صناعة المداد في السعودية

صناعة المداد (الفرش) في السعودية، هي حرفة تراثية راجت في محافظتي الأحساء والقطيف بالمنطقة الشرقية، ومنها الحصير والمقعد والمصلى، ومَدة الديوان، ومَدَة الحبوس، كانت تستخدم سابقًا لفرش المنازل والمساجد.

تختلف مقاسات المِداد بحسب استخدامها، فمنها للنوم، ومنها لفرش المساجد، ومنها لفرش (الحبوس) وهي الدكاك المرتفعة عند باب المنزل، ولم تكن هذه الحرفة ذات دخل جيد بالنسبة للحرفي، لذا كان يؤمن دخله من العمل في الفلاحة إلى جانب عمله في هذه الصناعة، وكان الحرفي يبيع إنتاجه على دفعتين وفي يومين بالأسبوع، وهما يوم الخميس في الهفوف، ويوم الأربعاء في المبرز.

لا يستخدم في صناعة المداد إلا نبات الأسل، والذي يتوفر بكثرة في محافظة الأحساء، وفي وقتنا الحالي يندر وجوده، ويحتاج هذا النبات إلى كميات كبيرة من المياه إلى جانب المستنقعات، ومع انقطاع المياه انتهى نبات الأسل، لذا اضطر الحرفي الأحسائي للذهاب للقطيف لجلبه. 

لا يحدد ثمن لنبات الأسل، ومن كان يحدده هو مالكه، وفي الماضي ينقل هذا النبات على الحمير على شكل حزم، كل حمار يحمل حزمتين كبيرتين مقابل أجر لا يتجاوز 20 ريالاً، ويحرص الحرفي أن يكون نبات الأسل رفيعًا وطويلًا، لأن القصير يستخدم فقط لمصلى المساجد، أما الطويل فيصنع منه جميع الأنواع الأخرى.

يذهب الحرفي في السابق إلى منابت الأسل، ويجز مثل البرسيم، وينشر قرب المستنقع في الشمس لمدة 20 يومًا، ليبدأ لونه بالتحول من الأخضر إلى الأبيض، ثم يربط على شكل حزم، لينقله بعد ذلك إلى منزله، لتوضع في مستودعات خاصة لها، وكل يوم يُخرج الحرفي مقدار حزمة ونصف للعمل، إذ ينقع الأسل في الماء ويأخذ الجيد منه ويرمي الرديء.

يأخذ الحصير من الوقت من بداية صنعه حتى الانتهاء منه نحو ست ساعات، أما المداد فتأخذ من يوم إلى يومين حسب طول المَدَّة، ولا يضر نبات الأسل إلا الجراد، وهو أكبر الأخطار التي تهدده، فيما تمتنع الحيوانات عن أكله لأنه شديد المرارة.

تشبه عملية صناعة المداد حياكة النسيج، وتتكون أدوات حياكة المداد من الحبل، والحف، والمسدية، والمرفاع والزراير، والحباس والمرد وهي التي تستخدم عند الرغبة في صناعة المَدة، وهي مهنة لا يستطيع حرفي واحد القيام بها بمفرده، بل يحتاج إلى ثلاثة حرفيين، ويجلس حرفي على اليمين من الأداة، والآخر على الشمال، والثالث في الوسط.