تم نسخ الرابط بنجاح
saudipedia Logo
التعليم في الدولة السعودية الأولى
مقالة
مدة القراءة 4 دقائق

التعليم في الدولة السعودية الأولى، هو توجه علمي نشط اتبعته الدولة السعودية الأولى خلال تاريخها منذ عام 1139هـ/1727م حتى عام 1233هـ/1818م، بهدف نشر العلم والمعرفة بين عامة المجتمع، إلى جانب توعيتهم بشؤون دينهم.

دور الأئمة في التعليم بالدولة السعودية الأولى

أولى أئمة الدولة السعودية الأولى اهتمامًا بالتعليم منذ بداية تأسيس الدولة، بدءا من عهد الإمام محمد بن سعود الذي دعا الناس للتعلم ومعرفة شؤون دينهم، وتأكيدًا على حرصه على نشر العلم عيّن المعلمين في المناطق التي تخضع لحكمه آنذاك، إذ أرسل الشيخ حمد بن سويلم معلمًا إلى إمارة ثادق. 

واتبع نهج الإمام محمد بن سعود في الاهتمام بالتعليم بقية حكام الدولة السعودية الأولى، إذ كتب الإمام عبدالعزيز بن محمد لأهالي بلدان الدولة، مشيرًا عليهم بالاهتمام بالعلم والمعرفة، إضافة إلى إرسال المعلمين إلى القصيم لتعليم أهلها، وإشراك القضاة في نشر العلم والتعليم إلى جانب عملهم الأساسي. وكان حريصًا على تعيين القضاة في البلدان وتغييرهم من حين إلى آخر؛ مما أتاح لأهل البلدان الاستفادة العلمية وتبادل المعلومات. كما قدم المكافآت لتشجيع الطلاب على العلم، وخصص راتبًا للمتعلمين، وأجزل العطاء لطلبة العلم والقضاة. 

كما اعتنى الإمام سعود بن عبدالعزيز بالتعليم، فأكرم طلبة العلم، وأسند للمسؤولين في البلدان الاهتمام برعايتهم، إضافة إلى اهتمامه بعقد مجالس للدرس كل يوم، بعضها كان يُعقد في مناطق البيع والشراء، لتحصل الفائدة للجميع، كما شارك الإمام بعلمه العلماء. ولنشر العلم والمعرفة أرسل المعلمين إلى مختلف بلدان الدولة لتعليم أهلها، واصطحب في غزواته مجموعة من العلماء الذين كانوا يعقدون دروسًا علمية تفيد أفراد الجيش. 

واستمر الاهتمام بحركة التعليم ونشره حتى آخر أئمة الدولة السعودية الأولى الإمام عبدالله بن سعود، الذي سار على نهج والده. 

دور الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التعليم بالدولة السعودية الأولى

تمثل اهتمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالتعليم والمعرفة في الدولة السعودية الأولى من خلال عقد مجالس الدرس، وتأليف مجموعة من الكتب والرسائل، لنشر العلم وتسهيله وتبسيطه للمبتدئين وطلبة العلم وعامة الناس، إلى جانب إسهامه في تعليم القراءة والكتابة للعامة والخاصة، ومن الذين تتلمذوا على يده من أهالي الدرعية الإمام سعود بن عبدالعزيز. 

مصادر دخل التعليم في الدولة السعودية الأولى

صاحب اتساع الدولة السعودية الأولى جغرافيًا ارتفاع دخلها، وتحسن أوضاعها الاقتصادية، ومكن ذلك الدولة من تخصيص مبالغ من بيت المال للإنفاق على التعليم، إضافة إلى ما كان يُنفقه العلماء من مالهم الخاص على التعليم حسب قدرتهم، وما كانت تقدمه الأوقاف من إنفاق على التعليم، إذ أشارت بعض وثائق الأوقاف إلى تخصيص جزء من ريعها للمعلم، أو للمدرسة، أو لأئمة المساجد.  

كما أتاحت الدولة التعليم لجميع الطلبة بصورة ميسرة، ودون مقابل مادي، وأما الأشخاص الذين يتعذر عليهم التعلم لأسباب معيشية؛ فيتولى الإمام تسهيل قدومهم إلى الدرعية، والإنفاق على مستلزماتهم، إلى جانب تخصيص راتب للمتعلمين في الديوان.  

مراحل التعليم في الدولة لاسعودية الأولى

اشتمل التعليم في الدولة السعودية الأولى على مرحلتين، الأولى التعليم الأولي، وفيها يتعلم الطلاب مبادئ الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم. ولم تحدد تلك المرحلة من التعليم بسنوات معينة، وإنما كانت تستند على مقدرة كل تلميذ على الحفظ والتعلم، إلى جانب قدرة ولي أمر الطالب على الإنفاق لتعليمه، وأما المرحلة الثانية فكانت تُعنى بالتعليم المتقدم، وهي مرحلة يتعلم فيه الطلاب العلوم الدينية والدنيوية. وكان الحد الأدنى للملتحق بهذه المرحلة نحو 13 عامًا، وهي مرحلة تؤهل الطالب لأن يكون قاضيًا. 

مناهج التعليم في الدولة السعودية الأولى

اعتمدت الدولة السعودية الأولى على مناهج تعليمية محددة في المرحلة الأولية، مثل: حفظ الحروف الهجائية وترديدها وراء المعلم جماعيًا، والتدرب على كتابتها في ألواح خاصة فرديًا، بهدف تكوين الكلمات والجمل، إضافة إلى تعلم الأعداد البسيطة والتدرب على العمليات الحسابية، مثل الطرح والجمع وغيره. وكانت من مناهج التعليم المتقدم كتب العلوم الدينية، مثل: التفسير، والفقه، والتوحيد، إلى جانب مناهج أخرى، مثل: النحو، والصرف، والتاريخ وغيرها. 

أماكن التعليم في الدولة السعودية الأولى

صنفت الدولة السعودية الأولى أماكن التعليم وفق المرحلة التعليمية، إذ خصصت الكتاتيب للتعليم الأولي، وكان يتلقى فيها الطلاب مبادئ القراءة والكتابة، وخصص للتعليم المتقدم حلقات علمية في المساجد، أو قصر الإمام، أو في الأماكن العامة، مثل مناطق البيع والشراء، أما المدارس فكانت أماكن مخصصة لتعليم طلاب العلم من التعليم المتقدم. وكان يشيد بعض المدارس المعلم بالقرب من منزله، ومنها مدارس كانت تضم سكنًا لطلاب العلم المغتربين. 

أوقات التعليم في الدولة السعودية الأولى

تختلف أوقات التعليم في الدولة السعودية الأولى باختلاف المرحلة التعليمية، إذ كان يستغرق تعليم المرحلة الأولية نحو ساعتين إلى ثلاث ساعات في الفترة الصباحية، وساعة أو ساعتين بعد الظهر من كل يوم، وأما أوقات حلقات التعليم المتقدم فكانت تعقد بعد صلاة الظهر حتى قبيل العصر، مثل الحلقات التي كان يحضرها الإمام سعود بن عبدالعزيز، إلى جانب الحلقات التي كانت تعقد  للعامة بعد طلوع الشمس وحتى وقت القيلولة، وما بين العشاءين من كل يوم، وأما المغتربون المقيمون في المدارس فكانوا يأخذون العلم في كل وقت من أبناء المعلم، إذ كانت مدارسهم قريبة من بيته آنذاك. 

المعلمون في الدولة السعودية الأولى

قدم التعليم في الدولة السعودية الأولى مجموعة من المعلمين، مثل: بعض العلماء من أئمة المساجد، إذ كانوا يعقدون حلقات علمية لطلاب العلم، والقضاة الذين كانوا يسهمون في التدريس، إضافة إلى بعض طلاب العلم المتمكنين والمؤهلين للتعليم. 

ولم يقتصر دور المعلم في الدولة على تعليم الطلبة، وإنما كان يخصص جزءًا من وقته وجهده لإلقاء الدروس الدينية على عامة الناس، إلى جانب الرد على استفساراتهم وأسئلتهم. 

الإجازات العلمية في الدولة السعودية الأولى

كانت الإجازات العلمية في الدولة السعودية الأولى تعد من الأمور المعمول بها آنذاك، وهي شهادة علمية أو وثيقة يحصل عليها التلميذ من العالم لما حققه من تحصيل علمي، وتأكيدًا على قدرته على فهم الدرس واستيعابه.  

والإجازة العلمية كانت دلالة على المكانة العلمية للطالب الحاصل عليها، إذ لا تمنح إلا للطلبة المشهود لهم بالعلم والمعرفة. وكان علماء نجد يقدمون الإجازات لطلبة العلم ويشيرون فيها إلى العلوم التي استوعبها الدارس. 

الرحلات العلمية في الدولة السعودية الأولى

كانت الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى تمثل وجهة علمية نشطة يفد إليها طلاب العلم من مختلف بلدان الدولة، طلبًا للعلم والمعرفة، ولم تقتصر الرحلات العلمية على الدرعية، بل توجه بعض العلماء إلى خارج نجد، للحصول على العلم من مناطق أخرى، مثل مكة المكرمة أو الشام، إذ كانت ملتقى لطلاب العلم من مختلف البلدان الإسلامية.