مدينة الظهران

مدينة الظهران، هي جزء من حاضرة الدمام المكونة من الخُبر والدمام إلى جانب الظهران، تقع في المنطقة الشرقية، يعود سبب تسميتها إلى وجود جبل ظاهر وسطها مُكوّن من الحجر الجيري يرتفع نحو 100 متر.

تضم مدينة الظهران عددًا من الكيانات البارزة في السعودية، منها: شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) التي تُعدُّ من دواعم اقتصاد المملكة، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن؛ أول جامعة في المنطقة الشرقية. كما كانت مقرًّا لمطار الظهران الدولي، وشهدت أراضيها عام 1357هـ/1938م، أول اكتشاف لكميات تجارية من البترول في بئر عُرف لاحقًا باسم بئر الخير.

تُشرف الظهران على ساحل الخليج العربي، وتقع جنوبي مدينة الدمام التي تحدها من الشمال والغرب، وتبعد عنها بنحو 15 كلم، كما تحدها مدينة الخُبر من جهتي الشرق والغرب، وتتضمن عددًا من الأحياء السكنية، مثل: حي الدانة، وحي الدوحة. وتُمثّل الآن جزءًا من حاضرة الدمام التي تضم كذلك مدينتي الخُبر والدمام.

يبلغ عدد سكان مدينة الظهران 143.936 نسمة حسب تعداد السعودية 2022، ويشكل السعوديون نحو 58.2% من سكان المدينة بنحو 83.745 نسمة.

يعتدل المناخ نسبيًا في المنطقة الشرقية، إذ يكون الجو صحوًا، أما بين شهري مايو وأغسطس فتصل درجات الحرارة إلى 47 درجة مئوية مع رطوبة، وفي فصل الشتاء الذي يمتد من شهر نوفمبر حتى شهر فبراير، تنخفض درجة الحرارة حتى 8 درجات مئوية، وفي المجمل تتسم كميات الأمطار في الظهران بالتذبذب، فتسقط خفيفة، أو فجائية وغزيرة.

مباني جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران بالمنطقة الشرقية. (واس)

بدأ التعليم النظامي في المنطقة الشرقية عامةً منذ عام 1360هـ/1941م، بعد أن افتُتحت مدرسة الأحساء الابتدائية بمبناها الجديد، إذ توالت المدارس آنذاك بالافتتاح، وظهرت مدارس بتخصصات مختلفة، منها: المدارس المهنية، والمدارس الزراعية، والتعليم التخصصي والفني، كما ظهرت مدارس التعليم العام بمراحلها الثلاث: الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، وفي عام 1379هـ/1959م، أخذت مدارس البنات تُفتتح وتنتشر في أنحاء مدن المنطقة الشرقية.

وفي عام 1366هـ/1947م، أسست مديرية المعارف العامة (وزارة التعليم حاليًا) مدرسة حكومية في مدينة الظهران، مخصصة لتعليم العاملين في مجال صناعة النفط، وبعد أن تشكلت حملة شاملة لمحو الأمية التي ابتدأت منذ عام 1373هـ/1954م، افتُتحت مدرسة مسائية، ضمت في العام الأول 318 دارسًا، وفي عام 1375هـ/1956م، زاد العدد إلى ألف دارس، ثم في عام 1377هـ/1958م، أصبحت 6 مدارس تضم 20 فصلًا ونحو 800 دارس.

أما في الوقت الحاضر -بحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء في عام 2017م- فيبلغ عدد مدارس الظهران الحكومية لمراحل التعليم العام (الابتدائي، والمتوسط، والثانوي) نحو 50 مدرسة، بين مدارس للذكور وأخرى للإناث.

تضم الظهران أول جامعة في المنطقة الشرقية، وهي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أُسست 5 جمادى الأولى 1383هـ/23 سبتمبر 1963م، وكانت في البدء كلية، ثم تحولت إلى جامعة، تتيح الدراسة لعدد من التخصصات ضمن عدة كليات، وهي: كلية العلوم، وكلية الهندسة، وكلية علوم وهندسة الحاسب الآلي، وكلية هندسة البترول وعلوم الأرض، وكلية تصاميم البيئة، وكلية الأعمال، بالإضافة إلى كلية الدراسات العامة.

