تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
حياكة النسيج في الأحساء
مقالة
مدة القراءة 3 دقائق

حياكة النسيج في الأحساء، هي إحدى الحرف الشعبية التقليدية في محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، تشتهر بها عائلات أحسائية معروفة، يتوارث أبناؤها أسرارها وتقاليدها أبًا عن جد، وجيلًا بعد جيل بالتعليم والعمل المشترك.

تاريخ حياكة النسيج في الأحساء

اشتهرت الأحساء بحياكة النسيج بمختلف أنواعه، وعُرفت بذلك مدن وقرى مختلفة كان من أبرزها مدينة هجر التي عُرفت بنسج الثياب الهجرية، والمَعْقَد الهجَري، وكانت منسوجاتها مما يقبل الناس على شرائه من الأسواق. وذكرت المصادر أن الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" اشترى أقمشة من نسج هجر كان قدم بها تجار من أهل البحرين، كما ذكرت أن أبا موسى الأشعري "رضي الله عنه" كسا في كفارة اليمين ثوبين من معقد البحرين.

كان لمدينة الأحساء التاريخية حضورها في هذه الصناعة، إذ ذكر الرحالة الفارسي ناصر خسرو حين زارها عام 443هـ، أن الأحساء كانت تنتج نوعًا من الفوط الفاخرة وصفت بأنها قصيرة غليظة النسج ومخططة، وكانت تلك الفوط تحمل إلى البصرة للتجارة ثم منها إلى أطراف العالم.

وتواصل حضور الأحساء في صناعة النسيج حتى عهد الدولة السعودية الأولى، إذ اختيرت مصدرًا لإنتاج المنسوجات التي كانت تلفت أنظار أفراد الأسرة المالكة، وبلغ هذا التشجيع ذروته حين رشحت الأحساء لنسج كسوة الكعبة المشرفة، وتمت حياكة هذه الكسوة في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز بعد بسط نفوذه على الحجاز عام 1226هـ، فكسا الكعبة بكسوة حساوية قيلانية شغلت في فريج المقابل، والفريج هو الفريق، مصطلح يعني الحارة أو الحي بمدينة المبرز.

عائلات حياكة النسيج

على مدى تاريخ هذه الصناعة برزت فيها عديد من العائلات والأفراد، من بينها عائلة محمد بوعلي وحفيده عبدالحميد، وكانا يعدان أفضل حاكة النسيج، وخاصة البشوت (المشالح) التي كان أمراء الأسرة المالكة يفضلون ارتداء منسوجاتهم منها، كما برز في هذه الصناعة عبدالله المرزوق، ومحمد العليو، وعائلة الهلال، إضافة إلى أسر الحاجي والفرحان والمعيلي والحمد والمسيليم.

وكان تركز تلك العائلات في الهفوف والمبرز وعدد قليل من القرى أبرزها قريتا الطرف والحليلة، فيما تتركز محلات حياكة النسيج في الهفوف على نحو خاص في فريج الرفعة الشمالي، وفريج النعاثل، وفي المبرز تتركز أهم محلات الحياكة في فريجي المقابل والعيوني إضافة إلى فريجي الشعبة والسياسب.

خيوط حياكة النسيج

مثل غيرها من الصناعات، تستخدم صناعة حياكة النسيج في الأحساء الخيوط كمادة خام، ويستخدم حاكة النسيج أنواعًا منها يتم تجهيزها وغزلها محليًا، وعرفت الأحساء أسواقًا خاصة بها تسمى أسواق الغزل، كان من أبرزها سوق الغزل بالهفوف ويقع بالشُطَيّب مقابل بلدية الهفوف، إضافة إلى سوق الدهن الذي احتل مكانه حاليًا سوق الذهب، أما في المبرز فكان من أبرز أسواق الغزل بها، سوق الأربعاء الذي كان يقع بجوار الجِلعة، إضافة إلى سوق الغزل والدهن الذي كان يقع في المصبغة غربي فريج الشعبة.

وشهد توفير خيوط النسيج نشاطًا تخصصت أسر بعينها في استيراده من البحرين والهند وإيران والعراق والشام، وكان من أبرز موردي خيوط الغزل في الهفوف عائلة البوعلي، وعبدالله المرزوق، والهلال، وصالح وطاهر العامر، وسليمان الغنيم، أما أهم أنواع خيوط الغزل التي كانت تستخدم في حياكة النسيج بالأحساء فهي وبر الجمال، وصوف الأغنام، ويُعد هذان النوعان المادة الرئيسة لخيوط الغزل التي كانت تشغل محليًا.

وشمل استيراد الخيوط لصناعة النسيج في الأحساء، استيراد أنواع من الخيوط الوبرية من العراق وخوزستان وبوشهر في إيران، وكذلك القطن، وزرعه بعض فلاحي الأحساء على نطاق محدود، واستخدمت خيوطه في نسج الطواقي وأنواع المنسوجات الخفيفة، كما تم استيراد الحرير كذلك من سوريا والهند، وكان يجلب على هيئة خيوط مغزولة ومصبوغة تسمى الإبريسم، ومنه كانت تنسج بعض المنسوجات النسائية الفاخرة.

صناعة المشالح (البشوت)

تميّزت محافظة الأحساء بتصنيع المشالح أو البشوت، وأصبحت تصدر إلى مختلف دول العالم، ويُعدُّ "البشت الحساوي" من أجود أنواع المشالح،وكان حاضرًا في المحافل المحلية والدولية، لما تميّز واشتهر به من جودة صنع، ودقة وإتقان، ومهارة عالية، ولمسات جمالية، وبات يُصدّر إلى مختلف الدول، ومن أبرز أنواعه من ناحية الحياكة: الملكي، والمخومس، والمتوسع، والطابوق، والمروبا، والمقطع.

وكانت محافظة الأحساء كأول من بدأ صناعة وحياكة المشالح، فأصبحت أحد أهم الأسواق المنتجة والمصدرة للمشالح في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي. وتمتد فترة حياكة المشلح الأحسائي من عشرة أيامٍ إلى ستة أشهر، ويمر بسبع مراحل تبدأ بمرحلة التركيب، والطوق، والهيلة، والبروج، والمقصر، ومرحلة القيطان والخبانة، وصولًا إلى مرحلة البرداخ التي يتم فيها ضرب الزري وإبراز لونه الذهبي.