تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
الحرف اليدوية في منطقة مكة المكرمة
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

الحرف اليدوية في منطقة مكة المكرمة، هي الحرف والمهن والصناعات اليدوية التي اشتهرت بها منطقة مكة المكرمة غربي المملكة العربية السعودية التي وجدت لتلبية احتياجات سكان المنطقة، باستغلال المواد الخام المتوافرة في طبيعة وبيئة المنطقة، وتناقلت الأجيال هذه الحرف ضمن الموروثات الثقافية لأهالي المنطقة.

حرفة تقطير الورد الطائفي في منطقة مكة المكرمة

لوفرة إنتاج الورد في محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة ظهرت حرفة تقطير الورد الطائفي وإنتاج العطور الطبيعية واستخلاص دهن الورد، وهي حرفة قديمة عمرها قرون. وتنتج حرفة التقطير ثلاثة منتجات، هي: ماء الورد المقطر، وهو ماء ورد عادي غير مركز، و"ماء العروس"، وهو ماء ورد مركز، ودهن الورد الأغلى سعرًا.

أولى مراحل تقطير الورد الطائفي هي زراعة شجرة الورد في جبال الهدا والشفا، والطلحات، ووادي محرم، وبلاد طويرق والمخاضة، وأودية الأعمق البني، وذلك في أوائل شهر يناير، وفي اليوم العاشر من برج الحمل (فصل الربيع) يبدأ الورد الطائفي في الإزهار لمدة تُراوح ما بين 40 و50 يومًا، فتكون شجرة الورد محملة بالأقماع، وفي كل يوم تتفتح الأقماع وتزهر تدريجيًا بكميات قليلة، إذ تبدأ المرحلة الثانية بجني الورد المتفتح يوميًا، ويجري قطفه وجمعه في الصباح الباكر، ويوضع في أكياس من القماش مبللة بالماء إلى أن يوزن، ثم يعبأ مرة أخرى في أكياس مصنوعة من القماش، لينقل إلى مصنع التقطير. ويمر تقطير ماء الورد واستخلاص الدهن بمراحل عدة تتم في جهاز يُطلق عليه "الإمبيق"، وهو قدر نحاسي بأحجام متعددة، فالصغير يتسع لما بين عشرة آلاف و15 ألف وردة، فيما يتسع المتوسط لما بين 15 ألفًا و20 ألف وردة، أما ذو الحجم الكبير فيتسع لما بين 20 ألفًا و25 ألف وردة، وتغلي على درجة حرارة مرتفعة.

ويعد غطاء القدر أهم أجزاء المعمل في عملية إنتاج ماء الورد، ويصنع من النحاس الخالص، ويكون كروي الشكل، ومجوفًا من الداخل، ويستقبل البخار المتصاعد من القدر، ويحول البخار لقطرات ماء، ثم يطرد الهواء من القدر عبر أنبوب التبريد المصنوع من النحاس أو الإستيل، لنقل الماء المقطر ودهن الورد من الغطاء إلى الكوع الذي ينقل الماء المقطر ودهن الورد من الأنبوب الى "التلقية" أو "الجمدانة"، وهي وعاء مصنوع من الزجاج بأحجام مختلفة، يجمع الماء المقطر ودهن الورد عن طريق الكوع. وتستغرق عملية التقطير بين ثلاث وأربع ساعات بحسب حجم "التلقية" ، ثم يسحب الدهن من "التلقية" وتتم عملية السحب عبر برواز مصنع من الزجاج، ليصفى دهن الورد من ماء "العروس".

حرفة صناعة الخواتم والحلي في منطقة مكة المكرمة

من الحرف اليدوية التي ظهرت في منطقة مكة المكرمة؛ صناعة الخواتم والحلي والنقش عليها وصياغتها، وهي مهنة توارثها عدد من الأسر في المنطقة. ومن المعادن التي تُصنع منها الخواتم الفضة. كما تعتمد هذه الصناعة على الأحجار الكريمة، مثل: العقيق اليماني، وحجر ورد الربيع، وعقيق شرف الشمس، والفيروز السيناوي، وحجر التوباز، والحجر السليماني الهندي، وحجر الدم، وحجر الطاووس، والزمرد البرازيلي.

ويجري تشكيل الخواتم وصقلها ابتداءً من قصها بمناشير خاصة، ووضعها في القوالب، ثم إشعال النار عليها لصهرها، بعدها يُوضع  في مكائن السحب، إذ تُشكل العينات لتسهيل صياغتها، وصناعة قاعدة وجرم الخاتم الذي يجري تلحيمه من الأعلى والأسفل لزيادة تماسك قاعدة الخاتم مع الجرم، وبعد اكتمال عملية التلحيم يُبرد، ثم يُجهز القالب الذي يُنقش على جوانبه، ثم تثبيت الحجر الكريم داخل القالب وتلميعه بآلة خاصة لزيادة جماله ولمعانه.

