تم نسخ الرابط بنجاح

مسجد قباء

saudipedia Logo
مسجد قباء
مقالة
مدة القراءة 6 دقائق

مسجد قباء، هو أول مسجد بُني في الإسلام، شُيّد في السنة الأولى من الهجرة/622م، تُشرف عليه هيئة تطوير المدينة المنورة، يقع جنوب غرب المدينة المنورة على طريق الهجرة، ويبعد عن المسجد النبوي بنحو 3,5 كلم. حظي مسجد قباء بعدد من التوسعات والتجديدات منذ إنشائه، ويُعدُّ مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء أكبر توسعة في تاريخه، وهو المشروع الذي أعلن عن إطلاقه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في 7 رمضان 1443هـ/8 أبريل 2022م.

صورة جوية لمسجد قباء في المدينة المنورة. (واس)
صورة جوية لمسجد قباء في المدينة المنورة. (واس)

تسمية مسجد قباء

ذُكر في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي أن مسجد قباء أخذ اسمه من بئر قباء التي أُنشئت في ذلك المكان، وعُرف قديمًا كذلك بمسجد بني عوف.

موقع مسجد قباء

يقع مسجد قباء في الجنوب الغربي للمدينة المنورة، على طريق الهجرة الذي يصل بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، ويفصله عن الحرم النبوي مسافة 3,5 كلم. عُرف الموقع الذي بُني فيه المسجد قديمًا باسم "قرية قباء"، وهي قرية تنتشر فيها البساتين والنخيل، وتبعد عن المدينة المنورة بنحو ميلين أو ثلاثة.

مساحة مسجد قباء

يأتي مسجد قباء كثاني المساجد مساحةً بعد المسجد النبوي، إذ يتسع لـ20 ألف مصلّ، وتبلغ مساحة أرض المسجد 13,500م2، فيما تبلغ مساحة المصلى وحده 5,035م2، وهو يضم أربع مآذن، ويحتوي على 62 قبة، وملحق به سكن للأئمة والمؤذنين ومكتبة ومنطقة تسويق، خدمة للزائرين.

مسجد قباء في الثقافة الإسلامية

يُمثّل مسجد قباء أهمية لدى المسلمين، إذ يُعدُّ أول مسجد بُني في التاريخ الإسلامي، وقد كان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - يأتيه بين حين وآخر ماشيًا أو راكبًا ليؤدي الصلاة فيه، خاصة في أيام السبت، وكان يحثّ على زيارته. وهو أول مسجد أُقيمت فيه صلاة الجمعة جهرًا، وتُؤدى فيه الآن جميع الصلوات، بما فيها صلاة الجمعة وصلاة العيدين.

أئمة مسجد قباء

تعاقب على مسجد قباء منذ إنشائه عدة أئمة في عهد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين، منهم: سالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، ومعاذ بن ساعدة، وكذلك مجمع بن حارثة.وتولى إمامة مسجد قباء في العهد السعودي عدد من الأئمة، منهم علي بن عبدالرحمن الحذيفي الذي تولى إمامته في عدة فترات حتى عام 1399هـ/1979م، وهو رئيس اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية، وعضو الهيئة العليا لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. ومنهم كذلك محمد بن بخيت الحجيلي الذي صدر قرار إمامته في 1444هـ/2023م، وهو أستاذ دكتور في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله عدة مشاركات علمية داخل السعودية وخارجها، كما أن له بحوثًا ومؤلفات علمية متعددة.

تصميم مسجد قباء

نُفذّت التوسعة السعودية لتحافظ على التصميم القديم لمسجد قباء، فبني على أربعة أروقة على شكل مربع يبلغ طول ضلعه 40 م، وجعل له فناء داخلي وقسمان للرجال والنساء، وبني على طابقين. وللمسجد أبواب متعددة، وسبعة مداخل رئيسة، واثنا عشر مدخلًا فرعيًّا، ليتمكن الزوار من الدخول من عدة أماكن.

وتتشكل الأروقة الأربعة من رواق جنوبي وآخر شمالي تفصل بينهما ساحة مكشوفة، ويتصل الرواقان شرقًا وغربًا برواقين آخرين طويلين. ويتميز سقفه بقباب متصلة، منها ست قباب كبيرة، يبلغ قطر كل منها 12م، و56 قبة صغيرة تبلغ كل واحدة منها 6م، وتتصل القباب بأقواس تقف على أعمدة كبيرة داخل كل رواق.

