شهرُ رَمَضَان، هو الشهر التاسع من العام في التقويم الهجري، يرتبط به المسلمون في جميع أنحاء العالم بوصفه شهر الصوم والصلاة والتأمل، ولمِّ شمل العائلات.
يعد صوم رمضان سنويًّا رابع الأركان الخمسة في الإسلام، ويستمر 29 أو 30 يومًا، ابتداء من رؤية هلال رمضان، وتُعلن نهاية صوم شهر رمضان عند رؤية غرة شهر شوال أو بعد إتمام 30 يومًا من الصيام إذا تعذرت رؤية منازل القمر.
في مهمة رؤية هلال شهر رمضان، تعتمد المملكة العربية السعودية شرعًا على المراقبة البصرية المباشرة لمنازل القمر في السماء والأهلّة،من قِبل راءٍ مكلَّف بالأهلَّة ومساعدِين له، ويعتمد تأكيد افتتاح شهر رمضان في المملكة على شهادة الرائي ورصدها في المحكمة العُليا، ثم إعلانها رسميًّا في قنوات الإعلام السعودي في بيانٍ رسمي نقلًا عن الديوان الملكي.
وأكثر المناطق ملاءمةً لرؤية الهلال بوضوح هي المُرتفعة عن سطح البحر على امتدادِ أرضٍ منبسطة، حيث يكون البُعد البصري للرؤية أكثر اتساعًا، مثل مركز حوطة سدير التابع لمحافظة المجمعة شمال العاصمة الرياض.
في أوقاتٍ سابقة، كان صوت إطلاق البارود من مدفع جبل قعيقعان في مدينة مكة المكرمة، هو أول إعلان صوتي لتأكيد دخول شهر رمضان.
سبب تسمية شهر رمضان
يُعزى سبب حصول شهر رمضان على هذا الاسم إلى السياق المناخي الذي وافق تسميته في الجزيرة العربية قديمًا، وهو اشتقاقٌ لغوي من الرمض أو الرمضاء، وهي شدة حرارة الشمس في الصيف.
يرتبط شهر رمضان بشكل شائع بعيد الفطر الذي يتبعه تقويمًا وشريعةً، إذ تُعلن عند نهايته عطلة عيد الفطر وبداية شهر شوال، وبشكلٍ عام يمكن اعتبار شهر رمضان بوابة التقويم السعودي لدخول موسم الأعياد والعطلات الرسمية في المملكة، إذ تبدأ عطلة عيد الفطر حسب التقويم الهجري من آخر خمسة أيام من شهر رمضان، تتبعها بعد شهرين عطلة عيد الأضحى.
الصوم في شهر رمضان
يبدأ الصوم في شهر رمضان من طلوع الفجر الواضح وفق زمن محدد، ويستمر حتى غروب الشمس، وهو واجب على جميع المسلمين البالغين، ويُعفى منه ذوو الحالات الصحية المُزمنة أو الحادة، أو مَن تعترضه ظروف شخصية مثل السفر.
وعلى عكس النظام التقليدي للوجبات الثلاث الموزعة على مدار اليوم، تبدأ الوجبات في شهر رمضان تراتبيًا من بعد وجبة الإفطار حتى وجبة السحور، تُسمى أول وجبة يتناولها المرء بعد انتهاء الإمساك عن الطعام بوجبة الإفطار، وتبدأ عند غروب الشمس، ويُشار إلى آخر وجبة قبيل الفجر بالسّحور، وهي تسمية زمنية دقيقة نظرًا للوقت الذي يُسن إسلاميًّا تناول الوجبة خلاله، وهو ثلث الليل الأخير الذي يُشار إليه لغويًا بالسَّحَر.
