بترو رابغ

شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات "بترورابغ"، هي مشروع مشترك بين شركة أرامكو السعودية وشركة سوميتومو كيميكال اليابانية، أُسِّست في عام 2005م، ويقع مركزها الرئيس في مدينة رابغ بالمملكة العربية السعودية.

تبلغ قيمة المشروع نحو عشرة مليارات دولار، مما يجعل حصة "سوميتومو كيميكال" تمثِّل أكبر استثمار أجنبي في السعودية، وشكّل تمويل هذا المشروع في وقته أضخم عملية تمويل إسلامية لمشروع من نوعه.

يلبِّي مشروع بترورابغ ثلاثة متطلبات رئيسة ترتبط باقتصاد السعودية، أولها: أنه يضيف قيمة لثروات البلاد الهيدروكربونية، وذلك من خلال تحويلها إلى منتجات مكررة نظيفة عالية الكفاءة، وسلسلة واسعة من المواد البتروكيميائية، التي تصبح بدورها لبنة في بناء الصناعات التحويلية الأخرى.

ثانيها: أنه يُعد قاعدة مهمة في توفير فرص العمل، ليس فقط من خلال التوظيف المباشر في المشروع واحتياجاته من الخدمات المساندة عالية الجودة، ولكن أيضًا من خلال أعمال المشاريع الصناعية، التي تستخدم ما ينتجه المشروع من منتجات وبتروكيميائيات. كقاعدة عامة، كلما زاد التوسع في المراحل اللاحقة من الصناعات والأعمال المرتبطة بالمشروع زادت فرص العمل التي تنشأ من ذلك. وهذه الوظائف المستحدثة توفر للشباب السعودي فرصًا جيدةً لحياةٍ مهنيةٍ مثمرةٍ تحقق أهدافهم وتطلعاتهم.

ثالثها: أنه يمثِّل فرصًا استثمارية إضافية لمؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والكبيرة، بما في ذلك جذب مستثمرين استراتيجيين من خارج السعودية في الصناعات التحويلية، والشركات التي تمد هذه الصناعات بالسلع والخدمات، في إطار منظومة شاملة تهدف إلى تحقيق القيمة المضافة واستمرار نمو الاقتصاد الوطني.

بدأت أعمال الإنشاء بمشروع بترورابغ، الذي يُعد أحد أضخم المشروعات المتكاملة في مجال التكرير والبتروكيميائيات بالعالم، في عام 2006م بخطة لاستثمار تسعة مليارات ونصف المليار دولار، توفَّر 60% منها من خلال تمويل المشاريع.

أُدرِجت شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ) في السوق المالية السعودية للمساهمة العامة في 27 يناير 2008م، ، حيث طُرِحت 25% من أسهمها للاكتتاب العام، واحتفظ الشريكان بنسبة 37.5% لكل منهما. وحُدِّدَ رأسمال الشركة بـ8 مليارات و760 مليون ريال، فيما تقدم 4.5 ملايين مواطن سعودي للاكتتاب في شركة بترورابغ، بنسبة بلغت خمسة أضعاف الأسهم المطروحة.

تقع مصفاة التكرير في رابغ على بعد 165 كلم إلى الشمال من مدينة جدة، وعلى بعد 185 كلم إلى الجنوب من ينبع على شاطئ البحر الأحمر، وبدأ تشغيلها في عام 1989م، وانطلاقًا من يونيو 1995م بدأت أرامكو السعودية إدارتها وتشغيلها بشكلٍ كاملٍ، وبلغت الطاقة التكريرية لها عند بدء التشغيل نحو 325 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الخفيف/المتوسط. ونُفِّذت في عام 1998م عمليات تطوير أدت إلى زيادة طاقة التكرير إلى 400 ألف في اليوم، مما جعلها أكبر وحدة تكرير مفردة في العالم تستخدم طريقة تقطير النفط الخام.

في عام 2008م نقلت أرامكو السعودية ملكية مصفاة رابغ إلى شركة بترورابغ، ثم في عام 2009م بدأ المشروع أعماله الإنتاجية، إذ ينتج سنويًّا 2.4 مليون طن من المواد البتروكيميائية، الصلبة والسائلة، خاصةً الإيثيلين والبولي إيثيلين، ويمكن استخدام هذه المواد في إنتاج العديد من المنتجات، مثل: الألياف البلاستيكية، والأفلام، والإسفنج المستخدم في صناعة الأثاث والسيارات، والمواد العازلة والمانعة للتسرب، والراتنجات (المواد الصمغية)، ومضادات التجمد، بالإضافة إلى إنتاج كميات كبيرة من البنزين وغيره من المنتجات المكررة الأخرى.