أما أرض المسجد وساحته فكُسيت بالرخام العاكس للحرارة، وظُللت الساحة بمظلات آلية صُنع قماشها من الألياف الزجاجية التي تُطوى وتُنشر حسب الحاجة، وقد افتتح المسجد بهذه التوسعة في عام 1407هـ/1987م.

مسجد قباء عبر العصور

أسس النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضي الله عنهم، مسجد قباء، وفيه مصلّاه ومبرك ناقته، وجُددت عمارته قبل العهد السعودي أكثر من مرة، كانت أولاها في عصر الخلفاء الراشدين، إذ جدده الصحابي عثمان بن عفان، ثم جُدد في عهد عمر بن عبدالعزيز الذي بنى له أروقة، وشيّد فيه أول مئذنة خلال الفترة 87 - 93هـ،تلا ذلك تجديد أبو يعلى الحسيني الذي وضع له المحراب في عام 435هـ، ثم تبعه جمال الدين الأصفهاني عام 555هـ، كما ساهم في تجديده بعض المحسنين على سنوات متفرقة، منها ما كان في الأعوام 671هـ، و733هـ، و840هـ، و881هـ، وجُدد كذلك في عام 1245هـ.

صورة ليلية لمسجد قباء وهو أول مسجد بني في الإسلام. (واس)
صورة ليلية لمسجد قباء وهو أول مسجد بني في الإسلام. (واس)

مسجد قباء في العهد السعودي

لقي مسجد قباء اهتمامًا من الدولة السعودية، فقد أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بشق طريق مستقيم بين المسجد النبوي ومسجد قباء عام 1351هـ/1932م، كما رُممت وجُددت جدرانه الخارجية وزيد فيه من الجهة الشمالية عام 1388هـ/1968م في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز.

أما في عام 1405هـ/1985م فكان أمر الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود بتوسعة المسجد بما يصل إلى 9 أضعاف مساحته آنذاك، لترتفع من 1,600م2 إلى 13,500 م2، تتضمن المسجد والمرافق الخدمية التابعة له، وبلغت مساحة المسجد وحده نحو 5035م2، وشمل الأمر أن يُعاد بناء المسجد، وأن تحافظ التوسعة السعودية على معالمه التراثية، وقد ضُمت قطع من الأراضي المحيطة به إلى المبنى الجديد الذي حل محل القديم، وامتدت التوسعة وجعل له أربع مآذن عوضًا عن مئذنته الوحيدة القديمة، كل مئذنة في جهة وبارتفاع 47 م.

مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء

يُعدُّ مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء أكبر توسعة في تاريخ المسجد منذ أن شُيّد في السنة الأولى من الهجرة، إذ أعلن عن إطلاقه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في 7 رمضان 1443هـ/8 أبريل 2022م.

يهدف مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء وتطوير المنطقة المُحيطة به إلى رفع المساحة الإجمالية للمسجد لتصل إلى 50 ألف م2، أي ما يوازي 10 أضعاف مساحته قبل التوسعة، مع رفع طاقته الاستيعابية ليضم نحو 66 ألف مُصلٍ.

ويرتكز المشروع على تزويد المساحات المحيطة بالمسجد بمظلات ومصليات مستقلة، مع توفير الخدمات اللازمة للمسجد، إلى جانب تحسين البنية التحتية المحيطة به للتمكن من استقبال أعداد أكبر من الزوار بسهولة في المواسم وأوقات الذروة، وتوفير حلول للزحام وتعزيز سلامة المصلين، إلى جانب تطوير عدة مواقع تاريخية تحيط بالمسجد، تشمل 57 موقعًا، منها مزارع وبساتين وآبار. ويهدف هذا المشروع إلى تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ببرنامجي جودة الحياة، وضيوف الرحمن.

مشروع واجهة قباء

ضمن برنامج "أنسنة المدينة"، الذي أشرفت عليه هيئة تطوير المدينة المنورة، أُطلق مشروع واجهة قباء، وهو عبارة عن مسار ممتد من مسجد قباء إلى قرب المسجد النبوي بطول يبلغ 3 كلم، تتضمن هذه المسافة مرافق متعددة تستهدف المشاة، وتضم أبراجًا سكنية، وفنادق، بالإضافة إلى أركان ومحلات لبيع السلع المتنوعة.

