بئر الدمام رقم 7، أو بئر الخير، هي أول بئر بدأ منها ضخ الزيت بكميات تجارية، ومعها بدأ الزمن النفطي في المملكة العربية السعودية، وذلك في 2 محرم 1357هـ/4 مارس 1938م، حينما انساب نهر الخير من هذه البئر الاختبارية التي جرى حفرها في التل المعروف باسم (جبل الظهران) على عمق 1440م تقريبًا في المنطقة الجيرية المسامية العربية.
قصة بئر الدمام رقم 7
بدأت قصة البئر رقم 7 بوصول الجيولوجيين الأوائل في 4 جمادى الآخرة 1352هـ/23 سبتمبر 1933م، وإجرائهم فحصًا جيولوجيًّا لتلال جبل الظهران، لتتواصل بعدها أعمال الفحص والاستكشاف والتنقيب التي استمرت عامين بلا نجاح.
في 27 محرم 1354هـ/30 أبريل 1935م، تقرر بدء العمل في حفر بئر الدمام رقم 1 باستخدام جهاز الحفر الذي يعمل بالدَّق (الدَّقاق). وبعد سبعة أشهر من التأرجح بين الأمل واليأس، أنتجت البئر دفقة قوية من الغاز وبعض بشائر النفط، وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى قرابة 700م، ولكنّ عطلًا في المعدات أجبر طاقم الحفر على إيقاف تدفق البئر ثم سدّه بالأسمنت. وكانت بئر الدمام رقم 2 أفضل حالًا، وبدأ العمل في حفرها في الوقت الذي أُغلقت فيه بئر الدمام 1، أي في 15 ذو الحجة 1354هـ/8 فبراير 1936م.
في 20 صفر 1355هـ/11 مايو 1936م، وصل فريق الحفر إلى عمق 633م، وهو عمق الطبقة التي ظهر منها النفط في منطقة البحرين الجيولوجية. وحينما اختبرت البئر في يونيو 1936م، تدفق النفط منها بمعدل 335 برميلًا في اليوم، وحينما انقضى أسبوع على ذلك الاختبار، وبعد المعالجة بالحامض، بلغ إنتاج النفط المتدفق من البئر 3840 برميلًا يوميًّا. شجّع ذلك على حفر آبار الدمام 3 و4 و5 و6، دون انتظار التحقق من أن الإنتاج سيكون بكميات تجارية أو التعرف على حجم الحقل المكتشف. ثم صدر قرار في يوليو بإعداد بئر الدمام رقم 7 لتكون بئر اختبار عميقة.
بئر الدمام تحقق الأمل
مع ارتفاع سقف الآمال في الإنتاج بنهاية عام 1355هـ/1936م، ارتفع عدد العاملين من السعوديين إلى 1076، إضافة إلى 62 عاملًا من غير السعوديين. وكان يفترض أن تسير الأمور بشكل طبيعي، لكن حدث في ذلك الوقت ما لم يكن متوقعًا، فقد أخفقت بئر الدمام رقم 1 بعد أن جرى حفرها إلى عمق يزيد على 975م. أما بئر الدمام رقم 2 فقد تبين أنها "رطبة"، أي تنتج الماء بشكل رئيس، إذ كان إنتاجها منه يزيد بمقدار 8 أو 9 مرات على حجم إنتاجها من النفط.
لم يزد إنتاج بئر الدمام رقم 3 على 100 برميل من النفط الثقيل يوميًّا، مع وجود الماء في هذا الإنتاج بنسبة 15%. وبالنسبة لبئري الدمام رقمي 4 و5 اتضح أنهما جافتان، أي غير قادرتين على إنتاج أي سوائل، وكذلك الحال كان مع البئر رقم 6.
تواصلت عمليات الحفر دون يأس، وفي 23 رمضان 1355هـ/7 ديسمبر 1936م بدأ مختصو حفر الآبار الاستكشافية بحفر بئر الاختبار العميقة رقم 7، التي لم تكن خالية من ذلك في البداية. ثم في 16 أكتوبر 1937م، وعند عمق 1097م، شاهد الحفارون البشارة الأولى: 5.7 ليترات من النفط في طين الحفر المخفف العائد من البئر، مع بعض الغاز.
في آخر يوم من عام 1356هـ/1937م، أخفقت معدات التحكم في السيطرة على البئر، وثارت البئر قاذفة بما فيها من السوائل والغازات، وبعد الحفر إلى عمق 1382م، لم يجد فريق الحفر كمية تذكر من النفط.
بعد ذلك بدأت الأحوال تتغير، ففي الأسبوع الأول من مارس 1938م، حققت بئر الدمام رقم 7 الأمل المرجو، وكان ذلك عند مسافة 1440م تحت سطح الأرض، أي بزيادة تقل عن 60م عن العمق الذي كان الجيولوجيون يتوقعون وجود النفط عنده، وأنتجت في 4 مارس 1938م، 1585 برميلًا في اليوم، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلًا في 7 مارس، وسجل إنتاج البئر 2130 برميلًا بعد ذلك بنحو 9 أيام، ثم 3732 برميلًا بعد 5 أيام أخرى، ثم 3810 براميل في اليوم التالي مباشرة. وفي ذلك الوقت، كان قد تم تعميق بئري الدمام رقم 2 ورقم 4 حتى مستوى المنطقة الجيولوجية العربية وأعطتا نتائج طيبة.
كان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مهتمًّا بتقديم كل مساعدة ممكنة للشركة، وما إن أُعلن رسميًّا عن اكتشاف النفط بكميات تجارية، وكان ذلك عقب شهر أكتوبر 1938م، حتى بدأت الاستعدادات لزيارته للمنطقة الشرقية.
وفي 1939م، تحرك الملك عبدالعزيز والوفد المرافق له من الرياض باتجاه الشرق، حتى وصل إلى مخيم الشركة الذي أُطلق عليه رسميًّا اسم "الظهران". وتزامن توقيت زيارته مع اكتمال خط الأنابيب الذي امتد من حقل الدمام إلى ميناء رأس تنورة، بطول 69 كلم، ورست ناقلة النفط "دي. جي. سكوفيلد" التي أدار الملك عبدالعزيز الصمام بيده لتعبئتها بأول شحنة من النفط السعودي. وهكذا، كانت هذه أول شحنة من النفط الخام تصدرها المملكة على متن ناقلة في 11 ربيع الأول 1358هـ/1 مايو 1939م.
توقف بئر الخير
بعد 45 عامًا من الإنتاج المستمر، وعقب أن وصل إنتاجها إلى 32,436,877 برميلًا من النفط، أغلقت هذه البئر في عام 1402ه/1982م واستبعادها من قائمة الآبار المنتجة لأسباب تشغيلية.ولارتباط بئر الدمام رقم 7 بالخير الذي عم البلاد، أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بإعادة تسمية هذه البئر في آخر زيارة له لموقعها في عام 1429هـ/2008م، ليكون اسمها الجديد "بئر الخير".
الاختبارات ذات الصلة