وقت الإفطار في شهر رمضان
يستند المسلمون بشكل عام حول العالم في تحديد موعد وجبة الإفطار على غروب الشمس، على الرغم من ذلك فمن الشائع لدى المسلمين الذين يعيشون في مناطق توجد بها ظاهرة شمس منتصف الليل، أو ظاهرة الليل القطبي؛ اتباع الجدول الزمني لأقرب بلد يمكن فيه تمييز الليل من النهار.
قدسية شهر رمضان لدى المسلمين
تُلاحظ قدسية شهر رمضان في الثقافة الإسلامية بوصفه شهرًا شهدَ أول نزولٍ للوحي القرآني على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في ليلةٍ تُسمى "ليلة القَدْر"، يتحرى المسلمون ليلة القدر كل عام بوصفها أقدس ليلة في السنة الهجرية، وهي إحدى خمس ليالٍ فردية تقع خلال العشر الأواخر من شهر رمضان.
لا يُمكن مقارنة ليلة القدر بأية ليلة أخرى في نظر المسلمين، ووفقًا لدلالات النص القرآني على فضلها، لا يُمكن مساواة النعم الناتجة عن العبادات في هذه الليلة حتى بالتعبّد طيلة العمر، إذ إن أجر العبادة في هذه الليلة الواحدة هو أكثر من أجر نحو 83 سنة، أي ما يُقارب 1,000 شهر من العبادة، ويعتبر المسلمون الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان مباركةً بشكل عام.
العبادات في شهر رمضان
أحد أشكال العبادة في شهر رمضان إقامة صلاة التراويح، وهي صلاة تُسن بعد إقامة صلاة العشاء مباشرةً، وعلى عكس الاعتقاد الشائع حول إقامتها، فهي ليست إلزامية مثل الصلوات الخمس التي تعد فرضًا، وتأتي تأدية صلاة التراويح بوصفها جزءًا مقدمًا من صلوات قيام الليل أو صلاة التهجّد كما تُعرف.
وتدعم صلاة التراويح مبدأ ختم القرآن خلال شهر رمضان، فيُقرأ عادة جزء واحد كل يوم على مدار 30 يومًا من شهر رمضان ضمن 8 أو 10 ركعات خلال مدة زمنية متفاوتة، وتستمر أكثر من ساعةٍ إجمالًا.
وتتحول مدينة مكة المكرمة في المملكة خلال شهر رمضان إلى مركزٍ بشريٍ عظيم، نظرًا للإقبال الكثيف على أداء مناسك العمرة، ووفقًا لنتائج مسح العمرة "لمعتمري الداخل" والبيانات المسجلة التابعة لوزارة الحج والعمرة "لمعتمري الخارج"، بلغ إجمالي المعتمرين خلال عام 2019م نحو 19 مليون معتمر، ويلتفُّ الإعلام السعودي حول المسجد الحرام لنقل صلاتي التراويح والقيام، إلى الجانب المواكبة الإعلامية المباشرة لتوثيق ختمة القرآن الكريم في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان.
المبادرات المجتمعية في المملكة خلال شهر رمضان
تنطلق المبادرات المُجتمعية خلال شهر رمضان في المملكة من مبدأ المُشاركة الإنساني، إذ يُمكن للمرء أن يلاحظ موائد الإفطار الجماعية على امتداد الساحات الخارجية للمساجد العامة، وينتشر في محيط إشارات المرور متطوعون من مختلف الأعمار لتوزيع وجبات الإفطار للصائمين، ويجري تطوير هذه المبادرات من قِبل الجمعيات الخيرية تحت اسم "إفطار صائم"،وتستحوذ تلك الوجبات على محصول التمر السعودي أكثر من غيره، إذ يمثّل أول غذاء يتناوله المسلمون في وجبة الإفطار.
وفي رمضان، يشيع بين الجيران في المملكة مشاركة الأطباق الغذائية قبيل وقت الإفطار، وتجتمع العائلات حول موائد متنوعة من الطعام حسب الثقافة الغذائية في كل منطقة.
المصادر
الاختبارات ذات الصلة