توحيد المملكة العربية السعودية، هو إعادة تأسيس الدولة السعودية، وقد بدأ توحيد المملكة بعد استعادة الرياض وتأسيس حكم المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حيث أمضى 32 عامًا في توحيدها، إذ بدأ رحلته في استعادة مناطق قلب الدولة السعودية بعد أشهر من استعادة الرياض.
الخروج من الرياض
تعرّضت الدولة السعودية الثانية خلال مراحل تأسيسها للكثير من الحملات الخارجية المتمثلة في احتلال العثمانيين للأحساء والاضطرابات الداخلية المتمثلة في انفصال حائل عن الحكم السعودي حيث كان لأمير حائل حينئذ محمد بن عبدالله بن رشيد، الذي كان تابعًا للدولة السعودية مطامع بأن يضمّ الرياض، ولا سيما بعد أن حاصرها لمدة 40 يومًا، إلى أن أرسل الإمام عبدالرحمن ابنه عبدالعزيز بن عبدالرحمن، مع وفد من كبار أعيان الرياض لمفاوضته على الصلح، وانتهى الأمر بالاتفاق على بقاء الدولة السعودية في الرياض وما يتبعها تحت حكم الإمام عبدالرحمن.
وواصل ابن رشيد محاولاته في الاستيلاء على الرياض إلى انتهاء الدولة السعودية الثانية عام 1309هـ/1891م، حيث خرجت أسرة آل سعود من الرياض إلى البادية وتنقّلوا في الصحراء وقطر والبحرين والأحساء، وكان الإمام عبدالرحمن يعتمد على ابنه عبدالعزيز في المراسلات السياسية، فأرسله لطلب الإذن من أمير البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، لإقامة النساء من عائلته في البحرين، خوفًا عليهم من اضطراب الأمن في البادية، فوافق الشيخ عيسى على ذلك.
ثم عاد الإمام عبدالرحمن إلى الرياض بعد تنظيم جيشه، وواجهه ابن رشيد في "حريملاء"، لكن الإمام عبدالرحمن لم يظفر بالمعركة، وعاد إلى البادية حيث أرسل الملك عبدالعزيز إلى الأحساء ليتفاوض مع الدولة العثمانية من خلال متصرفيها بشأن إقامته وعائلته فيها، ورُفض طلبه، وبقي الإمام في البادية 7 أشهر.
وقد طلب الإمام عبدالرحمن من الشيخ قاسم بن ثاني -أمير قطر- الإقامة فيها، فاستقبله فأقام في قطر 4 أشهر، إلى أن انتقل الإمام وأسرته إلى الكويت عام 1311هـ/1893م، حين طلب من الدولة العثمانية ذلك، وقد كان الإمام مهتمًا بالانتقال إلى الكويت نظرًا لقربها من طرق القوافل، حتى يتمكّن من الاطلاع على أحوال الرياض ويستعد للعودة إليها، وأكسبت هذه التنقلات في الصحراء والأحداث المتتالية الملك عبدالعزيز خبرة قياديّة، تعرّف من خلالها على طباع البادية وجغرافية المنطقة وطرقها ومواردها، والأوضاع الإدارية للأقاليم المحيطة، وكان يقضي معظم وقته في الكويت لدراسة طرق استعادة الرياض.
استعادة حكم الرياض
واصل الملك عبدالعزيز إصراره على استعادة الرياض، ولم يشعر باليأس بالرغم من أن الأوضاع لم تكن في مصلحته، ولا سيما أن العلاقة بين حائل والكويت اتسمت بالتوتّر، وتصعّدت حدة الخلافات بين الشيخ مبارك والأمير عبدالعزيز بن متعب بن رشيد الذي تولّى الإمارة بعد وفاة محمد بن عبدالله بن رشيد، خاصةً بعد وقوع "معركة الصريف" التي لم يشارك بها الملك عبدالعزيز حيث قاد حملة اتجهت إلى الرياض وتعد أولى محاولات الملك عبدالعزيز لاستعادة الرياض.
حاصر الملك عبدالعزيز المصمك 40 يومًا تخللها قتال بين الطرفين، وكان يخطط لحفر نفق لدخول قصر المصمك، وبدأ في تنفيذ خطته إلى أن جاءته أخبار هزيمة الشيخ مبارك في معركة الصريف، واضطر لفك الحصار عن المصمك والخروج من الرياض، وكان يُعدُّ هذا أول عمل عسكري بقيادة الملك عبدالعزيز.
وبقي الملك عبدالعزيز يلحّ على والده بمحاولات أخرى لاسترداد الرياض، وكان الإمام يرفض ذلك، إلى أن قال له الملك عبدالعزيز: أنت أمام خطتين، إما أن تأمر أحد رجالك بانتزاع رأسي من بين كتفيّ، أو أن تأذن لي بتسهيل خروجي للقتال في بطن نجد، فوافق الإمام فخرج من الكويت للرياض.
وفي عام 1319هـ/1901م، وبعد أشهر من محاولته الأولى في معركة الصريف، خرج الملك عبدالعزيز لاستعادة الرياض ومعه 40 ذلولًا؛ وهي إبل سريعة العدو، و30 بندقية و200 ريال،بمعيّة رجال من أسرته وأتباعه المقربين، وأغار الملك أثناء مسيرته على بعض القبائل الموالية لابن رشيد، محققًا انتصارات متتالية، أعلن من خلالها قوته وذاع صيته بين القبائل، واجتمع الرجال من حوله وانضموا لصفوفه استعدادًا لدخول الرياض، وبعد 5 أيام وصل إلى "حفر العتك"، وأرسل طلائع إلى الرياض لجمع المعلومات عن أوضاعها ليعرف إمكانية مهاجمتها، حتى عادوا إليه بأخبار تُفيد بأن الوقت غير مناسب للتقدم إلى الرياض.
تراجع الملك عبدالعزيز عن دخول الرياض في ذلك الوقت، مواصلًا تحركاته إلى القبائل الموالية لابن رشيد في بادية نجد، منتصرًا في معاركه معهم، موزعًا جميع الغنائم على رجاله لدعمهم وتشجيعهم، وكان هدفه من الغارات تهيئة رجاله لاستعادة الرياض،ومعرفة مدى سهولة التحرك في المناطق التي تقع في نفوذ الدولة العثمانية في جهات الأحساء، ثم عاد برجاله إلى الأحساء وبقي فيها نحو 4 أيام، واتجه إلى الشمال في بادية سدير ثم إلى بنبان قرب الرياض، حيث زادت هذه الغارة عدد رجاله، وكانت القوات العثمانية تُضيّق عليه الخناق، واشتدت الضغوط عليه بسبب قلّة المؤونة ومراقبة تحركاته، وقلّ عدد رجاله حتى لم يبقَ منهم سوى الذين خرجوا معه من الكويت و23 رجلًا ممن انضمّوا إليه خلال مسيرته.
وضع الملك عبدالعزيز استراتيجية جديدة، معتمدًا على السرّية والمباغتة بقلّة من الرجال، ثم اتجه برجاله إلى رمال الجافورة شمال صحراء الربع الخالي بهدف التخفّي عن الأنظار، والاستعداد للزحف نحو الرياض، وهي منطقة خالية من السكان وطبيعتها صعبة ومناخها قاسٍ، اعتمد في التنقّل فيها على ذكريات من حياته المبكرة التي قضاها بالتنقّل مع والده في الربع الخالي، وأقام فيها مع رجاله 50 يومًا، من بداية شعبان إلى 20 رمضان 1319هـ/نوفمبر- ديسمبر 1901م.
خرج الملك عبدالعزيز لاستعادة الرياض، متجهًا إلى باحة قصر المصمك وهي مقرّ حاكم الرياض، وكانت استراتيجيته تتمثّل في الهجوم على عجلان -حاكم الرياض في وقتها- في منزله دون التعرّض لأهالي المدينة، فتسلل مع رجاله لدخول المنازل المقابلة للقصر، وبعد تأمين موقعهم انضمت له مجموعة من رجال أخيه محمد، التي كانت تُعسكر قُرب الرياض، ومع مطلع فجر 5 شوال 1319هـ/14 يناير 1902م، دخل الملك عبدالعزيز ورجاله القصر، وهزموا حامية عجلان بن محمد العجلان، وانتهت المعركة بمقتل عجلان وبعض من رجاله، واستسلم بقيّتهم، وأُعلن يومها أن الحكم لله ثم لعبدالعزيز.