حصلت الجامعة على المرتبة الرابعة عالميًا في تخصص هندسة البترول، والمركز التاسع عالميًا في تخصص هندسة التعدين والمعادن، وذلك ضمن تصنيف (QS) العالمي للتخصصات الجامعية لعام 2023م، وهو تصنيف صادر من بريطانيا، "يُصنّف" الجامعات على المستوى العربي وفق 6 معايير، تشمل: السمعة الأكاديمية، وسمعة الموظفين، ونسبة الطلاب الدوليين، ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين، ونسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى الاستشهادات العلمية.

أُنشئت كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية بالظهران، وافتُتحت في 16 صفر 1409هـ/27 سبتمبر 1988م، وهي تابعة لوزارة الدفاع، أسستها الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، واعتمدتها وزارة التعليم العالي، تُخرّج الكلية كوادر مؤهلة للعمل في مستشفيات الخدمات الطبية للقوات المسلحة بعد دراسة 10 فصول.

تتاح الدراسة في الكلية بعدد من البرامج، تشمل: علوم المختبرات الإكلينيكية، والتمريض، والخدمات الطبية الطارئة، وصحة ورعاية الفم والأسنان، والعناية التنفسية، وتقنية الأجهزة الطبية، وتقنية التخدير، بالإضافة إلى إدارة المعلومات الصحية.

وتضم الكلية مركز المحاكاة والمهارات الإكلينيكية المتقدمة، الذي يسهم في صقل مهارات الطلبة باستخدام تقنيات حديثة للمحاكاة الصحية والواقع الافتراضي، من خلال العمل وفق ممارسات عالمية معتمدة، تدعم تطوير البرامج الدراسية والأنشطة العلمية والمجتمعية.

مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء". واس. (دارة الملك عبدالعزيز)

أُنشئ مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران، وهو إحدى مبادرات أرامكو السعودية، الذي أطلقته احتفاءً بمرور 75 عامًا منذ إنشائها، ورعى تأسيسه ملكان من ملوك المملكة، إذ وضع حجره الأساس الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في عام 1429هـ/2008م، ثم افتتحه الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في 2 ربيع الأول 1438هـ/1 ديسمبر 2016م.

يقدم المركز مبادرات عدة وتجارب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي للزائرين، إذ يُعدُّ منصة للمواهب المحلية والعالمية، حيث تجتمع للمشاركة في التعلّم ونشر الثقافة والترفيه، بالإضافة إلى تعزيز جودة الحياة في المجتمع وقد أدرجته مجلة "التايمز" ضمن أعظم 100 موقع يُنصح بزيارته.

يحتوي المركز على مكتبة بأربعة طوابق، وبرج إثراء المكون من 18 طابقًا، بالإضافة إلى معرض الطاقة، ومختبر الأفكار على ثلاثة طوابق، ومتحف يضم 5 معارض، إلى جانب متحف الطفل، ومسرح للفنون بطاقة استيعابية لـ900 شخص، وسينما تتسع لنحو 300 شخص، وقاعة تصل مساحتها إلى 1500م2.

بُني المركز وفق معايير "LEED" الدولية (الريادة في التصميم البيئي والطاقة)، وصممته شركة "سنوهيتا" النرويجية، فشكّلته على هيئة مجموعة من الصخور المتجاذبة، مختلفة الأحجام، تُمثّل كل منها رموزًا، فالأدوار الموجودة تحت مستوى الأرض تتضمن الأرشيف والمتحف، وتُمثّل رمزًا لأصالة الماضي، وعند مستوى سطح الأرض، حيث تقدم العروض الحية رمزًا لنهضة الحاضر، فيما تُمثّل الأدوار العلوية المستقبل.

تضم الظهران واحدة من أكبر شركات الطاقة والكيميائيات عالميًا، وهي شركة أرامكو أو شركة الزيت العربية السعودية التي تُعدُّ من أساسيات الاقتصاد السعودي ومن أهم مصادر الدخل فيها. تملك 11 محطة نفط، منها محطتان بحريتان في مياه الخليج العربي، وهي: "الظلوف"، و"السفانية" وتُعدُّ أكبر حقل لنفط المصادر التقليدية من حيث الكم الاحتياطي المؤكد، كما أن لديها أكبر مرفق لمعالجة وتركيز النفط الخام في العالم وهو "البقيق"، بالإضافة إلى عدد من المعامل لمعالجة الغاز في أنحاء المملكة، كما أنها شريك في صناعة الكيميائيات وإنتاجها مع 9 شركات حول العالم.

بدأت أرامكو في السعودية من عام 1352هـ/1933م، حين اكتُشف النفط في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ووقعت السعودية اتفاقية امتياز مع شركة "سوكال" الأمريكية، وفي عام 1357هـ/1938م، عُثر على كميات تجارية من بئر الدمام رقم "7" الذي سُمي لاحقًا بئر الخير، وانطلقت أولى حمولات النفط في عام 1358هـ/1939م، ثم تضاعف الإنتاج بعد اكتشاف حقل "بقيق" في عام 1359هـ/1940م، ولم تزل الشركة تتوسع وتتوالى منجزاتها، حتى تأسست في عام 1408هـ/1988م، بموجب مرسوم ملكي من الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وانتقلت ملكيتها إلى الحكومة السعودية، وتغيرت تسميتها من "شركة الزيت العربية الأمريكية" إلى "شركة الزيت العربية السعودية". ولا تزال هذه الشركة من أعمدة الاقتصاد في المملكة، إذ تصدر منتجاتها المكررة في نحو 17 ألف محطة في أنحاء العالم، وقد بلغ صافي الدخل لها في الربع الأول من عام 2023م، نحو 119,5 مليار ريال سعودي.

تُعدُّ شركة معارض الظهران شركة مساهمة في المملكة العربية السعودية، تأسست في عام 1405هـ/1985م، وهي شركة تهتم بمجال صناعة المعارض والفعاليات في مختلف المجالات، خاصة الأحداث الاقتصادية العالمية، إذ تقدم خدمات متكاملة لتنظيمها، يتضمن مقرها مرافق متعددة لخدمة الزوار، تشمل: قاعات، ومكتبًا، وبهوًا، ومسجدًا، ومواقف للسيارات، و8 غرف اجتماعات، و14 منطقة استقبال، و4 صالات لكبار الشخصيات، و3 مراكز أعمال.

استقطب المعرض منذ إنشائه مئات العارضين وآلاف الزائرين من أنحاء العالم، ويعمل في ثلاثة مجالات، تشمل: استضافة الفعاليات والمعارض، وتنظيمها، بالإضافة إلى إدارتها وتجهيزها وتغطية جميع متطلباتها حتى انتهاء الحدث. تستقبل معارض استهلاكية، ومعارض ترفيهية، وكذلك فعاليات تجارية ومتخصصة. ويمكن أن تقيم الفعاليات في مقرها بالظهران، أو في أنحاء المملكة عمومًا، أو حتى في الخارج.

يرجع تاريخ مدافن الظهران إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويجاورها حقل مدافن ثلاثية يضم نحو 900 مدفن، يُشار إلى أن الموقع الذي عُثر فيه على المستوطن يحتوي على مدفونات نُهبت خلال عصور مختلفة، أما المواد التي عُثر عليها فيها فتشمل أدوات متنوعة، منها أوانٍ وزينة، وخرز، وأختام.

يعود تاريخ هذه المستوطنة إلى ثلاث فترات، ترجع أقدمها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتؤرخ الفترة الثانية ببداية القرن الثاني قبل الميلاد حتى نهاية القرن السادس الميلادي. وحين كُشفت وُجدت فيها عدة أنواع من الفخار، منها أوانٍ أجاصية وأخرى أسطوانية، بالإضافة إلى الأواني الفخارية المضلعة، والأواني البربرية، ومجموعة أوانٍ رملية وأوانٍ رمادية محروقة، إلى جانب كمية كبيرة من الفخار الملون، كما عُثر على مجموعات من الخرز، منها: محدبة، وكروية، وأسطوانية، ومخروطية وسداسية، إلى جانب الخرز الصدفي والخرز الصيني.