تم نسخ الرابط بنجاح

الاستراتيجية الوطنية للزراعة

saudipedia Logo
الاستراتيجية الوطنية للزراعة
مقالة
مدة القراءة 5 دقائق

الاستراتيجية الوطنية للزراعة، هي منهج عمل لتطوير النشاط الزراعي في المملكة العربية السعودية، وأحد الإطارات المرجعية لوزارة البيئة والمياه والزراعة التي تُسهم في بناء الأنظمة والتشريعات والتعليمات.

تمثِّل الاستراتيجية خطةً وطنيةً لقطاع البيئة والمياه والزراعة، وافق عليها مجلس الوزراء عام 1441هـ/2020م، ونقلت 7 اختصاصات من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان إلى وزارة البيئة والمياه والزراعة، للوصول إلى قطاع زراعي مستدام يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي والمائي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالسعودية.

أهمية الاستراتيجية الوطنية للزراعة

تحقق الاستراتيجية الوطنية للزراعة عددًا من المكاسب لقطاع الزراعة في السعودية، إذ تعمل على تحسين مستوى الإنتاج الزراعي المحلي ليصبح رافدًا مهمًّا من روافد الأمن الغذائي السعودي، وتحفيز التسويق الزراعي، والإسهام في حفظ حقوق ومصالح المزارعين، وترشيد مهام الشركات المشغلة لأسواق الجملة والوسطاء.

أهداف الاستراتيجية الوطنية للزراعة

تسعى الاستراتيجية الوطنية للزراعة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الزراعي، الذي يُسهم بشكل محوري في تحقيق الرؤية، إذ يُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي، واستقرار أسعار المنتجات الغذائية في السعودية، كما يُسهم في التنمية الريفية والاقتصادية.

ويؤدي القطاع الزراعي دورًا مهمًّا في توفير الأمن الغذائي وتحقيق العائد الاقتصادي المجزي للمزارعين والمستثمرين، إذ يُعد مصدرًا رئيسًا للمواد الخام ومدخلات الإنتاج لنحو 1000 مصنع لصناعة الأغذية والمشروبات، مما يشكِّل أكثر من 14% من مصانع السعودية، وهو قطاع مصدِّر إذ يُعد من أكبر المُصدرين للتمور عالميًّا، ومُصدِّر رئيس للروبيان في المنطقة.

وترتكز الاستراتيجية إلى رؤية تعزز فرص نمو الاستثمار الزراعي في السعودية وتحقيق مستهدفاته، ولذلك وُضع عددٌ من الأهداف من أجل تحقيقها على المدى البعيد، تشمل حماية وتحسين استخدام واستدامة الموارد الطبيعية للمساهمة في تحقيق الأمن المائي والمحافظة على البيئة، وتعزيز الأمن الغذائي في السعودية أثناء الظروف العادية وحالات الطوارئ.

وتسعى الاستراتيجية كذلك إلى خلق فرص عمل، والمساهمة في تنمية ريفية مستدامة، وتوفير ظروف العيش الملائمة لصغار المزارعين، ورفع الكفاءة الإنتاجية والقدرة التنافسية والبيئة الاستثمارية للمنتجات والخدمات الزراعية وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد، إضافةً إلى تعزيز صحة وسلامة النبات والحيوان، والحماية ضد الأمراض وعدوى الآفات، وضمان سلامة المنتجات.

المجالات البحثية للاستراتيجية الوطنية للزراعة

لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للزراعة ومواكبة التقنيات الزراعية الحديثة، حددت الاستراتيجية مجموعةً من المجالات البحثية ذات الأهمية للسعودية، تشمل الزراعة الذكية واستخدام التكنولوجيا من خلال البحث والتطوير المرتكز على التقنيات المبتكرة لزراعة الفواكه والخضار، وتطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على طول سلسلة القيمة في مراحل التخطيط والإدارة والرصد.

كما تشمل المجالات البحثية في الاستراتيجية الزراعة الجافة والملحية، وتعزيز البحث العلمي الموجه إلى تطوير المحاصيل المقاومة للملوحة والمناسبة لظروف السعودية المناخية، وكذلك استخدام منظومة الري الذكي من خلال ترشيد استخدام المياه وتأمين مدخلات الإنتاج في عملية الري بشكل علمي ومدروس.

كما ضمت الاستراتيجية في مجالاتها البحثية نظم الإدارة المتكاملة للجينات وتحسين السلالات، عبر تحسينات وراثية لتطوير أصناف عالية الإنتاجية، قادرة على تحمل الظروف الصعبة، خاصة من حيث الاحتياجات المائية، وفي ضوء تغيُّر المناخ.

ومن المجالات البحثية كذلك السلالات الحيوانية والتغذية، إذ يكون التركيز على السلالات الحيوانية والأعلاف المصممة خصيصًا للتَّواؤُم مع الظروف البيئية المحلية وندرة الموارد الطبيعية، إضافةً إلى مجال صحة الحيوان من خلال تطوير لقاحات وأدوية تتكيَّف مع السلالات المحلية، والأمراض، والظروف الطبيعية.

ركائز الاستراتيجية الوطنية للزراعة

في إطار تكامل منظومة عمل الاستراتيجية الوطنية للزراعة، اقتُرحت 7 ركائز استراتيجية للأداء، تشمل تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، وفي هذه الركيزة يجري تقليص استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة في القطاع من 19 مليار م3 في السنة، إلى ما بين 3.8-6.2 مليارات م3 في السنة، وتطوير قطاع الري وتحسين استخدام الأراضي وإدارة المخلفات الزراعية.

وتتمثَّل الركيزة الثانية من الاستراتيجية بالمساهمة في الأمن الغذائي من خلال تحديد مستهدفات الاكتفاء الذاتي والخزن الاستراتيجي لكل المنتجات الزراعية بالتواؤم مع متطلبات الأمن الغذائي، وتعزيز الاستثمار الزراعي بالخارج وفق استراتيجية الاستثمار الزراعي السعودي المسؤول في الخارج.

وتعنى الركيزة الثالثة للاستراتيجية بتطوير التسويق والخدمات الزراعية، من خلال رفع كفاءة الخدمات الزراعية بالتعاون مع القطاع الخاص، وتطوير الأسواق الزراعية والتسويق، وتفعيل دور الجمعيات التعاونية، وإعادة توجيه آليات الدعم لرفع الإنتاجية، وتعزيز المنتجات ذات الميز النسبية.

أما الركيزة الرابعة فهي التنمية الريفية الزراعية المستدامة، وفيها يتم تعزيز قدرات إنتاج صغار المزارعين في المناطق الريفية من خلال تطوير زراعة وتصنيع وتجارة بعض المنتجات الزراعية الواعدة لضمان الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق.

وتعمل الركيزة الخامسة الخاصة بالمحافظة على صحة النبات والحيوان على تطوير منظومة متكاملة لتعزيز سلامة وجودة المنتجات الزراعية من خلال تعزيز الحجر ووسائل الوقاية وآليات الاستقصاء والسيطرة.

وتهتم الركيزة السادسة بتحسين الإنتاجية الزراعية عبر استخدام تقنيات حديثة وتبنِّي ممارسات متميزة وتعزيز البحث والتطوير في قطاعات الثروة النباتية والحيوانية والسمكية لزيادة الكفاءة الإنتاجية وتحقيق مستهدفات الإنتاج المحلي مع ضمان الاستدامة، فيما تهتم الركيزة السابعة التي تتعلق بهيكلة القطاع وبناء القدرات، بتنفيذ التحسينات المقترحة على الإطار المؤسسي والتشريعي، وتطوير قدرات المراقبة والرصد، وتعزيز التعليم والتكوين، وبناء نظم معلومات وقواعد بيانات شاملة وحديثة للقطاع.

محاور الاستراتيجية الوطنية للزراعة

وضعت الاستراتيجية الوطنية للزراعة بعد دراسات وافية للاحتياجات الوطنية من المنتجات الزراعية ليتحقق التكامل بين المنتج المحلي والاستثمار الزراعي الخارجي، ولذلك وضعت محاور لأهداف إطار الاستراتيجية، شملت استدامة الموارد الطبيعية، ووجد في هذا المحور أن مساحة الأراضي المزروعة في عام 1438هـ/2017م تبلغ نحو مليون هكتار، وتتركز معظم الأنشطة الزراعية في مناطق الرف الرسوبي (الرياض والقصيم وحائل والجوف)، ويمثِّل اعتماد الزراعة على المياه الجوفية غير المتجددة في هذه المناطق أبرز تحدٍّ لاستدامة الموارد الطبيعية والنشاط الزراعي في السعودية.

ونظرت الاستراتيجية في جميع التحديات المتعلقة بالمحاور المطروحة، ووضعت الحلول الممكنة لمواجهتها، ففي محور استدامة الموارد الطبيعية فإن الاستراتيجية الوطنية للمياه، التي تشكل مدخلًا أساسًا للاستراتيجية الوطنية للزراعة، تهدف إلى تقليص استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة وتطوير مصادر المياه المتجددة، مثل حصاد مياه الأمطار، وإعادة استخدام مياه الصرف المعالجة.

وفي محور الأمن الغذائي، وجدت الاستراتيجية أن الإنتاج المحلي الزراعي يؤمِّن نحو 34% من الاحتياجات الوطنية من السعرات الحرارية، وتتوفر عدة فرص لزيادة هذه النسبة عبر التوسع في إنتاج السلع ذات الميز النسبية، وتقليص الفاقد والهدر عبر سلسلة الإمداد ورفع الإنتاجية وتطوير الممارسات الزراعية الحديثة، ورغم قدرة السعودية على زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الغذائية كالدواجن والأسماك والتمور والحليب، تشكِّل الموارد المائية والطبيعة البيوفيزيائية للسعودية أبرز التحديات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لذا حددت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الحلول البديلة لتعزيز الأمن الغذائي، مثل الاستثمار الزراعي المسؤول بالخارج.

وتسعى الاستراتيجية لتحقيق رفاه المجتمع والمزارع، وفي هذا المحور وجدت الاستراتيجية أن القطاع الزراعي يوفر مصدر دخل مهمًّا لأكثر من مليون سعودي، ويشكِّل صغار المزارعين غالبية المنتجين في القطاع الزراعي من حيث العدد (نحو 300 ألف منتج صغير)، ويعتمد أمنهم التنموي والغذائي بشكل رئيس على تحسين دخلهم وكفاءتهم التسويقية، ووصولهم إلى المستهلك، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للزراعة في الأرياف من خلال تطوير أنشطة زراعية ذات ميز نسبية وجدوى اقتصادية، وتعزيز دور القرى الزراعية الخضراء.

أما بخصوص محور المساهمة الاقتصادية فإن الاستراتيجية تدعم جهود نمو الناتج المحلي الإجمالي، وفي هذا الصدد فإن القطاع الزراعي سجل في عام 1438هـ/2017م نحو 65.29 مليار ريال، وفي عام 1439هـ/2018م نحو 65.49 مليار ريال، وسجل 66.20 مليار ريال في عام 1440هـ/2019م، ونحو 67.05 مليار ريال في عام 1441هـ/2020م، فيما حقق خلال عام 1442هـ/2021م، ارتفاعًا في حجم القطاع بقيمة بلغت 72.25 مليار ريال.

وإضافةً إلى المساهمة الفعالة في تنويع إيرادات السعودية، تُعد الزراعة وسيلةً لخفض عجز الميزان التجاري غير النفطي إذ بلغت كمية الصادرات من المنتجات الزراعية 739 ألف طن، تشمل منتجات الألبان، والتمور، ولحوم الأسماك.

ولتحقيق السلامة في عمليات الإنتاج الزراعي، وضعت الاستراتيجية في حسبانها محور الوقاية، إذ تشكِّل سوسة النخيل الحمراء والأمراض الحيوانية والسمكية تهديدًا لاستدامة ومردودية إنتاج السعودية الزراعي، ويُعد تفعيل إجراءات الوقاية ونشر التوعية وتطوير منظومة متكاملة لتعزيز سلامة وجودة المنتجات الزراعية من خلال تعزيز الحجر وآليات الاستقصاء والسيطرة أهم الآليات التي بإمكان السعودية تفعيلها لضمان سلامة المنتج وصحة المستهلك.