حرفة صناعة العقال المقصب في منطقة مكة المكرمة

برعت منطقة مكة المكرمة، تحديدًا محافظة الطائف، في صناعة العقال، خصوصًا المقصب الذي يُطلق عليه "عقال فيصل"، لأن الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود اشتهر بارتدئه، وهذا العقال هو وريث قماش العصبة التي كان يعصب بها الرأس، وعقال الشطفة، وكاد يندثر بعد أن هيمن العقال الأسود. وتعد محافظة الطائف الأبرز في حرفة صناعة العُقل وحياكتها. ويشبه العقال المقصب عقال الشطفة، إلا أن عقده أصغر، ويتألف من عصائب بين عقده، وخيوط زري ذهبية اللون وقصبها أكثر.

حرفة النقش على النحاس في منطقة مكة المكرمة

تعد حرفة النقش على النحاس من الحرف العريقة في منطقة مكة المكرمة، وترتبط بتزيين جدران المساجد والمدارس والدور والقصور في الحضارة العربية الإسلامية. ويبدأ النقاش عملية الزخرفة والنقش باختيار شكل الآنية المطلوب صنعها، إذ ترسم النقوش بأقلام نقش فولاذية خاصة، وبمساعدة المطرقة والسندان ثم تُمسح القطعة جيدًا حتى تعود لأصلها، ثم  تُعزل القطعة المراد الحفر عليها بمادة شمعية لا تتأثر بالأحماض، ليقوم النقاش بالرسم بقلم حاد على الشمع بعد تحديد الشكل المطلوب، ما يسمح بوصول الحمض إلى جسم المعدن فوق الخدش.

ويتخذ النقاش من الخط وحروفه المرنة القابلة للتشكيل والتطويع وسيلة لزخرفة الأطباق النجمية للنقش على جوانبها بالآيات القرآنية أو العبارات المأثورة أو أبيات الشعر فوق أرضية من الزخارف النباتية التي تساعد على إبراز النقوش الخطية وتضفي عليها جمالًا. ويتألف الطبق النجمي من عنصر نجمي الشكل في الوسط، يعرف باسم "الترس"، يحيط به مجموعة من الوحدات الهندسية تُعرف بـ"اللوزات"، تلتف حولها من الخارج مجموعة من عناصر هندسية أكبر حجمًا وأكثر عددًا تعرف بــ"الكندات".

حرفة الخرازة في منطقة مكة المكرمة

ترتبط حرفة الخرازة في منطقة مكة المكرمة بالجلود، وهي المادة الأولية للخراز أو الإسكافي، وهو الذي يقوم بخرز الجلود وتحويلها إلى أدوات تستخدم، إذ يُصنع منها عدة منتجات جلدية، منها: الأحذية، إذ اشتهرت المنطقة بإنتاج الأحذية المكاوية، والقصيمية، والحساوية، وكذلك الصنادل، والصملان الخاصة باللبن، والقرب، وخِباء البنادق والمحازم العادية، ومحازم السلاح التي يُضاف لها أماكن لتخزين الرصاص، إضافة إلى عِكاك الدهن، والغروب. ويستعين الخراز بعدة أدوات، منها: المقصات، والمخاريز، والمجاذيب.

حرف يدوية أخرى في منطقة مكة المكرمة

توجد في منطقة مكة المكرمة حرف أخرى، مثل: حياكة الملابس التراثية يدويًا، وصناعة الفخار، والسعف، وتصليح البنادق، وسن السكاكين والمقصات، والفخاريات، والصائغ، والسروج، والمساويك، والأحزمة الجلدية، إضافة إلى حرف صناعة سجاجيد الصلاة التي تنسج بواسطة اليد، وإنتاج بعض الهدايا التذكارية، مثل مصاحف قرآنية مطلية بماء الذهب والفضة، وكذلك إنتاج عدد من أنواع العطور والبخور، وكذلك تطريز وحياكة الفرو، والسعف، وغزل الصوف والسدو، والتطريز، والحياكة اليدوية، وصناعة الأسلحة اليدوية، مثل: الخناجر والسيوف.

ومن حرف منطقة مكة المكرمة أيضًا البناء ونقش الزخارف باستخدام الأخشاب والحجارة والنورة والآجر، وكذلك النجارة اليدوية (النشارة)، لإنتاج الأثاث، ويليهم "الدقاقون"، وهم من يقومون بزخرفة ما ينتجه النجار بالحفر على الخشب وعمل الزخارف، ومن أشهر منتجات النجارة المكية: الطاقات، والأبواب، والمنجور، والكروبات، والأسقف، والدرج، وأيضًا حرفة السمكرة التي تشمل: الصفيح، والحديد، والنحاس، وصناعة السبح (اليسر)، وهناك حرفة الصياغة، وصناعة الحلي مثل: الذهب، والفضة، والخلاخيل، والأساور، والأقرطة، وكذلك صناعات أخرى من منتجات الجريد، وسعف النخل، لإنتاج طوالي الخبز، أقفاص الطيور، والزنابيل، والعشش، والمرواح، والحصر، والحبال، وكراسي الشريط التي تصنع من الخصف، إضافة إلى حرفة الفخار التي تنتج الشراب، والدوارق، وفناجين القهوة، والأزيار، والبراميل، والقدور، والمباخر.