تم نسخ الرابط بنجاح

صناعة الأحبار في نجد

saudipedia Logo
صناعة الأحبار في نجد
مقالة
مدة القراءة 3 دقائق

صناعة الأحبار في نجد، هي طرق صناعة الأحبار التي توارثها طلبة العلم والنُسّاخ في نجد إبان عهد الدولة السعودية الأولى والثانية نتيجة الممارسة والتقليد. وكانت البيئة النجدية حينذاك غنية بأنواع من النباتات والأشجار التي تستخرج منها الأحبار بأنواعها، إضافة إلى اعتمادهم على مخلفات النار والدخان،وكانت صناعتهم للأحبار بدائية وبسيطة لا تعتمد على ضبط مقادير الألوان ومركباتها.

صناعة الحبر الأسود في نجد 

صُنع الحبر الأسود في نجد من مواد عضوية وغير عضوية، إذ كانت تستخرج المواد العضوية من الأشجار والنباتات وما تنتجه من ثمار أو أوراق، وصنعت منها أيضًا الأصباغ والألوان لأغراض أخرى غير الكتابة، كما كان الحبر الأسود يصنع من شجرة "التنوم"، التي عرفت في نجد باسم "أذن الحمار" أو "الكتم"، واستخدم نبات آخر يؤدي الدور نفسه وهو حبّ تنتجه شجرة تعرف  بـ"الرّال"، إضافة إلى قشور شجرة الرمان، أو ما تخلفه بقايا احتراق الأشجار بأنواعها والعالقة بالأسطح الخارجية للقدور والأواني النحاسية.

وكان الحبر يمزج بنسبة قليلة من الملح والصمغ الذي يستخرج من نبات الطلح أو نبات القرضاء، بعد طبخها في إناء واحد مع إضافة الماء، حتى يكون الحبر جاهزًا للكتابة ثم يُرفع عن النار، ويُقطع إلى قطع صغيرة قبل أن يبرد تمامًا، وتترك تلك القطع حتى تجف وتيبس، ليسهل تخزينها في أماكن جافة، وعند الرغبة في استعمالها يختار الكاتب عددًا كافيًا من تلك القطع الصغيرة، ويضعها في المحبرة ويضيف إليها الماء حتى تذوب.

أما المواد غير العضوية التي تستخدم في الكتابة، فلا تخرج عن نوع واحد، وهو المادة السوداء الناتجة عن عملية الاحتراق، وعرفت في نجد بمسميات عدة، ففي العارض تعرف بالسنون، وفي الوشم والقويعية بالسّنا أو السّنو، كما تعرف بالصفة التي تكون عليها فيقال: سواد القدور، وسنا القدور.

صناعة الأحبار الملونة في نجد

عرف أهل نجد صناعة الأحبار الملونة، وكانت تصنع من مواد متوافرة في البيئة النجدية الغنية بالنباتات التي تستخرج منها الألوان، أما الألوان التي استخدمها أهل نجد في مخطوطاتهم، وفي الزخرفة والتزيين للأبواب والشبابيك والجدران وغيرها، هي: الأحمر والأصفر والأخضر، والأزرق بدرجاتها المتعددة.

الحبر الأحمر

يستخدم في صنعه نبات الزعفران، ويعد العنصر الرئيس في إنتاجه، وهو مادة معروفة منذ عرفت الحضارة العربية الإسلامية نسخ الكتب وتداولها، إضافة إلى قشور نبات الرمان التي يستخرج منها اللون الأحمر، وهو أحمر يميل إلى الصفرة أحيانًا، كما يستخرج من ورق نبات الحنّاء حبر أحمر، إذا خُفّف بالماء وأضيف إليه الصمغ العربي، وهذا اللون لم يكن أحمر قانيًا، بل يميل إلى الصفرة وإلى اللون البرتقالي أحيانًا.

الحبر الأصفر

اعتمد أهل نجد في إعداد الحبر الأصفر على مادة الزعفران خالصة، أو خلطها مع قشر الرمان، إضافة إلى خلط الصمغ العربي مع كليهما، ووظف بعض النسّاخ نبات الكركم والعصفر في استخراج نوع من الحبر شديد الصفرة، تصنع عن طريق طحن المادة طحنًا دقيقًا، ثم توضع على النار وتغلى بالماء، حتى يثقل قوامها، ثم يوضع عليها قليل من الملح والصمغ، فتصبح صالحة للكتابة، بعد أن تبرد وتقطع إلى أحجام صغيرة متعددة الأشكال، سهلة الحفظ.

الحبر الأخضر

يعد مسحوق نبات الحناء أصل صناعة هذا النوع من الأحبار، لكن استخدام الحبر الأخضر في الكتابة قليل جدًا، ولم تكن طريقة صناعة هذا النوع من الأحبار صعبة على أصحاب المهنة، وإنما كان الأمر يتطلب الدقة في توزيع مقادير المواد المكونة له، ويصنع الحبر الأخضر عن طريق سحق نبات الحناء ثم طبخه مع قليل من الماء، ثم يوضع عليه الصمغ العربي، حتى يقارب الجفاف، ثم يقطع بأحجام صغيرة ويحفظ للاستخدام، ويصنع هذا الحبر الأخضر بمواد غير عضوية، وذلك بأخذ الزنجار (خلات النحاس)، وتسحق ثم تغمر بالخل وماء الليمون، وتترك حتى تنحل، ثم يضاف إليه قليل من الزعفران المسحوق بقدر ما يكفيه من الصمغ العربي المحلول، حتى يصبح جاهزًا للاستخدام، وتوجد طريقة أخرى، وهي أن يسحق الزنجار جيدًا مع الصمغ العربي المذاب في ماء العفص، ثم يضاف إليه قليل من الخل ثم يكتب به.

الحبر الأزرق

تعد النيلة الزرقاء غالبًا هي المادة الرئيسة التي يصنع منها الحبر الأزرق، بعد تخفيفها بالماء والصمغ العربي، كما صنع النجديون أيضًا هذا النوع من الأحبار من شجرة تعرف بالرّال، وهي شجرة تنبت في الغالب شمالي نجد، ويصنع عن طريق جمع الحب الذي تنتجه، ثم تجفيفه في الشمس، ثم يدق حتى يصبح ناعمًا، ثم يطبخ فيحصل منه على الحبر الأزرق.