تم نسخ الرابط بنجاح

المخطوطات في نجد

saudipedia Logo
المخطوطات في نجد
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

المخطوطات في نجد، هي وسائط علمية استخدمت في منطقة نجد إبان عهد الدولة السعودية الأولى والثانية، وتعد أحد روافد الحركة العلمية التي كانت مزدهرة في تلك الفترة، مما جعل المتعلمين من أهل نجد والقرّاء والنُسّاخ يحرصون على تفعيل دور المخطوط في حفظ العلم وتناقله، وتحقيق الاستفادة منه.

أهمية المخطوطات في نجد

أدرك أهل نجد في عهد الدولة السعودية الأولى والثانية أهمية المخطوطات وقيمتها، مما جعل للمخطوطات نمطًا معينًا من الاستخدام، حيث تستخدم في كتابة النوازل التي تحدث في المجتمع، ومستجدات الأمور، إضافة إلى تدوين العلوم وتوثيقها، ولم يقتصر الأمر على تحديد ما يكتب فيها، بل كان الورق "القرطاس" من الهدايا المتبادلة بين طلبة العلم إدراكًا لقيمته، وكان من العلماء وطلبة العلم من يتحيّن مواسم الحج ورحلات التجارة لشراء الورق منهم، بعد جلبها من الحجاز، أو من شرقي شبه الجزيرة العربية، إضافة إلى مشاركة حكام الدولة في تيسير وجود الورق في نجد، وشرائه ثم توزيعه على طلبة العلم.

الوراقة في نجد 

عُرف مصطلح الوراقة عند العلماء وطلبة العلم في نجد إبان عهد الدولة السعودية الأولى والثانية، وهو يعني نسخ الكتب والمخطوطات، ويسمّى من يعمل في هذه المهنة "الورّاق"، وكان يعمل فيها المهتمون من طلبة العلم أو العلماء، ومن كان حسن الخط، وقد يكون العالم ميسور الحال يتخذ مجموعة من الوراقين يقومون بنسخ ما يحتاجه هو وطلابه.

ومن الوراقين في نجد، عبدالرحمن بن محمد السحيمي الذي وجد له مصاحف مخطوطة بيده عام 1163هـ/1750م، ومحمد بن مبارك آل مبارك المتوفى عام 1235هـ/1820م، الذي نسخ أكثر من مصحف، والمؤرخ محمد بن عبدالله بن يوسف، وعُرف عنه أنه عمل على نسخ الكتب والوثائق، وسليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب، وحمد بن محمد بن ناصر لعبون المتوفى في 1260هـ/1844م.

أنواع المخطوطات في نجد

غطّت المخطوطات التي كتبها ونسخها أهل نجد جوانب علمية كثيرة، منها:

- مخطوطات في الفقه والحديث والتفسير والتوحيد، وتمثّل أكثر المخطوطات شيوعًا في نجد، ومن مؤلفيها: أحمد بن يحيى بن عطوة، وأحمد المنقور، ومحمد بن عبدالوهاب.

- مخطوطات علم التاريخ، أعطى أهل نجد الكتابة التاريخية قيمة خاصة، واعتمدوا فيها المنهج الحولي للأحداث القائم على ترتيب زمني دقيق للأحداث حسب الأعوام، وكان لهم مؤلفات تجاوزت في تغطيتها المكانية إقليم نجد وشملت الأقاليم المجاورة لها، مثل: الأحساء والحجاز، والعراق ومصر.

- مخطوطات علم الرجال والتراجم، اهتم أهل نجد بعلم الرجال والتراجم (السِير الذاتية)، ومن مؤلفي هذا العلم محمد بن عبدالله بن حميد، وإبراهيم بن عيسى.

- مخطوطات علم الفلك، اهتم أهل نجد بعلم الفلك لاتصاله بهم، فكانت تعرف به أوقات الصلاة، ودخول الشهر وخروجه، كما عرفوا من خلاله اتجاهات الطرق في الصحراء والقفار، ومن مؤلفيها: عثمان بن بشر، وصالح بن عثمان القاضي.