يمثِّل مشروع بترورابغ نموذجًا مبتكرًا في قطاع البتروكيميائيات، لما تميز به من إنشاء مرافق المعالجة بالقرب من مصدر لقيم مستقر ووفير، وتسويق منتجاته إلى مختلف الأسواق العالمية طبقًا للأنماط المتغيرة للعرض والطلب والعوامل الاقتصادية، كما يجمع المرفق بين الحداثة واتساع النطاق، والتطور التقني والأيدي العاملة عالية المهارة عالمية المستوى. ويمكن النظر إلى مشروع بترورابغ على أنه تكامل بين نقاط القوة لدى أرامكو السعودية وسوميتومو كيميكال، في مجال الإنتاج والتكرير ومعالجة البتروكيميائيات وبيع المنتجات وتسويقها.

تزوِّد أرامكو السعودية المشروع يوميًّا بـ400 ألف برميل من النفط الخام، و95 مليون قدم مكعبة من الإيثان، و15 ألف برميل من البوتان، وتعالج هذه المواد الأولية في مصنع متطور يتضمن أحدث وأكبر جهاز فرز في العالم لمركبات الأوليفين (HOFCC) والإيثان.

يضم المشروع 23 وحدة، تنتج سنويًّا 18.8 مليون طن من المنتجات القائمة على النفط الخام، و2.4 مليون طن سنويًّا من الإيثيلين ومشتقات البروبيلين، وتمر هذه المنتجات بمرحلة معالجة إضافية قبل توزيعها محليًّا، وتصديرها إلى أوروبا وآسيا.

تدخل منتجات المشروع في تصنيع المنتجات النهائية، مثل: اللدائن، والمنظفات، ومواد التشحيم، والراتنجات، وسوائل التبريد، والمواد المانعة للتجمد، والدهانات، والسجاد، والحبال، والأقمشة، والشامبو، والمكونات الداخلية للسيارات، وغراء الإيبوكسي، ومواد العزل، وأفلام التغليف، والألياف، والأجهزة والأدوات المنزلية، ومواد التغليف، والشموع، والأنابيب، وغير ذلك من الاستخدامات.

يضم مشروع "بترورابغ" أيضًا منشأة داخلية للأبحاث والتطوير، ويحرص باستمرار على إرسال موظفيه للالتحاق بالبرامج التدريبية حول العالم، بما في ذلك اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا. وتتمتع مصفاة "رابغ" بموقع استراتيجي على الساحل الغربي للسعودية، مما يتيح الوصول بسهولة إلى الأسواق العالمية من خلال الميناء التابع للمصفاة في المياه العميقة.

كانت شركة أرامكو السعودية لتجارة المنتجات البترولية (شركة أرامكو للتجارة)، وهي شركة مملوكة بالكامل لشركة أرامكو السعودية، بدأت في عام 2014م تسويق أول شحنة من المنتجات الكيميائية من شركة بترورابغ، وشملت المنتجات التي سوَّقتها البولي بروبلين، والبولي إيثيلين عالي الكثافة، والبولي إيثيلين منخفض الكثافة الخطي، والإيثيلين جليكول.

في سياق تطوير الشراكة الناجحة بدأت أرامكو السعودية وسوميتومو كيميكال في عام 2012م المرحلة الثانية لمشروع تطوير بترورابغ "بترورابغ-2" الذي يتيح فرصًا استثمارية استراتيجية أكبر وأكثر، إذ سيكون بمقدوره إنتاج خمسة ملايين طن من البتروكيميائيات، و15 طنًا من المنتجات النفطية سنويًّا.

تنتج المرافق التي أنشئت ضمن المرحلة الثانية مجموعةً متنوعةً من البتروكيميائيات ذات القيمة المضافة العالية، موفرة بذلك اللقيم لمجموعة كبيرة من الصناعات، مع زيادة القدرة الإنتاجية لوحدة تكسير الإيثان، وإضافة مجمع عالمي المستوى للمواد الأروماتية، وإنشاء 22 معمل معالجة.

تُعد المرحلة الثانية من مشروع رابغ جزءًا أساسًا من استراتيجية أرامكو السعودية لدمج مرافق التكرير والبتروكيميائيات وزيادة قيمة الموارد الهيدروكربونية من خلال دمج مرافق إنتاج الكيميائيات في أصول التكرير، وتنتج مجموعة من المنتجات البتروكيميائية ذات القيمة المضافة التي ينتج معظمها للمرة الأولى في المملكة.

تشمل أعمال تطوير المرحلة الثانية من بترورابغ إنشاء مجمعٍ جديد للمواد الأروماتية، ومرفقٍ موسع لتكسير 30 مليون قدم قياسية مكعبة في اليوم من الإيثان، ونحو 3 ملايين طن في السنة من النفتا كلقيم، لإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات البتروكيميائية ذات القيمة المضافة العالية، واكتمل تشغيل مرفق التكسير بشكل كامل خلال عام 2016م.

من بين منجزات المرحلة الثانية من مشروع بترورابغ أيضًا، يبرز إنجاز الأعمال بما مجموعه 6 ملايين ساعة عمل دون حوادث، فيما حققت ست مصافٍ أخرى ما بين مليون وخمسة ملايين ساعة عمل دون حوادث.

تضيف المرحلة الثانية من مشروع رابغ منتجات متخصصة مشتقة من الإيثيلين والبروبلين من خلال زيادة إنتاج وحدة تجزئة البخار القائمة، وبالإضافة إلى ذلك يتيح المشروع القدرة على تحويل 4 ملايين طن سنويًّا من النفتا، إلى منتجات أروماتية ذات قيمة أعلى، وهذه النفتا من المخطط تصديرها لولا هذا المشروع، حيث تعالج مرافق المرحلة الثانية من مشروع رابغ الجديدة هذه الكميات من النفتا لتوفير لقيم يستخدم في وحدات الصناعات التحويلية في تصنيع بتروكيميائيات متخصصة، أو توصيله كلقيم لمشاريع الأطراف الأخرى.

 مضت أرامكو السعودية بالتعاون مع شركة سوميتومو كيميكال في دعم استثماراتهما المشتركة والتوسع فيها، من خلال الاستمرار في أعمال التسويق والإنشاء الخاصة بمجمع رابغ لتقنيات البلاستيك، وهو أول مجمع صناعي خاص متكامل مع مجمع للبتروكيماويات في المملكة العربية السعودية. ويتمتع المستثمرون المحليون والعالميون من ذوي الخبرة في الصناعات التحويلية في هذا المجمع بمزايا تفضيلية من حيث المرافِق، والطاقة، والبنية التحتية، واستخدام منتجات بترورابغ بطرق متنوعة ومبتكرة. ومن المتوقع أن يشهد هذا المجمع توسعًا كجزءٍ من بترورابغ2، ولا سيما أنه يضم مستثمرين من دول عدة، مثل ألمانيا، إيطاليا، الصين، اليابان، ليعززوا الصناعة التحويلية ويُسهموا في توفير آلاف فرص العمل في الصناعات الجديدة.

يتوقع أن يجذب مجمع بترو رابغ لتقنيات البلاستيك أكثر من مليار دولار من استثمارات القطاع الخاص. وبالنظر إلى ما يتمتع به المجمع من إمكانية لاجتذاب عملاء جدد، أسهمت الشركة بنسبة 50% من تكاليف تطوير المجمع، وتمتلك حصة نسبتها 50% من أصوله وبنيته الأساس.

على خطى التطوير المستمر للمنشآت والمرافق، بدأت "بترورابغ" في مايو 2017م تشييد مصنع الفينول بطاقة 275 ألف طن متري سنويًّا، والأسيتون بطاقة 160 ألف طن متري سنويًّا. وتأتي هذه التطورات بعد النجاحات التي حققتها شركة بترورابغ من خلال مشاريعها الضخمة على المستوى العالمي، والبالغ حجم استثماراتها 40 مليار ريال، وبطاقة إنتاجية تقارب 17,175 مليون طن سنويًّا من المشتقات النفطية، مثل غاز النفط المسال والنافتا والبنزين ووقود الطائرات والديزل وزيت الوقود، مما يعزز دور الشركة في تطوير تقنيات الإنتاج البتروكيميائي، ومواكبة أحدث نظم التصنيع التي تخدم جميع مجتمعات العالم.