محمد حسين زيدان

محمد حسين زيدان (1914-1992م)، أديب ومؤرخ وعالم في الأنساب، أحد أبرز رواد الثقافة السعوديين، وعلم من أعلام الخطاب النهضوي، كان مولعًا بالتاريخ ومتفوقًا فيه، ولُقب بـ"زوربا الحجاز" نسبةً لشخصية زوربا اليوناني الروائية المعروفة بعمق ثقافتها وسعة اطلاعها وشموليتها.

أرّخ زيدان عام 1988م، لثلاثة عهود سياسية عبرت منها المدينة المنورة في كتاب "ذكريات العهود الثلاثة"، مما جعله أحد مؤرخيها البارزين، كان رئيس تحرير لكلٍّ من صحيفة البلاد وصحيفة الندوة ومجلة دارة الملك عبدالعزيز، وصدر له نحو 18 كتابًا في حياته.

ولد محمد زيدان في المدينة المنورة، وفيها نشأ وبدأ تعليمه الأولي، إذ تعلم القراءة في سوق "الحراج" قبل أن يلتحق بالمدرسة النظامية الابتدائية في محافظة ينبع، وبعدها اتجه للدراسة في المدرسة العبدلية في المدينة المنورة، وتخرج فيها عام 1925م.

كما اتجه للتعلم على أيدي علماء المسجد النبوي، ثم قرر الالتحاق بقطاع التعليم ليقضي نحو 12 عامًا في التدريس، إذ عمل في المدرسة السعودية بالمدينة المنورة ثم دار الأيتام، وخاض العمل في قطاعات أخرى إلى أن استقر في وزارة المالية بصفته مفتشًا عامًّا، وكانت تلك آخر وظيفة حكومية يشغلها، وأحيل بعدها إلى التقاعد عام 1954م.

كان محمد حسين زيدان يُعرف بأنه فيلسوف وفقيه وعالم في الأنساب والحديث، وشغوف بالخطابة، إلى جانب اهتمامه الكبير بالتاريخ، واستيعابه للتاريخ الإسلامي على وجه الخصوص، وحفظه للأحداث والأنساب والتاريخ القديم والحديث للقبائل العربية، إلى درجة وصف بأنه مثقف موسوعي بامتياز، ومن مؤلفاته: "سيرة بطل" عام 1984م، و"المنهج المثالي لكتابة تاريخنا" عام 1978م، و"عبدالعزيز والكيان الكبير" عام 1985م، و"المؤتمر الإسلامي هو البديل المثالي للخلافة الإسلامية" عام 1979م، و"أحاديث وقضايا حول الشرق الأوسط" عام 1983م، و"المخلاة" عام 1992م، و"العرب بين الإرهاص والمعجزة".

كتب زيدان مقالات عدة، وساهم في الإذاعة والتلفزيون، ووضع دراسة قيمة عن قبيلة بني هلال، كشف فيها بأسلوبٍ علمي حقائق تعرض لأول مرة، تتعلق بهجرة هذه القبيلة من جزيرة العرب إلى شمالي أفريقيا، ونشر أواخر حياته أحد أبرز مؤلفاته وهو كتاب "ذكريات العهود الثلاثة" الذي أرّخ فيه للمدينة المنورة في ظل ثلاثة عهود سياسية، وهو أقرب ما يكون إلى كتابة جغرافية عن المدينة المنورة، فيما رأى بعض الباحثين أنه كتاب من كتب السيرة أو المذكرات.