- مخطوطات علم الطب، عنى أهل نجد بعلم الطب ونقلوا ونسخوا الكثير من المخطوطات فيه، لحاجتهم إليه في التداوي لمرضاهم، وما يصيبهم من الأوبئة التي كانت تتفشى بين فترة وأخرى.

- مخطوطات علم الحساب، وهو من العلوم التي عرفها أهل نجد في حدود ضيقة تقتصر على تعلم العمليات الأربع (الجمع، الطرح، الضرب، القسمة)، غير أن بعضهم تعلموه وأجادوه للاستفادة منه في حياتهم المعيشية، كما استفاد منه العاملون في التجارة، والبيع، والشراء، ومن المؤلفين فيه: عبدالعزيز بن محمد بن تركي.

- مخطوطات علم اللغة، حظيت اللغة العربية بعناية من علماء نجد، وكان ممن ألّف في هذا العلم عثمان بن قائد، وصالح الصائغ، وكتبوا شروحًا لأمهات كتب اللغة العربية، مثل كتاب "قطر الندى وبل الصدى"، و"كتاب الآجرومية".

مخطوطات كتبها ونسخها أهل نجد في جوانب علمية عدة. (واس)
مخطوطات كتبها ونسخها أهل نجد في جوانب علمية عدة. (واس)

طرق تداول المخطوطات في نجد

كان العلماء وطلبة العلم في نجد يستخدمون طرقًا عديدة في تداول المخطوطات، وهي:

- النسخ، ويعني إعادة كتابة المخطوط، ويكون إما بأجر أو تطوعًا أو شرطًا من العالِم، الذي يكون غالبًا هو الموجه في نسخ شيء من أمهات الكتب في الفقه، أو الحديث، أو التفسير، وبعض المتون العلمية. وكانت بعض الأسر التي اعتنت بالعلم والعلماء تحرص على توفير المخطوطات وتُفرّغ مجموعة من النسّاخ لنسخ الكتب للطلبة.

- الاستكتاب، وهو نمط من النسخ يكون بأمر العالِم أو أحد الأئمة أو التجار، ويقوم به غالبًا وراقون محترفون بمقابل مادي، وكان يوثّق في بعض المخطوطات النجدية بيان لهذا الأمر والإشارة إلى أن هذا العمل كان استكتابًا، وذكر اسم الناسخ فيه.

- البيع والشراء، لم يكن في نجد أسواق مستقلة للوراقين، بل كانوا يتداولونها عن طريق جلبها معهم أثناء رحلات التجارة إلى الأقاليم المجاورة لشبه الجزيرة العربية، وكانت تباع كتب بعض العلماء بعد وفاتهم، ويحرص طلبة العلم على الشراء منها وخصوصًا إذا كانت الكتب لعالِم مشهور. 

- الإهداء، كان بعض العلماء في نجد يهتمون بإهداء المخطوطات، وكانوا يهدون العلماء من خارج نجد الكثير منها.

- الإرث، كان بعض العلماء في نجد يورثون كتبهم المخطوطة لأبنائهم العلماء أو من يدرك منهم قيمتها، غير أن بعض المخطوطات الموروثة اشتراها طلبة العلم ونقلوها إلى خارج نجد.

مخطوطة الأخبار النجدية

هي مخطوطة تضمنت أخبار نجد خلال الفترة من عام 850هـ/1446م- 1288هـ/1871م، على طريقة الحوليات الهجرية، واعتمد مؤلفها على مصادر مكتوبة أخرى، أو النقل الشفاهي، وفي بعضها كان شاهد عيان على الأحداث، فكتبها مفصلة، خصوصًا التي رافقت انتهاء حكم الدولة السعودية الأولى، وقيام الدولة السعودية الثانية. 

ومن موضوعات مخطوطة الأخبار النجدية: أخبار الدولة السعودية، والأحداث الاقتصادية والاجتماعية والظواهر الجوية، مثل: الأمطار، والرياح، والكسوف والخسوف، والأوبئة، إضافة إلى الوفيات.