مبايعة الملك عبدالعزيز إمامًا لنجد
بعد إعلان استعادة حكم آل سعود ودخولهم لقصر المصمك، واستعادة الملك عبدالعزيز موطن آبائه وأجداده، بدأ الملك بإعادة بناء سور مدينة الرياض الذي تم هدمه في وقتٍ سابق، وأرسل ناصر بن سعود إلى الكويت، ليُخبر الإمام عبدالرحمن بانتصار الملك عبدالعزيز، ويطلب المساعدة، وبعد مرور شهر جاء الأمير سعد أخو الملك عبدالعزيز بمعيّته 100 رجل، معهم بعض الذخيرة، وانضم عدد من أهالي نجد لصفوف الملك عبدالعزيز، فأصبح جيشه يضمّ ما يقارب 1000 رجل.
حضر الإمام عبدالرحمن من الكويت مع أسرته، حيث أبلغه الملك عبدالعزيز بأن الدولة ملك له، وأنه جندي في خدمته، لكن الوالد رفض أن يكون له حكم الدولة، وتنازل عن الحكم لابنه وقَبِل الملك عبدالعزيز الإمارة، على شرط أن يكون لأبيه الإشراف الدائم على عمله وإرشاده إذا ما لزم الأمر، وفي عام 1320هـ/1902م، تسلّم الملك عبدالعزيز حكم الدولة في الرياض، وأعلن والده تنازله عن الحكم، وأهدى له سيف الإمام "سعود الكبير"، وهو الإمام الثالث للدولة السعودية الأولى.
مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية
بذل الملك عبدالعزيز جهودًا عظيمة في قيادته لعملية توحيد المملكة، إذ قضى 32 عامًا في توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية التي كانت منفصلة كل منها على حدة، وقيادة الشعب نحو عهدٍ جديد يتسم بالأمن والاستقرار،ورسم له كفاحه طوال حياته تأثيرًا سياسيًّا معروفًا عند الدول المجاورة وقتها، وأصبحت عبقريته ومنجزاته محل اهتمام المؤلفين والكُتَّاب من مختلف أنحاء العالم.
وخاض الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة عشرات المعارك، منها 26 معركةً بدأها بالرياض عام 1319هـ/1901م، وشملت بعد ذلك الدلم وفيضة السر وعنيزة والبكيرية وشنانة وروضة مهنا والطرفية وتربة وحائل والطائف وجدة وجازان ونجران، وعددًا من مدن ومناطق المملكة.
العارض والقصيم
بدأ الملك عبدالعزيز توحيد البلاد بالجهات الجنوبية من نجد، لقربها من الرياض وولاء أهلها للدولة السعودية، فضلًا عن كونها مأوى لكثير من المناهضين للعثمانيين.
ولأهمية منطقة القصيم ودورها في مجالات الزراعة والتجارة،أدرك الملك عبدالعزيز والأمير عبدالعزيز بن رشيد أنها ستكون مسرح الحسم بينهما،فبعث الملك عبدالعزيز لوجهاء القصيم المغتربين في الكويت هربًا من بطش ابن رشيد وتسلطه،فانضموا إليه في منطقة الزلفي مطلع رمضان عام 1321هـ/20 نوفمبر 1903م، وتريَّث في مهاجمة ابن رشيد في ذلك الوقت لحاجته للتزود بالدواب والمؤن.
اتجه الملك عبدالعزيز إلى منطقة القصيم الواقعة شمال غربي الرياض، بعد أن ضم السرّ إلى إمارته، واستقبله أمراء بريدة من آل مهنا وأمراء عنيزة من آل سليم، وبايعوه،ثم هاجمت قوّات الملك عبدالعزيز عنيزة عام 1322هـ/1904م، ونجحت في ضمّها للدولة السعودية،وفي العام نفسه حُوصرت بريدة واضطرّت حامية ابن رشيد بقيادة عبدالرحمن بن ضبعان إلى الاستسلام، وهذا سهّل على الملك عبدالعزيز ضم جميع البلدات في القصيم.
