التمويل في المملكة العربية السعودية، هو عمليات تمويل المنشآت والأفراد بالطرق النظامية تحت رقابة وإشراف البنك المركزي السعودي. وبحسب نظام مراقبة شركات التمويل الصادر بمرسوم ملكي في عام 1433هـ/2012م، يُعرف التمويل بأنه منح الائتمان بعقود للأنشطة المنصوص عليها في النظام.
يعمل نشاط التمويل في المملكة وفقًا لضوابط يحددها ويضعها البنك المركزي السعودي، الذي يتولى مسؤولية الإشراف والرقابة على قطاع التمويل، واتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على سلامة هذا القطاع واستقراره وحماية حقوق العاملين فيه والمتعاملين معه. وتمثّلت هذه الإجراءات في إطلاق عدد من البرامج لدعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما يتولى البنك مسؤولية إصدار التراخيص المتعلقة بممارسة أنشطة التمويل.
ويبرز دور البنك المركزي السعودي الرقابي والإشرافي في تحقيق عدد من التطورات وإصدار عدد من اللوائح التنظيمية الخاصة ببيئة قطاع التمويل غير المصرفي، حيث انتهى خلال عام 2020م مشروع الإشراف المبني على المخاطر لشركات التمويل، الهادف إلى توجيه الموارد إلى النشاطات ذات المخاطر الأعلى.
في إطار الدور الإشرافي والرقابي، أصدر البنك 39 قاعدة ولائحة في عام 2020م، منها: قواعد تصنيف التعرض لمخاطر الائتمان والمخصصات لشركات التمويل، وإضافة قواعد التمويل الجماعي بالدين، وقواعد الترخيص للنشاطات المساندة لنشاط التمويل، والتحديث على الصيغ الموحدة لعقود التمويل العقاري للأفراد بصيغتي المرابحة والإجارة، والصيغة الموحدة لعقد الإيجار التمويلي للمركبات للأفراد، وضوابط السماح لشركات التمويل بقبول الودائع الآجلة، وضوابط إجراءات القيد في سجل العقود، والبيانات التي يتطلبها القيد، وأحكام وإجراءات اطلاع الغير على سجل العقود.
عروض التمويل الإسلامي في المملكة
يُعد التمويل من العمليات المهمة في القطاعات الاقتصادية والاستهلاكية، وفي هذا الإطار يمثّل التمويل المصرفي المحرك الرئيس للقطاع المالي. وفي عام 2016م بلغت نسبة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أصول البنوك أكثر من 5%، وبلغت 7% لتمويل الرهون العقارية.
يعمل برنامج تطوير القطاع المالي داعمًا رئيسًا لكل العمليات الخاصة بتمويل المنشآت والأفراد لما يوفره ذلك من سيولة تُسهم في تلبية الطلبات الاستثمارية والاستهلاكية. ويُعد تعزيز عروض التمويل الإسلامي في المملكة من بين الأهداف الرئيسة للبرنامج، لذلك وضع البرنامج مبادرات متصلة تركز على تعزيز المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ضمن نطاقها.
التمويل الجماعي بالدين
في إطار تعدد خيارات التمويل وتوفير متطلبات مالية للمستفيدين والمستثمرين في المملكة، ومن ذلك نشاط التمويل الجماعي بالدين، وهو جمع الأموال من المشاركين من خلال منصة رقمية، لمنح الائتمان بعقود للمنشآت المستفيدة، تقوم منشآت التمويل الجماعي بالدين بهذا النشاط، وهي الشركات المساهمة الحاصلة على ترخيص لممارسة نشاط التمويل الجماعي بالدين، من خلال منصة رقمية.
حددت قواعد ممارسة نشاط التمويل الجماعي بالدين أحكامًا عامة لهذا النشاط، يُحظر فيها مزاولة نشاط التمويل الجماعي بالدين إلا بعد الحصول على ترخيص من البنك المركزي وفق أحكام النظام والقواعد. ويقُدم طلب الترخيص لممارسة نشاط التمويل الجماعي بالدين إلى البنك المركزي وفقًا للمتطلبات والضوابط والإجراءات الواردة في القواعد، إضافة إلى ما يحدده البنك المركزي من وقت لآخر.