ويهدف المشروع إلى جذب السيّاح ضمن مساحة عصرية تحافظ على الطابع العمراني للمدينة المنورة. وتضم جهة السوق أماكن للأسر المنتجة، تشمل سلعًا عديدة، كالحلويات والأكلات الشعبية، إلى جانب الملابس وألعاب الأطفال، والذهب والمجوهرات.

ويُعدُّ هذا المشروع من مشاريع البنى التحتية التي تعنى بخدمة سكان المدينة المنورة وزوارها، إذ تتيح لهم المساحة بين مسجد قباء والمسجد النبوي إمكانية الوصول عبر مسار مرصوف ومهيأ لعابري الطريق، بمن فيهم ذوو الإعاقة، خاصة في شهري رمضان وذي الحجة اللذين يزيد توافد القادمين فيهما لزيارة الموقع.

وتضمن المشروع إضفاء لمسات لتجميل المساحة، إذ وُحّدت ألوان واجهات المباني المشرفة على الممرات، ووُحدت كذلك تصاميم المحلات التجارية. وفي عام 2018م حصدت الواجهة جائزة أفضل موقع للجذب السياحي في السعودية.

معالم من التراث العربي والإسلامي حول مسجد قباء

صورة من الخارج لمسجد الجمعة التاريخي في المدينة المنورة. (واس)
صورة من الخارج لمسجد الجمعة التاريخي في المدينة المنورة. (واس)

مسجد الجمعة

يقع مسجد الجمعة التاريخي في الجنوب الغربي للمدينة المنورة، على بُعد 900م شمال مسجد قباء، ويُسمى كذلك مسجد الوادي، ومسجد القبيب، ومسجد عاتكة. يرتبط هذا المسجد بحدث من التاريخ الإسلامي، إذ صلى فيه النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أول جمعة في المدينة المنورة. فحين كان النبي، صلى الله عليه وسلم، في طريقه مهاجرًا إلى المدينة المنورة أقام في قرية قباء التي تبعد عن المدينة المنورة آنذاك بنحو ميلين إلى ثلاثة أميال، وأثناء انتقاله أدركته صلاة الجمعة، فصلى في هذا المكان ببطن وادي الرانوناء الذي بُني فيه المسجد لاحقًا وسُمي بـ"مسجد الجمعة". وقد شُيّد المسجد من الحجر، ثم جُدد عدة مرات. وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أُعيد بناؤه وتوسعته وافتُتح عام 1412هـ /1991م، ليضم 650 مصليًا، بعد أن كانت طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 70 شخصًا.

بئر غرس 

على بُعد 1500م شمال شرق مسجد قباء تقع بئر غرس، جنوب المسجد النبوي، وهي أحد المعالم المرتبطة بالتاريخ الإسلامي، إذ حُفرت قبل أكثر من 15 قرنًا، وتتكون من أحجار بازلتية عُرفت في المدينة المنورة. وأُعيد تأهيلها ورُممت إلى جانب عدة مواقع أثرية لتستقبل الزوار، وأعيد ضخ المياه من البئر لسقاية القادمين لرؤيتها، كما أُحيطت بساتر حديدي للحماية. وتوجد حول البئر مساحة تغطيها الصخور الطبيعية. ويتضمن الموقع مصلى أثريًا محاذيًا له.

قلعة قباء

تُعدُّ قلعة قباء من المعالم التاريخية الواقعة بالقرب من مسجد قباء، شُيّدت عام 1915م، لغرض المراقبة والحماية والإشراف على الجهة الجنوبية، تبلغ مساحتها نحو 218م2، وتتكون من دور أرضي يعلوه طابقان وسطح، لها باب واحد في الجهة الشمالية، وأعلى الباب يوجد برج المدخل الرئيس.

بُنيت القلعة من حجارة الحرة البركانية الصلبة، وهي أحجار سوداء اللون، ولُيّست بالنّورة المدينية (مسحوق أبيض تُطلى به الجدران) والجص. وتولت الهيئة العامة للسياحة والآثار آنذاك تنفيذ مشروع ترميم القلعة وتأهيلها ضمن مشاريعها لصيانة المواقع الأثرية والتاريخية في المدينة المنورة. وشملت أعمال الترميم تأهيل الأساسات ومعالجة التربة والجدران الحجرية، وتدعيم الأسقف الخشبية والأقواس الحجرية، وإصلاح التشققات.