وما لبث أن عاد ابن رشيد إلى القصيم مدعومًا بجيش تابع للدولة العثمانية، والتقى معهم الملك عبدالعزيز في "معركة البكيرية" التي انتهت بنتيجة متعادلة، ثم تواجهوا مرةً أخرى في "معركة الشنانة"، واستخدم جيش الملك عبدالعزيز استراتيجية جديدة تتمثّل في تقسيم الجيش إلى قسمين، الأول يواجه فيها قسم جيش ابن رشيد، والآخر يواجه الجيش العثماني، وتمكّن جيش الملك عبدالعزيز من الانتصار في تلك المعركة.
حاول ابن رشيد الهجوم مرة أخرى في عام 1324هـ/1906م، ووصل بجيشه إلى روضة مهنا شرق بريدة، لكن الملك عبدالعزيز نجح في هزيمته وقتله، وانسحب جيشه إلى حائل، فخلفه ابنه متعب الذي عقد صلحًا مع الملك عبدالعزيز، وبذلك أصبحت القصيم بأكملها تحت حكم الدولة السعودية.
الأحساء والقطيف
في عام 1331هـ/1913م، قرر الملك عبدالعزيز استعادة مناطق القطيف والأحساء إلى الدولة السعودية، مثلما كانت جزءًا من الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، وهي خطوة مهّدت إلى إنهاء وجود العثمانيين في المنطقة التي كانت مقرًّا لهم، وهم الذين مثلوا عدوًّا مباشرًا للسعودية وساعدًا لخصومه طوال فترة توحيد مناطق الدولة السعودية.
وقد كان الملك عبدالعزيز يهدف إلى توحيد الأطراف الشرقية من شبه الجزيرة العربية، بضم الأحساء إلى دولته لتصل حدودها إلى البحر وتصبح ذات أهمية اقتصادية، وفي عام 1331هـ/1913م، خرج الملك عبدالعزيز من الرياض بسرية متوجهًا إلى الأحساء، وعند وصوله إلى سور المدينة تسلَّق رجاله السور ودخلوا المدينة، وأعلنوا ضم الأحساء إلى حكم الدولة السعودية، وتراجعت قوات العثمانيين واستسلمت، وغادروا إلى العراق عبر البحر، ثم تمكن الملك عبدالعزيز من ضم بقية بلدات الأحساء إضافة إلى القطيف لدولته.
عسير ونجران
لجأ زعماء بعض قبائل عسير إلى الملك عبدالعزيز يتظلمون من حكم آل عائض، فأرسل الملك عبدالعزيز إلى حسن بن علي آل عائض بشأن ذلك وضرورة تصحيح الأوضاع في عسير، لكنه رفض مما اضطر الملك عبدالعزيز لإرسال جيش بقيادة الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي، التقى معه في معركة حجلا عام 1338هـ/1920م، وتمكّن من دخول أبها وضمها حتى حدود المخلاف السليماني غربًا، كما أرسل عددًا من السرايا دخلت نجران وأعلنت توحيدها. لكن حسن بن علي آل عائض انقلب بعد فترة قليلة وهاجم أبها واستولى عليها، وذلك أثناء معارك الملك عبدالعزيز في حائل، وبعد الانتهاء من ضم حائل إلى الحكم السعودي، أرسل الملك عبدالعزيز جيشًا بقيادة ابنه الأمير فيصل (الملك فيصل لاحقًا)، في 1340هـ/1922م، وأعاد عسير إلى الحكم السعودي.
حائل
في الفترة ما بين 1333-1337هـ/1915-1919م، شهدت أطراف حائل تحركات عسكرية من قوات الملك عبدالعزيز، وتجدد القتال بينه وبين ابن رشيد بسبب نقض آل رشيد معاهدة الصلح التي تمّت بينه وبين الملك عبدالعزيز، فلم يكن لدى الملك عبدالعزيز خيار سوى مواجهة جيش آل رشيد، ودارت بينهما عدة معارك، بما في ذلك معركة جراب التي وقعت بالقرب من محافظة الزلفي، وقد أرسل الملك عبدالعزيز قواته عدة مرات إلى حائل، آخرها الحملة التي استمرت بمحاصرتها لمدة شهرين حتى استسلمت وانضمت إلى حكمه في بداية عام 1340هـ/1921م.
الحجاز
في أولى معارك استعادة منطقة الحجاز، انتصر الملك عبدالعزيز على قوات الشريف حسين بن علي في "تربة"، حيث أقام فيها عشرة أيام يدير أمورها، قبل أن يعيِّن عليها أميرًا من طرفه، عاد بعدها إلى الرياض وفي المقابل، منع الشريف حسين النجديين من الحج في الأعوام التالية، مما دعا الملك عبدالعزيز لاستعادة الطائف بالقوة العسكرية، ودخول مكة في عام 1343هـ/1924م، دون قتال، ثم تبعتها في ذلك المدينة المنورة بعد عام، ودخلت للحكم السعودي.
بدأت الأحداث حينما أرسل الملك عبدالعزيز قواته بقيادة سلطان بن بجاد نحو الأجزاء الغربية من الجزيرة العربية، لنصرة خالد بن لؤي أمير تُربة الذي أعلن انضمامه إلى حكم الملك عبدالعزيز،حيث هاجمت قوات الشريف حسين بن علي بقيادة ابنه عبدالله بن الحسين تُربة وفتكوا بأهلها، لكن لم يستمر ذلك طويلًا، إذ باغتهم سلطان بن بجاد وخالد بن لؤي بهجوم مفاجئ وكبير في عام 1337هـ/1919م، نتج عنه هزيمتهم ولم ينجُ منهم إلا القليل، وبانتصار الملك عبدالعزيز في تربة بدأ مرحلة ضم الحجاز.
منع الشريف الحسين الحجاج النجديين من أداء فريضة الحج انتقامًا من خسارته في معركة تربة، فعقد الملك عبدالعزيز مؤتمر الرياض في عام 1342هـ/1924م، برئاسة والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ومشاركة علماء وزعماء الحاضرة والبادية، للتشاور حول أمر منع الحج عنهم، وتقرر أن يمضي النجديون إلى الحج رغم المنع، فأرسل الملك عبدالعزيز جيشًا يضم 15 لواءً إلى الحجاز في عام 1343هـ/1925م، وتمكّن من ضم الطائف إلى حكم آل سعود بعد هزيمة قوات الشريف الحسين.
ثم اتجهت قوات الملك عبدالعزيز إلى مكة المكرمة وكان قد غادرها حينذاك الشريف علي بن الحسين متوجهًا إلى جدة، ودخل أفراد الجيش السعودي إلى مكة المكرمة محرمين مسالمين دون حرب، وانتظروا قدوم الملك عبدالعزيز، الذي خرج من الرياض مع مجموعة من الفرسان وحاشية مؤلّفة من الأمراء والعلماء والوجهاء من الحاضرة والبادية، وانضم إليه في الطريق 15 لواءً، وكان يقف يومًا أو يومين في بعض المواقع لاستقبال الوفود من القبائل، استغرقت هذه الرحلة 25 يومًا، وفي 7 جمادى الأولى 1343هـ/3 ديسمبر 1924م، دخل إلى مكة المكرمة محرمًا لأداء مناسك العمرة، وبقي فيها نحو شهر قبل التوجه إلى جدة.
وفي العام ذاته استكمل الملك عبدالعزيز توحيد مناطق الحجاز، حيث دخلت الليث والقنفذة في حكمه سلمًا، وحاصرت قواته مدينة جدة أكثر من عام كامل بعد أن تحصّن فيها الحسين بن علي وقواته،وأثناء ذلك كان يرسل السرايا إلى شمال الحجاز نحو المدينة المنورة وما جاورها من مدن حتى ضمها إلى حكمه، ودخل المدينة المنورة سلمًا مثلما حدث في مكة المكرمة، ثم استسلم علي بن الحسين وطلب الصلح ووُقعت اتفاقية جدة في عام 1344هـ/1925م، وبذلك وحّد الملك جميع أجزاء الحجاز مع الدولة السعودية، وبُويع ملكًا على الحجاز يوم الجمعة 25 جمادى الآخرة 1344هـ/10 يناير 1926م، في المسجد الحرام عقب صلاة الجمعة وقرب باب الصفا، ليصبح الملك عبدالعزيز بذلك سلطان نجد وملك الحجاز.
