معركة استعادة الرياض، هي المعركة التي استعاد فيها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مدينة الرياض، وانطلقت منها مرحلة توحيد المملكة العربية السعودية، بدأت المعركة صباح 5 شوال 1319هـ/15 يناير 1902م، واستطاع الملك عبدالعزيز ورجاله الثلاثة والستون دخول قصر المصمك، والإعلان عن حكم الملك عبدالعزيز.
بداية التحرك لاستعادة الرياض
بعد عودة الملك عبدالعزيز من محاولته الأولى لاستعادة حكم الرياض في معركة الصريف، عمل على إقناع والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالسماح له لإعادة المحاولة، لكنه رفض هذا الطلب في بداية الأمر، حيث كان يرى أن الظروف ليست مناسبة للتحرك، لكن الملك عبدالعزيز أصرّ على طلبه حتى أخذ الموافقة من الإمام عبدالرحمن، وخرج الملك عبدالعزيز من الكويت في النصف الأول من عام 1319هـ/1901م.
جهّز الملك عبدالعزيز الركائب والأسلحة والمؤن، وانطلق برجاله من الكويت متجهًا إلى البادية حتى لا يصل خبر خروجه بسرعة إلى ابن رشيد، وكان عددهم آنذاك نحو 40 رجلًا، ووصل بهم إلى موقع يسمى "العيينة - عوينة كنهر"، شمال غرب الأحساء، وانضم إليه نحو 1400 مقاتل من قبائل المنطقة.
انطلق الملك عبدالعزيز من العيينة باتجاه الرياض، مستغلًا تواجد ابن رشيد في حفر الباطن استعدادًا للهجوم على الكويت، ووصلوا إلى حفر العتش شمالي الرياض، وأرسل عددًا من رجاله إلى الرياض لجمع المعلومات والتحرّي عن إمكانية مهاجمة حامية ابن رشيد فيها، وواعدهم عند ماء الحفاير، وهو مورد ماء شمالي الرياض يبعد عنها نحو 73 كم، رجع إليه رجاله بأخبار مفادها عدم مناسبة الوقت للتقدم نحو الرياض.
تحرّك الملك عبدالعزيز مع رجاله على أطراف نجد وأغار على بعض القبائل الموالية لابن رشيد، وغنم منها ثم عاد إلى الأحساء لتموين جيشه، وبعد أربعة أيام أعاد الغارات على نواحٍ متفرقة قرب الرياض، ووصل إلى موقع حفر العتش، حيث قسّم الغنائم على رجاله، واقترب من الرياض حتى وصل إلى بنبان، وهي مورد ماء شمالي الرياض، في محاولة لدخول الرياض، لكن الظروف لم تكن ملائمة فرجع إلى الأحساء مرة أخرى، وأقام فيها لمدة أسبوعين، وفي هذه الأثناء ذاع صيت الملك عبدالعزيز وتحركاته، وازداد عدد رجاله إلى نحو 2100 مقاتل، ما بين خيّال وهجّان.
تضايق ابن رشيد من تحركات الملك عبدالعزيز، وتمكّن من إقناع ولاة الدولة العثمانية في الأحساء بمنعه من التموّن والإقامة في الأحساء، مما اضطره إلى التوجه إلى حَرَض، وبسبب دخول فصل الشتاء تفرّق عنه أفراد من جيشه عائدين إلى قبائلهم، ولم يبق معه إلا نحو 60 رجلًا من ضمنهم رجاله الذين خرجوا معه من الكويت، اتجه بهم نحو منطقة تسمى "يبرين" جنوبي الأحساء، وفي آخر رجب 1319هـ/1901م وفد إليه مرسول من والده في الكويت يطلب منه التوقف والعودة إلى الكويت، فجمع رجاله وأطلعهم على محتوى الرسالة، وخيّرهم بين العودة والبقاء معه، فاختاروا البقاء معه، وأبلغ المرسول أن ينقل ما رآه من موقف رجاله إلى والده.
التخطيط لدخول الرياض
توجه الملك عبدالعزيز إلى الأحساء، وأرسل أحد رجاله للتموّن، ثم اتجه بهم جنوبًا حتى أطراف صحراء الجافورة، وأقاموا فيها 50 يومًا، من مطلع شعبان حتى 20 رمضان 1319هـ/نوفمبر - ديسمبر 1901م، عانوا فيها ظروفًا قاسية أضرّت برواحلهم، ثم خرج من الجافورة وتوجه جنوبًا ناحية آبار حرض، حتى وصل إلى مورد أبو جفان ليلة العيد 1319هـ/يناير 1902م، وأمضى فيها يومين، وفي مساء اليوم الثالث سار باتجاه الرياض، ووصل إلى ضلع الشقيب في السادسة مساءً يوم 4 شوال/13 يناير.
في ضلع الشقيب قسّم الملك عبدالعزيز رجاله إلى قسمين، بقيت المجموعة الأولى التي تقدر بـ 23 رجلًا لحراسة الأمتعة والإبل، وقاد الأربعين الآخرين حتى اقترب من الرياض، وقبيل الوصول إلى أسوارها قسّم رجاله إلى قسمين، أبقى المجموعة الأولى خارج الأسوار وعددهم 33 رجلًا، بقيادة أخيه محمد بن عبدالرحمن، وسار مع السبعة الباقين إلى داخل الرياض، حيث دخلوها عبر أجزاء السور المهدومة، وتسللوا حتى وصلوا إلى البيت المجاور لبيت حاكم الرياض، وفي هذه الأثناء أرسل الملك عبدالعزيز ابني عمّه عبدالعزيز بن جلوي وفهد بن جلوي إلى المجموعة الثانية بقيادة أخيه محمد لينضموا إليهم.
أحداث معركة استعادة الرياض
تسلل الملك عبدالعزيز والسبعة الذين معه إلى بيت عجلان، وجمعوا الخدم في إحدى الغرف، وعرف الملك عبدالعزيز أن عجلان ينام في قصر المصمك، واستدعى أخاه محمد ورفاقه الأربعين إلى بيت عجلان، استعدادًا للمواجهة بعد طلوع الفجر، ووضعوا الخطة لذلك.
بدأت أحداث المعركة مع شروق شمس اليوم الخامس من شوال، حيث خرج عجلان وحرسه بعد فتح باب قصر المصمك، وخرج الملك عبدالعزيز ورجاله من البيت، وتواجه الطرفان في معركة انتهت بمقتل عجلان وبعض من رجاله، واستسلم بقيّتهم، وبنهاية المعركة اعتلى أحد رجال الملك عبدالعزيز أحد أبراج القصر ليعلن لأهالي المدينة الذين لم يشعروا بالمعركة نتيجة لحكمة الملك عبدالعزيز بأن الحكم لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
أهمية معركة استعادة الرياض
بدأت بعد معركة استعادة الرياض مرحلة توحيد المملكة العربية السعودية التي أمضى فيها الملك عبدالعزيز نحو ثلاثة عقود، حتى أعلن عن توحيد البلاد باسم المملكة العربية السعودية في عام 1351هـ/1932م.
المصادر
تاريخ المملكة العربية السعودية. عبدالله الصالح العثيمين. 2005م.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة