الرقصات التقليدية في السعودية أو الرقصات الشعبية، هي فن أدائي وموروث ثقافي للمجتمعات المحلية في المملكة العربية السعودية، أبرزها العرضة السعودية، التي تعد أيقونة الرقصات، وأول عنصر سعودي في اللائحة التمثيلية للتراث غير المادي المسجل للمملكة في اليونسكو، وكانت تؤدى استعدادًا للحرب، ثم أصبحت تعبيرًا عن الفرح، والاحتفاء الرسمي بقادة الدول، ويستهل أداؤها بنداء الحوربة.
نشأة الرقصات التقليدية في السعودية
نشأت مُعظم الرقصات السعودية التقليدية في مناسبات حربية، إذ إن أداءها الأول كان في مسيرة عسكرية أو ضمن أهزوجةٍ حربية، أو أنها اكتسبت شهرتها خلال فترة الحرب، ومن أشهرها الأهزوجة الحربية التي يقول مطلعها "نجد شامت"، كذلك أهزوجة الدَّحَّة الشمالية وأهازيج التَعْشير الحجازي، والخطوة العسيرية أو الجنوبية.
وتعامل الرقصات التقليدية بوصفها موروثًا ثقافيًا لا يقبل الابتكار، ثم تطورت بسبب تعدّد الحدود السياسية، إذ تشترك بعض الرقصات مع بعض الدول المجاورة في الأداء نفسه أو بأداء مماثل، وفي بعض الأحيان تستخدم الاسم أو الموسيقى نفسها لتلك الرقصات.
العرضة السعودية
العَرضة السعودية، أو النجدية كما تُعرف محليًا، أيقونة الرقصات التقليدية السعودية، وهي بروتوكول رسمي للاحتفاء برؤساء الدول عند زيارتهم المملكة، وأُدرِجت عام 1436هـ/2015م، بوصفها أول عنصر سعودي في اللائحة التمثيلية للتراث غير المادي المسجل للمملكة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للتراث العالمي.
وكانت تؤدى سابقًا استعدادًا للحرب لتعوّد الجيش على أجواء المعركة، ثم أصبحت تعبيرًا عن الفرح، وتؤدى جماعية بعد أن تستهل بالحوربة (النداء الأول للعرضة)، لتنطلق بأداء حركي حماسي بوحدة إيقاعية بين التخمير والتثليث وقصيدة شعرية خاصة تسمى الحربي، وتمتاز بحمل الراية والسيوف من الصفوف المشاركة ووحدة زيهم، وتختتم بالزمية (تحت بيرق سيدي سمعًا وطاعة).
الدحة الشمالية
تنطوي أهزوجة الدحّة الشمالية التقليدية على أصواتٍ وهمية حادة من قِبل المؤدين، تمثّل استعدادًا للمعركة أو إظهارًا لمهارات غريبة في القتال تشابه صوتيًا زئير الأسد، وهي إحدى الأهازيج التي تعتمد في نجاحها على قوة الأصوات البشرية، مُشيرةً إلى طقوس قديمة للاستعداد الصوتي للمعارك، وتعكس الدحّة أيضًا طقسَ انتصار المحاربين واحتفاءهم بعد نهاية المعركة، وعلى غرار الرقصات التقليدية في المملكة، يؤدي الدحة صف من المؤدين يقابلهم مؤدٍ يستمر في المناورة بينهم، ويرتدي المشلح الذي يُعدُّ جزءًا مهمًا في أداء تلك المناورة.
أهازيج الملاحة البحرية
احتضنت المنطقة الشرقية في المملكة رقصاتٍ تقليدية مُماثلة لرقصات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث شكّلت أهازيج الملاحة البحرية على امتداد ذلك الساحل أرشيفًا موسيقيًا هائلاً، وقائمةً لأغنياتٍ ترتبط بغواصي اللؤلؤ.
ويُعدُّ فن الفجري أحد الرقصات التقليدية في محافظة الأحساء التي استحوذت تسميتها على نمط من الأنماط الثمانية لأداء الفجري، يُشار إليها بـ "الحساوي"، وهي تعتمد على مغنٍ رئيس تدعمه مجموعة من المصفّقين والمُطربين، بينما تعتمد الفرقة في أدائها على طبلة يدوية بوجهين، تُعرف باسم المرواس، ووعاء فخاري يُعزف عليه بكلتا اليدين يُعرف باسم الجاهلة. واستوحي مسمى "الفجري" من آلة "الفجيري" أو "الجحل" الفخارية، التي يصدر الطرق على جسمها الخارجي بكف اليد أصواتًا مفخمة.
التعشير الحجازي
من بين مُعظم الرقصات التقليدية في المملكة، يُصنّف فن التعشير الحجازي كرقصة سلاح أكثر من كونه رقصة حرب، إذ يعتمد في أدائه على مهارة استخدام بندقية البارود، ويؤدى التعشير تقليديًا من أجل محاكاة أو استدعاء أو إعادة تمثيل القتال أو حركات القتال في إطارٍ أدائي، وعادةً ما يكون ذلك لغرضٍ احتفالي. يمكن اعتبار السمة الأساسية للتعشير هي القفز فوق لهب البندقية، حيث يمر المؤدي بخطوتين لنجاح التعشير، يحمل في المرحلة الأولى جسم البندقية أفقيًا بكلتا يديه، ويرميها إلى الأعلى ليعيد التقاطها، يتحول اتجاه فوهة البندقية في المرحلة الثانية إلى الأسفل ويتزامن معه إطلاق النار والقفز حذر الإصابة. ويُعدُّ التعشير أحد رياضات الخفة التي تجمع في تنسيقها بين العقل والجسم بطريقة ممتعة.
الخطوة العسيرية
الخطوة العسيرية أو الجنوبية هي الأكثر شيوعًا في مناطق جنوب المملكة، وتُستمدُّ طريقة أدائها من اسمها نفسه، إذ تعتمد على اتخاذ خطوة واحدة إلى الأمام ثم التراجع إلى الخلف بإيقاع منتظم ضمن صف من المؤدين. يشابه لعب العزاوي بجازان في مُجمله الخطوة العسيرية، إلا أن معدل الخطوات فيه لا يتجاوز محيط الوقوف، وهو أكثر تواترًا.
ويُعدُّ اللعب القزوعي، أكثر الرقصات المحلية تغييرًا في أوضاع الجسد، إذ يغيّر المؤدي من وزنه عن طريق الانحناء إلى الوسط ثم الاعتدال في الوقوف والقفز بعد اتخاذ نحو أربع خطوات، وما يضمن نجاح أداء القزوعي هو استغراق خمس ضربات إيقاعية للعودة إلى سلسلة جديدة من الخطوات.
سمات الرقصات التقليدية في السعودية
تتميز رقصات بعض مناطق المملكة بسمات تنفرد بها، على سبيل المثال: تشتهر المنطقة الجنوبية بنمط الخطوة بوصفهِ نمطًا سائدًا في مناطق جنوب المملكة، إلا أن منطقة نجران تنفرد بالسَّعَب الذي يمثل سمة المطاردة بين اثنين من المؤدين، يحمل أحدهما خنجرًا والآخر خيزرانة.
وعلى الرغم من اختلاف الرقصات بين منطقة وأخرى، إلا أن الخطوات الأساسية وأسلوب الرقص مُتشابهان، خاصة بين رقصات المناطق المتجاورة التي تحمل أحيانًا سمات مماثلة، حيث تأخذ معظم الرقصات التقليدية في مناطق المملكة نمط الصفوف المُتقابلة على ساحة الرقص وأسلوب الضرب بالقدم وحمل أداة معينة مثل الخيزران أو السيف أو الخنجر، ويقع الاختلاف بين تلك الرقصات عادةً في نوع التجاوب الحركي والصوتي بين الصفين.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة