تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
رؤية الأهلة في السعودية
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

رؤية الأهلة في السعودية، هي عملية تحري ورصد دخول الأشهر الهجرية في المملكة العربية السعودية، وفقًا للسنة القمرية، وتكون عن طريق المحكمة العليا التي تضمن موثوقية الترائي بعدد من الضمانات، منها المعيار الطبي لفحص حدة النظر لدى المترائين. وتمزج المملكة في رؤية الهلال بين الترائي والاستعانة بالمراصد الفلكية، في أماكن مناسبة لترائي الهلال خلال الأوقات المحددة لرصده بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الأشهر القمرية.

آلية رؤية الأهلة في السعودية

تتولى المحكمة العليا ندب قضاة في مواقع الترائي بالمراصد المنتشرة في أنحاء المملكة، تحت إشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بحضور عدد من المتخصصين في علوم الفلك ورصد الأهلة. ويتم اختيار مواقع الترائي عبر عدة معايير؛ لتسهيل عملية الترائي بدقة.

واهتمت المملكة بعملية ترائي الأهلة لارتباطها بعبادات المسلمين، حيث أوكلت هذه المهمة للمحكمة العليا التي تقف على ضمان موثوقية الترائي من خلال معايير عدة منها المعيار الطبي، ويخضع المترائي لتجربة طويلة واختبار طبي لفحص حدة النظر، ثم تُعرض أوراقه على اللجنة الإشرافية الدائمة لرصد الأهلة بوزارة العدل المعتمدة بأمر سامِ ويتابع أعمالها وزير العدل.

ويكون الترائي بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر الهجري القمري فإذا رؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين ولو بدقيقة واحدة فيكون الشهر ناقصًا أي 29 يومًا، وتكون تلك الليلة ليلة الشهر التالي.

معايير اختيار مواقع المراصد

وفرت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مراصد موزعة في عدد من مناطق المملكة منها الثابتة في مكة المكرمة "مرصد أم القرى" وفي تبوك " الوجه، وحالة عمار" والباقي متحركة في كل من الرياض "سدير، وتمير، وشقراء"، والقصيم، والدمام، والمدينة المنورة، وحائل،ويخضع اختيار مواقع هذه المراصد لمعايير: جغرافية، وعلمية، وفلكية تُسهِّل عملية الترائي للوقوف على دقة هذه المراصد من رؤية للهلال أو عدمها.

ويتم ندب قضاة للشخوص مع المترائين في موقع الترائي بالمراصد المنتشرة في مناطق المملكة التي تشرف عليها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بمشاركة من المختصين في رصد الأهلة وعدد من الاختصاصيين في علم الفلك ممن يحملون شهادة الدكتوراه في هذا التخصص، ومندوبي الجهات الحكومية مع العناية في اختيار مواقع هذه المراصد.

أجهزة الرصد في المراصد الفلكية

تضم المراصد الفلكية لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أجهزة مزودة بالتقنيات الحديثة والتلسكوبات ومناظير من نوع (CCD) والكاميرات الحرارية لتعمل هي والمرصد الفلكي بجامعة المجمعة في حوطة سدير على رصد الأهلة،إلى جانب المرصد الحديث في برج الساعة بمكة المكرمة، وتُربط هذه المراصد بالبث المرئي المباشر مع المحكمة العليا أثناء انعقاد الجلسة عند بدء عملية الرصد والترائي بينما يقوم الفريق المختص بإعداد التقارير الخاصة بأحوال القمر.

وتتابع المحكمة العليا رصد الأهلة تقنيًّا في أيام الترائي منذ وقت مبكر، وكذلك التقارير الفلكية والحسابية الصادرة من الجهات الحكومية عن ولادة القمر ووقت غروب الشمس والقمر ومكثه ودرجته، والأحوال الجوية في كل منطقة من مناطق الرصد لمعرفة مدى إمكانية الرؤية من عدمها، ولا تقبل شهادة الرائي إلا بعد مناقشته من اللجنة الإشرافية الدائمة لرصد الأهلة بوزارة العدل؛ للتحقق من صحة رؤيته قبيل الإعلان عن رؤية الهلال.

