قرية الفاو الأثرية، أحد أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، تقع جنوب غرب الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بمسافة 700 كم، وهي تمثل في تكوينها فجوةً بين جبال طويق، وتتقاطع مع وادي الدواسر، وتطل على الحافة الغربية لرمال الربع الخالي، وتبعد الفاو عن مقر محافظة وادي الدواسر نحو 150 كم من الجهة الجنوبية الشرقية.
ويمثل موقع قرية الفاو على الحافة الغربية لرمال الربع الخالي، شمال شرق منطقة نجران، أحد أكثر المواقع النائية والجافة في المملكة، وعندما ازدهرت القرية تجاريًّا بين القرنين الثالث والرابع قبل الميلاد صارت تمثل واحةً مهمةً على طريق تجارة البخور بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد ما بين النهرين، ومن أسمائها في العصور القديمة قرية ذات كهل. ويمتد على مساحة محمية تبلغ 50 كم2، وتحيطها منطقة عازلة بمساحة 275 كم2.
أهمية قرية الفاو الأثرية
قديمًا، كانت قرية الفاو الأثرية عاصمة مملكة كندة، التي كان لها دورٌ مهم في تاريخ شبه الجزيرة العربية لأكثر من خمسة قرون، وكانت مركزًا تجاريًّا رئيسًا ومفترقًا لطرق القوافل، كما مر بها طريق الحرير القديم الذي كان يُعرف بطريق نجران. حَوَت على امتداد تاريخها نحو 17 بئرًا للمياه، وكان سكانها يمارسون الزراعة والتجارة.
آثار قرية الفاو الأثرية
يعرض الموقع الأثري لقرية الفاو أساليب معمارية ومعالم إنسانية متنوعة، كالأسواق والطرق والمقابر والمعابد وآبار المياه والمنازل السكنية والأثاث المتطور، ووجدت قطع الأثاث الأثرية في هذا السياق طريقها إلى قائمة الآثار المميزة في المملكة، وتضم بعض آثارها منحوتة رأس سريرٍ برونزية مطلية بالذهب تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ومجمرة من الحجر الكلسي تعود للقرن السادس قبل الميلاد.
إضافةً إلى القطع الأثرية، عُثر على عدد كبير من الكتابات العربية في المنطقة، مما يكشف أساليب الحياة قديمًا، وكتبَ السكان الأصليون لقرية الفاو مجموعةً من الموضوعات،وخصوصًا في القضايا الدينية والتجارية.
يُلاحظ وجود آثار للفن الهلنستي اليوناني في أشكال لوحات وتحف أخرى في القرية، وهذا يسلط الضوء أيضًا على أن سكان الفاو تفاعلوا مع ثقافات بعيدة عنهم مكانيًّا.
المقابر التاريخية في قرية الفاو الأثرية
شهدت قرية الفاو استيطان عدد من الممالك والحضارات القديمة التي بقيت قبورها شواهد على عيش تلكم الحضارات فوق أديمها. ويمكن تمييز ثلاثة أنواع من المقابر في الفاو، والتي تقع على الطرف الغربي للمدينة، وهي: المقابر العائلية الجماعية التي تعود لأسر وأشخاص ذوي مكانة سياسية واجتماعية في المدينة، فالقبر يكون بعمق خمسة أمتار وبعرض متر واحد وطول ستة أمتار من الشمال إلى الجنوب. والنوع الثاني مقابر النبلاء، حيث يتكون القبر من غرفتين، شرقية وغربية، يتوسطهما مهبط بعمق نحو 3.5م، وله نقر (مراقٍ) على الجانبين من الناحية الشرقية والغربية، تسهيلاً للنزول إلى المقبرة.
وآخر تلك الأنواع المقابر العامة، وهي مقابر لعامة الناس وتقع شمال شرق المدينة، على حافة الوادي الغربية في المنطقة الجصية التي تقع شمال السوق وتشبه المقابر الإسلامية، وهي مهبط غير منتظم وغير مجصص بعمق ما بين متر إلى خمسة أمتار تنتهي بلحد مقفل بلبن حجمه حوالي (38×38×12 سم)، وهو نفس حجم اللبن المستعمل في مباني القرية. وقد وجد الباحثون عند فتحها كمية من الجرار موجودة مع الأموات.
اكتشافات أثرية في قرية الفاو
في 27 ذي الحجة 1443 هـ/26 يوليو 2022 م أعلنت هيئة التراث نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في الكشف عن المزيد من أسرار موقع الفاو الأثري، من خلال مسح أثري نتج عنه عدد من المكتشفات الأثرية، أهمها الكشف عن منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم "خشم قرية" إلى الشرق من موقع الفاو الأثري، حيث عُثر على بقايا معبد بُني من الحجارة، وعُثر فيه على بقايا مائدة لتقديم القرابين، كما عُثر على عدد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان.
واكتشفت بقايا مستوطنات بشرية تعود للعصر الحجري الحديث قبل 8000 سنة، علاوة على توثيق وتصنيف أكثر من 2807 مقابر منتشرة في الموقع، صنفت إلى ست مجموعات تمثّل فترات زمنية مختلفة.
المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية في اليونسكو
في عام 1446هـ/2024م تم تسجيل "المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية" في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، ليكون ثامن المواقع السعودية المسجلة على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو، بعد موقع الحِجر الأثري المسجل في 1429هـ/2008م، وحي الطريف بالدرعية التاريخية المسجل في 1431هـ/2010م، وجدة التاريخية التي سجلت في 1435هـ/2014م، وموقع الفنون الصخرية بمنطقة حائل في 1436هـ/2015م، وواحة الأحساء في 1439 هـ/2018م، ومنطقة حمى الثقافية المسجلة عام 1442هـ/2021م، ومحمية عروق بني معارض عام 1445هـ/2023م.
الاختبارات ذات الصلة
مقالات ذات الصلة