جازان وتهامة عسير
استكمل الملك عبدالعزيز حملات التوحيد في منطقة جازان وتهامة عسير جنوب غربي الجزيرة العربية، بعد أن بقيت تلك البلاد تحت حمايته أربعة أعوام بموجب معاهدة مكة المكرمة، التي عُقدت بين الملك المؤسس والحسن الإدريسي في 14 ربيع الآخر 1345هـ/21 أكتوبر 1926م،حيث أرسل الملك المؤسس قواته إليها وتنازل له الحسن عن الحكم، وفي عام 1345هـ/1926م، دخلت جازان ضمن الدولة السعودية وسلَّمت بشكل كامل لإدارة الملك عبدالعزيز في عام 1349هـ/1930م.
مراحل تسمية الدولة
أُطلقت على المملكة العربية السعودية في مراحل تأسيسها أسماء عدّة، لُقِّب على أثرها الملك عبدالعزيز بألقاب، منها: أمير نجد ورئيس عشائرها عام 1319هـ/1902م، ثم أصبح سلطان نجد وملحقاتها عام 1339هـ/1920م،وبعد دخول الحجاز أصبح لقبه ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها عام 1344هـ/1926م، وبعد ذلك بعام أصبح ملك الحجاز ونجد وملحقاتها في 1345هـ/1927م، إلى أن نجح في توحيد المملكة، ليصبح بذلك ملك المملكة العربية السعودية عام 1351هـ/1932م.
إعلان توحيد المملكة وتسميتها
استطاع الملك عبدالعزيز توحيد أجزاء البلاد، تحت إدارته، وجمع مدنها وقراها في 17 جمادى الأولى 1351هـ/18 سبتمبر 1932م، وصدر أمر ملكي للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم: المملكة العربية السعودية، ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ/23 سبتمبر 1932م، دولة عربية ذات سيادة تامّة، دينها الإسلام، ولغتها العربية وعاصمتها الرياض، ودستورها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وحين أنهى الملك عبدالعزيز توحيد المملكة العربية السعودية، قال "لقد ملكت هذه البلاد التي تحت سلطتي بالله ثم بالشيمة العربية، وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي، وأنا أسير وإياهم كفرد واحد، لا أفضّل نفسي عليهم، ولا أتبع في حكمي غير ما هو صالح لهم".
نظام الحكم في المملكة العربية السعودية
يُعدُّ نظام الحكم في المملكة العربية السعودية نظامًا ملكيًّا، والحكم فيه لأبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وأبناء الأبناء، وتتم مبايعة الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم، وتقام الدعوة لمبايعة الملك واختيار ولي العهد وفقًا لنظام هيئة البيعة، إذ يكون ولي العهد متفرغًا لولاية العهد، وما يُكلّفه به الملك من أعمال، ويتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة، ويستمد نظام الحكم في السعودية سلطته من القرآن الكريم والسنة النبوية.
اليوم الوطني السعودي
تحتفل المملكة يوم 23 سبتمبر من السنة الميلادية في كل عام، بذكرى تاريخ إعلان توحيدها، ويعدّ هذا اليوم عطلة رسمية، وهو أحد الأيام التاريخية المهمة في التقويم السعودي، تعترف به الحكومة ويعتمده الديوان الملكي بصفته مادة ضمن اللوائح الرسمية للدولة، وتُرفع فيه برقيات التهنئة محليًّا إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ويحتفي به الكيان الوطني لدول مجلس التعاون الخليجية، والدول العربية.
تُرفع رايات العلم السعودي في اليوم الوطني على المباني الحكومية كافة،وتُطلق الألعاب النارية والمسيرات الوطنية،وتُقام الخطب الرسمية والاحتفالات الوطنية في جميع مناطق المملكة.
المصادر
تاريخ المملكة العربية السعودية. عبدالله الصالح العثيمين. 1426هـ/2005م.
موجز تاريخ الدولة السعودية للفترة من 1157هـ-1438هـ/1744م-2017م. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز. 1439هـ/2018م.
الملك عبدالعزيز آل سعود أمة في رجل. عبدالله بن عبدالمحسن التركي. 1419هـ/ 1999م.
توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية. عبدالله بن حمد الحقيل. 1420هـ/2000م.
تاريخ نجد الحديث وملحقاته وسيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود ملك الحجاز ونجد وملحقاتها. أمين الريحاني. ط2، 1373هـ/ 1954م.
وكالة الأنباء السعودية.
هيئة الخبراء بمجلس الوزراء.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة