تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى، هي منشآت حربية دفاعية، شيدتها الدولة السعودية الأولى حول عاصمتها الدرعية خلال فترة حكمها من عام 1139هـ/1727م حتى عام 1233هـ/1818م.  

تاريخ تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

كانت الدرعية بلدة محصنة كبقية البلدان آنذاك، قبل أن تتخذها الدولة السعودية الأولى عاصمة لها، حيث تمثلت تحصيناتها بداية بشكل بسيط، واقتصرت على تسوير المزارع الخاصة بهدف حمايتها من الاعتداء، ولم  يكن للدرعية سور عام يحميها من جميع جهاتها، وفي أوائل عهد الدولة السعودية الأولى لم تتغير تحصينات الدرعية الدفاعية، لقلة إمكاناتها البشرية والمادية. 

وبعد ازدياد الإمكانات المادية للدولة، بدأ قادة الدرعية بناء تحصينات جديدة لحمايتها، وكان صاحب فكرة تحصين الدرعية الإمام عبدالعزيز بن محمد في عهد والده الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، حيث أمر عام 1172هـ/1758م ببناء سورين مدعمين بالأبراج حول الدرعية، إلى جانب تحصين المدن التابعة لهم. وبعد فترة زمنية تطورت الدرعية وازداد نموها السكاني والعمراني، وشكلت مركزًا سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا في المنطقة، مما أدى إلى بناء تحصينات قوية لحماية ممتلكاتها وأسواقها، وللحفاظ على الدرعية من أي اعتداء.  

كما جرت تعديلات عدة على تحصينات الدرعية خلال فترة امتدت لنحو قرن ونصف، بسبب تعرضها لعديد من العوامل، مثل: السيول الجارفة التي هدمت بعض مبانيها، أو رغبة القادة في تجديد التحصينات نتيجة لما رأوه من تحصينات في البلدان غير النجدية، أو هجرة بعض المعماريين من البلدان إلى الدرعية بعد أن اتخذتها الدولة السعودية الأولى عاصمة لها، وفي عام 1233هـ/1818م تأهبت الدولة لمواجهة الاعتداءات، واتخذ الإمام عبدالله بن سعود إجراءات عدة لحماية الدرعية، إذ لم تكن أبراج الدرعية وأسوارها الدفاعية كافية لمواجهة قوات العدو المزودة بالأسلحة الحديثة، وبهذا عمل على بناء تحصينات حربية جديدة، إلى جانب تقوية ودعم التحصينات القديمة، كما اهتم بزيادة تحصينات المناطق الاستراتيجية، كمنطقة قصر الحكم، مع تطوير وتجديد تحصينات الدرعية بما يتناسب مع الأسلحة الحديثة.  

ومن التجديدات والتعديلات التي عملت عليها الدولة لتحصين الدرعية آنذاك: زيادة اتساع البرج مع ارتفاع قاعدته، بهدف استيعاب المدافع، وإضافة عنصر جديد على العمارة الحربية في الدرعية كالمنحدرات التي تصل بالمدافع إلى قاعدة الأبراج المرتفعة، وإنشاء ممرات للجنود في الأسوار، كما أضيفت إلى سمك الأسوار من الأسفل مبانٍ بارتفاع يقدر بنحو مترين ونصف المتر.  

حدود تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

يمتد نطاق الدرعية التاريخي بتحصيناتها وأسوارها من الملقى شمالاً، ويشمل العلب، ورحابه، ورحاب الوادي الجنوبي على امتداد مساره الذي يضم البلدات والمستقرات الحضارية والأحياء القديمة، مثل: غصيبة، والظهرة، والظويهرة، والبجيري، وسمحان، والطريف، والمليبيد، والباطن، وبلدة عرقة، والبديعة، ويشمل المساحات الداخلية لتحصينات الدرعية الشرقية، وتضم الأحياء القديمة والجديدة في الجهة الشرقية للوادي، كما يشمل المساحات الداخلية لتحصينات الوادي الغربية، إلى جانب المخططات الحديثة بالمساحات الخارجية للتحصينات الغربية، كما يضم النطاق الجغرافي  من شمالي العلب والروقية في الجهة الغربية، والسريحة والمنطقة المنخفضة وهو السفح الشرقي من حي الطريف، متصلة برحاب الوادي وشعابه الغربية المتمثلة بمزارع  شرق الطريف وجنوبه الشرقي، إلى جانب المناطق الغربية من روافد الوادي وشعابه.  

أهمية تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

عرفت الدرعية في الدولة السعودية الأولى بتحصيناتها الدفاعية من أسوار وأبراج وغيرها، وكانت تمثل نموذج العمارة الحربية في الدرعية خاصة وفي نجد والجزيرة العربية عامة، وتعود أهمية التحصينات إلى استعدادها الدائم للدفاع عن الدرعية من التحديات وقت الحروب، وحمايتها من الهجمات الخارجية والصراعات المحلية.  

خصائص تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

تختلف تحصينات الدرعية باختلاف وتنوع المناطق التي تقع بها أو التي تشرف عليها، حيث اعتمد أهل نجد في اختيار مواقع تحصيناتهم في المناطق التي كانت تشكل خطرًا يهدد مدينتهم آنذاك، مستفيدين من طبيعة الأرض التي يعيشون عليها، مثل استغلال الهضاب المرتفعة على حواف المدينة لبناء الأسوار والأبراج على امتدادها، بهدف حماية المستقرات الحضرية التي تشرف عليها الهضاب، كما تنوعت أساليب بناء التحصينات وفق المعايير العسكرية، حيث يرتفع السور في بعض المناطق، وفي بعض المناطق اهتموا بزيادة عرض السور من أجل الجنود المشاة، إضافة إلى اهتمام أهل نجد بالتمييز بين الأبراج الملحقة بالسور التي تعمل بشكل داعم ودفاعي للسور، وبين الأبراج المنفصلة عن السور التي تؤدي دورًا مهمًا في مراقبة الدروب وحمايتها، كما دمج أهل الدرعية بين وظائف أسوار وأبراج الدرعية -التحصينات- بهدف الحماية الأمنية إلى جانب استخدامها مصدات مائية لحجب مياه الري الزائدة أو السيول تحديدًا في المناطق الزراعية.  

مواد بناء تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

استند أهل نجد عند بناء أسوار الدرعية وأبراجها الدفاعية على مواد مستمدة ومتوافرة في البيئة الطبيعية من مواد أولية، عوضًا عن استخدام مواد أخرى لا يمكن الحصول عليها بسهولة، ومن المواد الأساسية لبناء تحصينات الدرعية: الحجارة الجيرية المستخرجة من الجبال أو الهضاب، والخرز (الحجول) وهي كتلة حجرية أسطوانية، والشقاص أو المشقاص وهي قطع حجرية صغيرة بحجم كف اليد، والطين الذي يجلب من المزارع، إضافة إلى اللبن وهو خليط من الطين والتبن، والجص (الجبس) ويستخرج من حرق الحجر الجيري، والأخشاب التي تؤخذ من أشجار النخيل أو الأثل أو أشجار السدر. 

عناصر تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى

اعتمدت تحصينات الدرعية في الدولة السعودية الأولى على عناصر عدة، منها: 

-الأسوار: وهو حائط دفاعي ضد الأعداء المهاجمين، يتضمن أبراجًا، وممرات للجنود المشاة، وفتحات للرماية والمراقبة. حيث يمتد سور الدرعية من الشمال حتى الجنوب الشرقي لوادي حنيفة، ومن الجنوب الغربي متجهًا نحو الشمال الغربي على الهضبة الغربية لوادي حنيفة. وينقسم سور الدرعية إلى ستة أقسام، هي: السور الشمالي الشرقي، والسور الشرقي، والسور الجنوبي الشرقي، والسور الشمالي الغربي، والسور الغربي، والسور الجنوبي الغربي.  

 - الأبراج: هي منشآت حربية دفاعية مهمة، أنشئت بهدف الدفاع أو المراقبة، أو للدفاع والمراقبة معًا. حيث مرت أبراج الدرعية بمراحل تطويرية، وشيدت في مدد زمنية متباينة، إذ بلغ عدد الأبراج الملحقة بأسوار الدرعية 62 برجًا دفاعيًا قسمت إلى ستة أقسام وفق موقعها الجغرافي: الأبراج الشمالية الشرقية، والأبراج الشرقية، والأبراج الجنوبية الشرقية، والأبراج الجنوبية الغربية، والأبراج الغربية، والأبراج الشمالية الغربية.