ضوابط التمويل في السعودية
تشمل صيغ التمويل في المملكة التي يشرف عليها البنك المركزي السعودي: التمويل الاستهلاكي، وهو القرض الذي يقدم لشخص طبيعي لأغراض غير مرتبطة بالأعمال التجارية، أي خارج مجال النشاط التجاري أو المهني الرئيس للمقترض، ويشمل بوجه عام القروض الشخصية، وتسهيلات السحب على المكشوف، وقروض تمويل شراء السيارات، وقروض مدفوعات بطاقات الائتمان، والتأجير التمويلي، وتمويل ترميم العقارات، وغيرها من الأنشطة ذات الصلة.
وتكون عمليات التمويل وفقًا لشروط وضوابط يحددها ويضعها البنك المركزي، وفيما يتعلق بالحد الأقصى للتمويل، لا يجوز أن تتجاوز المدفوعات الشهرية الإجمالية للمقترض مقابل إجمالي قروضه بما في ذلك ديون بطاقات الائتمان ثُلث صافي راتبه الشهري. أما بالنسبة للأشخاص المتقاعدين فتحدد المدفوعات بنسبة 25% من الراتب التقاعدي، ويجب ألا يتجاوز الحد الأقصى لمدة استحقاق أي تمويل استهلاكي 5 أعوام.
التمويل المضمون ومتناهي الصغر
من بين صيغ التمويل المعمول بها في المملكة: التمويل المضمون، وهو القرض المضمون بالتنازل عن حقوق الملكية، بما في ذلك ضمان الانتفاع في أملاك شخصية أو ملكية عقارية يأخذها المقرض، ويمكن ضمان القرض الاستهلاكي بالنقد، والسلع المادية الأخرى، أو بضمان أو أي تأمين مقبول، وبالمقارنة يكون القرض غير المضمون مدعومًا بتعهد المقترض بالسداد فقط.
من ذلك أيضًا التمويل متناهي الصغر، ويُقصد به تمويل الأنشطة الإنتاجية للمستفيدين من أصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين ومن في حكمهم، على ألا يزيد مبلغ التمويل الممنوح للمستفيد على 100 ألف ريال، ويمكن للشركات الأجنبية المشاركة في تأسيس شركات تمويل في المملكة إذا انطبقت عليها متطلبات الملاءمة المطلوبة والشروط الواردة في نظام مراقبة شركات التمويل ولائحته التنفيذية واستيفاء متطلبات وشروط الهيئة العامة للاستثمار والأنظمة المرعية الأخرى.
شركات التمويل في المملكة
من أجل مزيد من الضبط لنشاط التمويل في المملكة، صدر نظام مراقبة شركات التمويل، والذي عرّف شركة التمويل بأنها الشركة المساهمة الحاصلة على ترخيص لممارسة نشاط التمويل، وقد بلغ عدد شركات التمويل المرخصة 42 شركة بنهاية عام 2020م، وبلغ إجمالي أصولها في نهاية عام 2020م نحو 45.5 مليار ريال، مقارنة بنحو 38.4 مليار ريال في عام 2019م، كما بلغ إجمالي المحفظة التمويلية للقطاع في نهاية عام 2020م نحو 54.1 مليار ريال، مقارنة بنحو 49.3 مليار ريال بنهاية عام 2019م.
تشمل أنواع نشاط التمويل التي تمارسها شركات التمويل: التمويل العقاري، تمويل الأصول الإنتاجية، تمويل نشاط المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الإيجار التمويلي، تمويل بطاقات الائتمان، التمويل الاستهلاكي، التمويل متناهي الصغر، وأيّ نشاط تمويلي آخر يوافق عليه البنك المركزي.
تمويل المنشآت الصغيرة والناشئة
لضبط أنشطة تمويل المنشآت الصغيرة والناشئة صدرت لائحة بهذا الشأن تهدف إلى وضع إطار يتضمن شروط وأحكام الحصول على تمويل من قبل البنك لأغراض إنشاء المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، ويضع الرئيس التنفيذي للبنك الإجراءات التنفيذية لتنظيم طلب التمويل.
يحقق تمويل هذه المنشآت عددًا من الأهداف التي تضيف للناتج المحلي الإجمالي، ومن ذلك: تشجيع المواطنين على مزاولة نشاط العمل الحر، الإسهام في إيجاد فرص عمل للمواطنين، رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والناشئة ومتناهية الصغر في الاقتصاد الوطني، دعم وتشجيع النشاط الاقتصادي في المناطق الأقل نموًا، دعم ذوي الدخل المحدود ونقلهم من الرعوية إلى التنموية، تعزيز المحتوى المحلي من خلال دعم الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر العالي في توطين التقنيات وتطوير القدرات البشرية.
