمبر 2014م، يحتوي على 25 مادة تتناول حق الطفل في الحماية، والمحظورات المتعلقة بحمايته، إلى جانب حق الطفل في الحصول على الرعاية، وأخيرًا: الإبلاغ وما يترتب على مخالفة النظام.
يؤكد النظام على ما تقرره الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والأنظمة الدولية التي تكون السعودية أحد أطرافها، ويهدف إلى حماية الطفل من أي أذى أو إهمال قد يتعرض له في بيئته المحيطة، سواء في المدرسة أو المنزل أو الحي أو الأسرة البديلة أو دور الرعاية والتربية أو أي جهات حكومية أو أهلية، وضمان حقوق الأطفال المتعرضين للإيذاء وتوفير الرعاية التي يحتاجونها، بالإضافة إلى نشر الوعي حول حقوق الطفل لحمايته من صور الإيذاء.
نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص
يُقصد بالاتجار بالأشخاص: استخدام شخص أو نقله أو إيواؤه أو إلحاقه أو استقباله لأجل تعريضه للاستغلال المسيء، وصدر لمكافحته نظام في 21 رجب 1430هـ/14 يوليو 2009م، يحتوي على 17 مادة تتضمن خطر الاتجار بالأشخاص أو الإكراه عليه، وعقوبة مرتكبي هذه الجريمة والحالات التي تستوجب تشديد العقاب، وعقوبة مستخدمي القوة البدنية، وعقوبة كل من يشارك في الجريمة ولو بالستر على مرتكبيها، بالإضافة إلى توضيح المعفيين من العقوبة، وتقرير معاقبة الشخصية الاعتبارية.
نظام مكافحة جريمة التحرش
يدخل في التحرش كل قول أو فعل أو إشارة لها مدلول جنسي صادرة من شخص تجاه آخر، مما يمس عرضه أو جسده أو حياءه، بأي وسيلة كانت، يتكون النظام من 8 مواد، صدر في 16 رمضان 1439هـ/31 مايو 2018م، ويتضمن توضيحًا لما يدخل في جريمة التحرش، ويهدف إلى الحيلولة دون وقوعه، وتطبيق العقوبة على الجاني، وحماية المُعتدى عليه صيانةً لخصوصيته وحريته الشخصية التي تكفلها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة.
الاختبارات ذات الصلة