تاريخ رصد الأهلة في السعودية

يعود تنظيم أول تقويم في السعودية بشكل رسمي إلى عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حينما أمر بطبع كتاب "تقويم الأوقات لعرض نجد" وكتاب "تقويم الأوقات لعرض المملكة العربية السعودية"، وهذان الكتابان هما اللبنة الأولى للتقويم في المملكة، إذ دمجا بتقويم أم القرى، وصدر أول عدد من تقويم أم القرى عام 1346هـ/1927م. 

في عهد الملك عبدالعزيز طلب الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة المدرّس (سابقًا) في المسجد الحرام إنشاء مرصد فلكي على رأس جبل أبي قبيس بمكة المكرمة للاستعانة بآلاته على إثبات رؤية هلال شهري رمضان وذي الحجة؛ حيث عُرض الطلب على الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود (ولي العهد آنذاك) فأصدر أمرًا لوزارة المالية في 23 رمضان 1367هـ/29 يوليو 1948م ببناء غرفة خاصة للمرصد على قمة جبل أبي قبيس وهو أول مرصد فلكي في مكة المكرمة، كما أهداه الملك سعود بعض آلات الرصد الفلكي منها التيودوليت، أو الثيودوليت، وهو جهاز يستخدم لقياس الميل والصعود المستقيم للأجرام السماوية، وتلسكوب فلكي، وساعة كرونومتر التي تستخدم في السفن وتركب في صندوقين من الخشب لمنع تأثير الحركة والاهتزاز عليها، وبارومتر الذي يستخدم لقياس ارتفاعات المرتفعات الطبيعية كالجبال والصحاري والهضاب عن سطح البحر، وسكستان وهو جهاز يستخدم في السفن لقياس ارتفاع الكواكب والنجوم والشمس والقمر عن الأفق السماوي بدقة الدرجات والدقائق والثواني.

كما ظهر عدد من المهتمين بعلوم الفلك في عهد الملك عبدالعزيز من طلبة العلم الشرعي مثل: الشيخ حمد بن رميح حيث سافر إلى بلدان عدة لطلب العلم ونبغ في العلوم الشرعية واللغة العربية وعلوم الفلك وكان مرجعًا لأهل نجد في ذلك، والشيخ عبدالله الخليفي وله مخطوط في علم الفلك، والشيخ صالح بن سحمان، وله كتاب بعنوان "التقويم المبتكر المصفى الأوفى".

وأجازت هيئة كبار العلماء في المملكة عام 1403هـ/1983م الاستعانة بالمراصد الفلكية وحددت الفرق بين الشهر القمري عند علماء الشريعة وعلماء الحساب، ونُشر البحث في مجلد أبحاث الهيئة عام 1434هـ/2013م، كما أصدر مجلس الوزراء في شعبان 1418هـ/ديسمبر 1997م، لائحة تحري رؤية هلال أوائل الشهور القمرية. 

المرصد الفلكي بجامعة المجمعة

يقع في مركز حوطة سدير التابع لمحافظة المجمعة في منطقة الرياض، حيث كانت نواته تشكيل لجنة تأسيسية علمية متخصصة تقوم على وضعِ تصور شامل للمرصد، وروعي في ذلك النواحي العلمية والإدارية والفنية والتوجهات الخاصة بعالم المراصد الفلكية المحلية والدولية، وتتنوع محتويات المرصد ما بين منظار فلكي كاسر عاكس مزود بحامل إلكتروني (CCD) لرصد الأجرام السماوية، وقبتين سماويتين مزودتين بأفلام فلكية مدبلجة باللغتين العربية والإنجليزية.

المرصد الفلكي في تمير

يقع في مركز تمير بمحافظة المجمعة في منطقة الرياض، وجرى الانتقال من المرصد القديم إلى الجديد الذي تأسس عام 1436هـ/2015م تحت إشراف بلدية تمير، ويقع مرصد تمير الجديد إلى الغرب حيث تحيط به مناطق صخرية لا يثور منها أتربة أو غبار. ويرتفع عن سطح البحر بـ658م.