نظام الإثبات، هو أحد الأنظمة الأربعة لتطوير منظومة التشريعات المتخصصة في المملكة العربية السعودية، وتشمل: نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية. ويعد نظام الإثبات أول هذه الأنظمة صدورًا، إذ صدر في 26 جمادى الأولى 1443هـ/30 ديسمبر 2021م، متضمنًا 129 مادة ليواكب التحول الرقمي في القطاع العدلي، والتطورات التقنية والاقتصادية في السعودية، ولإيجاد نموذج حديث للإثباتات ينتظم مع مقاصد الشريعة الإسلامية والتوجهات القضائية الدولية.
روعيَ في النظام تلبية متطلبات مستجدات الحياة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتقنية حسب تصريح ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وقت صدور النظام، ويسهم نظام الإثبات في استقرار الأحكام القضائية ومرجعيتها لقواعد قانونية محددة، ودعم حجية العقود، إضافةً إلى زيادة كفاءة الالتزامات التعاقدية، وضمان العدالة في التعامل مع البيانات والأدلة.
يزيد نظام الإثبات الثقة بالأحكام القضائية، إذ ينص على أنه لا يُمكن للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي، كما يعزز النظام حجية الكتابة، ويعدّها أساسًا في إثبات الحقوق، إضافةً إلى تسريع مدة فصل المنازعات، وتقوية مبدأ حياد القاضي، وحجية الأدلة الرقمية، وثبوت الاحتجاج بالعرف ما لم يرد فيه نصّ خاص.
كما يجيز النظام الاستعانة بخدمات القطاع الخاص في إجراءات الإثبات، ويمكن التنبؤ بالأحكام قبل صدورها، والتنبؤ بما ستعتمِده المحكمة من أدلة للإثبات، ويمنع النظام شهادة الشهود في إثبات الحقوق التي تزيد قيمتها على 100 ألف ريال، ويتيح المرونة بين الأطراف للاتفاق على قواعد الإثبات، كما يلزم المحكمة تسبيب أدلة إثبات الخصوم وأخذ ما يترجح لها، وفي حال تعذر ذلك فلا تأخذ بأي منها.
نطاق تطبيق نظام الإثبات
نصت المادة الأولى من نظام الإثبات على سريان أحكامه على المعاملات المدنية والتجارية، ووفق المادة الثانية منه فإنه على المدعي أن يثبت ما يدعيه من حق، وللمدعى عليه نفيه، كما يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى، ومنتجة فيها، وجائزًا قبولها، ولا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي.
وبحسب المادة الثالثة من النظام: تكون البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والبينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل، والبينة حجة متعدية، والإقرار حجة قاصرة، والثابت بالبرهان كالثابت بالعيان.
الدليل الرقمي في نظام الإثبات
يعني الدليل الرقمي في نظام الإثبات الأدلة المستمدة من الوسائل الرقمية، ويمكن أن تسترجع أو يُحصل عليها بصورة توضحها، ويشمل: السجل الرقمي، والتوقيع الرقمي، والمحرر الرقمي، والوسائط الرقمية، إضافةً إلى المراسلات الرقمية، والبريد الرقمي، ووسائل الاتصال، والأدلة الرقمية الأخرى، ويكون للإثبات بالدليل الرقمي حكم الإثبات بالكتابة الوارد في هذا النظام.
ويكون الدليل الرقمي غير الرسمي حجةً على أطراف التعامل -ما لم يثبت خلاف ذلك- في الحالات الآتية: إذا كان صادرًا وفقًا لنظام التعاملات الإلكترونية أو نظام التجارة الإلكترونية، وإذا كان مستفادًا من وسيلة رقمية منصوص عليها في العقد محل النزاع، وإذا كان مستفادًا من وسيلة رقمية موثقة أو مشاعة للعموم.
استجواب الخصوم في نظام الإثبات
وفق نظام الإثبات، يكون للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تستجوب من يكون حاضرًا من الخصوم، كما يمكن لأي من الخصوم استجواب خصمه مباشرة. كما أن للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه، ويجب على من تقرر استجوابه أن يحضر الجلسة المحددة لذلك، وإذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول، أو امتنع عن الإجابة بغير مسوّغ معتبر، استخلصت المحكمة ما تراه من ذلك، وجاز لها أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك.