حدد النظام نطاق تمويل هذه المنشآت، بحيث تكون الأولوية في التمويل للمشاريع التي تحقق نسبة أعلى من عدة معايير، وهي: المشاريع أو المنشآت التي تقل تكلفتها الاستثمارية عن مليون ريال، المشاريع أو المنشآت الجديدة أو تحت التأسيس، المشاريع أو المنشآت التي تقع في المناطق النائية والأقل نموًا، المشاريع أو المنشآت المبنية على الاستفادة من الميزة النسبية للمنطقة التي ستقام بها، المشاريع أو المنشآت التي تلتزم بتحقيق أعلى نسبة من التوطين، المشاريع أو المنشآت الإبداعية وغير التقليدية، المشاريع أو المنشآت التي تستهدف الباحثين عن عمل والأسر الضمانية.
بوابة التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة
لمزيد من الفعالية التمويلية بادرت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" إلى إطلاق بوابة التمويل التي تعمل كمنصة إلكترونية تربط بين الممولين من القطاعين الحكومي والخاص، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الراغبة بالحصول على التمويل، وتمكِّنها من اختيار العروض التمويلية المناسبة.
تعمل تلك البوابة الإلكترونية على تحقيق عدد من الأهداف، منها مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل المناسب، وخفض تكاليف التمويل وتوفير الوقت والجهد للحصول عليه، وتسهيل الوصول للجهات التمويلية عبر إتاحة جميع مبادرات التمويل في منصة واحدة.
أسهمت البوابة في تحقيق مكاسب مهمة على صعيد نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث ارتفع إجمالي حصتها من إجمالي القروض التمويلية بنسبة 6.3% من نسبة 2% في عام 2016م إلى نسبة 8.3% في عام 2020م. وشهدت البوابة نموًا كبيرًا في تمويل تلك المنشآت، حيث أسهمت في تمويل أكثر من 877 منشأة بمبالغ تمويلية وصلت إلى أكثر من 1.4 مليار ريال.
مبادرات التمويل في المملكة
شهدت عمليات التمويل تطورًا آخر بتفعيل مبادرة الإقراض غير المباشر، التي أسهمت في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك بتسهيل شروط الاستفادة منها خلال جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد – 19"، وأتمتة الطلبات عن طريق بوابة التمويل، إذ وصلت مبالغ التمويل إلى 642 مليون ريال، لتخدم 611 منشأة صغيرة ومتوسطة، مما زاد من مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد.
ولم يتوقف التمويل في المملكة على المصارف وحسب، بل شمل عدة مؤسسات أخرى متخصصة، حيث أصبح صندوق التنمية الصناعية السعودي الممكّن المالي الرئيس لبرنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية، إذ يستهدف الصندوق دعم البرنامج واستحداث منتجات وبرامج تمويلية تلبي احتياجات المستثمرين في قطاعات النمو الواعدة. وأطلق الصندوق عددًا من المبادرات ومشاريع التحول في الصندوق، ومنها إضافة منتجات مالية جديدة (قرض متعدد الأغراض، تمويل رأس المال العامل، تمويل الاستحواذ).
أنشطة التمويل المتعددة في المملكة
حفزت رؤية السعودية 2030 ابتكار مزيد من الحلول التمويلية عبر المؤسسات، ولذلك تأسس بنك التصدير والاستيراد السعودي في فبراير 2020م، بهدف تعزيز تنمية الصادرات السعودية وتنويعها وزيادة قدرتها التنافسية ووصولها للأسواق العالمية، حيث يوفر عددًا من المنتجات التمويلية لخدمة المصدرين والمشترين الدوليين.
شملت أنشطة التمويل المتعددة في المملكة كذلك إطلاق برامج تمويل لذوي الإعاقة، حيث استفاد 5,721 من الأشخاص ذوي الإعاقة من برامج التمويل الاجتماعي، العمل الحر وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بعد تفعيل الاتفاقية بين الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وبنك التنمية الاجتماعية.
تستهدف أنشطة التمويل في المملكة توفير مدخلات مالية لمختلف الأغراض التي تعزز نمو وتطور أسواق المملكة ومؤسساتها، وفي هذا الإطار يُعد برنامج الصادرات السعودية من أهم البرامج التي أطلقها الصندوق السعودي للتنمية عام 1999م، ويُعنى بتقديم تسهيلات لتمويل الصادرات وضمانها، بهدف تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تنمية الصادرات غير النفطية وزيادة قدرتها التنافسية، بما ينسجم مع الأهداف العامة لرؤية السعودية 2030.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة