بيت نصيف

بيت نصيف، هو أحد البيوت التراثية في منطقة جدة التاريخية، الواقعة في مدينة جدة غربي المملكة العربية السعودية، اكتسب أهميته التاريخية من نزول الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود فيه عام 1344هـ/1925م، واتخذه مقرًا لسكنه نحو عشر سنوات. بُني بيت نصيف عام 1289هـ/1872م، على يد الشيخ عمر أفندي نصيف، واستغرق بناؤه أربع سنوات، بتصميم معماري يحمل سمات العمارة الحجازية.

شهد بيت نصيف أحداثًا مهمة في فترة توحيد المملكة العربية السعودية، إذ كان يستمع فيه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود لمطالب المواطنين، ووقع فيه عددًا من الاتفاقيات مع سفراء ومندوبي دول عدة.

كما استقبل الملك عبدالعزيز في بيت نصيف ضيوف الدولة، وعددًا من الرؤساء، والعلماء، والمفكرين، والأدباء، والشخصيات المهمة، وضم البيت مكتبة احتوت على آلاف العناوين في العلوم الإنسانية، التي أُهديت فيما بعد لجامعة الملك عبدالعزيز، بعد وفاة عمر نصيف.

بُني بيت نصيف بطابع العمارة الحجازية، واستُخدم فيه حجر الكاشور المرجاني، وهو حجر مرجاني هش يُجلب من شاطئ البحر الأحمر، لحماية المنزل من البرودة والحرارة، كما يُخفف من الرطوبة، واستُخدم معه بياض المصيص الجيري ليمنع تآكل الحجر، الذي تسببه رطوبة الجو على مدار العام. ومما زاد البيت أهمية في منظومة التراث والآثار، بروز تفاصيله المعمارية التي تمثل التطور العمراني للمنطقة آنذاك.

تبلغ مساحة بيت نصيف نحو 900م2، ويحتوي على 40 غرفة في أربعة أدوار، خُصص الدور الأول منه لاستقبال الضيوف، فيما أُعِد الدور الثاني لمبيتهم، أما الدور الثالث فهو مخصص للأسرة، ويحتوي الدور الرابع على فجوات جدارية تساعد في تلطيف الطقس، وتُسمى "ملقف الهواء"، وهو المكان المفضل لدى الأسرة في أجواء الصيف.

تميز بيت نصيف بتفرد نمط بنائه، إذ روعي في بناء "الدرج" أن يصبح التحرك بين أدواره الأربعة سهلًا، كما يحتوي البيت في أسفله على "صهريج" تجتمع فيه مياه الأمطار، ويضم مُلحقًا خاص بمجلس الاستقبال، يُعرف باسم "المخلوان".

وتبرز في تفاصيل بيت نصيف الخارجية "الرواشين"، التي تعدّ من أهم العناصر المعمارية لمنطقة الحجاز آنذاك، إذ تضفي جمالًا على التغطية الخشبية البارزة لنوافذ البيت وفتحاته.

كان بيت نصيف إحدى محطات مسيرة رحلة فريق "إعادة إحياء قلب الجزيرة العربية"، الذي زار البيت في ختام المسيرة في عام 1444هـ/2023م. وطافت المسيرة 1300 كلم، من وسط المملكة، وتحديدًا من حي الطريف في الدرعية، إلى غربها في بيت نصيف، في رحلة استمرت 13 يومًا، بهدف التعرف على الصحراء.

وقاد الفريق مارك إيفانز، وضم كلًا من: الرحالة السعودية ريم فيلبي، وخبير الخدمات اللوجستية البريطاني آلان موريسي، والمصورة السويسرية آنا ماريا بالافاتشي. وتسلط الرحلة الضوء على العلاقة التاريخية بين السعودية وبريطانيا، وفهم طبيعة الصحراء،. وتقتفي رحلة "إعادة احياء قلب الجزيرة العربية" خُطى عبدالله فيلبي في رحلته عام 1917م.