العرف في نظام الإثبات
نصّ نظام الإثبات، على أنه يجوز الإثبات بالعرف، أو العادة بين الخصوم، وذلك فيما لم يرد فيه نص خاص أو اتفاق بين الأطراف أو فيما لا يخالف النظام العام، كما أكدت مواده أنه على من يتمسك بالعرف أو العادة بين الخصوم أن يثبت وجودهما وقت الواقعة، ويمكن لأي من الخصوم الطعن في ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم، كما أن لهم معارضتهما بما هو أقوى منهما. كما تقدم العادة بين الخصوم والعرف الخاص على العرف العام عند التعارض، وللمحكمة عند الاقتضاء ندب خبير للتحقق من ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم.
أحكام الكتابة في نظام الإثبات
تنص بعض الأحكام الختامية في الكتابة في نظام الإثبات على أنه: يمكن أن يحل الإقرار القضائي، أو مبدأ ثبوت الكتابة، أو اليمين الحاسمة محل الإثبات بالكتابة، ويعني مبدأ ثبوت الكتابة كل كتابة تصدر من الخصم ويمكن أن تجعل وجود التصرف المدعى به محتملًا.
ويجوز الإثبات بشهادة الشهود في المسائل التي توجب الإثبات بالكتابة، إذا توفر مبدأ الثبوت بالكتابة، وإذا كان به ما يمنع الحصول على دليل كتابي، مثل: الموانع المادية وتعني عدم وجود من يكتب، أو يكون طالب الإثبات شخصًا ثالثًا ليس طرفًا في العقد، أو الموانع الأدبية، وهي: صلة القرابة والمصاهرة ورابطة الزوجية.
اليمين في نظام الإثبات
يجب أن يوضح الخصم عند توجيه اليمين، الوقائع التي يريد استحلاف الطرف الآخر عليها، كما يذكر الصيغة بعبارة واضحة، ويمكن للمحكمة التعديل فيها.
ويجوز أن توجه اليمين في الحقوق المالية، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى، ولا يجوز توجيه اليمين في واقعة مخالفة للنظام العام، كما أن على المحكمة منع توجيه اليمين إذا كانت غير متعلقة بالدعوى أو غير منتجة أو غير جائز قبولها، وللمحكمة منع توجيهها إذا كان الخصم متعسفًا في ذلك.
شروط الشهادة في نظام الإثبات
نصت المادة السبعون من نظام الإثبات على أنه لا يكون أهلاً للشهادة من لم يبلغ سن الخامسة عشرة، ومن لم يكن سليم الإدراك، كما يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ سن الخامسة عشرة على سبيل الاستئناس.
ويجب على الشاهد ابتداءً قبل أداء الشهادة الإفصاح عن أي علاقة له بأطراف الدعوى، أو أي مصلحة له فيها، كما لا تقبل شهادة من يدفع بالشهادة عن نفسه ضررًا أو يجلب لها نفعًا، ولا تقبل شهادة الأصل للفرع، وشهادة الفرع للأصل، وشهادة أحد الزوجين للآخر ولو بعد افتراقهما، وشهادة الولي أو الوصي للمشمول بالولاية أو الوصاية.
كما لا يجوز للموظفين والمكلفين بخدمة عامة -ولو بعد تركهم العمل- أن يشهدوا بما يكون قد وصل إلى علمهم بحكم قيامهم بعملهم من معلومات سرية، ما لم ترتفع عنها صفة السرية، أو تأذن الجهة المختصة في الشهادة بها، بناء على طلب المحكمة، أو أحد الخصوم.
أحكام عامة في نظام الإثبات
تطبق الأحكام في نظام الإثبات على المعاملات التجارية والمدنية، وتنص بعض الأحكام على أن: البينة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة، والثابت بالبرهان كالثابت بالعيان، كما لا يلزم لإثبات الالتزام شكل معين، ما لم يرد فيه نص خاص أو اتفاق بين الخصوم.
وجاء في أحكام النظام أن: الأوامر والقرارات والأحكام التي تصدر بإجراءات الإثبات لا يلزم تسبيبها، ما لم تتضمن قضاءً نهائيًّا، ويتحدد في جميع الأحوال تسبيب الأحكام التي صدرت في قضايا الإثبات المستعجلة، كما يجب أن تحدد المحكمة موعدًا إذا قررت مباشرة أي إجراء من إجراءات الإثبات، أو كلفت أحد قضاتها، كما يمكن للمحكمة مباشرة الإجراءات حتى إذا لم يحضر الخصوم أو أحدهم في حال تبليغهم بالموعد المحدد.
وينظم نظام الإثبات، القضايا التجارية والمدنية ويعتمد الأدلة الكتابية كدليل رئيس في الإثبات، كما يعتمد الدليل الرقمي، وشهادة الشهود.
الاختبارات ذات الصلة